رئيس الحكومة يستضيف رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي بالرباط    رصد 893 مليون محاولة تصيد احتيالي في 2024 وسط تصاعد التهديدات السيبرانية    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير دولة الكويت بمناسبة العيد الوطني لبلاده    الوزير قيوح يترأس حفل توشيح موظفين ومستخدمين بأوسمة ملكية (صور)    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    ابتكار زراعي في الصين: صنف جديد من بذور اللفت يضاعف الإنتاجية ويرفع نسبة الزيت إلى مستويات قياسية    وصفها بالإيجابية.. ترامب يعلن إجراء مباحثات "جدية" مع بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا    السيسي: نرفض تهجير الفلسطينيين وتهديد الأمن القومي لدول المنطقة    حسنية أكادير تنفي أخبارا حول ميزانية النادي ومدربه    برشلونة يُخطط لتمديد التعاقد مع فليك    إجهاض محاولة لتهريب أزيد من 5 آلاف قرص مخدر وتوقيف مشتبه فيه ببني أنصار    الدار البيضاء: توقيف خمسة أشخاص تورطوا في العنف المرتبط بالشغب الرياضي    مراكش: توقيف فرنسي من أصول جزائرية موضوع أمر دولي بالاعتقال من أجل ترويج المخدرات ومحاولة القتل    توقيف ثلاثة أشخاص بإنزكان يشتبه تورطهم في ترويج مواد صيدلانية مهربة    طنجة.. توقيف شخص يشتبه تورطه في السياقة الاستعراضية بالشارع العام    دراسة: المريخ كان يضم شواطئ ومحيطات بأمواج ورياح    بوعياش تشيد ب"الإرادة المعلنة والصريحة للأمن في بلورة ممارسات ومقاربات مهنية تحيط باحترام حقوق الإنسان"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الشرع يشدد على وحدة سوريا و"احتكار" السلاح بيد الدولة في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه يحل بالعيون بالصحراء المغربية    حدث فلكي.. اصطفاف 7 كواكب في السماء هذا الأسبوع    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي سيزور الصحراء المغربية "لتجسيد موقف" باريس الجديد    استمرار الأجواء الباردة في توقعات طقس الثلاثاء    طنجة تحت النيران: أسبوعٌ من الحرائق المتتالية يثير الرعب!    طلبة المدرسة العليا للتربية والتكوين يوجهون رسالة إلى مدير المؤسسة ومدير الشؤون البيداغوجية    البواري يستقبل رئيس الوزراء فرانسوا بايرو ووزيرة الفلاحة والسيادة الغذائية في الجناح المغربي بالمعرض الدولي للفلاحة بباريس    صحيفة أمريكية تنسب لقيادي من حماس انتقاده لهجوم 7 أكتوبر والحركة تنفي    الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية تثير استغراب نقابات الصيادلة    رئيس الحكومة يتباحث مع "ديون"    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة    تلاميذ طنجة أصيلة يتألقون في البطولة العربية لألعاب الرياضيات والمنطق ويحصدون ميداليتين ذهبيتين    استراتيجية المغرب في التعاون الدولي نهج استباقي، متعدد الأبعاد وشامل    الصحراء في المخططات الإرهابية.. بين « تنظيم الدولة » و « دولة التنظيم »!    الاتحاد الأوروبي يعلق عقوبات على سوريا    العداؤون المغاربة يتألقون في ماراثون اشبيلية    الطالب الباحث مصطفى المحوتي يناقش رسالة الماستر حول البعد التنموي لقوانين المالية بالمغرب    رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم يستقبل فوزي لقجع    نايف أكرد يغيب عن مواجهة برشلونة بسبب تراكم الإنذارات    فرنسا تدين استهداف قنصلية روسيا    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    الجبل ومأثور المغرب الشعبي ..    "زمن الخوف".. الكتابة تحت ضغط واجب الذاكرة    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر: نعم من حق الملك العفو عن البيدوفيليين
نشر في لكم يوم 02 - 08 - 2013

كم مرة سنصرخ فيها منددين بممارسات صادرة عن النظام السياسي المغربي؟ وكم هي الحالات التي سيرفع فيها المجتمع المدني الصوت عاليا ضد سياسات ملكية؟ وكم من المقالات والوقفات الاحتجاجية التي يجب أن تصدر عن المجتمع المدني في هذا الصدد؟ ألم يندد البعض مرارا بالخروقات الدستورية المتعددة التي أقدمت عليها المؤسسة الملكية من قبيل مجموعة من التعيينات والقرارات؟
مناسبة طرح هذه الاسئلة هي واقعة عفو الملك عن بيدوفيلي اسباني محكوم بتهمة اغتصاب أطفال مغاربة، حيث ارتفعت عدة أصوات تنتمي للمجتمع المدني ضد هذا القرار الذي اعتبرتَه خاطئا وغير قانوني. لكن بالرجوع إلى القانون الدستوري لا يتبث لدينا أن الملك قد خالف الدستور فيما يخص قانون العفو. فالملك مارس حقه في العفو حسب ما ينص عليه الفصل 58 من الدستور. لأن الأخير أطلق يد الملك في ممارسة حق العفو دون تحديد أو تقييد (الفصل 58 :يمارس الملك حق العفو). إذ لم ينص الدستور على ان الملك ممنوع من العفو عن مغتصبي الأطفال الأجانب، ولم تنص القوانين العادية على مراقبة ممارسة الملك لحق العفو من قبل أي جهة كانت. إذن فلماذا يحتج المجتمع المدني على عفو الملك على البيدوفيلي الاسباني؟ هل لأن العفو وقع على ممارسات غير أخلاقية؟ وهل الذين استفادوا من العفو سابقا كانوا متهمين بقضايا أخلاقية؟
إننا على يقين بأن الاستناد إلى النصوص القانونية للاعتراض على العفو عن مغتصب الأطفال لايفيد في تغيير الواقع؛ لأن الملك لم يخالف القانون في منحه العفو عن أي شخص يشاء، وهو اليقين ذاته الذي لا يتسرب إليه الشك في أن العفو على مثل هذه القضايا، سيستمر في المغرب ما لم يبني المغاربة نظاما ديمقراطيا يخشى فيه مانح العفو على شعبيته وعلى فقدان أصوات ناخبيه. إن الأنظمة السياسية الديمقراطية عندما تمنح حق العفو لرئيس الدولة أو رئيس الحكومة، لا تترك له ذلك من دون رادع، بل تجعل حق العفو تحت الرقابة الشعبية، فالحاكم الذي يمارس العفو عليه أن يفكر جيدا قبل إقدامه على قراره، لأنه لو منح العفو لمجرمين يمقتهم المجتمع، لعرّض ذلك شعبيته للخطر، وهو ما سيفقده أصوات ناخبيه في أول مناسبة انتخابية. لذلك تتجه أغلب قرارات العفو في الأنظمة الديمقراطية إلى القضايا ذات الطبيعة الانسانية أو السياسية التي يحبذها المجتمع، من قبيل العفو عن المتقدّمين في السن أو القاصرين أو النساء.
أما في الأنظمة الاستبدادية، فإن حق العفو يُمنح للحاكم غير المنتخب، والذي لا يخشى على شعبيته أو يتوجس من تضييع أصوات ناخبيه، فهو حاكم دائم للشعب سواء أصلح أو أخطأ، فقد تتضرر شعبيته في بعض الحالات، لكنه يراهن على عملية النسيان، كما يراهن على الإمكانيات التي تتيحها له سلطته المطلقة من أجل ترميم مشروعيته، فهو يملك جميع الأدوات الايديولجية التي من شأنها تمكينه من ودّ "الرعايا"، فهو المتحكم الأوحد في المساجد بشكل خاص والشأن الديني بشكل عام، وهو الموجّه الفعلي لوسائل الاعلام، والسياسة التعليمية لا يمكن أن تخرج عن اشتراطاته، والفضاء "محمي" من شرطته وجيشه، وهو الذي يملك الأموال الوفيرة التي يتصدق بها على "الرعايا" ثارة، ويشتري بها ود النخب ثارة أخرى، وبالتالي فالحاكم في الدول الاستبدادية لا يتضرر من تنديد بعض المواطنين بتصرفاته، حتى وإنا كانت من قبيل العفو عن من يرتكب أسوأ الجرائم. لأنه باختصار لن يتأثّر كثيرا بهذه المواقف، وإن تأثر قليلا فإن الزمن والوسائل المتاحة كفيلين بتعويض هذا التأثر. سيما أن التنديد ينصب على الأفعال لا على الفاعل. فمن يستنكرون الأفعال غالبا ما يصمتون عن التنديد بالفاعل.
إن أغلب الذين ينددون اليوم بعفو الملك عن بيدوفيلي اغتصب أكثر من 11 طفلا، هم أنفسهم من صوت على دستور ممنوح استُعملت في الترويج له جميع أنواع التضليل والاستبداد، وهم أنفسهم من سخّروا حناجرهم للدفاع عن دستور عارضته كل الضمائر الحيّة ونددت بمضمونه المكرس للملكية المطلقة. إن من يتحمّلون مسؤولية إفلات شخص بيدوفيلي مجرم من قبضة العدالة وترحيله في نفس يوم خروجه من السجن رغم انقضاء صلاحية جواز سفره، هم الذين صوتوا لدستور يطلق يد الملك في حق العفو، كما يتحمل مسؤوليته الذين صمتوا لما كان جزء من الشعب ينتفض ضد دستور غير ديمقراطي لا يلبي أبسط الاحتياجات الديمقراطية للمغاربة.
علينا أن ندرك بأن العفو عن من يغتصب الأطفال، لا يقل خطورة عن العفو عن باقي المجرمين في مختلف القضايا الجنائية والمالية، فلماذا السكوت عن العفو الذي يتمتع به مجرمون خطرون؟ ألم يلحظ المغاربة أن نسبة الإجرام تتضاعف كلما تم العفو عن المجرمين خلال المناسبات الدينية والوطنية؟ هل العفو عن بيدوفيلي اسباني أخطر من العفو على من يغتصبون كرامة الشعب المغربي كل يوم؟ وهل العفو عن المساجين اكثر خطورة من العفو عن المفسدين غير المسجونين وتركهم على إفسادهم؟ ألم يتسبب الفقر في دفع بعض أبناء الشعب المغربي للوقوع في براثن بيع الشرف؟
إن المسؤول عن بيع بعض الأسر المغربية لأطفالها وطفلاتها للمجرمين ومغتصبي الطفولة، هو الذي جعل هؤلاء عرضة للفقر والحاجة، وعرّضهم للمذلة. فحتى لو بقي البيدوفيلي الاسباني في سجون المغرب، فإن ذلك لا يمنع من تفشي هذه الظواهر واتساعها؛ لأن الأسباب التي دفعت ضحايا الوقوع في براثن الاغتصاب لا تزال قائمة في مغرب اليوم؟ ثم أين هي مسؤولية النظام السياسي في توفير الأمن والاستقرار للمغاربة؟ وأين كانت المخابرات المغربية والأجهزة الأمنية عندما كان البيدوفلي يغتصب أبناءنا؟ هل كانت تلك الاجهزة تراقب الأنشطة السياسية وتحصي أنفاس من يهتمون لكرامة المغارىة.
إن واقعة العفو عن مغتصب الأطفال ستتكرر مالم يتوفر المغرب والمغاربة على نظام سياسي ديمقراطي، نظام ترتبط فيه المسؤولية بالمحاسبة القضائية والانتخابية، ولا يفلت فيه مانح العفو من عقاب المنتخبين. وعلى الذين صوتوا لدستور يكرس الحكم المطلق ويجعل حق العفو في يد حاكم غير منتخب أن يصمتوا اليوم وأن يصفقوا لقرار العفو، بل ويجتهدوا في تبريره أو يكفروا عن خطئهم بالانضمام للذين يطالبون بدستور ديمقراطي. أما الذين رفضوا هذا الدستور وقاطعوا الاستفتاء عليه، وقاطعوا نتائجه الانتخابية، فمطالبون بالاستمرار في النضال من أجل التأسيس للمغرب الديمقراطي، مغرب لا يفلت فيه مغتصبي الأطفال دون محاسبة من يُسهم في هذا الافلات، مع الابتعاد عن الأيديولوجيات الضيقة، وتطوير أساليب الكفاح، فضلا عن مصلحة الوطن نصب أعينهم أولا وأخيرا.
ملحوظة: ما قلناه سلفا، لا يعني تفويت أو تمرير قضية العفو عن مغتصب الأطفال، وشراء علاقة دولية بشرف أطفالنا، وإنما سعينا إلى تسليط الضوء على جانب آخر من المشهد، وهو جانب الاصلاح السياسي والقانوني، إذ لا يمكن أن يوافق البعض على دستور يكرس الحكم المطلق وعدم تقييد حق العفو، بينما يندد بنتائج هذا الدستور الكارثية. كما ندعو أولياء الأطفال المغتصَبين والمجتمع المدني، أن يلجؤوا إلى كافة المحاكم المحلية والدولية، من أجل إستصدار حكم قضائي يحاكم هذا المجرم و يعاقب من ساهموا في تهريبه.
باحث في القانون الدستوري وعلم السياسة
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.