رام الله.. اتفاقية شراكة بين وكالة بيت مال القدس ووزارة الثقافة الفلسطينية والمكتبة الوطنية الفلسطينية    منظمة العفو تدعو للتحقيق بهجمات إسرائيلية على قطاع الصحة اللبناني بوصفها "جرائم حرب"    أوزين: "الهمزة" تتربص بالسياسة .. و"المغرب الأخضر" بلا نحر لن يُنسى    بوريطة: الشعب الفلسطيني هو من يملك الحق لتقرير مستقبل غزة وخطة الإعمار يلزمها تصور سياسي    وقفة احتجاجية وسط الرباط ترفض "تنصل إسرائيل" و"مقترح ترامب"    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم .. ليل يعود بتعادل ثمين من ميدان دورتموند    دياز: "لا أحب الحديث عن نفسي"    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. أرسنال يتفوق بنتيجة عريضة على إيندهوفن (7-1) ويضمن بنسبة كبيرة تأهله إلى الربع    دياز يقود ريال مدريد لهزم أتلتيكو مدريد ب 2-1 فى قمة مثيرة بدوري أبطال أوروبا    إحداث أزيد من 95 ألف مقاولة بالمغرب عند متم 2024.. هيمنة القطاع التجاري والشركات ذات المسؤولية المحدودة    انطلاق فعاليات المعرض الدولي للسياحة ببرلين بمشاركة المغرب    المغرب وإسبانيا يوقعان إعلان نوايا مشترك لتعزيز التعاون القضائي استعدادا لكأس العالم 2030    الرباط تشهد وقفة احتجاجية حاشدة تضامنا مع الشعب الفلسطيني وتنديدا بالعدوان الإسرائيلي    دياز يقود ريال للفوز 2-1 على أتليتيكو في دوري الأبطال    بوريطة: إعلان القاهرة يعكس موقفًا عربيًا قويًا في دعم لجنة القدس ويُبرز أهمية الدور الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس    لقاء دبلوماسي بين المغرب ومصر    القمة العربية غير العادية تتبنى خطة شاملة لإعادة إعمار غزة    نشطاء إسبان ينددون بالتجنيد العسكري لأطفال مخيمات تندوف    أسعار اللحوم في رمضان: انخفاض في أزمور وارتفاع في باقي جماعات إقليم الجديدة    موقف واضح يعكس احترافية الكرة المغربية وتركيزها على الميدان بدل الجدل    الاستئناف يرفع عقوبة آيت مهدي    انطلاق فعاليات المعرض الدولي للسياحة ببرلين بمشاركة المغرب    لقاءات بوريطة على هامش القمة    قرعة كأس العرش تفرز مباريات قوية    من بينها الحسيمة.. تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    خلال أسبوع.. 15 قتيلا و2897 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    النيابة العامة تكشف تفاصيل توقيف متهمين في قضية التشهير والابتزاز    تساقطات مطرية وثلجية في تنغير    بطمة تعود بحفل فني بالبيضاء    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    أخصائية حمية وتغذية تقدم نصائح لمرضى السكري لصيام صحي وآمن    المصادقة على عقد برنامج تنموي بقيمة 5.8 مليار درهم لتعزيز التنمية الجهوية بالشمال    في رمضان.. توقيف أربعة أشخاص بحوزتهم 2040 قرص مخدر وجرعات من الكوكايين    "شفت أمك بغا طول معنا".. جبرون: التلفزة تمرر عبارات وقيما مثيرة للاشمئزاز ولا تمثل أخلاق المغاربة    ارتفاع التحويلات النقدية للمغاربة المقيمين بالخارج خلال يناير    الذهب يواصل مكاسبه مع إقبال عليه بفضل الرسوم الجمركية الأمريكية    وزارة الثقافة تطلق برنامج دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    دراسة: البدانة ستطال ستة من كل عشرة بالغين بحلول العام 2050    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    أحوال الطقس ليوم الأربعاء: برد وزخات مطرية في مناطق واسعة من البلاد    مصرع شخصين في اصطدام عنيف بين شاحنتين بطريق الخميس أنجرة بضواحي تطوان    انتخاب المغرب نائبا لرئيس مجلس الوزارء الأفارقة المكلفين بالماء بشمال إفريقيا    التفوق الأمريكي وفرضية التخلي على الأوروبيين .. هل المغرب محقا في تفضيله الحليف الأمريكي؟    "مرحبا يا رمضان" أنشودة دينية لحفيظ الدوزي    مسلسل معاوية التاريخي يترنح بين المنع والانتقاد خلال العرض الرمضاني    ألباريس: العلاقات الجيدة بين المغرب وترامب لن تؤثر على وضعية سبتة ومليلية    الركراكي يوجه دعوة إلى لاعب دينامو زغرب سامي مايي للانضمام إلى منتخب المغرب قبيل مباراتي النيجر وتنزانيا    القناة الثانية (2M) تتصدر نسب المشاهدة في أول أيام رمضان    الصين تكشف عن إجراءات مضادة ردا على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على منتجاتها    الإفراط في تناول السكر والملح يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان    الفيدرالية المغربية لتسويق التمور تنفي استيراد منتجات من إسرائيل    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    كرنفال حكومي مستفز    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    المياه الراكدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غالي: إحكام القبضة الأمنية بعد “كورونا” سيؤدي إلى انفجار لن تستطيع الدولة التحكم فيه
نشر في لكم يوم 04 - 05 - 2020

يدعو الصيدلاني عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الدولة ل”انفراج حقوقي بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والمدونين، وتوسيع مجال حرية التعبير، والوقوف عند النقائص..أن تكون الحماية الاجتماعية الورش الأول الذي ينبغي الاشتغال عليه”.
ويؤكد غالي، وهو على أن “الجائحة بينت أننا لم نعرف ماذا سنفعل؟، وأنه يتعين علينا فتح نقاش عمومي، أي مغرب نريد ما بعد “كورونا” بشكل شفاف، وأن يكون صدر الدولة أرحب، لأن الأهم هو إعادة البناء ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع على ما هو عليه، وأن تعطى الكلمة للجميع لإعادة صياغة توافقات بعقد اجتماعي جديد يشمل الكثير من الضحايا”.

ويسير الحقوقي غالي أن “إحكام القبضة الأمنية في زمن ما بعد كوورنا سيؤدي إلى انفجار لن تستطيع الدولة التحكم فيه، وهو ما سيجعلها أمام أمام خيارين التعقل وفتح نقاش عمومي وخلق تصورات جديدة، أو الذهاب في اتجاه إغلاق لن تستطيع الدولة أن تتحكم فيه”.
وفيما يلي نص الحوار:
ماذا يعني لك الحجر الصحي؟
ليس لدي حجر صحي باعتبار مهنتي ، أتوجه في الصباح للعمل، وليس هناك إحساس بالحجر الصحي باعتبار أن المهنة لم تتركني أن أبقى فيه.
ما الذي تنشغل به وأنت في فترة حالة الطوارئ الصحية؟
بالنسبة لحالة الطوارئ، برنامجي لم يتغير كما كان من ذي قبل. غير أن من حسنات هذا الحجر انفتاح المجتمع على تقنية “فيديو كونفرانس” من خلال ندوات للمشاركة والنقاش والتداول في مواضيع مختلفة تشغل الرأي العام.
وقد تم خلال هاته الفترة الانتباه للفضاء الأزرق للتواصل أكثر، فبعدما كنا ننظم أنشطة تحضرها 140 أو 160 شخصا في المقرات، انتقلنا إلى أنشطة في الفضاء الرقمي يتابعها 20 ألف و 30 ألف شخص. وهذا أمر إيجابي يجب أن ينتبه إليه المجتمع ويستثمره.
وماذا كشفته هاته الأزمة؟
من الأمور التي كشفت عنها الأزمة هشاشة الدولة من خلال مؤسساتها .
وفيما يتعلق بالتواصل، أكد مجموعة الوزراء من المسؤولين والسياسين أنهم غائبين تماما، بإستثناء وزارتين، حتى أن رئيس الحكومة لا يظهر. ففي المغرب أوكل الأمر إلى موظفين، فيما تراجع الفاعل السياسي. وهذا يدل على أن دولة المؤسسات لم نصل إليها بعد.
أما هشاشة القوانين، فقد تأكدت بشكل ملموس، عندما تم تطبيق حالة الطوارئ حتى قبل صدر القانون المشرع لها. ولم تكن هناك سياسات عمومية مندمجة، وظهر أنه ليس هناك تنسيق كبير في عمل الحكومة، حيث تراجعت الكثير من القطاعات، ونسمع فقط وزارة الداخلية ومرة وزارة الصحة. في حين أن الوزارات الأخرى اختفت ورئيس الحكومة تراجع إلى الوراء، ودولة المؤسسات لم نصل إليها كما قلت سابقا.
هناك أيضا عدم ثقة المواطنين بشكل عام في خطابات الحكومة. كما أن الإعلام العمومي لم يتمكن من إنتاج مواد قوية من خلال البرامج التي يبثها باستثناء حالة أو اثنتين، فليس هناك نقاش علمي بها حول ما وقع ويقع، من قبل مختصين وفاعلين. وغاب النقاش السوسيولوجي للجواب عن أين التعثرات داخل المجتمع؟، والمواكبة النفسية تم تغييبها في البرامج التلفزية، فيما كان حريا بالإعلام العمومي عبر قنواته العمومية أن يواكب الجائحة من قبل أخصائيين نفسانيين، خاصة أنه لأول مرة يطلب من المغاربة أن يبقوا في منازلهم، والأسر بحاجة لتنفيس الوضع عن أبنائها. فلا يعقل أن أسر مغربية يطلب منها أن تحترم تدابير الحجر الصحي وهي تجتمع في بيت واحد.. وهذه عيوب أفرزتها الجائحة.
الوضع الاقتصادي أيضا غير متماسك، فنحو 45 في المائة يشتغلون في القطاع غير المهيكل، ما يعني أن 20 مليون مغربية ومغربي يبحثون عن الدعم لقضاء هاته الأيام في الحجر الصحي، أي ما يفوق نصف السكان المغاربة.
هناك أيضا غياب القرار السياسي، وظهر ذلك من خلال السلطة السياسية على مجموعة من المؤسسات الصناعية، وعلى وجه الخصوص في المناطق الحرة، حيث لم تقو الدولة على تنفيذ تدابير الحجر الصحي وإجراءاته على هاته الشركات، خاصة تلك الشركات المرتبطة بآسيا، نظرا لارتباط هاته المصانع بالخارج.
نسجل أيضا أن 81 في المائة من الاقتصاد الوطني مرتبط بما هو خارجي، فوقع اليوم “بلوكاج” اقتصادي لأنه مرتبط بالخارج من حيث الاستيراد، مما يدق ناقوس الخطر على أنه يجب الاهتمام بالاقتصاد والصناعة الوطنية المغربية. فاليوم حان الوقت لتقييم المخطط الأخضر: فماذا سنفعل بإنتاج “التوت” خلال الأزمة وغيرها من المنتجات، حيث الخسائر كبيرة. وهذه فرصة لإعادة النظر في سياساتنا العمومية ومخططاتنا، وهل نحن نسير في طريق تحقيق السيادة الغذائية أم مرتبطين بأسواق دولية؟.
لفرض حالة الطوارئ الصحية، تم توقيف ما فوق 86 ألفا في مدن البلاد، قدم أكثر من 45 ألفا للنيابة العامة . ما تعليقكم على هاته الأرقام؟
هذا تدبير أمني صرف لفرض حالة الطوارئ الصحية، أكثر من 45 ألف شخصا قدموا للنيابة العامة وآلاف في حالة اعتقال، والعفو الأخير أطلق حوالي 5600 شخصا. هناك إشكال كبير في التعامل مع هؤلاء المعتقلين وإمكانية نقلهم العدو إلى السجون، فما وقع في القصر الكبير مخالفة لمقتضيات الحجر الصحي، والاعتقال يشكل خطرا على المعتقلين، وهو ما نبهنا إليه، وأحدث مشاكل في عدد من البؤر بسجون ورزارات والقصر الكبير وآسفي وطنجة.
خلال الجائحة طرح إشكال التدبير الاستراتيجي للمرحلة للخروج بأقل الخسائر، وتجاوز مرحلة الطوارئ الصحية. هل المغرب يتوفر على استراتيجية لتدبير هاته المرحلة الصعبة؟
لا يمكن أن نتحدث عن استراتيجية ونحن أمام أزمة وجائحة عالمية طارئة. فمنظمة الصحة العالمية نبهت إلى هذا الأمر، وكان لزاما على الدولة أن تعد استراتيجية لاقتناء كمامات وإعداد أدوات التشخيص البيولوجي، وهو ما تم العمل به في دول كانت لديها استراتيجيات ناجحة مثل ألمانيا وكوريا وسنغافورة.
في المغرب، بقينا لفترة طويلة ونحن ننجز التحليلات في ثلاث مختبرات فقط، تنجز التشخيص للمخالطين المباشرين فقط، وحتى تتبين الأعراض، مما تسبب في تأخر التشخيص، في وقت توصي فيه منظمة الصحة العالمية بالكمامات والتشخيص كليهما.
لو أنه باشرنا التشخيص المخبري في المرحلة الأولى، لتحكمنا في الوباء، لأن عدد التشخيصات التي أنجزها المغرب منذ انطلاق الوباء حتى اليوم تنجزه دولة في أسبوع واحد فقط.
وبخصوص العلاج الممنوح عبر دواء “الكلوروكين”، كان هناك تسرع لوزارة الصحة، فنحن طبقناه في المغرب بشكل منتظم، في حين أن منظمة الصحة العالمية أكدت أنه ليس لديه فعالية خلال الجائحة. فمثلا السويد حذفت العلاج ب”الكلوروكين”، وفرنسا وظفته للحالات المستعجلة، غير أننا في المغرب طبقناه بشكل نظامي رغم مضاعفاته الكبيرة. وهذا نبهنا إليه داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وقلنا إنه ينبغي أن نتريث، وأن النقاش الدولي ما يزال قائما، لكن مع الأسف فالوزارة سارت في الاتجاه الذي قررته بشكل أحادي.
على مستوى آخر، كان علينا أن نتابع تطور الوباء وما يحدث في المغرب، لكن أن يأتي موظف مساء كل يوم ويقدم الإحصاءات هكذا، فلا يمكن تحليل هذا الوضع الوبائي.
اليوم ظهر في أمريكا دواء جديد يحمل اسم “Remdisivir ” للعلاج، وهو في مراحل متقدمة من التجريب من قبل شركة مصنعة أمريكية ” Gilead Science أبرمت معها الحكومة المغربية عقد تسجيل الدواء حتى عام 2036 ، وهذا العقد يمنع استيراد هذا الدواء من أي دولة أخرى أو اقتناء مواد جنيسة لمكوناته، وهو ما سيحرم المغاربة من الوصول إلى العلاج، خاصة إذا كانت تكلفته مرتفعة.
أثيرت أيضا قضية الكمامات من حيث الجودة والكلفة والنجاعة؟
تعامل الوزارات مع الكمامات لم يكن كما يجب، فلو كان لدينا مخزون استراتيجي منذ فبراير 2020 للكمامات الجراحية، وأن نصنع كمامات بمعايير جديدة لكنا في وضع أفضل. فاليوم الكمامات التي تباع في الصيدليات بسعر 0.80 درهما للواحدة ثمنها الحقيقي 1.20 درهما، وهي مدعومة من قبل صندوق “كوفيد-19″، ولا تستجيب للمعايير الصحية رغم أن وزير الصناعة يقول بأنه سيصدرها للخارج، ولم يقل لنا أي دولة ستصلها تلك الكمامات المغربية. وهذا كلام من أجل الاستهلاك الداخلي فقط.
فلو اقتنينا الكمامات في يناير الماضي، ستصل الكلفة إلى 0.60 درهما للواحدة، وجلبناها من دول الصين وأندونيسيا وجنوب إفريقيا والهند، عوض 1.20 درهما المرتفعة التي تكلفنا اليوم، فالمغرب لم يعبأ المخزون كما يجب.
خلال هاته الأزمة، تبين أن المغاربة اليوم يؤدون ثمن سياسات صحية متراكمة؟
مؤشر الصحة العالمية يؤكد أنه على الأقل ينبغي أن نخصص 9 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وفي كل سنة نضيف 15 في المائة، حتى نقوي قطاع الصحة العمومية. فمن أجل تقوية القطاع العام وملء الخصاص من الأطر الطبية والتمريضية، نحتاج إلى أكثر من 17 ألف طبيب و25 ألف ممرض، زيادة على إعادة تأهيل البنى التحية وتوفير التجهيزات التي يعود بعضها إلى مرحلة الاستعمار.
يثار أيضا خلال هاته الجائحة سؤال مدى استجابة الصناعة الدوائية في المغرب لحاجات وانتظارات المغاربة؟
الصناعة الدوائية ينبغي أن تستجيب لحاجيات المغاربة، وهناك ارتباط الاقتصاد المغربي باقتصاديات دول، فنحن لم نفرز صناعة دوائية وطنية.
ينبغي إعادة النظر في الصناعة الدوائية الطبية والشبه الدوائية في بلادنا، فمن الممكن أن ننتج عددا من الأمور ولا حاجة لنا باستيرادها.
ومن الدروس المستخلصة خلال هاته الأزمة، إعادة النظر في النسيج الاقتصادي للمغرب برمته. وفيما يتعلق بالاحتياطات الاستراتيجية التي كان على المغرب أن يتوفر على مخزون استراتيجي منها مثل الكمامات ودواء الغدة الدرقية إلى جانب مجموعة أدوية غير موجودة اليوم في السوق، خاصة تلك المرتبطة بالأمراض النفسية. وهناك يطرح السؤال: أين الاحتياطي الاستراتيجي الذي بدا أنه غير موجود في مدة قصيرة لا تتعدى شهرين، فماذا لو بقينا في مثل هاته الظروف لستة أشهر؟ ماذا سنفعل؟
داخل جمعيتكم كانت هناك تخوفات من تطبيقات فرض حالة الطوارئ التي شرع في تنفيذها رغم تطمينات الداخلية.. مماذا تتخوفون؟
هاته التطبيقات فيها تخوف، وهي نوعان. الأول تطبيق وزارة الداخلية، فنحن ليس لدينا ضمانات لانتهاك الخصوصيات الشخصية، وأن يستمر تنفيذها خارج الحجر الصحي وحالة الطوارئ، حيث سيصبح المواطن المغربي مراقبا أينما حل وارتحل.
والتطبيق الثاني لوزارتي الصحة والداخلية، من أجل تتبع مسار بؤرة العدوى بعد رفع تدابير الحجر الصحي. فنحن ليست لدينا ضمانات لإنهاء هذا التطبيق، حيث سيبقى المواطن مراقب 24 ساعة على 24 ساعة من خلال هاتفه.
هاته التطبيقات ليس هناك ضمانات قوية بأن يقبلها المواطنون، خاصة التطبيق الثاني، لأنه كي ينجح يطلب من المواطنين تنفيذه، وهذا التخوف سيجعل تنفيذه غير ذي جدوى.
على الحكومة أن تعطي ضمانات قوية، حتى ينخرط المواطنون في الاستجابة للتطبيق الثاني، وإلا سيكون مضيعة للمال والوقت، وكي ينجح لا بد أن يطبقه 85 في المائة من المواطنين على هواتفهم الذكية.
تفجر جدل حول مشروع قانون 22.20 . ما قراءتكم لما أثير ؟
الحكومة لا تسير في الاتجاه الصائب، وتصريح المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات يؤكد على أنه يجب احترام حقوق الإنسان خلال فترة الطوارئ الصحية.
ويأتي مشروع قانون 22.20 رغم أنه ليس هناك استعجالية في تطبيقه، في وقت حكومات الدول منكبة على إعداد مشاريع قوانين المالية. ونحن في المغرب تركنا قانون المالية واتجهنا لسلك طرق غير قانونية لإعداد القوانين، فهذا المشروع لم ينشر على بوابة الأمانة العامة للحكومة، وسحب ثم أعيد التداول فيه، وكونت لجنة وزارة وتقنية.. اختلالاته نبهت إليها عدد من الهيئات، ومنها النقابة الوطنية للصحافة المغربية.
ومن بين اختلالاته، أنه ينتهك فصول الدستور المغربي في مواده 25 و 26 و 27 و 28، وعودة العقوبات الحبسية فيما يتعلق بالنشر، بعد أن ظننا أنا انتهت مع مدونة الصحافة والنشر، وغراماته المالية المرتفعة جدا.
هو أيضا مشروع قانون لا يمس حق حرية التعبير فحسب، بل يمس بالتطور التكنولوجي الذي تعرفه الإنسانية، حيث لا يمكنك استعمالها، لأنك تخاف من المتابعات وسيحرمنا من هذا التطور الرقمي.
اليوم هناك إجماع الكثير من الفاعلين السياسيين على وجوب سحبه من التداول والنقاش، وهو غير ذي جدوى. فهناك القانون الجنائي ومدونة الصحافة والنشر ولا داعي له، ولا داعي أيضا لاستغلال للحجر الصحي لتمرير قانون لتكميم أفواه المغاربة.
طفت خلال الأزمة قيم التضامن والتازر، غير أن هناك من يعتبر أن السلطات تستغل الظرف لتمرير قرارات أو شرعنة مواقف . ما تعليقكم؟
ضمن هذا مشروع قانون 22.20 الذي لا يحترم الحقوق، وإصدار هذا النوع من القوانين أكثر من الضرب في الشارع. الحكومة حاولت واستغلت الحجر الصحي للرد على المقاطعة التي كان لها صدى في المجتمع المغربي.
إحكام القبضة الأمنية ستؤدي إلى انفجار لن تستطيع الدولة التحكم فيه، وهي أمام خيارين إما التعقل وفتح نقاش عمومي وخلق تصورات جديدة، أو الذهاب في اتجاه إغلاق لن تستطيع الدولة أن تتحكم فيه.
وكيف تنظر إلى مستقبل عيشنا المشترك؟
على الدولة إحداث إنفراج حقوقي بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي والمدونين، وعلينا أن نوسع مجال حرية التعبير، وأن نقف عند النقائص، فالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ما تزال ناقصة أمام هشاشة 20 مليون مغربي، يمثلون أكثر من نصف الساكنة.
وعلينا أن نعيد الحقوق لتكون لصالح المواطن، والحماية الاجتماعية يجب أن تكون الورش الأول الذي ينبغي الاشتغال عليه.
كما يتعين علينا إعادة النظر في خوصصة القطاعات، فجائحة كورونا أظهرت أن القطاع الخاص غير قادر على التحمل، وعلينا إصلاح منظومة التربية التكوين لأن الجائحة بينت أننا وجدنا أنفسنا في مرحلة نتسائل فيها ماذا سنفعل وكيف؟.
علينا أيضا فتح نقاش عمومي، أي مغرب نريد ما بعد “كورونا” بشكل شفاف، وأن يكون صدر الدولة أرحب، لأن الأهم هو إعادة البناء ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع على ما هو عليه، وأن تعطى الكلمة للجميع لإعادة صياغة توافقات بعقد اجتماعي جديد يشمل الكثير من الضحايا، وهذا ما يقع في مجموعة من الدول، وأن نكون سباقين لانفراج سياسي وحقوقي في البلاد وتطوير آليات جديدة لتقديم الأفضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.