قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إنه وبعد مرور 10 سنوات على احتجاجات 20 فبراير، اتضح أن القوى المستفيدة من الفساد والاستبداد انحنت مؤقتا للعاصفة، ولكنها سرعان ما رجعت للواجهة وتعمق الفساد بشكل أكبر. وأشار الغلوسي في تصريح لموقع "لكم" إلى أن كل التقارير الصادرة في هذا الجانب تؤكد أن الفساد استشرى، وذلك باعتراف الدولة نفسها التي أقرت بفشل كل النماذج التنموية.
وعزا رئيس الجمعية هذا الفشل لسيادة الفساد والريع والرشوة والإفلات من العقاب، مسجلا أن الفساد يستنزف اليوم 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، في حين يبلغ حجم الفساد في الصفقات العمومية وحدها 50 مليار درهم سنويا. ورغم أن الدستور أقر بربط المسؤولية بالمحاسبة، وأكد على تخليق الحياة العامة وتعزيز حكم القانون، وأقر بالشفافية ومبدأ المنافسة وغيرها من المبادئ المرتبطة بدولة الحق والقانون، إلا أن هذه المبادئ الدستورية لم تجد لها أي أثر على أرض الواقع، وهو نفس مآل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي أعدتها الحكومة سنة 2015، والتي لم يتم تنزيلها. وإذا كان الشارع والمجتمع المغربي أحذ المبادرة مع سنة 2011، وأصبح يمارس ضغطا على الدولة والحكومة، إلا أنه وبعد خفوت حركة 20 فبراير، يضيف الغلوسي، بدا أن القوى المناهضة للتغيير والمستفيدة من الفساد تتمتع بالقوة على خلاف القوى المطالبة بالديمقراطية الساعية للتغيير، والتي تعاني من ضعف وتشرذم وتراجع ملحوظ. وأضاف أن هذا الواقع استغلته القوى المحافظة للالتفاف على المقتضيات الدستورية والعودة للسلطوية من جديد، ومقاومة كل الإجراءات التي من شأنها أن تضيق الخناق على الفساد. وفي هذا الصدد سجل رئيس الجمعية وجود مقاومة لعدة إصلاحات تسعى لمكافحة الفساد، كما هو حاصل في مقاومة قانون تجريم الإثراء غير المشروع، ومقاومة تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وتمرير القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وتعطيل المؤسسة، وتعطيل مجلس المنافسة لمدة طويلة، والحوار الذي تم تدشينه حول إصلاح منظومة العدالة، بحيث شخص واقع العدالة في أكثر من مناسبة، إلا أن هذه المنظومة ظلت بعيدة عن مطلب الاستقلالية وممارسة السلطة القضائية لدورها في التصدي للفساد والإفلات من العقاب. وأكد الغلوسي على أن معركة مقاومة الفساد مرتبطة بمعركة بناء الديمقراطية، وهي معركة مستمرة منذ عقود، كما أن معركة محاربة الفساد لا تنفصل عن دولة المؤسسات والفصل الحقيقي للسلط وبناء ديمقراطية حقيقية عن طريق ملكية برلمانية. كما شدد على أن محاصرة الفساد وتطويقه يتطلب إرادة سياسية حقيقية من جهة، ومن جهة ثانية يتطلب منظومة تشريعية منسجمة مع المواثيق الدولية ذات الصلة، وانفراجا سياسيا بإطلاق سراح النشطاء والصحافيين والمعتقلين على خلفية الحراكات الاجتماعية، وأيضا توسيع دائرة الحريات والحقوق، وتوسيع مهام مؤسسات الحكامة، وإقرار حزمة من الإصلاحات السياسية والدستورية الكفيلة بفتح أفق جديد وإعادة الأمل للمغاربة والثقة في المؤسسات والأحزاب. وخلص الغلوسي إلى أنه وبدون أحزاب ديمقراطية قوية، لا يمكن أن تبنى ديمقراطية حقيقية، كما أن محاربة الفساد تتطلب اليوم تقديم المتورطين في ملفات الفساد للقضاء واسترجاع الأموال المنهوبة، والقطع مع الإفلات من العقاب وتحسين مناخ الأعمال.