بباقات الورد الأحمر، والشكولاته، والبطاقات، يحرص العديد من المغاربة على الاحتفال ب"عيد الحب"، الذي يصادف 14 فبراير من كل سنة وذلك في مناخ تتضارب فيه الآراء حول "شرعية" هذا الاحتفال، وجدواه، ومدى ارتباطه بالثقافة العربية والإسلامية، وكأن الإسلام لم يأمرنا أن نتحاب ونتوادد، اعتبارا أن الحب يدخل ضمن المشاعر الإنسانية النبيلة. في المغرب، كما في العديد من البلدان العربية والإسلامية، حيث لم تترسخ هذه الذكرى إلا في أوساط بعض الأسر، التي تعتبره مناسبة للفرح والبهجة، وتعبيرا عن مشاعر الحب والارتباط القوي، لا تتوانى بعض الأصوات في رفض هذا الاحتفال، واعتباره مجرد نفاق اجتماعي، وتقليد أعمى لمجتمعات الغرب. يحيل "عيد الحب" حسب المؤرخين، على ذكرى القديس فالنتان، الداعية إلى الحب والسلام، الذي توفي سنة 296 ميلادية، إثر تعذيب، مارسه عليه القائد القوطي كلوديوس، وظلت المجتمعات المسيحية تخلد هذه المناسبة، استحضارا لذكرى هذا القديس، قبل أن تحمل هذه المناسبة طابع "عيد العشاق"، وتأخذ في الانتشار وسط أفراد المجتمعات، بفعل الدور التواصلي، الذي صار الإنترنيت يلعبه، بعيدا عن الاعتبارات الثقافية المحلية. باسم الإسلام، واعتبارا أن هذه الذكرى تخلد لحدث غير إسلامي، وقع في العهد اليوناني، ومناسبة تؤشر على نوع من التبعية والاغتراب، يعارض البعض الاحتفال ب"عيد الحب". فما الذي يضير هؤلاء في رؤية الناس متحابين، يتبادلون الهدايا، ويعبرون عن مشاعرهم الإنسانية الراقية؟ سيما أن الإسلام لا يقف موقف العداء من الحب بين الأزواج، بل على العكس من ذلك، إذ قال نبي الله محمد ص "تهادوا تحابوا"، ما يؤكد أن هذا الحديث النبوي يدعو إلى المحبة. في "عيد الحب"، يتبادل المحبون الهدايا، كعربون للود والحب والمشاعر التي تؤسس للعلاقة الإنسانية، باعتبارها العلاقة الأرقى. ينتظر بعض الأزواج مناسبة 14 فبراير لتلقي هدايا من بعضهم البعض، تعبيرا عن ود يجمعهم، وهو ما يمكن أن يجعل الدفء يدب في أوصال الأسرة، ويقوي التحام أفرادها، ويطرد عنها الرتابة، لذلك، ينبغي تشجيع الحب بين الأزواج وبين الإخوة وبين الأصدقاء، ونشر ثقافة الحب، التي تساهم في نبذ ثقافة الحقد والكراهية، فكل المناسبات الجميلة، هي فرصة للاحتفال والفرح والعشق. تعتبر زينب ميعادي، باحثة في علم الاجتماع وكاتبة، في تصريح سابق ل"المغربية"، أن الاحتفال ب"عيد الحب"، بارتباطه بالقديس فالنتان، من شأنه أن يساهم في نشر ثقافة السلام والتسامح ونبذ العنف ومحاربة الإرهاب الفكري، ولا تعني هذه المناسبة، فقط، الحب بين الرجل والمرأة، بل تعني الحب في شموليته" وتوقع تقرير للاتحاد الوطني الأمريكي للبيع بالتقسيط أن تبلغ قيمة النفقات خلال عيد الحب هذه السنة 17.8 مليار دولار، أي ما معدله أكثر من 126 دولارا للشخص الواحد، بزيادة 10 في المائة عن العام المنصرم، وهي الأعلى منذ 10 سنوات. وتعتبر المناسبة فرصة جميلة للتعبير عن المشاعر النبيلة، وهي، أيضا، مناسبة تروج فيها بعض المنتوجات، التي تدخل في خانة الهدايا المتبادلة بين المحببن في "عيد الحب"، الذي يعتبر الاحتفال به أيضا تلبية لدعوة الإسلام إلى التحاب والتواد.