اعتبر الباحث أحمد الزيداني، أن انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، التي عرفها شمال المغرب بداية عهد الحماية ( 1912-1956) ، كانت من أهم أسباب التسريع بتنظيم قطاع الصحة بالمنطقة، خوفا من انتقالها إلى الضفة الشمالية للمتوسط، حيث كانت قد ازدادت تحركات الأشخاص والبضائع، وتنفيذا لالتزاماتها الدولية بمقتضى مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906. وأضاف الزيداني، في حوار مع موقع “لكم”، في سياق الإجراءات التي اتخذها المغرب للحد من تفشي وباء كورونا، أن النظام الصحي للمنطقة قبل 1956، وحسب المعايير الدولية وقتها، كان جيد جدا، مقارنة بدول أخرى ومنها إسبانيا التي لم تكن قُراها تتوفر على مستوصفات مثل شمال المغرب، مشيرا إلى أن عددها وصل إلى 50 مستوصفاً ومركزا صحياً، بالإضافة للنقط الصحية الأسبوعية بالأسواق المغربية. وأكد الزيداني، على أن مما زاد من حدة انتشار الأوبئة خلال هذه المرحلة، الظروف الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية، والتي لم تستطع سلطات الحماية الإسبانية تطويقها والسيطرة على أغلبها حتى بعد خروجها من المغرب.
وأشار الباحث، الذي اعتمد في حواره مع “لكم” على مراجع متعددة منها مراجع في المكتبة الوطنية الإسبانية بمدريد Biblioteca Nacional de España، إلى أن الديكتاتور الجنرال بريمو دي ريفيرا Miguel Primo de Rivera ونظام الجمهورية حاولوا ربط النظام الصحي الشمالي بنظام الدولة الإسبانية، عكس نظام فرانكو “الإفريقي..! ” وجنرلاته Africanistas، وتحت “الأخوة الإسبانية-المغربية”، الذي وضع نظام الصحة المغربي بتوازٍ مع إسبانيا وليس خاضعا لها. واستدرك الباحث المقيم في الشمال الإسباني، أن الصراعات السياسية بإسبانيا أثرت وبشكل مباشر على كل القطاعات بالمنطقة وأعاقت التطور العادي للعديد منها، وخاصة قطاع الصحة، مرجعا بعض أسبابها إلى عوامل داخلية، كالصراع على الاختصاصات بين العسكريين والمدنيين المتمثل في الصراع بين وزارة الحرب ووزارة الدولة (الخارجية) الذي استمر حتى بداية الحرب الأهلية سنة 1936، وضعف الإمكانيات المادية والبشرية، وبعضها خارجية، مثل المقاومة المسلحة للتدخل العسكري التي استمرت حتى 1927، وتدخلات المجلس الصحي الدولي بطنجة كمراقب على تنفيذ إسبانيا وفرنسا لالتزاماتهما الدولية التي تعهدتا بها بمؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906، إضافة إلى تدخلات سلطات الحماية الفرنسية. وبخصوص أهم الأوبئة التي ظهرت بشمال المغرب في تلك الفترة، قال المتحدث، وباء الطاعون La peste: مرض الملاريا Paludismo، الجدام Lepra، التيفوس الوبائي Tifus، الجدام Lepra، الجذري La viruela ، داء السل Tuberculosis، وأيضا وباء الزهري، الذي يحتاج لدراسة خاصة، بالإضافة إلى الحمى التي ضربت العالم بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، المسماة خطأً بالحمى الإسبانية، التي ضربت كذلك شمال المغرب وقتلت الآلاف، غير أننا لم نجد معلومات أكثر حول هذا الوباء. وعن بعض المراجع التي اعتمد عليها في خروجه بهذه الخلاصات، أشار الباحث إلى كتب ودراسات Francisco Javier Martínez-Antonio المتخصص في الصحة في نظام الحماية الإسباني، وإلى كتاب نشره المجلس الأعلى للبحث العلميConsejo Superior de Investigaciones Científicas, CSIC سنة 2003 تحت عنوان: La acción medico-social contra el paludismo en la España metropolitana y colonial del siglo XX, Esteban Rodríguez Ocaña, Rosa Ballester Añón, Enrique Perdiguero Gil. طاعون سنة 1913 وبخصوص وباء الطاعون، أفاد الباحث، أنه ظهر في شتنبر 1913 بثكنة عسكرية بالقصر الكبير، أودى خلالها بحياة 23 جنديا، وهو ما دفع مدريد إلى إرسال بعثة طبية عسكرية-مدنية إلى المنطقة ترأسها المفتش العام للصحة الخارجية Manuel Martín Salazar، مشيرا إلى ما كتبه الفرنسي Paul Remlinger، في موضوع تحت عنوان “الطاعون بالمغرب” نشر بمجلة Revue d'Hygiène et de Police Sanitaire, xxxv 1913، الذي أكد أن مصدر الوباء كان جهة دكالة، وأودى بحياة أكثر من 10 ألف شخص صيف 1911، مشيرا إلى أن هذا جاء بعد توقيع عقد الحماية بين فرنسا وإسبانيا في 27 نونبر 1912، وفي سياق غياب تام لأي نظام صحي مغربي. وحسب الباحث فإن هذه اللجنة أعدت تقريراً سيكون النواة الأولى لتنظيم قطاع الصحة بالمنطقة، حيث جعل من مدينة العرائش عاصمة قطاع الصحة، قبل أن يبدأ في تركيزه بالعاصمة تطوان بداية العقد الثاني من القرن العشرين، مشيرا إلى أن هذه اللجنة لم تنجح في محاصرة الوباء والقضاء عليه، فقد ظهرت بؤر جديدة ما بين سنة 1915 و1916 بتطوانوسبتةوأصيلة، وفي 1920، ظهر مجدداً بتطوان ومنطقة مليلية (الجهة الشرقية) وبعض المدن الإسبانية القريبة من جبل طارق، مضيفا أن هذا الوباء عاد ليظهر في جميع أنحاء منطقة الحماية، ما بين 1923 و1926، تطوانوالعرائش وجهة مليلية، وفي إسبانيا بمالقة وبرشلونة وجزر الخالدات- كنارياس، مؤكدا أنه اتضح لاحقاً أن مصدره مدينة وهران الجزائرية. وأغلب الحالات أخفتها السلطات الإسبانية (برقية من مدير الإدارة العامة للمغرب والمستعمرات DGMyC إلى رئيس الحكومة سنة 1926). وزاد الباحث، أنه وفي 1932، ظهرت آخر بؤرة للطاعون بشمال المغرب بمدينة طنجة. تأهبت السلطات التطوانية ومعها سلطات الجمهورية الثانية بإجراءات وقائية، من أهمها ضرب حاجز صحي على مدينة طنجة تفادياً لانتشاره بمنطقة سيطرتها، فأسست لجنة المراقبة الصحية الخارجية، بثكنة الركايع القريب من الزينات، وأقامة مركز للمراقبة ومستشفى مؤقت بالجسر الدولي بحجر النحل Puente Internacional، وأيضا حملة تلقيح شبه عامة لكل سكان القبائل المجاورة للمدينة، كمثال حملة التلقيح بمستوصف ملوسة بقبيلة أنجرة. ولم يفت الزيداني الإشارة إلى أن الجمهوريين عملوا، بعد وصولهم إلى الحكم بإسبانيا، على تكييف قطاع الصحة الإسباني والمغربي، مع القوانين الدولية، إلا أن سياستهم بخفض عدد الجنود بشمال المغرب كانت كارثية بالعالم القروي، نظراً لارتباطه كلياً بالجيش، وخاصةً الصحة العسكرية. الملاريا بشمال المغرب أما عن هذا الوباء فقد قال الباحث، أنه إذا كانت سلطات الحماية الإسبانية استطاعت القضاء على وباء الطاعون ومنع انتشاره، غير أنها وحتى خروجها من المغرب لم تستطع القضاء على مرض الملاريا المعدي، مؤكدا على أن مرض الملاريا أحد أهم أسباب الوفيات في صفوف الجنود الإسبان بشمال المغرب- سبتة ومليلية خاصةً- حتى قبل بداية نظام الحماية سنة 1912، مشيرا إلى أنه وبعد هذه السنة لم تهتم السلطات بمحاربته، رغم أن الجيش بالجهة الشرقية كان يرسل تقارير عن انتشاره وإصابة العديد من الجنود. فقد كان الجيش يخلي ثكناته ولا يعود إليها حتى تتحسن ظروف الساكنة القريبة…!! ضاربا مثال على ذلك بثكنة الحاج علي الكاحل بقبيلة الحوز والقريبة من خميس أنجرة ومنطقة مرتيل، لكن الجهة الأطلسية، تبقى أخطر منطقة لانتشار الملاريا ،خاصة الممتدة على طول نهر اللكوس (القصر الكبيروالعرائش) والقريبة من أصيلة (نهر تهدارت والحاشف)، مؤكدا على أن كل المنطقة الممتدة من أقصى الشرق إلى المحيط الأطلسي كانت تعتبر ملاريةً بامتياز نظرا لمناخها الحار وكثرة الأنهار والمستنقعات والأحواض التي يكثر فيها البعوض الناقل للمرض. ولمواجهة هذا الوباء في هاته الفترة، قال الزيداني، أنه تقرر إنشاء لجنة لمحاربة الملاريا، برئاسة José Pastor Ojero أواخر سنة 1920، بعد صراع بين وزارة الحرب ووزارة الدولة، حيث زارت المنطقة باستثناء وسط الريف، ووقفت خلال الزيارات على ضعف التجهيزات الطبية، إذ لم يكن هناك إلا مختبران لدراسة ومعالجة المرض، في مليلية والعرائش، وغياب قنوات الصرف الصحي بجميع جهات المنطقة، وغياب مؤسسة مركزية لمراقبة عمليات محاربة المرض في ظل عشوائية تطبيق الإجراءات الوقاية كتشجير المناطق الرطبة، ورفض المرضى التداوي “بالكينينة “Quinina… وأضاف، وفي 1929، تم إصدار ظهير بتكوين اللجنة المركزية لمحاربة الملاريا Comisión Antipalúdica Central تبعها تأسيس لجان محلية بالمدن والقرى، كأهم إنجاز جاء به مفتش الصحة الجديد Eduardo Delgado Delgado. وانطلاقاً من هذه السنة، سيبدأ فعلياً في مكافحة هذا المرض لفائدة السكان الأصليين، خاصةً بالقرى، مشيرا إلى أن أغلب الإجراءات كانت تطوعية من سكان القبائل والسجناء، نظرا لضعف الميزانية المخصصة لذلك، وكانت تحت إشراف المراقبين العسكريين Interventores المسؤولين عن قطاع الصحة وغيره بالعالم القروي، من خلال تجفيف المستنقعات والأحواض، وتنظيف ضفاف الأنهار وفتح مجاريها، وزراعة الأراضي الرطبة، وإصلاح الأراضي التي تعتبر معدية، وأخطرها بأصيلةوالعرائشوالقصر الكبير ومارتيل والدريوش، مشيرا إلى أنه وبعد 1931، ستكتفي السلطات الصحية بالوقاية الفردية ومراقبة المرضى حاملي الفيروس..!! بسبب سياسة الاقتطاعات الاقتصادية التي انتهجتها الجمهورية الثانية، مع إيقاف أغلب المشاريع العمومية بالمنطقة. وانطلاقاً من 1938، يضيف الزيداني سيبدأ نظام فرانكو بتنفيذ إجراءات أكثر نجاعة لمحاربة المرض، بفتح سبع مراكز رسمية جديدة لمحاربة الملاريا، بالعرائشوأصيلةوالقصر الكبيروتطوان وشفشاون ومرتيل والمضيق. وكذا تنظيم دورات تدريبية للأطباء والممارسين العاملين بالمستوصفات القروية، وإجبار المرضى على التداوي، وإحصاء التركيبة السكانية والصحية للمنطقة بإصدار نشرة شهرية للمعلومات الإحصائية Boletín Mensual de Información Estadística, Demográfica y Sanitaria، كما أنه وفي 1945، ظهرت تقنيات جديدة لمحاربة المرض، تمثلت في استعمال المبيدات الحشرية DDT. وخلص المتحدث، في هذا الباب، إلى أنه إذا كان نظام الحماية الإسباني لم يستطع القضاء على المرض طوال وجوده بشمال المغرب، فإنه ترك لنا شجرة الصفصاف نتيجة سياسة التشجير العشوائية بالقرب من المراكز العسكرية والتجمعات السكنية، عكس ما كانت توصي به السلطات الصحية. إسبانيا ومرض الجدام اعتبر المتحدث، أن إسبانيا بدورها لم تسلم من هذا المرض، حتى بعد الحرب الأهلية الإسبانية، حيث ظهر هذا الوباء في العديد من المدن الإسبانية. سارع نظام فرانكو الذي اعتبره وصمة عار أمام العالم، إذ كان ينعت أعداءه ب”الجدام الأحمر” Lepra Roja. وحسب الزيداني، فإنه كانت هناك دراسة مهمة حول هذا الوباء للدكتور Fernando del Toro Cano، مدير المستشفى المدني بتطوان، بعنوان: مشكلة الجدام بغرب المغرب الإسباني، نشرت سنة 1934. ورغم محتواها العنصري، تعطينا فكرة عامة عن المرض، حيث أعد أول إحصاء لمرضى الجدام المغاربة والإسبان بالمنطقة، حدد بؤر انتشاره الأساسية والتي كان مصدرها جهة فاس، وأعطى فكرة عن أعراضه.. ودعا لبناء مستشفى خاص بالقصر الكبير. وخلال الحرب الأهلية الإسبانية، يقول الزيداني، فإن النظام الجديد بشمال المغرب سيبدأ بإصلاحات عميقة بقطاع الصحة، تحت إشراف المفتش العام الجديد Juan Solsona Conillera. وفيما يخص محاربة وباء الجذام، انطلق من الإجراءات التي اتخذتها الجمهورية لمحاربة الجذام والتي استوحتها من لجنة الصحة العالمية التابعة لعصبة الأمم، كعزل المرضى بمستشفيات خاصة وفتح مختبرات لدراسة المرض بإسبانيا والمغرب، توجت بتأسيس عيادة خاصة بالعرائش، بعيدة عن المستشفى، سنة 1939. وإطلاق حملة محاربة الجذام سنة 1942. أسرى ماتوا “بالتيفوس” على هذا المستوى، قال أحمد الزيداني، أن المصادر التي عالجت موضوع الأسرى الإسبان لدى الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي بأجدير، أشارت إلى موت العديد منهم بالتيفوس الوبائي، ومنهم الطبيب الضابط Fernando Serrano Flores الذي انتقل إليه المرض من الأسرى، وفي سنة 1925، انتشر الوباء بكل المنطقة، حاول الطبيب المغربي، محبوب المحمود، مواجهته بالوسائل المتاحة، حيث أقام مركزين طبيين، بخليج الحسيمة و داخل الريف. وأشار الباحث، إلى أن هذا الوباء ظهر من جديد بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ما بين 1941 و1942 بشمال المغرب، خاصةً بجهة الكرت. وقد انتقل إليه من جنوب إسبانيا والجزائر. ونتيجة لانغلاق النظام، أودى بحياة الآلاف قبل أن تنظم حملات واسعة للتلقيح في مناطق انتشاره خاصةً بالمدارس. حملات تلقيح لنساء مغربيات اعتبر أحمد الزيداني، أن محاربة الجدري من أهم إنجازات السلطات الصحية الإسبانية بالشمال، وخاصة بالعالم القروي. وعن أسباب هذا النجاح، قال المتحدث، أن الإسبان قاموا بتنظيم حملات التلقيح على نطاق واسع بالمدن والقرى، بمساهمة المغاربة. فقد أدركت هذه السلطات ابتعاد السكان المغاربة عن الأطباء الإسبان، فقامت بتكوين ممارسين وممرضين (رجال ونساء) مغاربة Practicantes لمساعدة هؤلاء الأطباء، و للوصول إلى القرى البعيدة. وأبرز الباحث، أنه وقبل 1927، كان الإسبان والأعيان والجيش المغربي وعائلاتهم الفئات الوحيدة المستفيدة من الخدمات الصحية، 'الواحة الصحية (Oasis sanitario). فقررت السلطات سنة 1928 تأسيس المدرسة الرسمية لرعاية الأطفال والنساء لتكوين الممارسات والممرضات، بمبادرة الطبيبة ماريا دل مونطي لوبيس ليناريس Maria del Monte López Linare، والتي عملت كمديرة لهذه المدرسة وترأست كل المؤسسات الصحية لرعاية الأطفال والنساء حتى خروج الإسبان من شمال المغرب، مشيرا إلى أن نجاح هذه الطبيبة كانت وراءه نساء مغربيات، وبالخصوص رحْمَة بنت علي وأختها يمينة، اللائي تلقين دورات تكوينية بتطوانومدريد. واعتبر الباحث المغربي، أن رحْمَة أهم عامل نجاح حملات التلقيح بتطوان والقبائل المجاورة، حتى قبل ظهور ماريا دل مونتي. ففي سنة 1927، لقحت أكثر من ألف امرأة وطفل ضد الجذري خلال 6 أشهر، مؤكدا على أن نجاح هذه المدرسة سيدفع مفتشية الصحة إلى فتح مثيلاتها بطنجةوالعرائشوالقصر الكبير وشفشاون، كما سيصدر ظهير جديد بإنشاء مدرسة تكوين الممارسين المغاربة بكلية الطب بمدينة قادس سنة 1929، وبعدها بسنة ببني جرفط. الدعاية الفرانكاوية حسب الزيداني، فإن شمال المغرب عرف تحركات سكانية كبيرة نحو المدن، فانتشر الفقر وظهرت الأحياء العشوائية التي تفتقد أدنى معايير السلامة الصحية، وفي دجنبر 1934، صدر ظهير مكافحة داء السل بمنطقة الحماية، حيث بدأت الجمهورية بحملة تلقيح (لقاح BCG) على نطاق واسع، وبتعميم الرعاية الصحية بالمدن والقرى من خلال التشخيص المبكر، والشروع ببناء السكن الاقتصادي، وإنجاز مشروع بناء المدرسة الوقائية للأطفال المصابين بمرض السل بكتامة. وأضاف الباحث، أنه ومع بداية الحرب الأهلية الإسبانية، قرر الجنرال فرانكو إطلاق حملة لمحاربة داء السل بإسبانيا، فأسس مجلس أمناء محاربة داء السل. وتبعه إصدار ظهير قانون مكافحة السل بالمغرب الذي نص على إحداث مجلس أمناء محاربة داء السل المغربي. كما فتح مستشفى خاص بأصيلة، إلا أن أكبر خطوة ضد الوباء كانت بناء مستشفى بن قريش سنة 1946، حسب المؤرخ محمد بن عزوز حكيم، الأول على الصعيد الوطني، حيث استفاد من خدماته الإسبان و المغاربة (حتى غير المقيمين بالشمال) . واعتبر الزيداني، أن السل والجذري شكلا منذ الثلاثينات وحتى نهاية الحماية، المرضان اللذين حظيا بأكبر اهتمام السلطات الإسبانية، رغم أنهما لم يكونا من الأمراض الأكثر فتكاً بالمنطقة، كالملاريا والزهري. ويرجع السبب إلى علاقة السل بالحالة التاريخية والاجتماعية بإسبانيا حينها. فقد استغل نظام فرانكو قطاع الصحة، وخاصة الطبيب كرمز عام على مبادئه وقيمه، وهذا ما أكدته الأفلام الوثائقية الصحية التي أعدت بالمغرب وغينيا الاستوائية، ك “مرضى في بن قريش” و”أطباء مغاربة”.