قالت حركة "معا" إن الحكومة تمارس مهامها بعد انتخابات تشريعية ومحلية استثنائية، مكنت أحزاب الأغلبية من السيطرة على كل المجالس التمثيلية ابتداء من مجلس النواب، ووصولا إلى مجالس الجماعات المحلية، غير أن هذا لا ينفي ملاحظتها السلبية حول الانتخابات الأخيرة باعتبارها مرتعا خصبا لاستعمال المال، وتجسيدا في كل المستويات لتزاوج المال والسلطة، وعدم قدرة الأحزاب المعارضة على إنجاز أدوارها بالشكل المطلوب. وأشارت الحركة في قراءة قدمتها حول قانون مالية 2022، أنه من بوادر الممارسة السياسية داخل المجالس المنتخبة، يمكن ملاحظة ضعف مستوى المساءلة السياسية وهيمنة الخطاب التقريري للوزراء وفرق الأغلبية، مما يؤشر على وضع سياسي غير صحي يروج لخطاب أحادي الجانب ويترك هامشا صغيرا للمعارضة داخل المؤسسات وينقلها خارجها. وأوضحت أنها رصدت مجموعة من الملاحظات بخصوص قانون المالية 2022 تحمل إحداها طابعا إيجابيا بالنظر للميزانية المرصودة للاستثمار العمومي، مما يؤشر إلى انتهاج سياسة مالية توسعية خالفت الدعوات إلى انتهاج سياسة تقشفية. ولفتت إلى أن ثاني الملاحظات الإيجابية تتعلق بفتح ورش التغطية الاجتماعية المعممة خلال السنة القادمة في أفق استكمال البرنامج المرحلي سنة 2025، و الرفع من ميزانيتي قطاعي التعليم والصحة ب 9 ملايير درهم برسم السنة المقبلة. نسبة النمو وتساءلت الحركة في ذات الوقت عن الجدوى الاقتصادية للقانون، وتأثيرها على مستوى النمو الاقتصادي، بل عن إمكانية تنزيلها مع مستوى نمو متوقع يصل إلى 3.2% والذي بالكاد سيعيد الاقتصاد الوطني إلى مستوى سنة 2019 ما قبل الجائحة. واستغربت الحركة من نسبة النمو التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها، أخذا بالاعتبار البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة للأغلبية التي تحدثت عن نمو مستديم وقوي، وعن شروط الإقلاع الاقتصادي التي رهنها تقرير النموذج التنموي الجديد بنمو يصل 6%، وتخطي فخ النمو المتوسط الذي يكبل الاقتصاد الوطني والذي لم يتجاوز معدل 3.5% خلال العشرية الأخيرة. وأبرزت الحركة أن هذا ينطوي على إشكال بنيوي للاقتصاد المغربي والمرتبط بمستويات الاستثمار والنمو المترتب عنه، حيث يتعدى معدل الاستثمار بالنسبة للناتج الداخلي الخام 30%، بنسب نمو متوسط لا تتعدى 3.5% ، بينما تأثيره في بلدان أخرى صاعدة كتركيا والفيتنام والتايلاند وماليزيا يتعدى 5.5% إلى 6% كنسب نمو سنوية، رغم أن معدلات الاستثمار فيها لا تتعدى 25%. الاستثمارات وسجلت الحركة أن الجهد الاستثماري مركز في القطاع العام بنسبة تتعدى 60%، مع يصاحب ذلك من إشكالات مرتبطة بالأثر الاقتصادي وتوفير بيئة مساعدة على استشراء الفساد، وصعوبة آليات المراقبة وعدم تنزيل المشاريع (نسبة إنجاز ميزانية الاستثمار العمومي لا تتعدى 75%)، و هذه النسبة (60%) تبقى جد مرتفعة بالمقارنة مع معدل 15% المسجل في الدول السابق ذكرها. وأشارت أن قانون المالية يبتغي خلق 125 ألف منصب شغل خلال السنة القادمة، وهو رقم يطرح تساؤلين مهمين: كيف يمكن خلق هذا الرقم بنسبة النمو المعلنة أي أن كل نقطة نمو تخلق أزيد من 39 ألف منصب شغل، علما أن المعدل الحالي لا يتعدى 25 ألف منصب شغل لكل نقطة نمو؟. وتساءلت الحركة كيف يمكن تحقيق رقم مليون منصب شغل الذي أعلن عنه في البرنامج الحكومي خلال 5 سنوات أي بمعدل 200 ألف منصب، الذي يفوق الرقم المعلن عنه ب 75 ألف منصب، وذلك رغم الجهد الاستثماري الاستثنائي غير المسبوق خلال هذه السنة. وأضافت أنه إلى جانب الأرقام المعلنة، تستمر الحكومة في سياسية التوظيف الجهوي دونما تأطير قانوني مناسب بخلق 17 ألف منصب في قطاع التعليم يتم تمويلها من نفقات المعدات، مما يتناقض مع البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، ويؤجل الحسم في ملف يتخذ شكل كرة ثلج تتضخم في قطاع حيوي يخوض رهان الإصلاح بتنزيل مضامين القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين. الإجراءات الضريبية وأوضحت الحركة أن القانون نص على إجراءات ضريبية جديدة سترفع مستوى المداخيل الضريبية من 201 مليار درهم برسم 2021 إلى 231 مليار درهم برسم سنة 2022 تمثل الضرائب غير المباشرة نسبة 42.8%. وأكدت أن هذا المؤشر غير سليم لتقييم مبدأ العدالة الضريبية، فقد نص القانون على إجراءات تثير الكثير من التساؤلات حول جدواها الاقتصادية وتأثيرها على نسبة تغطية المداخيل الضريبية للمصاريف العامة التي لا تتعدى 65%، من قبيل فرض ضريبة الاستهلاك الداخلية على التجهيزات المنزلية من فئة استهلاك الطاقة باء B فما تحت، والتي لا نعلم حجمها السنوي ولا قيمة المبيعات المرتبطة بها، علما أن هذه النوعية من الأدوات المنزلية تستهدف الطبقة الاجتماعية الهشة والفقيرة لانخفاض أثمنتها. وبخصوص الضريبة على الشركات، سجلت الحركة تخلي الحكومة عن قرار التضريب التصاعدي لصالح التضريب التناسبي، معتبرة أن هذا القرار مجحف ويشجع على التهرب الضريبي، ويكبح تطور بنية الشركات من مقاولات متوسطة الحجم إلى مقاولات كبرى. ولفتت إلى أنه في المقابل، لا نجد في نص المشروع إجراءات فعالة لتوسيع قاعدة الخاضعين للضريبة على الدخل في أفق إدماج القطاع غير المهيكل. القطاع الخاص وأكدت الحركة افتقار قانون مالية 2022 إلى إجراءات تحفيزية لمواجهة المشاكل الهيكلية لقطاع الأعمال والاستثمار الخصوصي، مشيرة أن أحد أكبر المعيقات للقطاع الخاص المغربي التي تم التغاضي عن اتخاذ إجراءات فيها، كلفة اللوجستيك التي تمثل ما يعادل 20% من الناتج الداخلي الخام، وهو رقم مرتفع عن المعدل المعياري الذي يتراوح بين 12 و15%، مما يفقدنا ما بين 0.5 إلى 0.7% نقطة في النمو الاقتصادي. وشددت على أن إحدى الأولويات الضرورية لضمان جذب الاستثمارات والرفع من الإنتاجية، مراجعة أسعار العقار الموجه للبنيات الصناعية والذي يماثل نظيره في دول إسبانيا والبرتغال مع الفارق الكبير في مستويات الكفاءات البشرية بين المغرب والبلدين الإيبيريين، وتنضاف إليه مصاريف العبور بين ضفتي مضيق جبل طارق وارتفاع كلفات الشحن والتخزين في الموانئ المغربية.