تم تعميم مشروع الأرضية التنظيمية التي عرضت على المجلس الوطني للمناقشة و التي ستعرض كذلك على المؤتمر لإجازتها بعد المناقشة، و هو المشروع الذي يطرح سؤالا جوهريا ارتباطا بالسياق الوطني و الاقليمي الذي سينعقد فيه المؤتمر الوطني التاسع للحزب، و هو سياق متسم بفورة عارمة للشباب العربي عامة و المغربي خاصة, الذي عمد الى الاعلان عن وجوده السياسي و الوطني من خلال سنة و نصف من الحراك الاجتماعي و السياسي عبر حركة 20 فبراير التي تعتبر في سياقنا الوطني الداخلي اعلانا عن عودة الشباب للممارسة السياسية و للتواجد في قلب المجتمع و اسئلته الحارقة، و هو السياق الذي يفرض علينا كحزب أن نطرح اسئلته من داخل منظومتنا التنظيمية التي ظلت لسنوات مغلقة في وجه الشباب الاتحادي قبل ان يتم اعادة فتحها تدريجيا مع المؤتمر الوطني السابع ثم الثامن من خلال تخصيص كوطا للشباب للتمثيل داخل أجهزته التقريرية « المجلس الوطني « ثم من خلال ما اقترحته الارضية من ضرورة تمثيله في «اللجنة الادارية الوطنية» التي عوضت الجهاز الوسيط الحالي و أصبحت تعتبر اعلى جهاز تقريري في الحزب بعد المؤتمر. بالعودة لمشروع الأرضية التنظيمية خصوصا في الفقرة المتعلقة «بالمبادئ الموجهة للتنظيم الحزبي» الذي يعتبر نظرا لمجموع العناصر التي ستصبح موجهة للعمل الحزبي قد سجلت بنوع من النقد الذكي و القوي لمسألة التدبير الديموقراطي للكوطا للحزب، من خلال انتقادها للنتائج التي ادى اليها إعمال هذا المبدأ الذي حسب المشروع « عوض أن يؤدي الغايات المتوخاة منه في توسيع قاعدة الحزب من النساء و الشباب تحول الى نوع من الريع الحزبي يتم احتكاره و الحيلولة دون التوسع المنشود خوفا من المنافسة، مما يقتضي تحصين هذا المبدأ النبيل» و ذلك من خلال تقييد الاستفادة من الكوطا في « ولايتين متتاليتين في نفس الجهاز» و أن يقتصر على» ولاية واحدة في المهام التمثيلية». هذا المخرج الذي وضعته الورقة يجعل من إمكانية الاستمرار في الوضع الحالي المتسم بنوع من « الريع» من خلال احتكار التواجد التنظيمي في الأجهزة الحزبية، و تفادي أية إمكانية للمنافسة الديموقراطية مستحيل من خلال ما أقرته اللجنة من إجراءات تنظيمية صارمة تحد من الظواهر السلبية التي صاحبت إعمال الكوطا، و هو الوضع « الحالي» الذي حول جزءا من الشباب الاتحادي الذي كان مفترضا فيه أن يكون أداة لتحديث الحزب الى شباب محافظ مدافع عن مصالحه التنظيمية,و ذلك بجعل الاستفادة من الكوطا منحصر في نفسه لا غير و هو الى جانب أسباب أخرى ما عجل بتجميد عمل الشبيبة الاتحادية, لأن أي حراك تنظيمي لهذا القطاع كان سيعني استقطاب شباب جديد وبالتالي منافسين محتملين. و إذا كان هذا الوضع متفق على تحليله و على المخرج الذي وضعته الورقة التنظيمية لتجاوز كل ما من شأنه أن يساهم في إغلاق الحزب في وجه الشباب خصوصا والنساء كذلك، فانه يطرح سؤالا ملحا و نحن متجهون للمؤتمر الوطني التاسع، و مع تغيير الهرم الديموغرافي داخل الحزب من خلال اتساع قاعدة الشباب في صفوف الاتحاد الاشتراكي، و الدور الفعال و الايجابي الذي كان لشباب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الحراك الذي عرفه المغرب من خلال ما أصبح يطلق عليه اعلاميا ب»اتحاديو 20 فبراير»، و هم الشباب الذين تجاوزوا ازمة الشبيبة الاتحادية كتنظيم و أداة و استطاعوا تثبيت تواجدهم في الشارع و في الحركة دون غطاء تنظيمي شبابي لهم ، فإن ذلك يطرح سؤالا جوهريا، و هو السؤال المتعلق باستمرار «اغلاق» امكانية ولوج المكتب السياسي في وجه شباب الحزب، فهل يمكن تصور أن يتواجد الشباب بمختلف الاجهزة الحزبية محليا، اقليميا، جهويا، و وطنيا من خلال اللجنة الادارية و أن يتم حرمانه من التواجد و الاستفادة الايجابية كالنساء من كوطا وفق نفس المعايير التي وضعتها و حددتها لجنة تفعيل الأداة الحزبية داخل المكتب السياسي؟ و هي معايير التناوب و التداول، لماذا مازال هناك تعامل مع جهاز المكتب السياسي كأنه جهاز «استثنائي» داخل الحزب مع العلم انه و أمام التوجه الذي انطلق في الاتحاد الاشتراكي منذ المؤتمر الوطني السادس الى الآن أصبح هذا الجهاز كغيره من الأجهزة الحزبية ، يجب أن يكون مفتوحا وفق نفس معايير التنافس الديموقراطي التي تعرفها مختلف الأجهزة الحزبية، لا يتصور أن يتواجد الشباب في أجهزة تقريرية تحدد مصير الحزب و تضع استراتيجيته السياسية و التنظيمية المستقبلية و يحرم من تواجد هذا الشباب على غرار النساء الاتحاديات من التمثيلية داخل المكتب السياسي. فإذا كنا أمام المسطرة التي وضعتها اللجنة من خلال مشروع المقرر التنظيمي قد زكت حزب المؤسسة تجعل من منصب الكاتب الأول منصبا قويا امام جهاز اللجنة الإدارية من خلال نوع من توازن السلط و المهام بين الجهازين ، فإن تواجد الشباب ضمن اللائحة التي يجب ان يقترحها الكاتب الاول للمصادقة عليها من طرف اللجن الادارية في أول اجتماع لها، تجعل من هذا الجهاز جهازا أقوى يراعي تمثيل مختلف الاجيال و الأعمار داخل الحزب و يقطع مع فكرة « احتكار» جهاز المكتب السياسي لدى جهة معينة، و ينهي كذلك و هذا هو الأهم من « غول» اسمه المكتب السياسي لأن الذي سيحاسب هو الكاتب الأول الذي قدم فريق عمله وفق البرنامج الانتخابي التعاقدي الذي سيتقدم به للمناضلين. ان الاتحاد الاشتراكي الذي كان سباقا في المغرب من حيث فتح تنظيمه في وجه الشباب من خلال مبدأ الكوطا الذي أصبح يتبناه الى جانب النساء لتمثيل هذه الفئة « الشباب» داخل جميع أجهزته التقريرية، يجب ان يسجل له التاريخ السياسي و الحزبي بالمغرب السبق في تشجيع الشباب على الانخراط في العمل الحزبي من خلال فتح المجال أمامه للتواجد بجميع اجهزته بما فيها جهاز المكتب السياسي الذي أصبح له دور تنظيمي أقل باعتباره يشكل فريق العمل الذي سينفذ برنامج الكاتب الأول المنتخب و لا يعقل ألا يتواجد ضمن هذا الفريق شباب الحزب.