قال دفاع الحقوقي والمؤرخ المعطي منجب إن بلاغ المجلس الأعلى للسلطة القضائية الذي أصدره بداية فبراير الجاري، راح يعطي فيه انطباعاته مدافعا عن إجراءات مسطرية تمت أمام المحكمة الابتدائية، دون أن يكون حاضرا فيها أو عالما بأطوارها، كما تحدث عن ملفين لا علاقة لأحدهما بالآخر. واعتبر دفاع منجب في بيان له أن المجلس الأعلى وضع نفسه طرفا معنيا بالمحاكمة، ووصفها بالعادلة ويراد تسييسها، وبذلك أصدر فتوى سياسية وخرج عن حياده المؤسساتي. وأوضح دفاع منجب أنه ومنذ نونبر 2015 عرض ملف منجب على 21 جلسة، كان التأخير فيها يتكرر لما بين شهرين وثلاثة شهور بشكل يخل باحترام الآجال المعقولة للمحاكمة التي ينص عليها الدستور. وأشار دفاع منجب إلى أن جلسة 20 يناير التي حضرها متهم واحد، وبعد الاستماع إليه قرر القاضي التأمل وإصدار الحكم يوم 27 يناير 2021، وقد كان وجود منجب بالمحكمة إبانه، يتعلق بقضية أخرى معتقل بسببها، والتي ابتدأ التحقيق فيها حوالي الساعة الواحدة زوالا وليس 11:30 كما جاء في البلاغ، وانتهى بعد الساعة الثالثة زوالا. وأكد دفاع منجب أنه لم يكن حينها حرا للتنقل لقاعة الجلسة، ولأنه لم يستدع إليها لا هو ولا دفاعه، وهذا ما دفع النيابة العامة لطلب إخراج الملف من التأمل. وأضاف البيان "لا يَعْنِي إحْضَارُ منجب وهو معتقل مُقيد الحرية أمام قاضي التحقيق في الملف الثاني، أنه حُر للمثول بالجلسة، ولا يُغْنِي ذلك عن ضرورة استدعائه قانونيا مع دفاعه في الملف الأول". وسجل الدفاع أنه "لا حق للمجلس في التعليق علي حكم قضائي أو إصدار أحكام فوقية في قِيمَة إجراءات وجلسات وحكم، ولا يملك نهائيا حق إبداء فتوى في قضية معروضة على القضاء، وربما ستعرض على محكمة النقض التي يتولى رئاستها الرئيس المنتدب للسلطة القضائية، واعتبارا أن اختصاص المجلس ينحصر في الاهتمام بوظيفة القاضي ومساره الإداري دون الخوض في إجراءات المحاكمات وكيفية صدور الأحكام من قبله". وأكد المحامون فساد المسطرة والحكم الذي صدر في حق مُنجب، معتبرين أن هذا الملف الذي قَذَفت به التأخيرات خلال أكثر من خمس سنوات، وفي أكثر من عشرين جلسة، قد أصبح –ربما- بهذا القدر الكبير من التماطل أقدم ملف يروج بالمحكمة الابتدائية، وبذلك يعتبر نموذجا لإنكار العدالة. وأشار البيان أنه ونظرا للاضطرابات بسبب وباء كورونا كان على القاضي أخر القضية في جلسة 26 ماي الماضي إعادة استدعاء الأطراف ودفاعهم، وهو ما لم يتطرق له بلاغ المجلس. فضلا عن ذلك، لفت الدفاع إلى أن القاضي ضرب بعرض الحائط طلب وكيل الملك بإخراج ملف منجب من التأمل لأنه في حالة اعتقال، واحتراما لحقه في الدفاع، متسائلا عن إغفال المجلس الأعلى لهذه النقطة، ومؤكدا أن المجلس لا يصح له إبداء رأيه في القضايا الرائجة أمام المحاكم. ونفى المحامون ما جاء في بلاغ المجلس من تخلفهم عن الجلسة، مؤكدين عدم استدعائهم، مسجلين عددا من الخروقات في تأخير الملف، ومؤكدين أن المجلس لا علاقة له بالعمل المهني والميداني للقضاة عندما يُحَاكِمُون الناس وعندما يصدرون أحكامهم. وخلص دفاع منجب للتعبير عن تخوفه على موكله من أن يكون محط مخطط مُحاصرة في حريته، وبالخصوص لما تَنْبَرِي أطراف أجنبية عن قضيته، وتُكَلفُ بالرد عليه وعلى وسائل احتجاجه ودفاعه. وأكد تشبث منجب إلى آخر المطاف بحقه في الدفاع وببراءته، وعازم على مواجهة الاتهامات بكل الوسائل المشروعة، وسيقف ضد كل تأثير سياسي أو مؤسساتي على مسار قضيته، ويحتفظ لنفسه بممارسة المساطر ضد التجاوزات والانحرافات والتطبيق غير السليم وغير العادل للمسطرة في حقه، وضد الاعتداء على أمنه القانوني والقضائي. كما نقل المحامون أمل منجب ألا تتأثر المحاكم والقضاة الذين ستعرض عليهم قضيته برأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وأن يبرهنوا عن حيادهم واستقلالهم احتراما للدستور وللأخلاق القضائية.