تنبني دولة المؤسسات والديمقراطية على أساس مبدأ سيادة القانون المنصوص عليه في الفصل السادس من الدستور، وهو المبدأ الذي يكرس قاعدة المساواة بين الدولة والمواطنين أمام القانون. ومن البديهي أن الذي يجسد القدوة في احترام القانون وتفعيل هيبته هم كبار المسؤولين في الدولة، خاصة في الحالات الاستثنائية التي يكون فيها القانون صارما على الجميع، كما هو الشأن بالنسبة لحالة الطوارئ الصحية التي اتخذتها الدولة بموجب مرسوم قانون رقم 2.20.293 بتاريخ 24 مارس 2020، بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا- كوفيد 19. وتطبيقا لهذا المرسوم بقانون صدرت العديد من النصوص التنظيمية التي تفرض حالة الحجر الصحي وارتداء الكمامات الواقية، واعتبار مخالفة مقتضياتها جرائم يعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، وذلك اعتبارا لكون هذه الجرائم تمس بالسلامة الصحية للمواطنات والمواطنين. وقد صدرت دوريات عن رئاسة النيابة تحث على التطبيق الصارم للمقتضيات القانونية المتعلقة بالحجر الصحي وارتداء الكمامات الواقية من فيروس كورونا، بحيث أصدرت بلاغا تمت إذاعته في جميع قنوات الاتصال السمعي البصري العمومية والخاصة، تؤكد فيه أنها تابعت ما مجموعه 4825 شخصا بسبب خرقهم لمقتضيات حالة الطوارئ الصحية. غير أنه في الوقت الذي تتابع فيه النيابة العامة مواطنات ومواطنين بسبب خرقهم حالة الطوارئ الصحية بعدم ارتدائهم الكمامات الواقية أو مخالفتهم قواعد الحجر الصحي، يقوم السيد رئيس الحكومة وأمام مشهد ومرأى المغاربة بخلع الكمامة الواقية والتصريح جهرا بتعمده عدم حملها في قاعة جلسة المساءلة الشهرية، التي تم نقلها مباشرة في التلفزة المغربية العمومية، علما أنها هي القاعة التي تصاغ ويصوت فيها على القوانين، ورغم تنبيهه من طرف السيد رئيس مجلس النواب والسيدات النائبات والسادة النواب بأنه من الواجب عليه ارتداؤها امتثالا للقانون، فإنه رفض ذلك بذريعة أن الوزير الأول الفرنسي ورئيس الحكومة الإسباني لا يرتديان الكمامة أثناء جوابهما عن أسئلة برلمانيي دولتيهما. إن السيد رئيس الحكومة، وعوض أن يقتدي بالسلوك السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، وهو يرتدي الكمامة أمام العالم، في تجسيد راق ومتميز لاحترامه وتكريسه لسيادة القانون، فإنه فضل الاقتداء برؤساء حكومات دول أجنبية لا تتوفر على قوانين تلزم حمل الكمامات الواقية. كيف تراهن الدولة على المواطن الذي لا يتحمل مسؤولية عمومية أن يحترم القانون، في الوقت الذي يخرق فيه رئيس الحكومة النص التنظيمي القاضي بإلزامية ارتداء الكمامات؟ كيف سيشعر المواطنات والمواطنون وهم يسجلون متابعة النيابة العامة للأشخاص المخالفين لهذه المقتضيات القانونية، وذلك في الوقت الذي يصرح فيه رئيس الحكومة بعدم حملها في قاعة البرلمان التي تشرع فيها القوانين، دون أن تحرك في حقه أي متابعة من طرف النيابة العامة؟ فهل قاعة الجلسات بالسلطة التشريعية خارج نطاق تطبيق القوانين الجاري بها العمل.