نعم..كرة القيم التي يدوس عليها الغرب الآن بأقدامه الملوثة بالدماء والحروب والأزمات الواحدة تلو الأخرى..من الإرهاب ابتداء إلى كورونا انتهاء. وبالمقابل فنفس الكرة يرفعها لاعبوا المنتخب المغربي عاليا في السماء ومعهم جمهور عريض من أندونيسيا إلى أفريقيا..يداعبونها بمهارة فائقة أيقظت عقدة الرجل الأبيض لدى الأوروبيين والأمريكيين على حد سواء..يحققون الانتصارات تترى تحت مرأى ومسمع من وسائل الإعلام الغربية المندهشة لما يقع أحلم هو أم علم؟ لما يزيد من قرن من الزمان والهيمنة الغربية على أشدها في العالم العربي الإسلامي لم تستثن مجالا واحدا. وفجأة.. وقع ما لم يكن في الحسبان.. وقع ما لم يتوقعه المتوقعون لما يقع وسيقع في العالم العربي الإسلامي! منتخب مغمور يطيح بأعتى المنتخبات العالمية..وجمهور عربي مسلم على قلب رجل واحد! من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب! هذه الأولى.. الثانية.. وهي التي قصمت ظهر الغرب وأبانت عن نفاقه وعدائه المبطن لكل من يخالف العالم اليهودي المسيحي في قيمه الحضارية.. رأينا الرايات الفلسطينية ترفرف عاليا في مدرجات ملاعب كرة القدم ويلتحف بها لاعبوا المنتخب المغربي عقب انتصاراتهم المتتالية.. رأينا لاعبين يسجدون شكرا لله بعد نهاية كل مباراة مصيرية.. رأينا شبابا يرفعون أكفهم بالدعاء والضراعة إلى الله يسألونه التوفيق والفوز في المباراة.. وبين قوسين..بدون خلفية سياسوية.. رأينا أمهات يعانقن أبنائهن ويرقصن معهم على عشب الملاعب.. رأينا أطفالا من المشجعين يمتنعون عن الإدلاء بتصريح للقنوات الإسرائيلية كنوع من التضامن مع القضية الفلسطينية. رأينا النخوة العربية والكرم العربي في أبهى صورهما وتجلياتهما.. في التنظيم الرائع.. المتقن.. المذهل.. للمونديال.. من طرف قطر صغير.. ودولة كبيرة.. تسمى قطر.. وباعتراف رئيس الفيفا نفسه. رأينا..ورأينا..وماذا لم نر؟ مونديال قطر هو مونديال القيم بامتياز..القيم العربية الإسلامية في زمن انهيار القيم الغربية بكل تلاوينها من السياسة إلى الاقتصاد إلى الثقافة إلى الاجتماع الإنساني وتفكك مفهوم الأسرة والعائلة. أخيرا..عاينا بأم أعيننا وقاحة الغرب الحضارية وجرائمه الثقافية لمخالفيه : ينتهك كل القيم الإنسانية نهارا جهارا ثم ينصب نفسه واعظا يعطي الدروس للآخرين!