في قصة سيدنا سليمان عليه السلام مع الهدهد عبر ودروس، فنبي الله سليمان مثّل الحكمة البالغة والقوة الجبارة التي خصها الله بميزة عظيمة وهي العدل ! فبعد أن توعد سليمان الهدهد بالعقاب الشديد عاد إليه بالنبأ العظيم عن قوم يعبدون خلقا من دون الله!. بعد طول انتظار ظهر الهدهد أخيرا لكن بعد أن تساءل الكثير من القراء والبسطاء الذين أدمنوا عمود "شوف تشوف" وبعد أن كان تارة يصور لهم مشقة الحياة وفشل السياسة وفساد أجهزة الدولة وتواطؤ الكثيرين على مستقبل هذا الوطن وتارة إلى أداة سخرية واستهزاء على فداحة المأساة وضخامة العبث فقض بذلك مضجع الكثيرين وحرك الكثير من المستنقعات ! قلت تساءل هؤلاء عما إذا كان الهدهد قد قُطعت أجنحته ! وما إذا كان سليمان طبعا سليمان المغربي بجبروته قد أعدل بعد أن جاءه الخبر اليقين عن قوم يعبدون صنما من دون الله !. صدر عمود رشيد نيني في الأعداد الأولى ثم الثانية ودواليك لكني لن أخفيكم سرا إن قلت أني لم أستطع التعرف على صاحبه بتاتا فقد بدا لي شريدا يبحث مضطرا عن الاستعارة والمجاز ويحكي لنا عن الناموس والأخت أي "الطوبة" ...الخ فمع أنه يفهم أن أكثرية المغاربة سكنت الصفيح بما فيه العبد الضعيف ونعرف "الطوبة "التي كانت تتقاسمنا عشاءنا البسيط وأيضا تلك الوديان الفيحاء والمترقرقة من مياه الصرف الصحي التي تشبه نهر دجلة والفرات !وأيضا معاناته مع السجن ووحشته مع أن الكثير من الناس مروا ولا زالوا من هناك بمن فيهم خيرة الشباب والمناضلين من أبناء هذا الشعب المكلوم الذي يعرفون أن الإصلاح لا يوجود إلا فمكانيين اثنين احدهما فوق بوابات السجون والثانية على ألسنة المسئولين !. مؤخرا كنت في زيارة إلى إحدى محاكم طنجة رغم أني لا أحب هذه المحاكم لأنها تذكرني بأشياء محزنة و بعدم استقلالية القضاء وبالكثير من الأشياء الأخرى ،فوجدت قرب الباب رجل أمن يقرأ عمود رشيد نيني "شوف تشوف" فسألته مازحا "كيف حال نيني ؟ " فرد هو الأخر بكلام ساخرا "عيّان مسكين !! " ففهمت ما كان يرمي له . لكن سنحسن الظن برشيد فلكل إستراتيجيته في خوض الصراع ! فقد تغير الكثيرون إلا المخزن من عادته وطقوسه البائدة وليس من السهل أن يتم التخلي عنك وحيدا في الصحراء لتواجه لسعات الأفاعي والعقارب السامة !. والصراع ضرورة بشرية ! صراع دائم بين الخير والشر وبين أقلية تمتلك كل شيء وأكثرية بائسة مهمومة وهو كل ما لدينا لمجابهة هذه المظالم الجسام التي تقع على كاهل الشعب المغربي فقد كان الشيوعيون يحلمون بعالم خال من الصراع ! . لكن ماذا عنا نحن ؟ماذا عن صراعنا مع قوى الاستبدادية المخزنية !؟ أليست لكل نبات آفة ؟ أليس لكل حيوان عدو ؟. مات الحسن الثاني واتهم بعد موته بالحكم المطلق والديكتاتورية والأثرة والآنية وانتهاك الحقوق وسجن واعتقال معارضيه وكأن العهد الذي يليه سيكون واحة غنّاء من الديمقراطية وصون الحقوق !. يقول عز وجل "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" لكن الكثيرين من الماسكين برقاب الشعب لا يعرفون ذلك !أو ربما لا يريدون معرفة ذلك !. مشكلة المخزن المغربي أنه يرى في كل من يعارض ظلمه لشعبه وامتهانه لكرامة مواطنيه ودهسه للحقوق جريمة عظمى وخيانة وأيضا تضع صاحبها في مرتبة العدو اللذوذ وتاجر المخدرات وانفصاليا يهدد وحدة البلاد وشرا مستطيرا !. ما أصابكم من خير فمن المخزن وما أصابكم من شر فمن أنفسكم ! سياسة بئيسة !. إن ما يحدث في المغرب صراع حقيقي انتهى بحقبة وبدأ بحقبة الربيع العربي ضد طغمة ظالمة تعطي الحق لنفسها محاسبة البسطاء دون أن تسري عليها قواعد المحاسبة فكيف لمن لا يُُحاسب أن يحاسب الناس !. أحنقنا الشر وهو يمرح في الأرض وأحسسنا بهزة الغضب ونحن نرى الظلم يقع علينا وعلى غيرنا من بني البشر وضاقت علينا بلادنا بما رحبت فما عدنا نطيق ألامها وقسوتها وأرى أنه ينبغي أن نتحرك ونثور حتى وإن تعرضنا للأذى ولاشك وحتى وان اشتد علينا القيد ليسلبنا الراحة والأمن ورغد العيش وحتى الحياة لأن ذلك سيكون وقتها طريقنا إلى الله .