واكب تنظيم مؤتمرات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دائما، اهتمام كبير من طرف المغاربة عموما والمهتمين بالشأن الحزبي بالمغرب على وجه الخصوص، وهو ما كان يتجسد في مساحات واسعة من النقاش الذي يحتويه الفضاء العمومي، والذي كان ينصب على متابعة كل جزئيات عملية تحضير هذه المؤتمرات، وتحليل كل المواقف والأنشطة الحزبية التي كانت تتخللها، بدءاً من تشكيل اللجنة التحضيرية، ومرورا بمخرجات نقاشاتها التي تُدبج في مشاريع المقررات، ثم وصولا إلى أشغال هذه المؤتمرات، ومضامين بياناتها العامة. إن هذا الاهتمام الكبير بمؤتمرات الاتحاد الاشتراكي، سببه الوحيد هو قدرة الاتحاديين خلال كل محطة تنظيمية على إنتاج أفكار جديدة ، مرتبطة بأوضاع حزبهم وبلدهم، حيث شكلت كل مؤتمرات الحزب لحظات حقيقية ينكب فيها الاتحاديات والاتحاديون على تحيين أجوبتهم، بخصوص العديد من الأسئلة المطروحة عليهم، انطلاقا من فهم موضوعي لشروط الواقع الذي تنظم فيه مؤتمراتهم، مؤسِّسة بذلك لمنطلقات جديدة في حياة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وعملية التحضير للمؤتمر الحادي عشر، المزمع تنظيمه أواخر شهر يناير الجاري، لم تخرج عن هذه القاعدة، حيث احتلت الأوضاع المرتبطة بها ومنذ انطلاق أشغالها، أي منذ تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر، مركزا أساسيا بين المواضيع التي اهتم بها الرأي العام الوطني، لكن الملاحظ أنه وبالرغم من القضايا الأساسية التي تطرق إليها الاتحاديون، والتي تضمنتها مشاريع المقررات التي أنتجوها، -والتي سنعود إليها في القادم من الأيام- إلا أن هناك من حاول جاهدا الدفع في اتجاه اختزال النقاش حول التحضير لمؤتمر الاتحاد الاشتراكي في سؤال مدى احترام الاتحاديين لقوانينهم الداخلية المؤطرة لتدبير شؤون حزبهم، خصوصا ما تعلق منها بالتحضير للمؤتمر القادم. والأكيد أن كل مهتم بالظاهرة الحزبية المغربية، وكل مطلع على أدبيات وقوانين الاتحاد الاشتراكي، يعي جيدا أن مثل هذه الأسئلة، لا غاية منها غير تحريف النقاش الحقيقي، وغير التشويش على عملية التحضير للمؤتمر، ذلك أن كل مراحل عملية التحضير للمؤتمر جرت وفق الضوابط والأعراف الحزبية، حيث احترمت جميع مقتضيات النظام الأساسي للحزب المتعلقة بسير عملية التحضير، وهو ما دفع حراس القوانين الوهميين، الذين أثاروا بداية مسألة حق المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي في تغيير النظام الأساسي للحزب، وبعد أن تأكد لهم أن هذا المجلس لم يمارس إلا صلاحياته التي يضمنها له القانون الأساسي، واستمرارا في عملية توجيه الرأي العام من خلال خداعه، إلى فتح نقاش مضمونه شرعية المجلس الوطني ككل، وبالتالي مشروعية قراراته. عموما فإن المجلس الوطني الأخير للحزب، لم يعدّل إلا المقتضيات المرتبطة بعملية تنظيم المؤتمر القادم، في ظل هذه الظروف التي تعيشها بلادنا، والمرتبطة بتداعيات جائحة كورونا، وفي إطار الاحترام التام لمقتضيات النظام الأساسي للحزب، أما ما يتعلق بصلاحيات المؤتمر، وفي إطار الشفافية والوضوح التام، أي ما تم اختزاله بشكل فج في تعديل المادة التي تحدد مدة انتداب الكاتب الأول في الحزب، فالأمر غير هذا بتاتا، وهو ما حاول العديد من الاتحاديات والاتحاديون شرحه في مناسبات كثيرة، ردّا على مزاعم البعض، حيث أن كل ما في الأمر هو كون عملية التحضير للمؤتمر القادم، عرفت بروز توجه عام من داخل الحزب، و الذي تجسد داخل أشغال اللجنة التحضيرية، وانعكس على نقاشات ومخرجات المجلس الوطني، وهو التوجه الذي قرر رفع تعديل يخص مدة انتداب كل الأجهزة التنفيذية بالحزب إلى المؤتمر، ومضمون هذا التعديل هو رفع مدة انتدابها من ولايتين إلى ثلاثة، وغايته الأساسية هي ضمان استمرارية أداء وفعالية هذه الأجهزة، وهو في كل الأحوال أمر وحق يخص الاتحاديات والاتحاديين، ما داموا ملتزمين باحترام الضوابط الحزبية، المتعلقة بصلاحيات كل من مجلسهم الوطني ومؤتمرهم الوطني. هكذا، فإن عملية التحضير للمؤتمر الحادي عشر للحزب، تسري في ظل احترام تام للضوابط والأعراف والقوانين الحزبية، وهو ما تجسد بوضوح في الأجواء النضالية التي تستمر عليها هذه العملية، حيث ينخرط جميع الاتحاديات والاتحاديين في التحضير لمؤتمرهم، وكلهم أمل على جعله محطة لضمان استمرارية أدائهم النضالي.