انشغل الرأي العام اليوسفي بقرار المجلس الدستوري القاضي بإعادة انتخاب مقعد برلماني بإقليم اليوسفية. لكن هذا الانشغال رغم أهميته الشكلية المتجسدة في انتصار الرؤية السياسية الداعية إلى إعادة النظر في العملية الانتخابية بشكل عام ، خصوصا على مستوى التنظير و التدبير و التقرير ، إلا أنه لا ينبغي أن يغطي على ما هو أهم ، ذلك أن حجم الاستثمارات و المنجزات الايكولوجية و الاجتماعية و التعليمية ، التي كانت اليوسفية تمنّي النفس و تسارع الزمن من أجل أن تحظى و لو بجزء يسير من حجم المشاريع ، تفلّتت منها بفعل فاعل و في غفلة تاريخية إلى الجارة بن كرير. لا أريد أن أسرد عدد المشاريع و ضخامتها كي لا أثخن الجراح ، ليس حسدا من عند أنفسنا و إنما حسرة و ضعفا و هوانا على الناس ، لأننا نعتقد أنه من حقنا أن نمتلك بنية تحتية ملائمة و فضاء إيكولوجيا منسجما و حياة اجتماعية منظمة و إطارا كفيلا بتحقيق العيش الرغيد ، إضافة إلى إشعاع اجتماعي و ثقافي لساكنتنا . من حق مدينة اليوسفية أن تطالب بثروتها الفوسفاطية الثمينة ، و ذلك بمساهمة المكتب الوصي في إنعاشها اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا شأنها في ذلك شأن مختلف المدن الفوسفاطية . من حق اليوسفيين أن ينعموا بالمواطنة الكاملة و المساواة الفعلية ، لأن واقع المدينة لا يشير إلى أنه في أحسن أحواله ، فمن خلال التركيبة البنيوية نلاحظ غيابا حقيقيا لمقومات المدينة الإنتاجية ، وبخصوص التركيبة السياسية نستشف انعدام إرادة سياسية ، بالمقابل نجد أنماطا بشرية تريد قطع حبل مستقبل المدينة عن الخيال . فحينما انحدر الفعل النضالي التدافعي ، ترك المجال إلى ذوي الاختصاص في امتصاص دماء المستضعفين . وحين يغيب مدبرو الشأن المحلي ، من حقنا أن نجترئ على أعتاب المدينة لنطرح مشاكل مستقبلها بوسائل حاضرها . وحين تغيب المسؤولية و الإرادة ترتخي القبضة ، و تتصاعد دائرة العجز وتنطفئ هيبة السلطة الإجرائية و تنتشر العشوائية و الفوضى الزمانية و المكانية . السؤال الذي يطرح نفسه إزاء هذا الوضع هو : إلى متى ستظل مدينة اليوسفية سوقا تكون فيها الكلمة الأعلى لتجار الانتخابات و سماسرتها. نأمل أن تتطهر اليوسفية سريعا من النخاسة و الغشاشين ، ويحلّ محلهم ذوو المبادئ و القيم القويمة و الحكماء الذين يحبون الخير و العدالة و الكرامة مثلما يجبونها لأنفسهم دون أجندات دنيئة و نيات مدمرة . لن يوصد باب مدينتنا ، لن نقف مكتوفي الأيدي نردد و نبتلع الكلمات ، لن نغلق بابا للأمل ، أو نفتح سرداب الأحزان ، رغم عثرات الأيام لن نرحل عنك مدينتنا لن نوصد بابا للأحلام .