من منصة "قمة إفريقيا الزرقاء" بطنجة شدّد ألبير الثاني، أمير إمارة موناكو، على أن "قدر إفريقيا وكوكبنا بأسره مرتبط جوهريا بقدر بالبحار والمحيطات"، مردفا: "البحار في قلب التحديات الكبرى المترابطة التي تحكم مستقبلنا". جاء هذا في الدورة الثانية من "قمة إفريقيا الزرقاء"، التي تنظِّمها اليوم الخميس، برعاية ملكية، أكاديمية المملكة المغربية، بشراكة مع المنتدى العالمي للبحار و"الموسم الأزرق"، وبمشاركة علماء ونشطاء مدنيين وأصوات حكومية وأممية. واسترسل أمير موناكو: "نتحدث عن الأنظمة البيئية الساحلية بزنجبار، وبالشواطئ الكبيرة المغربية، وقوارب الصيادين التي تضمن تغذية الساكنة الشاطئية بالسنغال وغامبيا، والسفن التي تذهب من ميناء أبيدجان مملوءة بالفواكه والكاكاو، وفقدان الأمل الذي يُحسّ به من يحاولون عبور المتوسط، والتوترات الكبرى في الصومال، والأعاصير التي تدمر الجنوب الإفريقي تحت تأثير التغيرات المناخية"؛ ثم قال: "يمكننا وينبغي علينا أن يكون لنا رد فعل على هذه التحديات والحفاظ على المياه، فهل نريد استهلاك أسماك ملوثة، أكثر ندرة، أو أصغر حجما، أو نريد أطفالنا أن يستهلكوا موادَّ سليمة بكميات كافية؟ وهل سنعمل من أجل الحفاظ على المناخ أم سننتظر أطول لنرى آثارا مناخية حادة؟ وهل نريد العيش في طبيعة ملوثة أو أن نعيش في مدن ساحلية نحترم فيها الأنظمة الطبيعية الساحلية؟". وتابع الأمير ألبير الثاني: "الأسئلة نفسها تطرح في جميع القارات، والأجوبة الفعالة تمكّن من ضمان تنمية المجتمعات المحلية دون المساومة على مستقبل مناخها؛ وهي أجوبة ينبغي أن تستطيع الدمج بين يوميّ الإنسان ومستقبل كوكبنا وتنوعه البيولوجي". وذكر المتدخل أن الحلول لإنقاذ كوكب الأرض ممكنة، وقدّم ثلاثة أمثلة استطاعت تغيير الوضع: في مجال الصيد البحري بالحد من الممارسات التي تدمر المناخ، وتوفير مساحات للتوالد، وحماية الكائنات في تنوعها، بتشجيع ممارسات مستدامة، مثل التي فرضت لحماية التونة ذات الزعانف الزرقاء. وفي السياحة استحضر الأمير العمل من أجل "التصالح بين الفاعلين في الوقت القصير والمدى البعيد"، لتتم السياحة البحرية بشكل يحترم البيئة، وزاد: "السياح اليوم أوعى أكثر فأكثر بمسؤوليتهم في سياحة مستدامة خضراء أو زرقاء". كما قدّم المتحدث مثال التدخل لحماية الشعب المرجانية، الذي مكّن من ممارسات مستدامة تحترم الأماكن الطبيعية، وتفيد الأرض والكائنات على المدى البعيد بصيانة التنوع البيولوجي، والحفاظ على حجم الحيوانات، والمناخ؛ ف"الصحة الجيدة للأنظمة الطبيعية البحرية تمكّن البحار من القيام بدورها تجاه التغيرات المناخية". وتتطلب حماية المناخ اليوم وفي المستقبل أساسا، وفق أمير موناكو، "أن يكون الفاعلون الاقتصاديون منخرطين في هذه الرهانات والحلول، وأن يفهموا أن الاستغلال الخارج عن المنطق والمدمرة للموارد لا يمكن أن يكون أبدا وسيلة للنمو العالمي"، ما يتطلب "تحريكهم مواردهم وإبداعهم في سبيل نموذج يضمن فعلا مستقبلا البحار، مستقبلنا". ووضّح الأمير أن النموذج الذي قدّمه لحلول ضمان استدامة الصيد البحري ينطبق أيضا على الزراعة، وأن نموذج السياحة الساحلية ينطبق أيضا على السياحة البرية، وما ينطبق على حماية البحر ينطبق على حماية الأرض؛ "كما أن جميع القطاعات الاقتصادية تواجه التحدي نفسه، ما يعني ضرورة انخراط الفاعلين في مختلف المجالات الاقتصادية من أجل انتقال يكون في صالح الجميع"، ولو أن هذا "أمر مركّب، يتطلب تطوير بعض الصيغ، والمصالحة بين زمن الناس (عيش الأفراد) وزمن الطبيعة والبحار".