بعد مرور حول كامل على التعديل الدستوري الأخير؛ تواجه المتتبع للشأن العام في وطننا تسآلات حارقة في مناخ سوسيوسياسي ملتهب وملتبس؛ سماته الأساسية التردد والارتباك والتذبذب في اتخاذ القرارات السياسية والاستراتيجية الحاسمة والفاصلة... وغياب الرؤى الوطنية البعيدة المدى جراء انقراض رجال الدولة العمالقة وأيلولة القرار إلى الأقزام الذين لا تتجاوز "رؤاهم" أرنبات أنوفهم التي أزكمتها روائح حروبهم التافهة من أجل "اللاوطن" و"اللادولة" و"اللامستقبل"... 1. بعد سنة من بداية الإصلاح، هل أضحى المغرب محصنا ضد إشعاعات الربيع العربي؟ ولماذا؟ على امتداد العقود الثلاثة الأخيرة باشر النظام المغربي مجموعة من الإصلاحات المهمة، لكنها للأسف الشديد لم تحقق النتائج المتوخاة منها. أما بخصوص عم إذا كان المغرب قد تجاوز إشعاعات الربيع الديمقراطي العربي و"غير العربي": فإنني أرى أن وطننا ربما يتموضع اليوم في بؤرة هذه الإشعاعات أكثر من أي وقت مضى. ذلك أن الوضع الاجتماعي الراهن عبارة عن قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في كل لحظة وحين. وكل من يعتقد قياسا على تجارب ماضية بأن ما يحدث هو مجرد شظايا ناتجة عن عاصفة هوجاء لم تكن متوقعة ضمن المخطط الدولي والإقليمي المحلي لتدبير الأخطار والأزمات، وبأنها سرعان ما ستتوقف آثارها وانعكاساتها وستبطل مفاعيلها ويهدأ أزيزها؛ فهو مخطئ وواهم... أما إذا كان في موقع المسؤولية؛ فإنه يلعب بالنار، ويقامر بمستقبل الوطن مقامرة خاسرة مسبقا؛ لأنه يراهن على مبتغاه ومأموله وليس على معطيات الواقع ومؤشراته الجلية بله الخفية! لماذا، إذن، لسنا في منأى عن هذه الإشعاعات بل نحن في قلبها؟ لأن المغاربة حينما خرجوا يوم 20 فبراير 2011 في حركة عفوية تجاوبا مع انعطافة التحرر الشعبي العربي في التاريخ المعاصر؛ لم يخرجوا للتقليد والمحاكاة ولكن بحفز من الوجدان الجمعي والمصير التاريخي والحضاري المشترك. ولن تفسر هذه الحركة التفسير السليم إلا إذا وضعت تحت مشرط التحليل الأنطربولوجي، ورتقت نتائجه بإبرة التركيب السوسيوتاريخي. إذ أن ما نشهده اليوم في العالم العربي هو تحرير لدينامية التغيير الاجتماعي ولعجلة حركة التاريخ التي فرملت قبيل الاستعمار وأثناءه وبعده... قلت: نزل المغاربة إلى الميادين بأعداد هائلة، وحتى الذين لم يخرجوا كانوا مؤيدين لهذا الحراك ولشعاراته ودوافعه... لكنهم توجسوا من الأخطار الجانبية باستثناء طبعا وبدهيا المستفيدين من الوضع الراهن؛ وهم قلة قليلة! رفع المحتجون مطالب وعناوين عديدة التأمت جلها في شعار واحد هو: "إسقاط الفساد والاستبداد". كما لوح في الهواء بصور رموز ذاك الفساد وهذا الاستبداد في مختلف المواقع والدواليب. فكانت النتيجة الاستثنائية هي خطاب 9 مارس ذو النقاط السبع؛ الداعي إلى إجراء تعديل دستوري مفعل لتوصيات اللجنة الاستشارية للجهوية ولمطلبي الديمقراطية وربط المسؤولية بالمحاسبة في تدبير الشأن العام كمدخل لتحقيق مطلب المطالب ألا وهو: "إسقاط الفساد والاستبداد". لكن العمل ليس كالقول، ولا التنظير يماثل التطبيق. ذلك أن التوليفة الجدلية (الفساد / الاستبداد) تشكل البنية العميقة لآليات اشتغال نظام الحكامة في المغرب، بينما يمثل الخطاب الراقي والمفذلك عموما بما في ذلك القوانين وفي طليعتها الدستور البنية السطحية الموغلة في الشكلانية. فالقرارات المصيرية والاستراتيجية تتخذ على مستوى البنية العميقة؛ لكي تتكفل البنية السطحية بعد ذلك بشرعنتها وتسويغها وتبريرها وتمريرها عبر قنوات مؤسسية قانونية ودستورية من حيث الشكل لكنها في العمق نتاج اشتغال آليتي الفساد والاستبداد. من هنا يتجلى أن تحقيق شعار: " إسقاط الفساد والاستبداد" صعب المنال، إن لم أقل: إنه محال في ظل استمرار عناصرهما في احتكار القرار، وفي أحسن الأحوال التحكم فيه، بالإضافة إلى التعطيل الظرفي الممنهج لحركة الشارع ... إن الوضع الاجتماعي المغربي شديد الاحتقان، وحركة إصلاح النظام السياسي تبدو مأزومة ومرتبكة؛ ذلك أن البنية العميقة تتجذر وتترسخ أكثر معبئة كل الموارد، بينما البنية السطحية تهمش أكثر، وتزداد أدوارها شكلانية بحيث تجرد من كل السلط والموارد... فهل يا ترى ينتظر المغاربة أن يسقط الفساد / الاستبداد الممؤسس والمبنين نفسه بنفسه؟! إنه لسيناريو مرعب ومفزع ومخيف حقا! ما دام الفساد / الاستبداد متحصنا في قلاعه التقليدية محافظا على استراتيجية "السلطة في خدمة المال"! رافضا أن يتحلى بالقدر الأدنى من المواطنة المسؤولة، ويؤدي واجباته إزاء تاريخ وطنه وحيال مستقبل الأجيال القادمة. وما دام الطرف الآخر الذي يدافع عن استراتيجية "الإصلاح في ظل الاستقرار" يجرد من كل سلطة حقيقية ومن الموارد اللازمة، ويتم إضعافه وإحباطه؛ بحيث يجد نفسه يدافع عن بنية جشعة ومقامرة شعارها الخالد: "إما كل شيء أولا شيء"! وفي المقابل ينسحب الطرف الثالث في تكتيك حذق ويعطل حركة الشارع؛ ليسحب آخر أوراق الطرف الثاني، في انتظار الانفجار الأعظم انسجاما مع مبدئه الأزلي: (لا إصلاح بوجود "نظام حكم عاض" أو "نظام مخزني رجعي")... إنها دعوة للتعقل أوجهها إلى كل المخلصين والحكماء من أبناء هذا الوطن في كل المواقع: "إنه لإسقاط الفساد والاستبداد ينبغي تبديل موقعي بنيتي نظام الحكامة؛ بحيث يضحي الدستور والمؤسسات والقوانين التنظيمية هي البنية العميقة؛ ويمسي الفساد والاستبداد تجليا من تجليات مرحلة تاريخية من مراحل تطور النظام السياسي في المغرب المعاصر. بلغة أوضح: "ينبغي أن يستعيد الشعب سيادته على مؤسسات الدولة المهربة، وأن يتولى سلطتي التفويض أو الانتخاب والمحاسبة في الآن ذاته. 2. هل ستؤدي الزيادة الأخيرة في المحروقات نحو مزيد من الاحتقان الاجتماعي، وبالتالي انفجار حراك الشارع مجددا ؟ إن أسباب الاحتجاج والحراك الشعبي قائمة منذ مدة بل إن بعضها بنيوي مزمن وهي مؤجلة فقط لأن أغلب المغاربة يثقون في المؤسسة الملكية التي بادرت منذ الوهلة الأولى إلى إعلان الإصلاح الدستوري الأخير، وضمان التنزيل الديمقراطي لمضامينه. ومن عوامل التأجيل كذلك؛ نتائج الانتخابات، علاوة على ارتفاع كلفة خيار التغيير في خضم الصراع كما يستنتجه المواطنون المغاربة العاديون من خلال تتبعهم الإعلامي لتجارب ليبيا وسوريا واليمن... أما عن عودة الربيع الديمقراطي العربي و"غير العربي" مستقبلا؛ فأؤكد لك بأن الربيع الديمقراطي الذي يجتاح العالم العربي اليوم يشكل لحظة فارقة وقطيعة سوسيوتاريخية مع ما قبله لأنه حرر دينامية تاريخ الأمم وأعطى تطبيقات جديدة مرنة وفارقية لمفهوم التغيير الاجتماعي... بما يجعلنا نعيد النظر في مفاهيم من قبيل "الثورة" في تجلياتها التاريخية الماضية وفي النماذج النظرية لملاحظة ووصف وتفسير وتأويل ظاهرة التغيير الاجتماعي وقوانين حركة التاريخ. خلاصة القول: لا عودة لما قبل مرحلة الربيع الديمقراطي سواء في الجغرافيا العربية أو في باقي دول العالم التي تعيش في ظل أنظمة غير ديمقراطية في إطار مبدإ "التعميم" ومقولة "الإلهام العربي"، وفي محيط دولي وإعلامي سمته البارزة "العولمة الشاملة". والحراك الاجتماعي سيصبح قاعدة التغيير الاجتماعي في كل بلدان العالم من اليوم وإلى حين حصول قطيعة جديدة في أشكال التغيير الاجتماعي في التاريخ الإنساني مستقبلا. أما نمط الحراك الاجتماعي فسيختلف من بلد لآخر حسب طبيعة النظام السياسي وخصوصياته، وحسب ردود فعل أصحاب القرار. مما يعني أن كل حراك اجتماعي سيبدأ بمظاهرات مدنية سلمية؛ وطرق التعاطي معها هي التي ستحدد مستقبلها: استجابة للمطالب / عصيان مدني، مقاربة أمنية / مواجهة مسلحة... 3. كيف نقيم حصيلة حكومة ابن كيران؟ حصيلة الحكومة الحالية بعد مرور أكثر من نصف العام على تنصيبها متواضعة مقارنة بحجم انتظارات وتطلعات المواطنين. والسبب راجع بالدرجة الأولى إلى ضعف سلطتها فيما يتعلق باتخاذ القرارات الاستراتيجية الحاسمة؛ على المستوى العملي تحديدا وبشكل أقل على المستوى الدستوري والقانوني... أما السبب الثاني: فهو بنيوي مرتبط بطبيعة تركيبة الحكومة، واختلاف فلسفة العمل ومقاصده، وتباين إيقاعات الاشتغال بين أعضائها. أما السبب الثالث فيرجع إلى خلل منهجي وتدبيري يتمظهر أساسا في ارتباك واضطراب سلم الأولويات من قبيل المسارعة إلى استصدار قانون الحصانة للعسكريين والقانون التنظيمي للإضراب مقابل التأخر في تنفيذ الاتفاقات المبرمة مع النقابات والزيادة في سعر المحروقات. 4. هل حققت الحكومة الحالية مطالب الربيع الديمقراطي بالمغرب؟ ولماذا؟ بالتأكيد: لا. أولا: لا يمكن لأي حكومة في العالم مهما توافر لها من شروط وإمكانيات أن تحقق مطالب بهذا الحجم في ظرف قياسي مدته ستة أشهر. ثانيا: لا يمكن للحكومة وحدها في الحالة المغربية الاستثنائية أن تحقق هذه المطالب مهما بذلت من مجهودات خارقة. بالله عليك: كيف يمكن لحكومة أن تحقق في ستة أشهر ما عجزت عن تحقيقه الحكومات السابقة مجتمعة على امتداد ستين عاما ونيفا. ثالثا: إن هذه الحكومة دفعت لخوض حرب ضروس؛ عنوانها: إسقاط الفساد والاستبداد بعدما جردت من كل الأسلحة والدروع وبمجرد تنصيبها وقبل أن تضع رجلها في ميدان المعركة؛ قلمت أظافرها، واقتلعت أسنانها من خلال تعطيل مفاعيل الشارع. كيف نفسر إذن عجز الحكومة عن إقرار دفاتر التحملات المؤطرة لإصلاح الإعلام السمعي البصري في المغرب بالرغم من أن هنالك إجماعا على ضرورة إصلاح الإعلام العمومي الوطني؟ كيف نفسر تصريح السيد رئيس الحكومة في إسبانيا بأن دور الحكومة المنتخبة من طرف الشعب يقتصر فقط على مساعدة الملك؟ وكيف نفسر انكفاء السيد وزير النقل والتجهيز وإحجامه عن الاستمرار في اقتحام أبواب أحد أخطر وأقوى أحصنة الفساد في المغرب أقصد قطاع النقل والتجهيز ؟ لماذا تبادر وزارة المالية إلى فتح تحقيق لمعرفة الموظف الذي قام بتسريب وثائق إثبات لتقاضي وزراء مالية سابقين تعويضات خيالية غير مستحقة، ويطلب من ممثل الشعب البرلماني الذي كشف الملف أن يعتذر؛ بدل أن يفتح تحقيق مع هؤلاء الجشعين والمسترزقين من خلال المنصب السياسي؟ من ينبغي أن يحاكم من؟ ومن ينبغي أن يعتذر لمن؟ ومن هو السائل؟ ومن هو المسؤول؟ وأين هو الحق في المعلومة الذي يكفله الدستور؟ خلاصة القول: إننا على موعد حاسم ومصيري مع التاريخ؛ يؤسس لمرحلة انتقال ديمقراطي يمكن أن يكون حقيقيا وحثيثا شريطة أن ينخرط فيه الجميع. من هنا نحتاج إلى حكومة وحدة وطنية لتدبير هذه المرحلة الانتقالية التأسيسية بشكل تشاركي جماعي؛ بحيث يتحمل الجميع مسؤوليته التاريخية أمام الله والوطن والملك. وإذا استعصى الأمر وأنا على علم بأنه صعب المنال فإنني أدعو إلى تشكيل "جبهة وطنية من أجل الديمقراطية وإسقاط الفساد والاستبداد" على مختلف الصعد والمستويات؛ بحيث تضم تحالفا لكل الأحزاب الديمقراطية المواطنة على المستوى السياسي، يوازيه تكتل لمؤسسات المجتمع المدني القوية والفاعلة والمواطنة... بالإضافة إلى تكتل المؤسسات النقابية والمهنية ... وغيرهم من الفاعلين الاجتماعيين الموجودين على الساحة... وتكون المهمة التاريخية لهذه الجبهة هي التأسيس لحياة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية ديمقراطية عادية قائمة على أساس المواطنة الفاعلة والمشاركة طبقا لمقتضيات الدستور؛ وتجذيرها على مستوى الممارسة والتطبيق حتى تتحول إلى البنية العميقة والجوهرية والحقيقية لنظام الحكامة في مؤسسات الدولة وبالموازاة مع ذلك كله؛ يتم تفكيك بنى الفساد والاستبداد واجتثاثها. 5. في الأسابيع الأولى من عمر الحكومة طلعت علينا ببعض الملفات على غرار ملف كشف " المأذونيات" لكن يبدو أنها لم تملك الجرأة الكافية لكشفها فاكتفت بالإشارة إلى بعض الأسماء من الفنانين والرياضيين ... وأغفلت مستغلي مقالع الرمال، ورخص الصيد في أعالي البحار وغيرها، كيف نقرأ ذلك؟ كما قلت آنفا: "الفساد في المغرب بنيوي: أي أنه بنية ذات نظام اشتغال له وظائف يؤديها، وعناصرها متداخلة ومتشعبة ومتعاضدة ومتآزرة؛ يصعب الاقتراب من أحدها دون أن تهاجمك باقي العناصر. أما تلك التي قد يسمح، أحيانا، بالاقتراب منها أو حتى التحقيق معها؛ فهي عناصر لم تعد تواكب نظام اشتغال البنية الأم، بل صارت تعرقل نشاطها الوظيفي وأضحت عبئا عليها؛ فتتخلص منها البنية بتلك الطريقة التي تبدو فيها غير مسؤولة عن ذاك الفعل.... من هنا؛ لا نستغرب إن سمعنا مستقبلا عن نشر أسماء أو التحقيق مع عناصر أو غير ذلك... لكن ليتأكد الجميع أنه إن تم كشف أسماء صغيرة فمن أجل تحقيق وظيفة تغطية وتأمين وحماية الأسماء الكبيرة. وإن تم التحقيق مع عنصر ما فلأنه تلف ولم يعد عاملا مساعدا صالحا لنظام اشتغال البنية، بل صار عاملا معاكسا يعيقه. 6. هل يمكن أن نتحدث عن زلة للحكومة الحالية؟ زلة الحكومة إن صح توصيفها كذلك تكمن في ضعف حرصها على ضبط مواقع المسؤولية، ووظائف المؤسسات وصلاحياتها وحدود العلاقات القائمة بينها، وكذا أدوار الفاعلين وعلاقاتهم ببعضهم البعض طبقا لما يقتضيه التأويل الديمقراطي للدستور. 7. بعد مرور سنة (فاتح يوليوز)، على التصويت على دستور 2011 ، هل بدئ في تنزيله؟ نعم شرع في تنزيله. لكن الأولى اليوم ليس هو عملية التنزيل في حد ذاتها على أهميتها البالغة، وإنما كيفية التنزيل وقيمة الدلالة الديمقراطية للتفسير المستند إليه في عملية التنزيل. فمن مظاهر التنزيل الديمقراطي تكليف أمين عام الحزب الحاصل على الأغلبية بتشكيل الحكومة. ومن مظاهر التنزيل غير الديمقراطي تعيين وزيرة واحدة في هذه الحكومة التي يقودها حزب إسلامي تلعب فيه النساء دورا تنظيميا وتواصليا واجتماعيا بارزا. 8. كيف نقيم حصيلة تنزيل الدستور؟ أعتقد أن الحصيلة لا بأس بها من الناحية الكمية. فكما هو معلوم؛ نص دستور 2011 على ضرورة تنزيل كل القوانين التنظيمية في أجل أقصاه منتهى الولاية التشريعية الأولى. مما يعني أن المعدل السنوي المناسب هو 20 %. ونحن اليوم بعد ستة أشهر الأولى قريبون من النصف أي 10 %. لكن من حيث الكيف لا يمكننا الحكم إلا بعد الصدور النهائي لهاته القوانين والاطلاع عليها. 9. الملاحظ ، أن ابن كيران كثيرا ما يتحدث عن المتربصين بحكومته، وكل مرة يطلق عليهم اسما جديدا، فمن هم هؤلاء الذين يريدون إفشال مخطط رئيس الحكومة للخروج بالبلاد إلى بر الأمان حسب قوله؟ أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال من واجب السيد رئيس الحكومة شخصيا لأنه هو الوحيد القادر على تحديد الدلالة القصدية لكلامه؛ فهو ليس في موقع من يقبل منه التلغيز والترميز، لكنه في موقع من يطالب بالتصريح والتوضيح ... ولكن إذا صح إدراكي للفظة "المتربصين" وأختيها "التماسيح" و"العفاريت"؛ فمن الطبيعي في هذه الخلطة العجيبة بين الطبيعي / الفيزيقي والميتافيزيقي أن يكون المقصود هم عناصر بنية الفساد والاستبداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإعلامي ... ومن يدور في فلكها من سدنة وحراس وخدام والذين يوجدون معها في وضعية تحالف موضوعي للمصالح. باختصار شديد: كل من لا يسهر على ضمان سيادة القانون وتشغيل المؤسسات فإنه عن وعي أو عن غير وعي، عن قصد أو عن غير قصد "متربص" بمسار سفينة هذا الوطن، ويمنعها من الرسو على بر الأمان. فاعل جمعوي وسياسي