توجس المحامون المغاربة من مدى جدية الإرادة التي حركت مشروع المبادرة الوطنية لإصلاح منظومة العدالة ومن مدى مصداقيتها، لأن أي أي إصلاح لمنظومة العدالة رهين بإرادة سياسية حقيقية وتنزيل فعلي للدستور فيما يتعلق بالسلطة القضائية وبما يضمن استقلالها، مع استحضار قيم الحرية ومبادئ حقوق الإنسان ومضامين المواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة في أي برنامج للإصلاح، وكذا إشاعة قيم النزاهة والشفافية والتخليق داخل جسم القضاء، واستحضار مشروعي الحكم الذاتي ونظام الجهوية الموسعة والمتقدمة في أي برنامج لإصلاح منظومة العدالة. وأوصت جمعية هيئات المحامين بالمغرب في ختام أشغال الناظرة الوطنية حول إصلاح العدالة المنظمة يومي 16 و 17 نونبر الجاري بمدينة آسفي ب"إعادة تقييم مجريات الحوار الوطني حول مشروع إصلاح منظومة العدالة و اتخاذ القرار المناسب على ضوء خلاصات وتوصيات هذه المناظرة"، وفي الآن نفسه دعا المحامون المغاربة إلى "مراجعة القانون المنظم لمهنة المحاماة، بما يعزز حرية المهنة واستقلالها وتخليقها وتطويرها وحصانة المنتمين إليها، ويرفع كل الاستثناءات المتعلقة باحتكار المهنة". ودعت جمعية هيئات المحامين بالمغرب إلى "تعديل صيغة القسم الذي يؤديه المحامي بما يجعله مهنيا محضا، والحد من مجالات تدخل النيابة العامة في شؤون المهنة تعزيزا لاستقلالها، إضافة إلى إشراك هيئات المحامين في تشكيلة الهيئات التي تبث في الطعون المتعلقة بالشؤون المهنية". وشدد بيان المحامين المغاربة على "إعادة النظر في تشكيل مجالس الهيئات بما يراعي مقاربة النوع، وكذا إعادة النظر في شروط الولوج إلى مهنة المحاماة بإخراج مؤسسة التكوين إلى حيز الوجود". كما دعا البيان الختامي للمناظرة الوطنية إلى " إعادة النظر في المرسوم المتعلق بالتعويض عن المساعدة القضائية وسن نظام ضريبي يراعي خصوصيات مهنة المحاماة، إَضافة إلى دعم أنظمة التكافل الاجتماعي والتقاعد للمحامين". وأوصى البيان الختامي للمناظرة نفسها ب"بإعادة النظر في شروط الولوج إلى القضاء وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان في البرامج التكوينية للقضاة"، مع العمل على "مراجعة المنظومة القانونية في الميدان الجنائي بما يضمن شروط المحاكمة العادلة وبما يوفر الشروط والإمكانيات الضرورية لتسهيل ولوج المواطن إلى القانون والعدالة". ولم يفت البيان الختامي تأكيده على ضرورة "توسيع اختصاصات ومهام الجمعيات العمومية بالمحاكم وتوسيع دائرة المشاركة بها، إسهاما من باقي مكونات العدالة في إدارة شؤون المحاكم، وإحداث مؤسسات لتكوين موظفي كتابات الضبط ومنتسبي المهن القانونية، وكذا حداث شعب بالجامعات المغربية لتكوين أصحاب المهن القانونية، مع ربط إصلاح القضاء بإصلاح باقي المهن القانونية في إطار شمولي وتحسين الأوضاع المادية لكل المنتسبين لمؤسسات العدالة" حسب تعبير نص البيان الختامي للمنازرة الوطنية حول إصلاح العدالة.