كشفت تسريبات جديدة في إطار تحقيق صحافي دولي تنشره 17 مؤسسة إعلامية دولية بتعاون مع مؤسسة " Forbidden Stories" حول استخدام برمجيات NSO الاسرائيلية للتجسس "بيغاسوس" (Pegasus) أن المغرب حاول التنصت على 10 آلاف رقم هاتفي مُستعينًا ب"مشغل" تابع للدولة. وبحسب تسريبات حصلت عليها مؤسسة Forbidden Stories وشاركتها مع 17 مؤسسة إعلامية، على رأسهم "الغارديان" البريطانية، و"واشنطن بوست" الأمريكية، و"لوموند" الفرنسية ومؤسسة "درج" الناطقة بالعربية، فإن أكثر من 10 آلاف رقم حاول التنصّت عليهم مشغّل تابع لدولة المغرب التي اشترت برنامج التجسّس الشهير "بيغاسوس" من شركة NSO الإسرائيليّة. ويُشارك في هذا المشروع الاستقصائي، الذي أصبح يعرف ب "فضيحة بيغاسوس"، أكثر من 80 صحافيًا من 17 مؤسسة صحافيّة في 10 دول حول العالم، تقوم بتنسيقه منظّمة Forbidden Stories بمساعدة تقنيّة من Amnesty International's Security Lab. استهداف قائمة جديدة من الصحافيين المغاربة وفقًا لصحيفة "لوموند" الشريكة لForbidden Stories ، فإن عدة آلاف من الأرقام الفرنسية كانت على قائمة الأهداف وتمت إضافة أرقام أخرى للقائمة من طرف المغرب الذي حصلَ على التكنولوجيا (وطبعَ علاقاته مع إسرائيل في نوفمبر 2020). وقالت الصحيفة إن الرباط استخدمت برنامج التجسس الإسرائيلي بشكل محموم، إذ وفقًا للبيانات التي حصلت عليها المنظمة، أضاف المغرب حوالي 10000 هدف من أصل 50000 هدف. وكانت قضية الصحفي المغربي عمر الراضي قد وثقتها منظمة العفو الدولية، وتشير معلومات جديدة إلى أن البرنامج استهداف عدد من زملائه وهمَا: توفيق بوعشرين، مدير جريدة أخبار اليوم، مؤسس موقع "لوديسك" علي عمار، ومدير موقع "بديل" حميد المهداوي، ومراسل وكالة فرانس برس السابق عمر بروكسي. المغرب استهدف صحافيين أجانب وقال المصدر ذاته إن المغرب استهدف صحفيين فرنسيين، بما فيهم إيدوي بلبنيل، مؤسس موقع "ميديا بارت" (أكد الفحص المتعمق لهاتفه اختراقه) والصحفية السابقة في Canard Enchaîné، دومينيك سيمونو التي أصبحت منذ ذلك الحين "المراقب العام للسجون الفرنسية" في فرنسا. ومنذ أن كشفت منظمة العفو الدولية عام 2020 أن هاتف الصحفي الاستقصائي المغربي عمر الراضي مستهدف من طرف ببرامج التجسس بيغاسوس، اشتبه صحفيون مغاربة مستقلون في أنهم أيضا يمكن أن يستهدفوا من قبل برنامج المراقبة القوي هذا الذي تقوم بتسويقه شركة NSO Group الإسرائيلية. وتؤكد قوائم أرقام الهواتف التي تم اختار أصحابها كأهداف لبرنامج محتملة للتجسس ، والتي شاركتها منظمة Forbidden Stories مع منظمة العفو الدولية و سبعة عشر هيئة تحرير صحفية ، بما في ذلك صحيفة لوموند، أن جهاز أمن مغربي استخدم بيغاسوس لاستهداف الصحفيين الذين ينتقدون الحكومة بشكل ممنهج، بالإضافة إلى رؤساء التحرير الرئيسيين في البلاد. وهكذا فإن رقم توفيق بوعشرين ، مدير صحيفة أخبار اليوم، الذي يقضي حاليا حكما بالسجن لمدة خمسة عشر عاما بتهمة الاغتصاب، بعد محاكمة أدانها مؤيدوه باعتبارها ذات طبيعة سياسية، قد أصبح هدفا محتملا لبرامج التجسس التابع لشركة NSO فضلا عن رقم زوجته. كما أن أرقام خمسة على الأقل من المشتكيات اللواتي استخدمت شهاداتهن ضده أثناء محاكمته كانت هي أيضا من بين الأهداف المحتملة لبرنامج بيغاسوس. وكانت بعض النساء شاهدات الادعاء الخمسة عشر في الملف قد تراجعن قبل المحاكمة، زاعمات أن الشرطة أجبرتهن على الإدلاء بشهادات زور. وتوجد أرقام اثنتين على الأقل من المشتكيات ضمن الهواتف التي تجسس عليها البرنامج. وإلى جانب الحالات المحددة لعمر راضي وتوفيق بوعشرين، يبدو أن جميع رؤساء وسائل الإعلام المستقلة تقريبا قد أثاروا اهتمام أجهزة الاستخبارات المغربية. ومن بين أهدافها المحتملة، نجد مؤسس جريدة لوديسك، علي عمار، ومؤسس موقع بديل، حميد المهداوي، الذي حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات في عام 2018 بسبب "مشاركته" في الحراك الاجتماعي للريف، الذي قمعته السلطة بشدة. كما اختار الجواسيس المغاربة للمراقبة المحتملة هاتفا يستخدمه عمر بروكسي ، المراسل السابق لوكالة الأنباء الفرنسية ومؤلف كتابين نقديين عن الملك محمد السادس والعلاقات الفرنسية المغربية، وكلاهما ممنوع من البيع في المغرب. وبعد أن أخبرته صحيفة لوموند بأن هاتفه كان هدفا محتملا، أوضح الصحفي الإسباني إغناسيو سامبرير أنه "للأسف لم يفاجأ". ويقول إنه في شهر يونيو نشرت صحيفة مغربية معلومات مقتطفة من محادثة على واتساب أجراها مع شخصين ولم يخبر أحدا عنها. وعندما سئلت سلطات المغرب عن ذلك، قالت إنها "تنفي نفيا قاطعا" "الادعاءات التي لا أساس لها" حول استخدامها برنامج بيغاسوس. وتنفي المملكة أن تكون من بين زبناء شركة NSO ، ومن جانبها تؤكد شركة NSO أنها لا تعرف في بالضبط أو تتحكم في الاستخدام الذي يستخدمه زبناؤها ا للبرنامج: "لا تدير NSO الأنظمة التي تبيعها لزبنائها الحكوميين وليس لديها إمكانية الوصول إلى بيانات أهداف زبنائها ا". وعلى نطاق أوسع، طعنت مجموعة NSO في نتائج تحقيقات "مشروع بيغاسوس"، واصفة إياها بأنها "نظريات لا أساس لها من الصحة". الصحفيون المغاربة ليسوا الوحيدين الذين يحظون باهتمام أجهزة الاستخبارات في المملكة المغربية بل يوجد نحو ثلاثين صحفيا ورؤساء تحرير فرنسيين على قائمة أهداف بيغاسوس، من بينهم من يعملون في Le Monde و Le Canard enchaîné و le Figaro أو وكالة الصحافة الفرنسية AFP وFrance Télévisions . وفي عدة مناسبات، تمكن اتحاد Forbidden Stories ومختبر Security Lab التابع لمنظمة العفو الدولية من تحديد نجاح الاستهداف بفيروس بيغاسوس من الناحية التقنية. وهذا هو الحال على وجه الخصوص بالنسبة لهاتف الصحفي Edwy Plenel مؤسس موقع ميديابارت، وهاتف Dominique Simonnot, ، الصحفية الاستقصائية السابقة في صحيفة لو كانار أونشينيه، والتي أصبحت فيما بعد مراقبة عامة حول أماكن الاحتجاز، ولكن أيضا هاتف صحفية من جريدة لوموند، لم ترغب في الإعلان عن استهداف هاتفها. وفي بعض الحالات، يبدو سبب الهجوم واضحا: فقد استهدف إدوي بلينل بعد وقت قصير من انتقاده العلني لحملة الشرطة على احتجاجات الريف، كما أكد تحليل أجراه مختبر الأمن Security Lab التابع لمنظمة العفو الدولية. في يونيو2019، وبينما كان السيد بلينل يشارك في مائدة مستديرة في مهرجان ثقافي في الصويرة، يتذكر أنه "تدخل لإثبات أنه لن يفرض رقابة على نفسه بمجرد وجوده في المغرب ؛ وتحدث عن مصير حراك الريف والقمع الذي تعرضت له المظاهرات الشعبية". بالنسبة لمؤسس ميديابارت، ربما كان هذا التدخل بمثابة المحفز لجهاز الاستخبارات للتجسس عليه ، ولكن قبل كل شيء "إن المستهدف هم زملائنا المغاربة، وعلى الخصوص استقلالية جريدة لوديسك [التي كانت شريكا لميديابارت]" . وهو ينوي التقدم بشكاية للقضاء. كما أصيب هاتف صحفية أخرى من ميديابارت، هي لينايغ بريدو Lenaïg Bredoux. وكانت السيدة بريدو، المتخصصة في ملفات العنف الجنسي، وهو موضوع يستخدم أحيانا في المغرب ضد الأصوات الناقدة للسلطة ، قد كتبت أيضا في عام 2015 سلسلة من المقالات عن مدير المديرية المغربية لمراقبة التراب الوطني، السيد عبد اللطيف الحموشي. في ذلك الوقت، كان رئيس جهاز الاستخبارات الرئيسي في المغرب موضوع شكاية في فرنسا بتهمة التواطؤ في التعذيب، ومرشحا في نفس الوقت للحصول على وسام من الجمهورية الفرنسية كاعتراف بتعاونه في مكافحة الإرهاب. كما كشفت التحاليل استهداف برنامج بيغاسوس في صيغته المغربية لهاتف برونو ديلبورت Bruno Delport رئيس إذاعة TSF Jazz (مجموعة Combat ، التي يملكها Matthieu Pigasse ماتيو بيغاس، وهو مساهم فردي في صحيفة لوموند)، والسيد دلبورت هذا هو أيضا رئيس مجلس إدارة منظمة Solidarité Sida ، وهي منظمة غير حكومية تشتغل على برامج وقائية لعاملات الجنس في المغرب. وفي حين يبدو أن المخابرات المغربية استهدفت بشكل رئيسي الصحفيين العاملين في الصحف التي لها ميولات يسارية أو نحو وسط الطيف السياسي إلا أن وسائل الإعلام اليمينية لم تسلم منها.لقد أدخل الجهاز المغربي في برنامج NSO رقم هاتف تم تعطيله الآن ولكنه نسب سابقا إلى الصحفي المثير للجدل Eric Zemmour إريك زمور، الذي كان في فبراير 2019 وخلا اتضافته من طرف قناة LCI قد هاجم المهاجرين المغاربة بسخرية عنيفة ، دون أن يكون من المؤكد أن الحدثين مرتبطان. وفي حالات أخرى، يبدو منطق الجواسيس المغاربة ضبابيا: فالصحفية من صحيفة لوموند التي استهدف هاتفها لا تشتغل على أي ملف يتعلق بالمغرب، تماما مثل الصحفيين الآخرين الذين تم اختيار أرقامهم من قبل المستعمل المغربي لبرنامج NSO. ومن الممكن أن تكون قد استهدفت في المقام الأول للوصول إلى لائحة عناوينها carnet d'adresses المسجلة في هاتفها- وبالتالي الحصول على أرقام أهداف أخرى. استهداف صحافيي مؤسسات كبرى ووفقًا لسلسلة التسريبات التي تتناوب على نشرها 17 مؤسسة إعلامية، كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن الصحفيون الذين تم استهدافهم عبر برنامج التجسس الإسرائيلي يعملون لدى بعض المؤسسات الإعلامية الأكثر شهرة في العالم، وهي تشمل وول ستريت جورنال، وسي إن إن، ونيويورك تايمز، والجزيرة، وفرانس 24، وراديو أوروبا الحرة، وميديابارت، وإل بايس، وأسوشيتد برس، ولوموند، وبلومبرج، ووكالة فرانس برس، والإيكونوميست، ورويترز، وصوت أمريكا. وقال سيدهارث فاراداراجان ل"الغارديان"، وهوَ المؤسس المشارك للموقع الإخباري الهندي The Wire عن قرصنة جهازه واختيار زملائه للاستهداف: "تشعر أنك مُنتهك" "هذا تدخُّل لا يُصدق ولا ينبغي على الصحفيين التعامل معه. لا ينبغي لأحد أن يتعامل مع هذا، ولكن على وجه الخصوص الصحفيين وأولئك الذين يعملون بطريقة ما من أجل المصلحة العامة ". وقالت "الغارديان" إن عمر الراضي، الصحفي المغربي المستقل والناشط في مجال حقوق الإنسان الذي نشر تقارير متكررة عن الفساد الحكومي، تعرض هاتفه للقرصنة من قبل عميل NSO طوال عامي 2018 و 2019. ومنذ ذلك الحين، اتهمته الحكومة المغربية بأنه جاسوس بريطاني، في مزاعم وصفتها هيومن رايتس ووتش بأنها "تسيء إلى نظام العدالة لإسكات أحد الأصوات الناقدة القليلة المتبقية في وسائل الإعلام المغربية". ورفض سعد بندورو، نائب رئيس البعثة في سفارة المغرب في فرنسا، النتائج التي توصل إليها التحقيقات. وقال: "نذكركم بأن المزاعم التي لا أساس لها والتي نشرتها بالفعل منظمة العفو الدولية ونقلتها وسائل الإعلام كانت بالفعل موضع رد رسمي من قبل السلطات المغربية، التي أنكرت بشكل قاطع مثل هذه المزاعم.