ذكرى المسيرة الخضراء.. الملحمة الخالدة    ترامب يعلن فوزه ويعد بعصر ذهبي جديد لأمريكا    الانتخابات الأمريكية.. الجمهوريون يحصدون الأغلبية بمجلس الشيوخ    ترامب يعلن فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية    أجواء حارة نسبياً في توقعات طقس الأربعاء    ترامب يفوز بولاية بنسلفانيا الحاسمة    قيوح: مجموع استثمار وزارة النقل واللوجستيك والمؤسسات والشركات العمومية التابعة لها يبلغ 13 مليار درهم برسم ميزانية 2025    وزير الداخلية القطري: إقرار التعديلات الدستورية في قطر ب 90.6 بالمائة من إجمالي الأصوات الصحيحة    ترامب يتقدم على هاريس وترقب إعلان فوزه برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية    الجمهوريون يكتسحون الانتخابات.. واحتفالات بين أنصار ترامب بالفوز قبل إعلان النتيجة النهائية    انطلاق بناء سد جديد في سيدي إفني    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    بدء إغلاق صناديق الاقتراع في أمريكا    29 برلمانيا بمجلس المستشارين يصادقون على مشروع قانون إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وثلاثة يمتنعون        المنتخب المغربي للفوتسال ينهزم وديا أمام نظيره الفرنسي (1-3)        وهبي يتهم جمعيات المحامين ب"الابتزاز" ويُكَذب تصريحات بشأن قانون المهنة    مشروع الميزانية الفرعية لوزارة الداخلية برسم سنة 2025 يندرج في إطار مواصلة تفعيل مخططاتها وبرامجها الهيكلية (لفتيت)    منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تطلق بباريس مراجعة سياسات الاستثمار في المغرب    الرباط.. إطلاق العديد من مشاريع التسريع المدني للانتقال الطاقي        عندما طلب مجلس الأمن وقف «المسيرة « وأجاب الحسن الثاني : لقد أصبحت مسيرة الشعب    بنك المغرب يكشف حقيقة العثور على مبالغ مالية مزورة داخل إحدى وكالاته    الوداد يواجه طنجة قبل عصبة السيدات    "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة" إصدار جديد للشاعرة مريم كرودي    18 قتيلا و2583 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعاً بريدياً تذكارياً بمناسبة الذكرى العاشرة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    أخنوش: خصصنا في إطار مشروع قانون المالية 14 مليار درهم لدينامية قطاع التشغيل    الأحمر يغلق تداولات بورصة الدار البيضاء    التجمع الوطني للأحرار يستعرض قضايا الصحراء المغربية ويشيد بزيارة الرئيس الفرنسي في اجتماع بالرباط    جدل في البرلمان بين منيب والتوفيق حول الدعوة ل"الجهاد" في فلسطين    مرحلة ما بعد حسم القضية..!    تحقيقات جديدة تهز كرة القدم التشيلية    بن صغير يكشف أسباب اختياره للمغرب    كَهنوت وعَلْموُوت    رئيس الحكومة يستعرض إنجازات المغرب في التجارة الخارجية    التساقطات ‬المطرية ‬أنعشت ‬الآمال ..‬ارتفاع ‬حقينة ‬السدود ‬ومؤشرات ‬على ‬موسم ‬فلاحي ‬جيد    "روائع الأطلس" يستكشف تقاليد المغرب في قطر    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف و السلطة.. أية علاقة ؟
نشر في لكم يوم 02 - 12 - 2010

العلاقة بين المثقف و السلطة, علاقة متشنجة يشهد التاريخ على حيثياتها.. و ذالك من خلال النماذج التي أبت الإنخراط في دواليب السلطة, و بشتى أشكالها, و يمكننا أن نذكر في هذا المجال جملة من النماذج الخالدة و المتميزة بتمردها الثقافي, و بالخصوص نذكر ابن رشد, ابن حنبل..
فرغم اختلاف التوجهات و الأفكار عند النموذجين المذكوريين, يبقى التمرد على السلطة, و الإنزواء نحو الثقافة على حساب السلطة والمصلحة الفردية, واحدة من الميزات المشتركة بينهما. و هنا مكمن الفرق بين المثقف و الإنسان العادي, فإن كان هذا الأخير هدفه الأسمى هو الأمن و الإستقرار الفردي, وتوفير ضروريات الحياة, و إن كان هذا على حساب الكثير من المفاهيم الأكثر أهمية ( الحرية, الديمقراطية..), و هذه من الأسباب التي لازالت تعرقل مسار الحرية و العدالة الإجتماعية في بلدنا. لكن يبقى المثقف في منأى عن هذا كله, فهدفه الأسمى و الأزلي هو الحرية ( فكرا و تعبيرا ) و تكريس ثقافة الوعي بين مختلف فئات المجتمع, و إن كلفه الأمر أن يضحي بأمنه و بالحظوة التي قد ينالها بجانب السلطة.
لنعد و نتفحص جيدا النموذجيين الذيين أوردتهما آنفا, فالخلاصة التي يمكن اقتباسها من خلال معاينة تاريخ التمرد ( استعمل مصطلح التمرد, لأنه أكثر تعبيرا و شيوعا في المعجم السياسي الحالي, وأقصد به التمرد الثقافي) سواءا عند الفيلسوف و المثقف ابن رشد, أو عند عالم الدين و المثقف ابن حنبل.. اختلفت الأفكار و تعددت المتعدقات, و قد تختلف أحيانا حتى المسلمات الفكرية.. لكن تضل النكبة واحدة, وهي الإستبداد و طغيان السلطة السياسية التي تمتلك القوة و تمارس العنف بشتى أشكاله في سعي لإرغام المثقف على الإنزواء في كنفها, والتمتع بحظوتها, و نعيم السلطة و أمنها.. و المقابل طبعا أن يلعب المثقف دورا رياديا في تمرير الكثير من المغالطات لتبرير أفعال السلطة السياسية, سواءا من خلال كتاباته, و أحيانا من خلال صمته المطلق, ليفقد بذالك صبغته الثقافية, و مصداقيته لدى القارئ
إذا فالمثقف هو المفكر, وطليعة المجتمع فكريا و اجتماعيا, والسؤال الذي يطرح نفسه هنا و بإلحاح, ما موقع المثقف من السلطة ؟ هل يكون انتهازيا ؟ هل يقف في صف السلطة يبرر تجاوزاتها, و المقابل مضمون ؟ أم أنه سيقف في صف الشعب, يدافع عنه في وجه السلطة, و المواجهة لا مفر منها أسئلة لا يمكن أن يجيبنا عنها إلا المثقف نفسه.. إلا أنه يمكننا أن نشرح الإختياريين من خلال موقف بعض المثقفيين المغاربة
إذا كل هذه المغريات المذكورة تطل بقوة في وجه المثقف, وتضعه بين أمريين احلاهما مر, اما الإرتماء في حضن السلطة, و نيل رضاها مقابل الأمن و الحظوة, والشهرة المجانية.. ومن رواد هذا التيار نذكر علال الفاسي, محمد الأشعري و حسن أوريد, لقد نالوا من الشهرة و السلطة الشئ الكثير.. ولكن لم يسلموا من النقد اللاذع أحيانا, و التشكيك في مصداقية ما يكتبونه أحيانا أخرى, و حتى التضحية بالكثير من حظوتهم الثقافية, وإلا فإن التناقض سيكون حاضرا في كيان المثقف, و يمكن أن نلاحظ هذا الأمر مع محمد الأشعري الذي أمسى مؤخرا يعارض و ينتقد السلطة, و هو واحد منها, و بذلك قد وقع في المحظور أي بدأ في انتقاد نفسه, أمرا يمكن تعليله عند السياسي, لكنه محرم عند المثقف..
الإختيار الثاني الذي يجسده ثلة من المفكريين و المثقفين, أمثال المرحوم عابد الجابري, المهدي المنجرة و عبد الله العروي.. هذا الطريق يضمن للمثقف حفظ اسمه في التاريخ الثقافي للشعوب, و يمنحه مصداقية حقيقية عند القراء.. بمعنى أدق المثقف هو الذي يضحي بحفاوة الإستقطاب لدى السلطة السياسية, و ينعزل عنها ليترك الهامش الذي يمكنه من انتقاد الحكم, و تصحيح مساره, وخلق وعي ثقافي داخل فئات المجتمع.. ربما هذا الأمر قد يكلف كثيرا, لأن السلطة لا ترحم دائما من ينتقدها و يقوم اعوجاجها.. فالمواجهة حتمية, و النتائج قد تكون وخيمة.
المواجهة بين السلطة و المثقف المتمرد, قد تأخذ أشكالا متنوعة, قد تصل حد العنف والسجن و النفي, وقد تؤول إلى عزلة ثقافية, وتهميش اعلامي, كما صنع إعلامنا المتجمد مع محمد عابد الجابري رحمه الله, كما قد تأخذ المواجهة أبعادا أكثر خطورة, كمنع المثقف من الحديث و التواصل مع قراءه, أو ما يسمى بسياسة تكميم الأفواه, كما تفعله السلطة مع المفكر المهدي المنجرة, حيث تم منع الكثير من محاضراته وإلى يومنا هذا.
ربما على المثقف أن يكون هاويا, يحشر أنفه في كل شيء, كما يقول إدوارد سعيد, حتى يبعثر أوراق السلطة, فلا تجد له طريقا لإيقافه و احتوائه, لكن يمكن للمثقف الإنتهازي أن يستغل فكره في خدمة السلطة, و بذالك يكون قد اختار الطريق الأسهل, و في كل الأحوال تبقى السلطة التي تجعل من احتواء المثقف, و ازعاجه من أولوياتها, هي تلك التي تفتقد للشرعية, و الحرية و العدالة الإجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.