وجهت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان رسالة مفتوحة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، تطالب فيها بالتدخل العاجل من أجل توفير الرعاية والعناية والعلاجات الصحية اللازمة لمرضى الصحة النفسية والعقلية. وأشارت الجمعية في رسالتها التي تتزامن مع تخليد اليوم العالي للصحة النفسية، أن المغرب يقع ضمن دائرة الدول التي تفتقر إلى البنيات الاستشفائية، رغم وفرة ثرواته وعظمة موارده، ووجود تشريعات في الموضوع؛ كالظهير رقم:295-58-1، الصادر في 30 أبريل 1959، بشأن الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المصابين بها؛ وأحكام الدستور، لاسيما المادة 34 منه. وقالت إنه من بواعث القلق أن غياب المعطيات المكتملة؛ إن لدى وزارة الصحة أو عند المفوضية السامية للتخطيط؛ سواء من حيث عدد المصابين بالاضطرابات النفسية والفئات المتضررة من الأطفال والشباب والنساء والمسنين؛ أو من جهة تحديد أسباب تفشي الظاهرة؛ يحبط كل مسعى للإحاطة بحقيقة وضعية الصحة النفسية ببلادنا. وأكدت الجمعية أن تاريخ "بويا عمر"، كمكان للتخلص من المرضى من ذوي الاضطرابات العقلية وكسجن لاحتجازهم وتعذيبهم عبر الضرب والتكبيل بالسلاسل الحديدية والحبال، سيبقى وصمة عار في تاريخ انتهاك الحق في الصحة العقلية والنفسية في بلادنا، وسيظل علامة إثبات على الجرائم التي تستحق المساءلة وعدم الإفلات من العقاب. وأضافت أنه في الوقت الذي تقر فيه وزارة الصحة أن 40 % من المغاربة الذين تفوق أعمارهم 15 سنة يعانون من أمراض عقلية ونفسية، وأن عدد الأسرة المخصصة لهم لا تفوق 2238 سريرا وأن عدد الأطباء لا يتجاوز 290 طبيبا نفسيا موزعون بين القطاع العام والخاص، علما أن أغلبهم يعمل في المدن الكبرى وخاصة الدارالبيضاء والرباط وطنجة، فإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تؤكد على أن بلادنا تتوفر على 7090 زاوية وضريحا. وشددت الجمعية أن هذا المعطى لوحده يدل على أن الدولة تقر بالإهمال واللامبالاة وترعى بوعي ثقافة الشعوذة والخرافة؛ وهو الأمر الذي أقر به وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حين صرح في إحدى جلسات مجلس النواب سنة 2018، جوابا على سؤال يتعلق بالتصدي للاستغلال عن طريق ممارسة الرقية الشرعية بأن " منع الرقية يبقى بيد العلماء ولا يدخل ضمن اختصاص الوزارة" وأدرجها ضمن السوق التي تخضع " للعرض و الطلب"، وأضاف أن تقنينها " يحتاج إلى عمل مشترك بين وزارة الأوقاف وقطاعات حكومية أخرى، من بينها وزارتا الداخلية والصحة"، بينما هي في الواقع جزء من الشعوذة والاتجار في مآسي المواطنات والمواطنين واستغلال خوفهم من المرض باسم الدين. وطالبت الجمعية باتخاذ إجراءات مستعجلة لإيجاد حل لمرضى الاضطرابات النفسية المشردين/ات في شوارع وأزقة المدن والقرى، بما يضمن حقهم/ن في العلاج والحماية والوقاية، وفق ما تنص عليه الاتفاقيات الأممية ذات الصلة، ومن خلال إعمال الاستنتاجات والتوصيات الواردة في تقارير المقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية، الذي يجري عرضها على دورات مجلس حقوق الإنسان. وأكدت على ضرورة الكف عن الاستمرار في سياسة هدر الموارد في رعاية الفكر الخرافي وتشجيع الشعوذة، عوض الاستثمار في الصحة والتعليم، بما يناسب العصر الذي نعيش فيه ويستشرف المستقبل، لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على كرامة أجيال بلادنا بين الأمم التي تتسابق نحو النهوض بالحقوق والحريات. ودعت إلى الوفاء بما تم التعهد به من خطط وبرامج، كما هو الشأن بالنسبة لخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان التي نصت، من بين ما نصت عليه علاقة بالموضوع، على التدابير 127، 139 و145، في المحور الفرعي الثالث: الولوج إلى الخدمات الصحية؛ القاضية بالإسراع بالمصادقة على مشروع القانون المتعلق بمكافحة الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها؛ والنهوض بالصحة النفسية والعقلية وتحفيز طلبة الطب على التخصص في الطب الشرعي والطب النفسي والوظيفي وتوفير المناصب المالية اللازمة لذلك.