يناقش مجلس الامن المقترح الامريكي الساعي لتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل وضعية حقوق الانسان بالصحراء المغربية وتندوف، وربما هي مناسبة للحكومة المغربية لاثارة وضعية المدنيين المحتجزين بتندوف والتي تتوفر اركان الجريمة ضد الانسانية وتستدعي تحريك اليات المتابعة الجنائية الدولية لانتهاكها لمقتضيات القانون الدولي الانساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة. I - المرجعية القانونية المتعلقة بحماية المدنيين المحتجزين في مخيمات تندوف ان اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تمثل حجر الزاوية لضمان حماية المدنيين المحتجزين بمخيمات تندوف من جرائم البوليساريو، وذلك بتحريم الاعتداء على المدنيين أو مهاجمة أو تدمير المنشآت الضرورية لحياة المدنيين . فالباب الثاني والباب الثالث من الاتفاقية الرابعة لجنيف يشكلان مرجعية اساسية للقانون الدولي الانساني تفرض على البوليساريو كطرف في النزاع على الصحراء المغربية ضمان السلامة الجسدية والأمنية للمدنيين المحتجزين بتندوف وحمايتهم من جميع أساليب القتل والترهيب و التخويف والأعمال الانتقامية، كما ان البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 يقضي بأن توفر البوليساريو مواد الإغاثة والأدوية والمواد الأساسية الضرورية للبقاء على قيد الحياة للسكان المدنيين المتواجدين في مخيمات بتندوف. هذا في حين أن العديد من التقارير الدولية تؤكد على ان البوليساريو تفرض حصارا على المدنيين وتحجزهم في معتقلات بالمخيمات بهدف منعهم من التنقل و مغادرة اماكن الاحتجاز وتمنع عنهم ابسط المستلزمات الضرورية مما يؤدي الى ارتفاع معدل الوفيات في صفوف الأطفال والنساء و تجويع المدنيين في تندوف، وهو ما يؤكد بما لا يدعو إلى الشك أن هناك سياسة ممنهجة من طرف البوليساريو تندرج في اطار الاعمال الانتقامية) (les représailles تروم ارتكاب انتهاكات جسيمة في حق المدنيين بتندوف بالرغم من ان مقتضيات القانون الدولي الانساني تلزم البوليساريو باتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين بإنشاء مناطق وأماكن آمنة تأوي النساء والأطفال والعجزة وتأمين المواد الغذائية ومواد الإغاثة الضرورية لصحة المدنيين والحوامل والأطفال، وهو ما يثير المسؤولية الجنائية الفردية للمسئولين في جبهة البوليساريو. وما دمنا نتحدث عن مبدأ تأمين نقل مواد الإغاثة والمواد الضرورية للمدنيين المحتجزين بتندوف، فالعديد من التقارير تؤكد ايضا عدم وصول مواد الاغاثة للمدنيين بالمخيمات ، كما ان العديد من المرضى خضعوا للتحقيقات الأمنية في المستشفيات الجزائرية وكان السؤال الأبرز للمستوجبين حسب شهادات المرضى حول ماهي الدواعي والاسباب التي تدفع الى مغادرة مخيمات تندوف. إن منع وصول مواد الإغاثة الإنسانية والدواء للمدنيين المحتجزين في مخيمات تندوف يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني، فالمادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977 تمنع تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب وتمنع حرمان وصول المواد الضرورية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة مثل المواد الغذائية والأدوية ومواد الإغاثة الأولية. 2- المتابعة الجنائية للانتهاكات الجسيمة المرتكب من طرف البوليساريو في حق المدنيين المحتجزين بتندوف يشمل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية من حيث الموضوع وفقا لنص (المادة5) الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها قادة البوليساريو في حق المدنيين المحتجزين بمخيمات تندوف و هي: الجرائم ضد الإنسانية: التي تشمل مجموعة من الأعمال المرتكبة في إطار سياسة ممنهجة وواسعة النطاق تهدف احتجازالسكان المدنيين بالمخيمات وفرض حصار عليهم يمنع عنهم مواد الاغاثة و استعمال اسلوب التجويع في اطار الاعمال الانتقامية les représailles. جرائم الحرب: وتشمل جرائم الحرب وفقا لأحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية: الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وتشمل الأفعال التي ارتكبتها البوليساريو حسب العديد من الشهادات والتقارير الدولية و التي ادت الى قتل و تعذيب و احتجاز تعسفي و اختطاف و محاكمات خارج القانون و الترحيل القسري لاسباب عسكرية في حق المدنيين بتندوف و عدم انشاء اماكن امنة لحماية المرضى والمسنين و الاطفال والنساء و عدم تسهيل مهمة اللجنة الدولية للصليب الاحمر لتامين البعثات الصحية وزيارة المعتقلين والمحتجزين وتامين مرور المواد الغذائية و الادوية. الانتهاكات الجسيمة المرتكبة من طرف البوليساريو ضد الاسرى المغاربة الذين يعتبرهم القانون الدولي الانساني في الاتفاقية الثالثة فئة تستدعي الحماية من جميع اشكال المعاملة المهينة والحاطة من الكرامة واحترام شرفهم ومعتقداتهم وشعائرهم الدينية و اعادتهم الى وطنهم بعد وقف اطلاق النار. ان الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني المرتكبة من طرف قيادة البوليساريو في حق اسرى الحرب المغاربة و المدنيين المحتجزين في مخيمات تندوف و التي تتجسد في القتل والتعذيب بشتى صوره بدنيا او عقليا و العقوبات الجماعية والتشويه واخذ الرهائن تتوفر فيها اركان الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب، تستدعي تحريك اليات المتابعة الجنائية ضد المسؤولين في جبهة البوليساريو. والعديد من شهادات الضحايا تؤكد على فصول ماساوية من التعذيب والانتهاكات الجسيمة في سجن الرشيد الذي يضم طبقات تحت الارض بمثابة قبور للاسرى والمدنيين المعتقلين والتي كانت تصفهم البوليساريو بكليبات الفولة والذين تم استغلالهم في البناء والطبخ والعديد منهم ما زال يحمل اثار التعذيب الجسدي و النفسي بفقدان الذاكرة و الاعاقة الذهنية و الجسدية . وقد توصلت المنظمة المغربية لحقوق الانسان بشكايات متعددة من ضحايا مخيمات تندوف ومنهم عائلة المعتقل احمد بلوح حمو الذي كان قد دخل في اضراب عن الطعام في سجن تسعة يونيو بتندوف بسبب تعرضه هو ومجموعة من المعتقلين الاخرين كاحمد سالم الشيباني حمو ومحمد السالك ولد كية واحمد خليل لجميع اشكال التعذيب الجسدي والنفسي وتقديمهم للمحاكمة العسكرية نتيجة التنديد بتحويل المساعدات الانسانية لفائدة بعض قادة البوليساريو. 3 - تحريك الدعوى الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بجرائم البوليساريو في الحقيقة، وبناء على ما سبق، ان مسألة تحريك الدعوى الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة للإنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني المرتكبة بأمر وعلم من طرف المسئولين السياسيين و العسكريين في قيادة البوليساريو ممكنة بواسطة ثلاثة اليات منصوص عليها في مقتضيات اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية: تحريك الدعوى الجنائية من طرف إحدى الدول الأطراف المصادقة على اتفاقية روما بإحالة قضية الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني المرتكبة في تندوف أمام المدعي العام وفق المادة 14. وهذه الالية متاحة للمنظمات الدولية لحقوق الانسان الموجود مقرها بدول الاتحاد الأوروبي برفع دعوى جنائية امام المحكمة الجنائية الدولية بواسطة احدى الدول الاوروبية المصادقة. والجمعيات الحقوقية المغربية التي تربطها علاقات وثيقة بهذه المنظمات الدولية لحقوق الانسان مدعوة للجوء الى هذه الالية من اجل الدفع بتحريك الدعوى الجنائية ضد قادة البوليساريو. تحريك الدعوى الجنائية من طرف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ، إذا قام من تلقاء نفسه في التحقيق في جرائم البوليساريو المرتكبة في تندوف. إحالة مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة قضية ارتكاب الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني في حق المدنيين المحتجزين في تندوف إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. فالإرادة السياسية للمجتمع الدولي يعتبر عنصرا أساسيا لقياس مدى استعداد مجلس الأمن أو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لتحريك آليات المتابعة الجنائية في حق المسئولين السياسيين والعسكريين للبوليساريو الذين أمروا بارتكاب الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي استهدفت المدنيين المحتجزين والاسرى في مخيمات تندوف، خصوصا وأن اتفاقية المحكمة لا تأخذ بالاعتداد بالصفة الرسمية التي لا تعفي من المسؤولية الجنائية، كما أنها لاتشكل في حد ذاتها، سببا لتخفيف العقوبة و تحدد المسؤولية الجنائية الفردية لكل شخص ارتكب الجرائم التي تدخل نطاق اختصاص المحكمة، سواء امر أو حرض أو قدم المساعدة أو ساهم بأي شكل في ارتكاب الجرائم ضد الانسانية و جرائم الحرب. كما يمكن للمحاكم الوطنية للدول الاطراف في اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية و التي تاخذ بمبدا الاختصاص الوطني الشامل ومنها طبعا المحاكم الاوروبية في اسبانيا وفرنسا و بلجيكا وبريطانيا وغيرها محاكمة قادة البوليساريو بسبب ارتكابهم للجرائم ضد الانسانية و جرائم الحرب المنصوص عليها في (المادة5) من النظام الأساسي لاتفاقية المحكمة الجنائية، خصوصا وان المادة الاولى من الاتفاقية تعطي الاولوية للمحاكم الوطنية للمتابعة الجنائية في هذه الجرائم ولا ينتقل الاختصاص الى المحكمة الجنائية الدولية الا في حالتي عدم وجود ارادة سياسية للمتابعة او فشل النظام القضائي الوطني . ومن تم فالمحاكم الاوروبية مؤهلة للبث في قضية الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانساني بمخيمات تندوف ولكن على شرط وضع ضحايا هذه الانتهاكات او المنظمات حقوق الانسان للشكاوى. مع العلم ان العديد من التشريعات الاوروبية ادمجت تعريف الجريمة المرتكبة ضد الإنسانية وجريمة الحرب في القانون الجنائي وتحديد العقوبات التي تطبق على الأشخاص الذين ارتكبوا الجرائم الدولية أو أعطوا أو أمروا بارتكابها مهما كانت صفتهم الرسمية وإحالتهم على المحاكم الوطنية لضمان عدم إفلاتهم من العقاب وفق القاعدة الفقهية "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص". 3- المسؤولية القانونية للجزائر وواجب حماية المدنيين المحتجزين بتندوف إن مقتضيات القانون الإنساني المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبرتكولان الإضافيان لعام 1977 تتضمن عدة مقتضيات تتعلق بإثارة المسؤولية القانونية للجزائر فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني المرتكبة في حق المدنيين المحتجزين بتندوف . إن المادة الأولى المشتركة تؤكد بأن الدول الأطراف ومنها الجزائر طبعا تتحمل مسؤولية الالتزام بتفعيل وإعمال الوسائل القانونية والتدابير اللازمة لقمع انتهاكات القانون الدولي الإنساني ومعاقبة مقترفي الجرائم الدولية فوق اراضيها. ويخصص القانون الدولي الإنساني جزاء مهما من أحكامه لاتخاذ تدابير وقائية و قمع الانتهاكات الجسيمة المرتكبة فوق اراضي الدول الاطراف. وبناء على ذلك فالجزائر تتحمل مسؤولية تطبيق "قاعدة محاكمة المجرم أو تسليمه". ففي قضية ارتكاب البوليساريو للانتهاكات الجسيمة في حق الاسرى و المدنيين المحتجزين بتندوف ان مسؤولية الدولة الجزائرية قائمة بموجب القانون الدولي الانساني الذي يلزم الدول الاطراف أن تحيل المتهمين بارتكاب جرائم ضد الانسانية و جرائم الحرب فوق اراضيها الى محاكم وطنية أو تسليمهم إلى طرف متعاقد لمحاكمتهم إذا توفر على أدلة اتهام كافية لإدانتهم. فالمادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة تلزم الدولة الجزائرية بملاحقة المتهمين وتقديمهم إلى المحاكمة. فهذه القاعدة لا ترتبط بسيادة الدول حيث يمكن لهذه الأخيرة التنازل عنها في علاقاتها المتبادلة و إنما ترتبط بحقوق أشخاص وأفراد محميين. وتأكد الطابع المطلق لنظام الالتزام بمنع ارتكاب الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الانسلني أيضا في (المادة 25) من اتفاقية جنيف الأولى و(المادة 82) من اتفاقية جنيف الثانية، وقد كانت (المادة 148) من الاتفاقية الرابعة صريحة بشأن التزام الدولة حيث نصت على: "أنه لا يجوز لأي طرف متعاقد أن يتحلل من التزاماته أو يحل طرفا متعاقدا آخر من المسؤوليات التي تقع عليه، أو على طرف متعاقد آخر فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة المشار إليها في (المادة147)، ومنها القتل العمد، التعذيب، المعاملات غير الإنسانية والتجارب البيولوجية، إحداث الآم فظيعة عن قصد والمس الخطير بالسلامة الجسدية والصحة، الاختطاف، النقل القسري، الاعتقال التعسفي أو غير المشروع، أخذ الرهان..."وهي كلها متوفرة في الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها البوليساريو في تندوف في حق الاسرى و المدنيين المحتجزين. فالدولة الجزائرية مسؤولة قانونيا اولا عن ضمان وضع قواعد القانون الإنساني موضع التطبيق والمتعلقة بحماية المدنيين المحتجزين في تندوف و ثانيا باتخاذ جميع التدابير الوقائية اللازمة لمنع ارتكاب الجرائم ضد الانسانية في حق هذه الفئة المحمية بموجب الاتفاقية الرابعة و ثالثا بمحاكمة او تسليم في اطار التعاون القضائي كل شخص وردت معلومات تثبت تورطه في ارتكاب جرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية في حق المدنيين المحتجزين بتندوف . وفي هذا الشان فالعديد من التقارير والشهادات لافراد من الجيش الجزائري مثل الضابط السابق والصحفي انور مالك والعديد من ضحايا جحيم معتقلات تندوف قدمت بمناسبة الندوة الدولية المنعقدة في اسا في ابريل الماضي حول انتهاكات حقوق الانسان في مخيمات تندوف تؤكد على المسؤولية المشتركة للجزائر و البوليساريو في ارتكاب التعذيب في حق معتقلين مغاربة و موريطانيين واجانب اضافة الى انتهاك الاعراض و المتاجرة بالاطفال في مخيمات تندوف. وتجب الاشارة في الاخير الى ان مجموعة من الجمعيات الصحراوية وجهت في مارس2010 رسالة الى الامين العام للامم المتحدة تحمل المسؤولية للجزائر و البوليساريو بشان الاوضاع غير الانسانية للنساء في مخيمات تندوف تطالب من خلالها بتشكيل لجنة تحقيق دولية حول ملابسات الحصارالمضروب على المدنيين والحرمان من الحق في التعبير والحق في التنقل وحق العودة الى الوطن الام وضرورة الكشف عن مصير العشرات من المختطفين والمفقودين. ان اختطاف المسؤول الصحراوي مصطفى سلمى ولد سيدي مولود اثناء عودته الى مخيمات تندوف من طرف مليشيات البوليساريو داخل مناطق عازلة بالمهيريز يشكل انتهاكا جسيما للعديد من مقتضيات القانون الدولي. اولا ان البوليساريو توغلت داخل مناطق عازلة تحت سيطرة الاممالمتحدة من اجل تنفيذ عملية اختطاف مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، وسلمته للامن العسكري الجزائري بعد اقتياده من المهيريز حسب شهادة ابن خاله الذي كان معه اثناء تعرضه للاختطاف، وهو ما يتنافى مع اتفاقية وقف اطلاق النار الموقعة في عام1991 ويعيق التدابير التي تقوم بها هيئة الاممالمتحدة في سبيل الحفاظ على السلم والامن الدوليين، خصوصا وان المغرب سلم للبعثة الاممية هذه المنطقة لتكون عازلة في اطار اتفاقية وقف اطلاق النار. ثانيا ان عملية الاختطاف التي نفذتها البوليساريو والمخابرات الجزائرية تتوفر فيها اركان جريمة الاحتجاز التعسفي التي اعتبرها القانون الدولي انتهاك جسيم للمعايير الدولية لحقوق الانسان المتعلقة بالحق في الحياة والحرية والسلامة الجسدية وهو ما يستدعي تحريك اليات المساءلة و المتابعة الجنائية في حق المسؤولين في قيادة البوليساريو والعمل على عدم افلاتهم من العقاب. ان المعايير الدولية لتجريم الاحتجاز والمعروفة بقواعد طوكيو التي تم اقرارها بقرار الجمعية العامة رقم 11045 تعتبر ان الاحتجاز يشكل انتهاكا لحقوق الانسان وان مسؤولية امن وسلامة المحتجزين تقع على عاتق الجهة التي تحتجزهم، ولذلك فمسؤولية البوليساريو والجزائر قائمة من اجل السماح بمراقبة اوضاع احتجاز المعتقل مصطفى ولد سيدي مولود من طرف هيئات مستقلة التي تعتبر جزءا لا يتجزا من منظومة حماية الاشخاص المحرومين من حريتهم. ان تبرير عملية اختطاف مصطفى ولد سيدي مولود تحت ذريعة اتهامه بالتجسس والخيانة تؤكد بما لا يدعو الى الشك ان جبهة البوليساريو هي جهاز بوليسي واستخباراتي قائم على انكار الحريات العامة والحق في التعبير. فاعتقال المسؤول الصحراوي مصطفى سلمى ولد سيدي مولود يندرج في اطار الاعمال الانتقامية، فكما تتبع الراي العام الدولي انه عبر عن مواقفه السياسية و وجهة نظره بحرية وبشكل علني وبصوت مرفوع بصفته اولا مقيم بمخيمات تندوف منذ 31سنة وثانيا لانه يشغل حتى لحظة اعتقاله وظيفة مفتش عام للشرطة المدنية المكلفة بحفظ الامن في المخيمات ، وهو ما يخوله بدرجة مباشرة نقل الموقف السياسي للمدنيين المحتجزين بتندوف من خلال تبنيه للاقتراح المغربي في الحكم الذاتي لحل قضية الصحراء المعروضة امام هيئة الاممالمتحدة. وهو ما شكل ضربة موجعة للاطروحة الانفصالية و تصدعا قويا في بنيان البوليساريو مما ازعج قيادتها التي تتاجر بالوضعية غير الانسانية للمدنيين المحتجزين بتندوف وبحق الشعب في تقرير المصير كورقة ابتزاز للحصول على المساعدة الانسانية من طرف المجتمع الدولي، وابانت على ايمان اتجاه داخل مكونات البوليساريو ذاتها بمشروعية الاقتراح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي في اطار السيادة المغربية .وهذا ما يفسر لماذا هددت قيادة البوليساريو مصطفى ولد سيدي مولود باعتقاله وتعريض حياته للخطر في حالة التفكير في العودة الى تندوف لحثه على البقاء عن المخيمات، ولكن بعدما قرر المسؤول الصحراوي العودة الى اسرته وممارسة حقه في التجمع العائلي مع زوجته وابنائه الخمس نفذت مليشيات البوليساريو بالفعل عملية الاختطاف تحت اشراف المخابرات العسكرية الجزائرية . ويمكن استنتاج مجموعة من الملاحظات بشان ردود الفعل المتعلقة بادانة الاختطاف والاحتجاز وكذلك التعبير عن التعاطف والخوف على مصير المسؤول الصحراوي، اولا اصدار بيان ادانة من الاممية الديموقراطية لاحزاب الوسط لدى مجلس حقوق الانسان بجنيف، مطالبة الجزائرعلى تحمل مسؤوليتها المتعلقة بضمان الحق في الحياة والسلامة الجسدية للمعتقل مصطفى ولد سيدي مولود، وتحث البوليساريو على الافراج الفوري وغير المشروط لهذا المسؤول الصحراوي واحترام حقوق الانسان والحريات المتعلقة بالتعبير والتنقل. من جانب ثاني اجماع المنظمات الحقوقية الدولية على ادانة عدم قانونية الاختطاف والاحتجاز التي يتعرض اليهما المسؤول الصحراوي بعد قرار عودته الى تندوف. حيث طالبت المنظمة الدولية هيومن رايتس ووتش في بيانها البوليساريو والجزائر بالافراج الفوري عن مصطفى ولد سيدي مولود ، الذي عبر عن تشبته وتاييده للمقترح المغربي للحكم الذاتي حتى بعد عودته الى مخيمات تندوف. كما عبرت منظمة العفو الدولية عن قلقها بشان مصير مصطفى ولد سيدي مولود، داعية في بيانها البوليساريو الى تقديم توضيحات حول وضعه القانوني ومكان احتجازه، ومطالبة بعدم تعرضه للانتقام بسبب دعمه العلني للمقترح المغربي للحكم الذاتي، كما اعتبر بيان هذه المنظمة الجزائر مسؤولة كبلد يؤوي المخيمات بضمان واحترام حق مصطفى ولد سيدي مولود في التعبير. استاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش