ا ف ب - دخل حزب الله اللبناني بقوة على خط النزاع السوري بطلب من داعمته ايران التي ترغب في الحفاظ على موقع حليفها الرئيس السوري بشار الاسد مهما كان الثمن، لكن هذه المشاركة بدأت تضر بسمعة الحزب في لبنان كما العالم العربي، بحسب ما يقول محللون. ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في باريس زياد ماجد ان "مشاركة حزب الله في الحرب في سوريا نابعة من قرار ايراني بدعم النظام حتى النهاية بالاستناد على لاعبين اقليميين، وفي مقدمهم حزب الله". ويشارك نحو 1700 عنصر من الحزب في القتال الى جانب القوات النظامية السورية، وخصوصا في اقتحام مدينة القصير الاستراتيجية (وسط) الذي بدأ الاحد الماضي. ودفع الهجوم على هذه المدينة ذات الغالبية السنية الامين العام للحزب الشيعي حسن نصرالله الى تعديل خطابه، بعدما كان يشدد في الماضي على ان مشاركة عناصر من الحزب في المعارك داخل سوريا هدفه "الدفاع" عن قرى حدودية سورية يقطنها لبنانيون شيعة وعن مقام السيدة زينب قرب دمشق. وقال نصرالله في خطاب السبت عبر شاشة عملاقة في احتفال لمناسبة الذكرى ال` 13 للانسحاب الاسرائيلي من لبنان، ان "سوريا هي ظهر المقاومة وهي سند المقاومة، والمقاومة لا تستطيع ان تقف مكتوفة الايدي ويكشف ظهرها او يكسر سندها". ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية غسان العزي ان "الايرانيين طلبوا من الحزب المشاركة (في المعارك داخل سوريا) بشكل نهائي وعلني لان على هذه الحرب ان تقرر مستقبل التحالف بين ايران وسوريا، وربما (مستقبل) كل المنطقة". الا ان اسبابا اضافية تقف خلف المشاركة العسكرية للحزب في المعارك داخل سوريا، بعدما كان يشدد على ان ترسانته العسكرية الضخمة مخصصة حصرا ل` "مقاومة" اسرائيل. ويقول وضاح شرارة، استاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية ومؤلف كتاب "دولة حزب الله" ان "فقدان آل الاسد للحكم ستكون له انعكاسات قاتلة على حزب الله، ليس فقط لجهة تزويده بالسلاح وعبور العناصر والمال، لكن ايضا على المستوى السياسي لانه سيحرم من الدعم السوري الكامل". ويرى ماجد ان احد منطلقات سلوك الحزب هو "رغبته في ان يظهر نفسه كلاعب اساسي في المنطقة وليس فقط في لبنان. يريد ان يقول انه قادر على التدخل بطريقة حاسمة على مسارح العمليات في خارج البلد". ويعتبر شرارة ان الحزب "يستغل الفرصة لتعزيز سمعته القائمة على القوة، ان لم نقل على كونه لا يقهر". وقال نصرالله السبت امام حشد من انصاره "كما كنت اعدكم بالنصر دائما، اعدكم بالنصر مجددا"، في استعادة لعبارة رددها مرارا خلال حرب يوليو 2006 مع اسرائيل، والتي يقول الحزب انه "انتصر" فيها على الدولة العبرية. وغداة الخطاب، سقط صاروخان على الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعد معقلا اساسيا للحزب، ما ادى الى اصابة اربعة اشخاص واضرار مادية، في هجوم لم تتبنه اي جهة. ويبدي المحللون اعتقادهم بان ارسال الحزب عناصره للقتال في سوريا الى جانب قوات نظام الرئيس الاسد المتحدر من الاقلية العلوية، يضر بصورة الحزب ويزيد من التوتر مع السنة في العالم العربي. ويقول العزي "فقد حزب الله الكثير من سمعته، ليس فقط في العالم العربي ولكن ايضا في لبنان. انتهى الزمن الذي تظهر فيه استطلاعات الرأي ان نصرالله هو الزعيم الاكثر شعبية في العالم العربي لمقاومته ضد اسرائيل"، وذلك في اشارة الى المرحلة التالية لحرب 2006. من جهته، يعتبر ماجد انه "حتى العام ،2011 كان حزب الله شديد الحرص على صورته في العالم العربي، الا انه منذ ادرك ان النظام السوري يواجه خطر السقوط، بدأ بالعمل وفق ذهنية ايرانية صرف". ويوضح ان "ما يشغله حاليا هو حصرا صورته في اوساط مجتمعه والا يتضعضع في المدى القصير. لكن الناس لا تدرك حتى اليوم الخطر الذي يضع الحزب لبنان فيه عبر تصعيد التوترات بين السنة والشيعة". وشكل الرد القاسي للرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري على خطاب نصرالله، جزءا من هذه التوترات المتصاعدة. وقال الحريري، وهو سني وابرز قادة المعارضة المناهضة لدمشق، متوجها لنصرالله "لا شك انك ابدعت في التحريض المذهبي والطائفي كما لم تبدع من قبل. لكن يبقى ان نقول لك ان زمن المتاجرة بفلسطين والمقاومة، زمن المتاجرة بالوحدة الوطنية قد انتهى". واضاف "اللبنانيون كما الشعوب العربية والإسلامية في كل مكان باتت تدرك ان أكذوبة المتاجرة بالشعارات باتت مكشوفة والزمن سيكشف المزيد من حبل الاكاذيب".