إن اللجنة الإدارية الوطنية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المجتمعة في دورتها العادية يوم 27 دجنبر 2014 بالرباط، بعد استماعها إلى العرض الذي تقدم به الكاتب الأول باسم المكتب السياسي، والذي تناول فيه بالتحليل الوضع السياسي الراهن ومختلف المبادرات التي أقدم عليها الحزب لاسترجاع المبادرة السياسية في المجتمع، وأيضا لنتائج الدينامية التنظيمية التي أطلقتها القيادة الحزبية لإعادة بناء الأداة ولقيت تجاوبا حماسيا لدى القاعدة الحزبية، من خلال تجديد أزيد من 450 فرعا، و40 مؤتمرا إقليميا، وكذا المؤتمرات الوطنية لقطاعي الشبيبة والمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، والمؤتمرات الوطنية للعديد من القطاعات مثل الأساتذة الباحثين والمهندسين والصيادلة والتجار والمهنيين والصناع التقليديين والجماعات المحلية والفوسفاط والصناعة والتجارة وغيرها، والاستعدادات الجارية للانخراط في إعداد الشروط الضرورية لخوض غمار الاستحقاقات القادمة، بما يضمن استرجاع الحزب لموقعه الريادي في الحياة السياسية الوطنية، متوقفا بإسهاب عند بعض مظاهر التسيب والتشويش التي يمارسها بعض المحسوبين على الحزب منذ انتهاء المؤتمر الوطني التاسع، والتي تستعر حدتها كلما خطا الحزب بثبات نحو تحقيق الأهداف التي سطرها المؤتمر، محملا اللجنة الإدارية مسؤولية اتخاذ القرارات التي تفرضها مصلحة الحزب في هذا الصدد. وبعد تداول اللجنة الإدارية في الشق التنظيمي المطروح عليها البت فيه. 1 اعتبارا لما وقع عليه توافق المؤتمرات والمؤتمرين في المؤتمر الوطني التاسع للحزب، بمصادقتهم بالإجماع على المقرر التنظيمي الذي وضع المبادئ والمساطر اللازمة لتدبير حياته الداخلية، وضبط العلاقات بين أعضائه، حيث أكد في المبادئ المؤطرة للتنظيم الحزبي على أن الاتحاد الاشتراكي « باعتباره حزبا اشتراكيا ديمقراطيا حداثيا، مطالب بأن يعكس في فلسفته التنظيمية المبادئ الكونية المتعلقة بفصل السلط؛ وذلك بأن ينتقل إلى حزب مؤسسة، تحكمه قواعد ومساطر واضحة في تدبير السلطة الحزبية: حيث ينبغي أن تكون الأجهزة التنفيذية منسجمة، ذات وظائف ومهام واضحة، تقوم على التعاقد والمحاسبة، وعلى المسؤولية الفردية والجماعية. وتقابلها أجهزة للتقرير والمراقبة، تتوفر على الصلاحيات الضرورية والقوة التي تمكنها من ممارسة التقرير في القضايا التي تهم الحياة الحزبية وتدخل في اختصاصها، ومن ممارسة المراقبة والمحاسبة للأجهزة التنفيذية، بما يحول دون استئثار هذه الأخيرة بجميع السلط الحزبية..» كما تم إحداث لجنة وطنية للتحكيم والأخلاقيات أوكلت لها مهمة البت في الطعون وحماية أخلاقيات الحزب، ولجنة وطنية لمراقبة المالية والإدارة والممتلكات تتولى مراقبة مالية الحزب وإدارته وممتلكاته.. وهكذا أرسى المؤتمر في طليعة المبادئ المؤطرة للتنظيم الحزبي، مبدأ الحزب المؤسسة القائم على فصل وتوازن السلط بين مختلف الأجهزة التقريرية والتنفيذية والتحكيمية. 2 ولتجاوز الفراغات في الأنظمة والمساطر التي يستلزمها بناء الحزب المؤسسة، قرر المؤتمر أن «هذا البناء لن يكتمل إلا إذا تم تحصينه بتدقيق القواعد والمساطر التي يجب أن تحكم العلاقات بين مختلف الأجهزة والتنظيمات الحزبية مجاليا وقطاعيا، باعتبارها مؤسسات ذات وظائف ومهام محددة. مساطر تتيح لكل عضوة وعضو في الاتحاد، ولكل راغب في الالتحاق بالحزب، التعرف بشكل واضح على الحقوق والالتزامات الناتجة عن هذا الانتماء، وكيفية اكتساب العضوية في هياكله ومؤسساته، وكيفية الانتداب للمؤسسات والوظائف المرتبطة بنشاط الحزب في مؤسسات المجتمع ودواليب الدولة. إن وضوح وشفافية هذه المساطر سيمكن الحزب من التغلب على مظاهر الإقصاء والتجييش والتسيب التي تطبع بنيانه في محطاته التنظيمية واستحقاقاته الانتخابية». وهو ما انكبت عليه القيادة فعليا من خلال النظام الأساسي ومقتضيات النظام الداخلي التي قطعت أشواطا مهمة في تقنين ومأسسة العلاقات داخل المؤسسة الحزبية. 3 ولحماية وتحصين الديمقراطية الداخلية باعتبارها ركيزة أساسية في المشروع المجتمعي للحزب، وباعتبارها المبدأ الأسمى الذي رسخته تقاليد الحزب وأعرافه عبر تاريخه، وباعتبارها قناعة راسخة ومقدسة في وجدان جميع الاتحاديات والاتحاديين، حرص المقرر التنظيمي على تكريس سمو هذا المبدأ، معتبرا أن المشروعية الديمقراطية الناتجة عن إرادة القاعدة الحزبية تشكل القاعدة الأساسية والمرجعية التي يجب أن تحكم تدبير الحياة الداخلية للحزب، وتؤطر المنافسة بين أعضائه لتولي مختلف المسؤوليات، وهي صمام الأمان لحماية وحدته. ولتوضيح هذا الخيار أكد المقرر التنظيمي على «أن الديمقراطية ليست شعارا بل منهجا وسلوكا والتزاما: منهجا: من حيث يجب أن تخضع كل الاستحقاقات الحزبية لقاعدة الاقتراع السري أو العلني عند الاقتضاء، يمارس من طرف القاعدة الحزبية أو مؤسساتها المنتخبة على أساس لوائح للعضوية لا تحتمل المنازعة والتشكيك، مع توفير الضمانات الضرورية لحماية عمليات الاقتراع والفرز من كل ما يمكن أن ينال من نزاهتها، والاستعانة بالأساليب الحديثة التي يتيحها التطور التقني في هذا المجال. سلوكا: من حيث يجب أن يتشبع جميع المنخرطين بقيم التسامح، واحترام الرأي المخالف، وعدم المساس بحرمة وكرامة الآخر وحياته الشخصية، وبالتزام قواعد المروءة واللياقة في النقاش والتعبير عن الرأي. والتزاما: من حيث يتعين الانضباط الفردي والجماعي للقرار الحزبي المستوفي للمشروعية، واللجوء إلى مساطر الطعن أمام المؤسسات المخولة بذلك عند كل منازعة أو اعتراض، عوض اللجوء إلى الأساليب البدائية في التشهير والتمرد والتشويش .. وغيرها من الأساليب التي أساءت كثيرا إلى صورة الحزب وسمعته في المجتمع. 4 لقد قرر المؤتمر وضع الضوابط والمساطر اللازمة لبناء الحزب المؤسسة، استجابة لحاجة فرضها التقييم الموضوعي للاختلالات التي طبعت الحياة الحزبية في المراحل السابقة، من «حيث شيوع مظاهر التسيب وعدم الانضباط للقرارات الحزبية، وطغيان الحلقية والولاءات خارج الضوابط الحزبية»، وتحول «المسؤوليات الحزبية إلى مجرد ألقاب ونياشين يتم استعمالها لحجز المواقع بمناسبة الاستحقاقات الانتخابية» وغيرها. 5 شكل موضوع تدبير الاختلاف أحد المواضيع التي شغلت الاتحاديات والاتحاديين منذ التأسيس، حيث احتل حيزا هاما في النقاشات التحضيرية لأغلب المحطات الحزبية الوطنية، نخص منها مداولات الندوة الوطنية حول التنظيم، ومداولات لجنة تفعيل الأداة الحزبية خلال التحضير للمؤتمر الوطني التاسع، حيث انتهى النقاش إلى القواعد التي تم تسطيرها في المقرر التنظيمي بعد التوافق على استبعاد فكرة التيارات، واعتماد مبدأ انتخاب الكاتب الأول في دورتين من طرف المؤتمر، وتخويله حق اقتراح لائحة لعضوية المكتب السياسي على اللجنة الإدارية للتصويت، وهو المسار الذي انتهى إلى تشكيل الأجهزة المنبثقة عن المؤتمر. إن هذه الثوابت التي كانت محل إجماع المؤتمرات والمؤتمرين في المؤتمر الوطني التاسع، تلقي على عاتق الكاتب الأول والمكتب السياسي، واللجنة الإدارية الوطنية كأعلى جهاز تقريري في الحزب، مسؤولية تنفيذ مقررات المؤتمر، بالنظر للمخاطر التي تتهدد الحزب المؤسسة، وهو على مشارف استحقاقات انتخابية حاسمة في تاريخ الحزب والوطن، بعدما استطاع الحراك الشعبي ونضال حزبنا ومعه القوى الديمقراطية والتقدمية في المجتمع، تحقيق انتقال مؤسساتي عميق في أفق الملكية البرلمانية من خلال دستور 2011. واعتبارا لحملة التشهير الشرسة التي يتعرض لها حزبنا ومؤسساته ورموزه، والتي تجند فيها جرائد مكتوبة، ومواقع الكترونية، وجيش من المقنعين على صفحات التواصل الاجتماعي، لتنضاف لها مؤخرا قنوات الإعلام العمومي، والتي يدرك الاتحاد الاشتراكي جيدا الواقفين والممولين لهذه الحملة، التي تستهدف اجتثاث الاتحاد، بتسويق صورة مشوهة عنه باعتباره حزبا تنخره الصراعات، وفي أسوأ الأحوال لإضعافه حتى يبقى حزبا مكملا في ما يهيأ من خرائط. لقد جعلت هذه الحملة، مع شديد الأسف، مما يصدر عن بعض المحسوبين على الاتحاد من تصريحات، ومواقف، وممارسات، وقودا وحطبا يجعلها تستعر لتسفيه وتشويه المبادرات الوازنة والجريئة التي انخرط فيها الاتحاديات والاتحاديون لإعادة بناء حزبهم واسترجاع موقعه الرائد في الحياة السياسية الوطنية وفي المجتمع. وقد كانت الحملة البئيسة التي رافقت رحيل أخينا احمد الزايدي، خروجا عن مألوف المغاربة في مثل هذه الفواجع. وإذا كان الاتحاد الاشتراكي قد تحمل خلال سنتين من انتهاء اشغال مؤتمره الوطني التاسع، بكثير من الصبر والحكمة، ما يقوم به ثلة من المحسوبين عليه، والذين استغل صانعو الخرائط، وقوى الردة والنكوص، غضبهم لتحويله إلى ممارسات انشقاقية، تنظيميا وسياسيا، فإن التحديات التي يفرضها الإعداد للاستحقاقات القادمة، تفرض اليوم على الجميع، تحمل مسؤولياته أمام التاريخ، وأمام أرواح شهداء الحزب، وأمام الاتحاديات والاتحاديين وعموم الرأي العام. تأسيسا على هذه المبادئ والحيثيات، فإن اللجنة الإدارية الوطنية، وعيا بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها في حماية وحدة الحزب، وتمنيعه، وتأهيله لخوض معركة الاستحقاقات القادمة: أ- تنوه بالدينامية التنظيمية التي انخرط فيها الحزب قيادة وقاعدة، وهي الدينامية التي مكنت حزبنا من التواصل مع آلاف، إن لم يكن، ملايين المغاربة، في مختلف المواقع والمناطق على طول وعرض خريطة الوطن، كما في مواقع تواجد تنظيماتنا ببلدان المهجر. ب- تعلن أن وحدة الحزب مسؤولية أساسية ملقاة على جميع الاتحاديات والاتحاديين مهما اختلفت مواقعهم، وحدة تحكمها مبادئ الحزب وقوانينه، وتؤطرها قيمه الإنسانية التقدمية المناهضة للتمييز والكراهية والحقد، ويحصنها مشروعه المجتمعي الديمقراطي الاشتراكي الحداثي والتضامني. إن وحدة الحزب والحالة هذه، مسؤولية والتزام، تفرض على الجميع الانخراط الأخوي، الواعي والمسؤول، في مختلف المبادرات والديناميات التي تجعل حزبنا قادرا على إنجاز المهام التاريخية الملقاة على عاتقه في هذه الظرفية. وتبعا لذلك يعتبر كل اجتماع خارج المؤسسات والأجهزة التي يحددها النظام الاساسي والداخلي للحزب، وعدم الانضباط لقرارات الحزب الصادرة عن أجهزته الشرعية، سواء التنظيمية أو التمثيلية، ورفض الوفاء بالالتزامات الناتجة عن العضوية الحزبية، سواء في حضور اجتماعات الأجهزة، أو في أداء واجبات الاشتراك المترتبة عن العضوية وعن تولي مهام تمثيلية باسم الحزب بعد تلقي إنذار بذلك، وكل تصريح يمس بالحزب ومؤسساته، أو يناقض مواقفه المعلنة من طرف أجهزته المختصة؛ كل ذلك يعتبر تخليا عن الانتماء للحزب، يجعل صاحبه بحكم النظام الأساسي والداخلي فاقدا للعضوية الحزبية تلقائيا، يترتب عنه تعويضه في المهام والمسؤوليات التنظيمية التي يتحملها، وتجريده من عضوية المؤسسات التمثيلية التي انتخب فيها باسم الحزب. وتفوض المكتب السياسي تنفيذ هذه المقتضيات في ما يرجع لاختصاصه، وإحالة ما يستوجب الإحالة على الأجهزة المختصة. ه- تثمن اللجنة الإدارية قرار المكتب السياسي القاضي بتوقيف السيدين عبد العالي دومو وأحمد رضا الشامي، وتدعو المكتب السياسي إلى تحمل مسؤوليته في تعميم هذا الإجراء التأديبي في حق كل من خالف ضوابط وأنظمة الحزب. و- تعتبر أن المشروعية التي أفرزتها إرادة الاتحاديات والاتحاديين في مؤتمرهم الوطني التاسع، وكذا في مؤتمراته الإقليمية والقطاعية، وفي تنظيمات القرب، خطا أحمر، لا يمكن القبول بأي مساس بها، باعتبارها نتاجا ديمقراطيا للقاعدة الحزبية. ز- تؤكد أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مفتوح، ليس فقط في وجه جميع الاتحاديات والاتحاديين، بل وأمام جميع المواطنات والمواطنين المؤمنين بمشروعه المجتمعي الاشتراكي الديمقراطي التضامني، والملتزمين بالعمل في صفوفه وفقا لضوابطه التي يحددها نظامه الأساسي والداخلي. وأن حق الاختلاف حق مضمون ومصان داخل المؤسسات الحزبية، يمكن ممارسته بكل حرية ودون أية قيود، غير تلك التي تفرضها قوانينه ومقررات مؤتمره. ح- توصي المكتب السياسي بالتسريع في نقل ملكية كل ممتلكات الحزب في اسم الحزب، مع اللجوء إلى المساطر القانونية كلما اقتضى الأمر ذلك، حماية لهذه الممتلكات التي تعتبر ثمرة للتضحيات المادية للاتحاديات والاتحاديين عبر التاريخ لفائدة حزبهم. ط- كما تفوض المكتب السياسي الشروع فور انتهاء هذه الدورة في أجرأة قرار اللجنة الإدارية، بالمصادقة على مقترحات لجنة التواصل والإعلام المنبثقة عنها، بشأن إعادة هيكلة جريدتي الاتحاد الاشتراكي وليبراسيون، إداريا وقانونيا وسياسيا. ي- تدعو جميع الاتحاديات والاتحاديين إلى مواصلة العمل الجاد لاستكمال ورش إعادة البناء، وذلك بعقد ما تبقى من المؤتمرات الإقليمية خلال شهر يناير المقبل، حتى يمكن لتنظيماتنا المجالية والقطاعية الانخراط في إعداد الشروط الضرورية لكسب الاستحقاقات القادمة.