قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إن شبكة "إسكوبار الصحراء" وتقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تدقيق مالية الأحزاب السياسية، كشفا الحاجة الماسة إلى تخليق المشهد الحزبي والسياسي بشكل عام. وأشار الغلوسي في تدوينة على فايسبوك، أن هذه الحاجة الموضوعية تمليها الرهانات والتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المطروحة على بلادنا، وهي تحديات ورهانات تفرض وجود نخب حزبية مستقلة وديمقراطية، قادرة على ترجمة مطالب وتطلعات المجتمع في الديمقراطية والعدالة ومكافحة الفساد، وتوزيع الثروة بشكل عادل على أرض الواقع. وأكد أن هذه المطالب تصطدم بوجود كائنات حزبية لا تتزحزح من مكانها، يرتبط وجودها واستمرارها بسيادة الريع والفساد وتحاول إدامة سيطرتها على القرار الحزبي ومؤسساته، التي أصبحت صورية وبدون حياة، لأن الأقلية الحزبية المتنفذة والمستفيدة تسعى إلى تحويل الحزب إلى هيكل بدون روح. وتابع "لكي يتأتى لها ذلك فإنها تلجأ إلى كل الأساليب ومنها على سبيل المثال تهميش الطاقات الخلاقة والمناضلة بل وطردها ومهاجمتها بكل الوسائل، بما فيها الضرب في الأعراض والشرف، من طرف أنصار وزبناء استقطبوا للحزب على أرضية الولاء للزعيم الخالد والتقرب منه عن طريق الوشاية والنميمة، وإظهار الحب الزائد له حتى ينعم عليهم بفائض الريع والرشوة السياسية". وأضاف "كنا نترقب أن يشكل تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تورط قيادات حزبية في ريع الدراسات وهدر المال العام، وتفكيك شبكة اسكوبار الصحراء، ومتابعة منتخبين ومسؤولين بجنايات تبديد واختلاس المال العام والتزوير، أن يشكل صدمة لدى قيادات هذه الأحزاب، لكن لا شيء من ذلك حصل، فهذه القيادات منفصلة تماما عن المجتمع ومطالبه وانتظاراته ولا تعرفه إلا خلال الانتخابات وأصبحت عبئا ثقيلا عليه". وزاد "هذه القيادات انسلخت عن قواعدها وشرائح المجتمع التي تزعم تمثيلها والدفاع عنها، وتخلت عن الحد الأدنى من القيم والمبادئ والأخلاق، وراحت تنتظر إشارات السلطة وما ستنعم بها عليها من عطايا وغنائم لتستمر في مواقعها حتى تورثها لأقاربها وأبنائها، وكل الذين يبدون ولاء مطلقا لها، هي قيادات تستثمر في الريع والفساد والرشوة وتشبيك علاقتها مع بعض مراكز ومواقع القرار". وشدد الغلوسي أن هذه الحقيقة معروفة، أكد جزء منها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، والذي على ضوئه تقدمت الجمعية المغربية لحماية المال العام شكاية إلى رئيس النيابة العامة، والذي نتمنى أن يأمر بإجراء بحث قضائي على ضوء تلك الوقائع، لتفكيك شبكة هذه القيادات المتعطشة للريع والفساد، لأنها غير مستعدة للتنازل عن مناصبها بأدوات ديمقراطية عبر عقد مؤتمرات حقيقية تتيح للطاقات والكفاءات من الشباب والنساء قيادة الحزب.