منذ عدة أيام، وبعد تسريب مكالمة هاتفية يتحدث فيها سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين والمهني والتعليم العالي والبحث العلمي، والناطق الرسمي بإسم الحكومة، مع أحد الأشخاص يُدعى "طارق" كما عرفَ نفسه خلال محادثه مع الوزير، طُرح أكثر من سؤال عن طريقة تدبير الوزير أمزازي لأزمة الأساتذة المتعاقدين واحتجاجاتهم المتواصلة. تسريب هذه المكالمة قال عنها سعيد أمزازي أنها لا تزعجه، مشيرًا إلى أن الشخص الذي سربها كانت نيته سيئة لأنه سرب المكالمة دون موافقته، وفي مضمون المكالمة، كان الشخص المتصل يُنادي الوزير أمزازي بدون ألقاب ب"سي سعيد" وقال له "أنا الذي تحدث معك أمس" مما يبينَ أنها ليست أول مكالمة تجري بين الطرفين. ووفقًا للمكالمة الهاتفية المسربة والتي اطلع موقع "لكم" عليها، فإنَّ المدعو "طارق" كان يتحدث مع الوزير بطلاقة وأريحية، بينما يُبادله أمزازي الشيء ذاته، وعرفَ المتصل نفسه مباشرة ب"الولد اللي هضر معاك البارح" قائلا: "لدي العديد من الصفحات على موقع الفيسبوك" فيجيبه الوزير ب"نعم..أيه". وقال المتصل الذي كسب ود الوزير، إنه يُحاول إقناع الاساتذة المتعاقدين بوقف الاضرابات، مشيرًا إلى أنه ناقش مع التلاميذ وبعض الأساتذة بأن مصلحة التلميذ فوق كل اعتبار، ورد الوزير:"وكيف تجري الأمور الأن؟". وقال الشخص الذي قدمَ نفسه بإسم "طارق إبراهيم" إنه يعرف متزعمي الاحتجاجات جيدا في التنسيقية الوطنية للاساتذة الذين فرضَ عليهم التعاقد، وقال للوزير: "80 في المائة منهم قاعديين ونهجاويين ومتشبعين بالفكر الماركسي" (يقصد أنهم ينتمون لحزب النهج الديمقراطي) فيما رد الوزير بقوله "نعم..إنهم نهجيين وقاعديين" قبل أن يستدرك الوزير "ماشي مشكل، أنا احترم رأيهم". قيادي في النهج: تصريح أرعن وغير مسؤول وعلق عبد الرزاق الإدريسي، القيادي في حزب النهج الديمقراطي والكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم في حديثه لموقع "لكم" حول مضمون المكالمة المسربة لوزير التربية الوطنية والتكوين والمهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي، وقال إنَّ الوزير أمزازي يخلط بين الأمور، مستغربا كيف يصدر هذا كلام من وزير وناطق رسمي بإسم الحكومة، ويتحدث باشمئزاز عن تنظيمي سياسي، مضيفًا أن الوزير يُريد بحديثه التغطية على فشله في نقل الصراع إلى طاولة الحوار والمفاوضات في إطار المؤسسات والتنظيمات النقابية، مضيفًا، إلى أن الوزير اعتمد على "عراب" مجهول ليلعب دور النقابات في الوساطة". ونفى الإدريسي، أن يكون النهج يقود التنسيقية الوطنية للاساتذة المتعاقدين، معتبرًا أن هذا الكلام يبعث على الاستغراب وهو كلام فارغ، ومؤسف أن يأتي من لسان وزير وناطق رسمي بإسم الحكومة، وقال الإدريسي إن التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرضَ عليهم التعاقد، هي كتلة متلاحمة، ولا تمتاز بقيادات، وليست تنظيما كالنقابات حيث يكون لها كاتب عام وشخصيات تُشكلها بشكل هرمي، وأشار إلى أن هذا من أسباب قوتها وزخمها. وأكد المتحدث ذاته على دور حزب النهج الديمقراطي في دعم ومساندة النضالات الشعبية، مشيرًا إلى أن النهج دائما يدعم وموجود في النضالات الشعبية، ويشكل جزء من هذا المجتمع كما تركيبته السياسية، مبرزا أن أزمة الأساتذة المتعاقدين تلقى تعنتًا حكوميا، وتهرب الوزير من الحوار النقابي أو على الأقل العمل معها على وساطة نقابية. ودعت الجامعة الوطنية للتعليم، التي يشغل الإدريسي مهمة كاتبا عاما بها إلى إحياء فاتح ماي حضوريا من خلال وقفات احتجاجية، وأعلنت دعمها لإضراب الأساتذة المتعاقدين أيام 22 و23 و24 أبريل الجاري، منددة بالقمع والتنكيل وما وصفته بالاذلال الذي يتعرض له الأساتذة المتعاقدين. نزهة مجدي: أساء لي هذا الشخص وسأقاضيه وبدا الشخص الذي كان يتحدث لأمزازي، كصاحب مهمة موكول إليه تنفيذها، بعدما أفصحَ للوزير إلى أنه تقرب وتحدث إلى نزهة مجدي، أستاذة متعاقدة معروفة في أوساط التنسيقية، واعتقلت في آخر مسيرة للأساتذة بالرباط قبل إطلاق سراحها، وقال للوزير:"قلت لها لا يُشرفني أن تكون أستاذة تقسم بدماء إنسان عادي، إذا كان إبني يدرس عندها ستجعل منه شخصا ملحدا، وقلت لها "أعيدي النظر في نفسك". وفي حديث نزهة مجدي لموقع "لكم" حول هذا الشخص، نفت أن تكون تعرفه مسبقًا أو التقت به، مشيرة إلى أنها ستتقدم غدا الاثنين، بوضع شكاية لدى النيابة العامة حول التجريح الذي لحقها جراء نعتها بالملحدة، قائلة: "لقد اهنني في ديني ويريد تدمير سمعتي وسط طلابي وأسرتي، وانا شخص من أسرة محافظة". وكشفت نزهة مجدي لموقع "لكم" أنها لا تعرف كيف حصل هذا الشخص على رقم هاتفها، وكان يتواصل معها عبر رقمين من خلال تطبيق التراسل الفوري "واتساب" وفي أول محادثة بينهما، اتصل بها عبر الواتساب، وأخبرها بأنه محامي، غير أنه لاحقًا، قال لها "إنني لست محامي، ولكن مهتم بما تقومون به". وقالت نزهة مجدي، أنها لم يسبق لها أن انتمت تنظيميا أو سياسيا لأي تيار سياسي أو إديولوجي، مشيرة إلى أن أول معاركها النضالية في الحياة، هي التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرضَ عليهم التعاقد، وذكرت أيضًا، أن حديث الوزير مع الشخص المذكور، هوَ نفسه الحديث الذي يقوله في الإعلام، ونفت أن تكون أقدمت على نشر رقم هاتف الشخص المتصل بالوزير يوما ما، كما ادعى، وذكرت أنه كان يكذب على الوزير حينما قال له إن نزهة قامت بسبي. ولاحظت نزهة، أن الشخص المذكور لم يكن يتحدث معها عبر الفيسبوك، باسم "طارق ابراهيم" وهوَ الإسم الذي قدمه للوزير، مشيرة إلى أنها لم يسبق لها رأت صورته، وذكرت أن حتى الصورة الرائجة حاليا في الفيسبوك على أساس انها صورته، غير متأكدة منها، ولم يسبق لها حتى سماع صوته". ومن جهته، قال سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين والمهني والتعليم العالي والبحث العلمي، والناطق الرسمي بإسم الحكومة، في بلاغ منسوب إليه، أن الشخص الذي اتصل به لا يعرفه هو أيضًا، مضيفًا "وكما هوَ معهود بي، أجبته بكل تواضع وأكدت له على قناعتي بالنسبة لهذا الملف مع منحه امكانية حوار غير مباشر مع الأساتذة من أجل تجويد عرض الوزارة". وأضاف البلاغ "تسريب المكالمة من طرف هذا الشخص لا يزعجني، ما قلته هو ماكنت أتداوله منذ البداية، هذه قناعتي، إذ يتبين أن هذا الشخص المتصل كانت نيته سيئة لأنه سرب المكالمة دون موافقتي". وعبر عددا من الأساتذة المتعاقدين عبر مجموعة التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد عن استيائهم من ما صدر من الوزير، واعتبروا أن تسريب المكالمة الصوتية ماهية "إلا مسرحية" يُراد بها إلهائهم والتشويش عليهم على نضالاتهم واضرابهم المقبل بدءً من 22 من أبريل الجاري، مبرزين، من خلال مجموعة من التدوينات، وشرائط فيديو اطلع موقع "لكم" عليها، أن ذلك لن يثنيهم على مواصلة النضال، وأن المكلمة الهاتفية مجرد ظاهرة صوتية.