أن تحترم حق الناس في التقوى و في الإلحاد، و أن تؤمن انه لا إكراه...لا إكراه في الدين و لا في السياسة، لا إكراه في الإيديولوجيا ولا في أشكال النضال و أدواته. أن تعلم أن الوطن أكبر من الإيديولوجيات و أعظم من رموزها. فلا تقدس قيادات حزبك و لا تتعصب لآراء حركتك أو تيارك، وليكن ولاؤك لضميرك أقوى من ولائك لمصلحة تنظيمك. أن تعتقد –إن كنت مؤمنا- أن الطريق إلى الجنة يبدأ في الأرض بنصرة المستضعفين و الدفاع عن المظلومين وخدمة المحتاجين، أي بالنضال المدني الحقوقي و الثقافي و الاجتماعي، و أن استحقاق الجحيم يبدأ في الأرض بالاسترزاق و النفاق و الطمع و اعتياد الكذب و تفضيل المصالح على المبادئ. أن تدافع عن الحق المر، و ألا تسكت عن الظلم، و أن تعرف أن ظلم أي إنسان هو ظلم لك شخصيا، بمقتضى الاشتراك في الانتماء إلى النوع البشري المكرم. ألا تبخس الناس حقوقهم، وأن تحفظ لذوي المروءة كرمهم، مهما اختلفت معهم، و تعذر من خالفك الرأي، ولا تحتكر الحقيقة و اليقين. أن ترفض تسليم عقلك لماكينة التخدير وآلياتها، من هوس المهرجانات الغنائية وسيل البرامج الترفيهية، وحمى المباريات الكروية، وبهرج المواعظ الدينية التي تحابي الظالمين وتتوعد المظلومين. و أن تقرأ و تتابع و تبحث و تحاور و تأرق، لتكون رأيك المستقل و فهمك الخاص لما يدور حولك، فلا تستغل يمينا و لا شمالا، و لا تسلم عقلك لقياداتك، ولا تكون مجرد منفذ لمعارك الآخرين . وألا يخلو برنامجك اليومي من الحوار و الإصغاء والنقاش الموسع كمهارات لا ينمو نضج المناضل دون التمرس بها. ألا تتكون لديك هواية التقاط الصور لنفسك و أنت تناضل، و شهوة السيطرة على الميكروفون في كل تجمع، و لذة الظهور في الفضائيات، ولعاب التهافت على المؤتمرات و الأسفار و الفنادق و التعويضات. أن تحب الوطن و الإنسان، أن تعطي من مالك و جهدك و صحتك و مهاراتك، أن يكون ولاؤك للحرية و الكرامة و العدل أكبر من ولائك لوظيفتك و رفاهيتك و رصيدك البنكي، أن تدافع عن الديمقراطية لك و لخصومك، و أن يكون الحق و الحقيقة أعز ما تطلب. أن تفسح في المجلس ( الحزب، الجمعية، الشارع، التنسيقية، المبادرة، الموقع...) لمن التحق متأخرا عنك، أو لمن لا يسعه أن يناضل على شاكلتك، و ألا تعتقد أن سبقك في النضال يخولك وصاية عليه او استئثارا دونه. أن تكون قدرا مسلطا على الظالمين و السراق و على رأسهم ناهبو المال العام و منتهكو حقوق الإنسان، و أن تكون رحمة مهداة الى المستضعفين، و على رأسهم الفقراء بقدر المخزن، و المعتقلون بقضاء تعليماته. أن تؤمن بسيادة القانون حلا وحيدا و نهائيا، و أن تؤمن بنتائج الديمقراطية و إن أسقطتك، و أن تعترف بأخطائك و تدفع ثمنها، و أن تثبت على مبادئك حين ترتفع كلفتها، و ألا توقع عن رب العالمين للترويج لخياراتك السياسية أو لضمان مصالحك الاقتصادية، وألا تعادي الدين و المتدينين احتراما لحرية المعتقد و حق البشر في الاختيار. أن تعرف أن الله كان يستطيع أن يخلق مغربا للإسلاميين و آخر للعلمانيين، و أن يبسط أرضا للمحافظين و أخرى للثوريين، و أن يرفع سماء للعرب و أخرى للأمازيغ. لكنه لم ينزل مطرا مؤمنا و آخر ملحدا، و لم ينبت أشجارا لمن يحملون رسالته و يحرم من فيئها و خضرتها الباقين...شاءت حكمته ان يقسم بيننا الأرض و السماء و المطر و الهواء، لا ليستأثر بعضنا بالثروات و يستبد بالقرارات دونا عن الباقين، بل لنصنع جميعا حياة أخلاقية مشتركة، فنتحاور و نتوافق و نتعايش و نسمو، فوق أرض واحدة و تحت سماء واحدة .