ينشر موقع "لكم" مضمون التقرير الصوتي الذي بثته صباح التاسع عشر من سبتمبر إذاعة فرنسا الثقافية والمخصص لحملة المطالبة بالإفراج عن علي أنوزلا. منذ يومين والرأي العام المغربي منشغل جدا بقضية اعتقال الصحفي المرموق علي أنوزلا، مدير النسخة العربية لموقع "لكم" الإخباري. لقد وجهت إليه تهمة الإشادة بالإرهاب بعدما نشر على موقعه رابطا لشريط فيديو منسوب لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي والذي يحتوي على مقاطع تهدد المغرب وتدعو للقيام بأعمال إرهابية. وكما يشير إلى ذلك الموقع الإخباري AU FAIT MAROC فقد سارع صحفيون وجمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان ومواطنون عاديون إلى استنكار هذا الاعتقال، والتعبير عن تضامنهم مع الصحفي و قلقهم إزاء هذه المحاولة الجديدة التي تروم الدولة من خلالها ضرب الصحافة المستقلة ومصادرة الأصوات والأقلام الحرة فيما يشبه تضييقا صريحا على حرية التعبير. لكن، و رغم ارتفاع عدد الأصوات المطالبة بإطلاق سراح علي أنوزلا، حسب ما جاء في المقال، " فضلت أحزابنا السياسية الاصطفاف في المعسكر الآخر و شن حملة تشويه ضد علي أنوزلا متهمة إياه بخيانة الوطن والتحالف مع أعداء المغرب والتحريض على الإرهاب". تنبغي الإشارة إلى أن الشريط المذكور يحمل بوضوح مادة إشهارية للخلية الإرهابية تدعو المغاربة لإسقاط الملكية وسلوك سبيل الجهاد. بمعنى أن من يقوم بعرض هذا الشريط كأنه يوزع مئات الآلاف من المنشورات تدعو للجهاد المسلح ضد الغرب، ولإسقاط الملكية والبرجوازية المغربية ومقارعة كل من يعترضون على تطبيق الشريعة. و بالتالي السؤال الذي ينبغي طرحه هو: هل يمكننا الحديث عن موضوع مثل هذا من أجل إخبار الرأي العام و أداء مهمتنا الصحفية دون أن يتحول إعلامنا لمنابر في خدمة الإرهابيين ؟ يشير موقع "لكم" منذ صباح اعتقال علي أنوزلا أنه حرص منذ البداية على التوضيح بأن الأمر يتعلق بشريط "بروباكاندا" و أن الموقع بالتأكيد لم يتبنَّ الموقف الذي يعبر عنه الإرهابيون. ولذلك فإن نشر شريط لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يعتبر أمرا جاريا به العمل في الممارسة الصحفية الدولية. بمعنى آخر، وطبقا لهذا المنطق، فيجب أن تُحجز مقرات قناة الجزيرة، وأن يُعتقل صحفيو ال BBC و أن يُقال مدير CNN لأن كل هؤلاء قاموا عدة مرات بنشر رسائل تسجيلات للقاعدة ومنظمات إرهابية أخرى. إن مهمة الإخبار لا يمكن بحال من الأحوال أن تعني الإشادة بالإرهاب أو التحريض على العنف إلا في أجمل بلدان العالم، واللبيب يفهم أنه المغرب ! إن الأمور مستمرة إلى اليوم على نفس المنوال، كما هو حال الموقع الأمريكي Site Intelligence Group و الذي ينشر يوميا العشرات من البيانات والأشرطة التي ينتجها جهاديون متطرفون. هذا الموقع قام مؤخرا بنشر نفس الشريط الذي يتابع بسببه علي أنوزلا في حالة اعتقال و وفق قانون الإرهاب، وذالك على صفحته الرئيسية. نفس الشيء بالنسبة لليومية الإسبانية EL PAIS ، إلى حد أن موقع DEMAIN ONLINE في كتب هذا الشأن أن " وزير الظلم وقلة الحريات " في المغرب قرر متابعة الجريدة الإسبانية. فماذا يسعه أن يفعل الآن،" يتسائل الصحفي. "هل سيتصل كذالك بنظيره الأمريكي؟ ولماذا لا يهاتف نظيرته الفرنسية، كريستيان طوبيرا مادام أن الموقع الإجتماعي Dailymotion لم يسحب شريط القاعدة في المغرب الإسلامي"؟ بالتأكيد لن يفعل ذلك، لأنه، كما يشير المقال، " إذا اكتفى الوزير المغربي بمتابعة جريدة EL PAIS لأن السلطات تستهدف مراسل الجريدة في منطقة المغرب العربي والذي يعتبره النظام المغربي عدوا لدودا. وهو الأمر نفسه الذي يفسر في الحقيقة اعتقال علي أنوزلا الذي يعتبر صحفيا مشاكسا للسلطة و مستعصيا على التركيع". إنها قضية مفبركة وخسيسة من أجل ثنيه على التعبير وإخراس صوت جريدة "لكم" الرقمية المزعجة، و تنبيه باقي الصحفيين الذين تسول لهم أنفسهم المساس بمركز القرار في المغرب، أي الملكية. أما يومية Le quotidien d'Oran الجزائرية، فقد كتبت أنه يبدو واضحا اليوم أن قضاء التعليمات في المغرب قد وجد مبررا لمهاجمة مدير منبر مستقل قطع مع أسلوب الانبطاح السائد في الصحافة المغربية، مضيفا أن علي أنزولا أصبح عدوا للنظام لأنه لا يعرف الرقابة على المواضيع التي يعالجها، حتى لما يتكلم عن "غياب الملك"، بمعنى آخر، إن هذا الصحفي المناضل من أجل دمقرطة المغرب كان تحت مرمى نيران القصر، تماما كما كان ولا يزال زميله أبو بكر الجامعي الذي أغلقت جريدته Le journal Hebdo. خلص موقع "لكم" بالقول هذا الصباح: نعم أنوزلا إرهابي. إرهابي يستمد مدادده من محبرة الكرامة كي يشجب الإرهاب الحقيقي الذي تمارسه الدولة في حق "رعاياها"، أي تفقير المغاربة وتسليتهم بالسياسيين التافهين وهدر الأموال العامة، واتباع سياسات فاشلة خلال السنوات الأخيرة. هذا هو الإرهاب الحقيقي. باختصار، أطلقوا سراح علي. انقر هنا للاستماع للتقرير الصوتي