أكد محمد بشير الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إنه على الرغم من الجهود المتعددة والمتنوعة التي بذلها المغرب في العقود الأخيرة للحد من ممارسات الفساد، يتبين بشكل جلي أن النتائج والتأثير المتوقع لهذه الجهود على المعيش اليومي للمواطنين والفاعلين الاقتصاديين، يظل غير ملموس. وأشار الراشدي في كلمة له بمناسبة افتتاح الندوة الدولية المنظمة من طرف الهيئة، اليوم الأربعاء، بالرباط، حول "الحكامة الجيدة بإفريقيا" أن هذه النتائج لا تساهم في تحجيم منسوب انعدام الثقة الذي تواجهه السياسات المعتمدة في هذا المجال، مما يحتم الشروع في جيل جديد من استراتيجية مكافحة الفساد، ينهض على مقاربة متعددة الأبعاد. وأبرز أن الفساد يتفاقم في سياق يتم فيه استغلال نمو الأسواق والمنظمات والتكنولوجيات وتحويلها إلى أداة في خدمة تطوير ممارسات الفساد وغسيل الأموال والجرائم المالية. وشدد الراشدي على أن الأزمة الصحية التي عشناها، وكذا الأزمات الأخرى، سواء منها الحالية أو المستقبلية، لا ترجح التوجه نحو تقليص هذه الظاهرة، بل على العكس من ذلك، فهي تطرح مخاطر جديدة بفعل انبثاق أشكال ومظاهر متجددة للفساد، تستغل مواطن القصور والثغرات التي أفرزها تدبير الاحتياجات الطارئة وضرورة الالتزام بتعبئة ميزانيات ضخمة في ظل ظروف استثنائية تنكمش فيها القواعد الاحترازية ومتطلبات الإشراف ومراقبة التدبير العمومي. وأضاف أنه في القارة الإفريقية، وبمتوسط تنقيط لا يتجاوز 33/100 في مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية، تعاني القارة، وأكثر من أي منطقة أخرى في العالم، من الأعباء الممتدة للعواقب الوخيمة لآفة الفساد. ولفت الراشدي إلى أن عدد رؤوس الأموال المهربة من القارة في عام 2020 وصلت إلى حوالي 89 مليار دولار، مما يؤكد تقاطع البيانات والمؤشرات غير المباشرة التي تغذي تقارير المنظمات المعنية، والتأثيرَ الملموس للفساد على الناتج الداخلي الخام للقارة، والذي يستأثر بأكثر من 6 نقاط من هذا الناتج الداخلي. وأوضح أنه وفق لدراسة أجراها صندوق النقد الدولي، فإن المكاسب السوسيو اقتصادية المحتملة المرتبطة بتوطيد الحكامة العمومية المسؤولة في إفريقيا يمكن أن تكون أكثر أهمية بمرتين إلى ثلاث مرات من تلك التي يمكن أن تحققها البلدان ذات التنمية المماثلة في مناطق أخرى من العالم.