يبدو أن "عيد الحب " تجاوز بقليل عتبة منظومتنا الثقافية وبات يطل على باقي ردهاتها المتشابكة بنوع من الاحتشام حينا و بكثير من الجرأة حينا آخر. كيف لا و الإعلان عن عيد الحب وتبادل التهاني والهدايا والمشاعر ينط عبر شبكة الإنترنيت وعبر الكثير من وسائط الاتصال السمعية البصرية أو حتى المكتوبة ؟ ينبثق من بين معروضات المتاجر التي تسوق لبعض منتوجاتها البهيجة باسم عيد الحب . ويتربع على أبواب الكثير من المؤسسات السياحية معلنا تزاوج متعة السفر مع متعة انصهار المشاعر بين الجنسين في فترة انبثاق فصل الربيع من بين شتاء صقيعية بكل المقاييس . ماذا يعني هكذا عيد في فضاء يعج بتمظهرات الكراهية في أحلك صورها ؟ حيث الأشلاء البشرية تتطاير وسط ساحات العديد من بلداننا ,,,,؟ ووديان الدماء تجري بين الأزقة والشوارع,,, ؟ وآلاف الجرحى والمنكوبين والنازحين يتلمسون مكانا آمنا لهم تحت أرض الله الواسعة في شروط من الذل والمعاناة و الإهانة ,؟ آلاف الأطفال يتموا و شردوا أو قتلوا حتى باسم قضايا لا يعرفون أبجدياتها . و آلاف النساء رملن واغتصبن وأهن و اختطفن لإجراء ابتزازات سياسية أو حيوانية لا لذنب اقترفنه إلا لكونهن أضعف حلقة داخل سلسلة الرعب هذا ؟؟ آلاف المعذبين والمسجونين والمختطفين والمشردين . آثار نفيسة تتهاوى تحت آلة العنف والعبث . وقيم تتهاوى داخل طاحونة العنف والفوضى التي سميت من طرف المتربصين "بالخلاقة " ماذا يعني عيد الحب حيث يطفو الرعب و الوجع والألم و البؤس والمعاناة في أقصى صورها ؟ شاشاتنا تزف إلينا صباح مساء سيلا جارفا من أخبار الدمار العمراني والبشري . مدن تنهار بأكملها . أوطان تتشظى وأخرى تتمزق إربا إربا في صمت ينطق بالعاصفة الآتية لا محالة . الصراخ والآهات والأنات تتعالى من كل صوب وناحية . نسيج مجتمعي لم تعد أسماله تحمي من صقيع واقع جد بئيس يحرق جلد أبنائه يأسا وذلا وغضبا و رداء سياسي مترهل ، عاجز عن احتواء وضع ما فتيء يتبلقن بفعل تناقضاته الداخلية وبأيادي آثمة تعرف كيف تتحكم في اتجاه الانفجارات لصالح أجنداتها الخاصة جدا جدا . خيانات وتواطئات تتم في السر وتوافقات جد مريبة تعلن عن نفسها في ظل واقع جد ملتبس تلفه حلكة الآفاق وظلام المسارات . صور بالغة القسوة من أشكال الاقتتال و التعذيب والتنكيل مابين الأشقاء بعضهم البعض ؟ صراخ وعويل وغضب يطفو عبر سماواتنا ,,,,, كتلة بشرية بأكملها تتلظى حزنا وتعتصر ألما لأن الكراهية نشرت منتوجاتها المدمرة على رقعتنا الجغرافية من الماء إلى الماء . الكراهية درجات : أو ليس الظلم والاحتقار والإقصاء والاستغلال كراهية ؟ أو ليس الاحتكار والتسلط والاستبداد كراهية ؟ أو ليست لصوصية المال العام وتبذيره وتهريبه و احتكاره كراهية ؟ أو ليس التفقير والتجهيل والتيئيس كراهية ؟؟؟ إنهم بكل تأكيد حجر الزاوية في بناء مشاعر الغل والسخط التي ما فتئت تتحول لشلالات من الغضب قد تواجه بعنف يولد عنفا مضاعفا قد يحول لاقتتالات بين إخوة سرعان ما يتحولون لأعداء ؟؟ معلنة انتصار آلة الموت والدمار على جيوش من الأبرياء لا علاقة لهم برهانات السلطة وخباياها القذرة ؟ ما أبأسها من منظومة غير قادرة على حماية أعضائها من السقوط في براثن الكراهية في أقسى صورها , كيف للأشقاء يقتتلون من أجل جاه وكراسي وسلط آيلة للزوال لا محالة ؟ أي شيء يبرر لهذا الكم الهائل من التدمير والدمار البشري والعمراني باسم صراعات سياسية لا تأبه بجحافل أبرياء خلقوا ليعيشوا ويقتاتوا من خيرات الخالق الذي أعطى بكل سخاء ووفرة لولا السرقة والاحتكار والتبذير والظلم ؟؟ ما أبأسها من منظومة سسيو سياسية وثقافية ينقسم أطيافها ما بين شيع يقتتلون باسم "الله" والله بريء من هذا الحقد البشري المنحط لأن الله خير وحب وجمال ورقي . الله ينتصر للمحبة بين البشر جميعا . والمنطق البشري السليم ينتصر للتعايش والتضامن والاقتسام في فترة بئيسة كهذه يسعى كبار حكامها لاقتسام العالم عوض اقتسام خيراته ويسوقون لاستعمارهم الجديد هذا بترسانة قيمية زائفة تسوغ للتدمير البشري والعمراني سرا وعلانية ,, ما أبأسها من من فترة تاريخية ينحسر فيها نور العقل والحكمة ويغيب الفليسوف والمفكر من ركح تدافعات بشرية تكاد تكون عارية من رداء الأخلاق والقيم الحقيقية , لذلك نحتاج أعيادا للمحبة عسى هذا المد من الكراهية المدمرة ينحسر إلى مداه الأدنى حتى نستطيع العيش في حياة جديرة ببني البشر . وكل عام وأنتم محبون للسلم والسلام والتعايش .