صادق مجلس النواب خلال جلسة عمومية عقدها اليوم الثلاثاء، بالأغلبية، على مقترح تعديل النظام الداخلي للمجلس برمته، كما صادقت عليه اللجنة المعنية، بعد ترتيب الأثر على ضوء قرار المحكمة الدستورية واعتماد فهرسة جديدة لهذا النظام. وصوت لفائدة مقترح التعديل خلال هذه الجلسة التي ترأسها رئيس مجلس النواب، 117 نائبا فيما امتنعت نائبتان عن التصويت.
وهمت التعديلات التي تمت المصادقة عليها، كما أقرتها لجنة النظام الداخلي، 27 مادة، منها سبع مواد لترتيب الأثر على ضوء قرار المحكمة الدستورية عدد 23/209 ، وسبع مواد تم تعديلها تهم مواضيع مختلفة، و13 مادة تم تعديلها تتعلق بمدونة الأخلاقيات البرلمانية. ونصت أبرز التعديلات المتعلقة بترتيب الأثر في ضوء قرار المحكمة الدستورية على ضمان تمثيل المعارضة البرلمانية في منصبي المحاسب والأمين بمكتب المجلس، حيث قضى تعديل المادة 54 بأن "فرق المعارضة تقدم أسماء مرشحيها لمنصب محاسب واحد و/أو أمين واحد ولا يحق الترشح لأحدهما أو لهما إلا لنائبة أو لنائب من المعارضة". وفي ما يتعلق بالتمثيل النسبي في تعيين أعضاء لجان تقصي الحقائق، تم اعتماد الصيغة الواردة حرفيا في المادة 5 من القانون التنظيمي المتعلق بتسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، وبذلك نص التعديل على أنه "يعين أعضاء لجان تقصي الحقائق من قبل مكتب المجلس مع مراعاة مبدأ التمثيلية النسبية للفرق والمجموعات البرلمانية، وذلك باقتراح من هذه الأخيرة". وبخصوص طبيعة علاقة اللجان الدائمة بعدد من الهيئات والمؤسسات الدستورية، نصت التعديلات على اقتصار اختصاصات هذه اللجان على دراسة التقارير والآراء الصادرة عنها والميزانيات الفرعية الخاصة بها التي تسهر الحكومة على تقديمها. وفي تعديل آخر ذي صلة باحترام أحكام القانون التنظيمي للمالية بشأن برمجة كل اجتماع للجنة المالية، تم الإبقاء على صيغة مبادرة الحكومة فقط لطلب عقد هذا النوع من الاجتماعات، والذي تقدم خلاله عرضا بشأن إحداث كل حساب خصوصي للخزينة او فتح اعتمادات اضافية أو وقف تنفيذ بعض نفقات الاستثمار، بعد حذف ما تعلق بمبادرة مكتب اللجنة لعقد هذا الاجتماع لعدم مطابقتها للدستور. من جهة أخرى، ارتكزت التعديلات المتعلقة بمدونة الأخلاقيات البرلمانية، على بلورة الآليات الكفيلة لتحقيق إلزامية تطبيق مقتضيات المدونة، بما يمكن من تخليق الحياة البرلمانية وترسيخ الثقة في المؤسسات المنتخبة. وفي هذا السياق، هم التعديل الأول التذكير بمدونة الأخلاقيات باعتبارها إحدى مشمولات النظام الداخلي لمجلس النواب. وبذلك، تمت المصادقة على إضافة فقرة تنص على أنه "يضع المجلس مدونة للأخلاقيات تشكل جزءا لا يتجزأ من هذا النظام الداخلي وتتضمن بصفة خاصة المبادئ والواجبات والضوابط التي يجب على كل النائبات والنواب التقيد بها". ولضمان سير تطبيق هذه المدونة، ينص تعديل آخر على أنه "ينتدب مكتب مجلس النواب في مستهل كل فترة نيابية أربع أعضاء من أعضاء مكتب المجلس، اثنان منهما من المعارضة يشكلون لجنة تحدث لدى هذا المكتب، مهمتها متابعة تطبيق مدونة الأخلاقيات وتقوم بعدد من المهام من أهمها التحقق من المخالفات التي قد يرتكبها أحد أعضاء المجلس والمحددة في هذه المدونة وتقوم بإحاطة مكتب المجلس بها علما". كما ترفع هذه اللجنة توصياتها بشأن كل وضعية معروضة عليها لمكتب المجلس الذي تعود له مهمة ضبط ومراقبة احترام مدونة الأخلاقيات، وفي الأخير تعد تقريرا بأنشطتها كل سنة تشريعية على الأقل ترفعه لمكتب المجلس. إضافات جديدة شملها تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب بشأن مدونة الأخلاقيات، تتعلق أساسا بالتنصيص على أهداف هذه الأخيرة. وتتعلق هذه الأهداف بالسمو بالعمل البرلماني عبر تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين وتخليق الحياة البرلمانية، إذ يضطلع مجلس النواب بدوره كاملا في نشر قيم الديمقراطية وترسيخ دولة القانون وتكريس ثقافة المشاركة والحوار وتعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة. من جهة أخرى، تم التنصيص على تدقيق بعض التزامات أعضاء المجلس المرتبطة بمدونة الأخلاقيات من خلال "إضافة بند أول يتعلق بتصريح أعضاء المجلس بكل تناف مع العضوية بمجلس النواب وبند أخير ينص على التصريح لمكتب المجلس بالهدايا التي يحصلون عليها بمناسبة قيامهم بمهام رسمية وايداعها بمتحف المجلس". وللتحسيس بأهمية الالتزام بمدونة الأخلاقيات البرلمانية، أقرت التعديلات التي وافق عليها النواب، مصادقة مكتب المجلس على إعداد استمارة تصريح بالشرف خاصة بكل عضو من أعضاء المجلس يقومون بتوقيعها مطلع الولاية التشريعية ويشهدون بموجبها على الاطلاع على مقتضيات هذا النظام الداخلي خاصة ما تعلق منه بمدونة الأخلاقيات. يشار إلى أن هندسة النظام الداخلي لمجلس النواب الذي يشتمل على 504 مادة في صيغته الجديدة، انتقلت من عشرة أجزاء إلى 12 جزءا، شملت على الخصوص أجهزة وهياكل المجلس واختصاصاتها، الوظائف الدستورية المنوطة بمجلس النواب من تشريع ومراقبة وتقييم للسياسات العمومية ودبلوماسية برلمانية، ثم أجزاء مؤطرة للتواصل والديمقراطية التشاركية، وعلاقة مجلس النواب بالمؤسسات الدستورية، ثم مدونة الأخلاقيات البرلمانية.