أكثر كلمة تضحكني هي كلمة مناضل، تذكرني دائما بكلمة موناضة، خصوصا مناضة "أورونجينا" التي تشبه مصباحا مقلوبا، أو ثدي امرأة عجوز. الأحزاب المغربية كلها تسمي أعضاءها بالمناضلين. المنخرطون في الإتحاد الإشتراكي كلهم يُعتبَرون مناضلين: يناضلون في ماذا؟ لا أحد يعلم، يناضلون في الوصول إلى الحكم لتقاسم المناصب والامتيازات والأراضي وأموال الخزنات، وتهدئة الشعب وتعقيله. لا أفهم أبدا ما معنى أن تكون يساريا اشتراكيا، وأن تصلي الجمعة بالجلباب خلف فقيه نظام مخزني، ممثلا بإتقان، الخشوع في ملامحك، وأن تتحدث في التلفزة باسم الدولة غير اليسارية، وغير الاشتراكية. هذه التناقضات الفجة صارت مع الوقت مألوفة، وهذا صادم أكثر حتى من التناقض ذاته. أعضاء حزب الاستقلال أيضا كلهم مناضلون، هذا الحزب لم أستطع أبدا فهم إديولوجيته وتوجهه الفكري الذي يمنحه صفة أن يكون حزبا، إذ لا إديولوجية له ولا لون ولا طعم سوى الولاء المطلق للنظام. "اللّوغو" المناسب لهذا الحزب ليس الميزان، بل الطربوش الأحمر بشاشيّة طويلة. مناضلو حزب الحركة الشعبية يلبسون جلابيب بيضاء، يضعون عمامات الفخر النظيفة على رؤوسهم، ويستقلون جماعيا كارات الحزب المكيفة في اتجاه مؤتمر الجمع العام السنوي بصفتهم مناضلين، للغذاء مجانا غذاء معتبرا كما في أعراس الأكابر، وتقاسم قناني الموناضة المثلجة والفواكه، وإلا ماذا سيفعلون في مؤتمر الجمع العام غير ذلك؟ مضحك جدا حزب الحركة الشعبية، ماذا يقصدون بحركة؟ حتى الشيطان لا يدري، ربما يقصدون بها في الحركة بركة. أتباع الراحل الحاج علي يعتة هم أيضا يعتبرون مناضلين مثلهم مثل غيرهم، وإلا لماذا سنبخسهم حقهم الشيوعي الذي يختلط في اللسان مع كلمة شِيعي، دون أن يتطوع أحد لتصحيحها، شيعي أو شيوعي الله يرزقنا غي الصحة والسلامة. ماذا يفعل بنعبد الله في البرلمان؟ حتى نملة سليمان لا تدري. بنكيران أيضا يجمع مناضليه في التيران ويخطب فيهم، يقولون عنه كتعريف له أنه يجيد الخطابة، وهذا صحيح، لن تستطيع أن تجمع جمهور كرة القدم في التيران إلا إذا كنت حلايقيا أو مهرجا، أما حين تكون هناك أمسية فكرية سيلقي فيها مفكر محاضرة فلا يحضرها سوى المجانين، وهم قلة في المغرب، أما الباقي فكلهم بعقلهم. ما لا أفهمه هنا هو كيف صار بنكيران رئيسا للحكومة في المغرب؟! ماذا قال للمغاربة؟ ما هو برنامجه الذي وضعه على الطاولة وقد درسه الشعب في المختبرات، وبناء على النتائح الإيجابية صوتوا عليه؟ ومن ذلك أن لحيته مشذبةوجميلة، وليست مرعبة كلحية الفيزازي، وليس أمردَ بالكامل دون حياء ك لْشْكَرْ الذي اكتفى بإلصاق موسطاش شخص آخر في وجهه. وأنه رجل فكه، يُضحك الناس في الخطاب وينكّت جيدا، وليس يظل دائما عابسا، وأهم من ذلك يعرف الله، أما الباقون فلا يعرفون سوى الشيطان، والرقص، والروج، كب ليا نكب ليك. الأحزاب في المغرب تشبه زوجات النظام الكثيرات الراضيات حد السعادة بذكورة العصا المخزنية الطويلة بين أفخاذهن. كل مرة تبيت زوجة منهن مع النظام وترقص له مستفيدة من عطاياه السخية، بينما تغار الأخريات فتغازلن النظام أكثر بالتعري كي تحين ليلتهن هن أيضا. الأحزاب شيخات، والمناضلون هم المُوزُون البراق في الحزام. كلما رقصت الشيخة جيدا، إلا وتطاير المُوزُون يمينا وشمالا في اتجاه المواطنين. لا يعرفون أن كلمة حزب لا تصح إلا حين يكون هناك سعي من طرف ذلك الحزب إلى الحكم، كبديل للنظام الحاكم، وليس السعي إلى الرقص في عيد العرش فوق خشبة عالية. محمد بنميلود