قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، اليوم الخميس بالرباط، ان إصلاح منظومة العدالة كان له وقع إيجابي على مجال تدبير الاعتقال. وأوضح رئيس الحكومة، في الجلسة الافتتاحية لأشغال المنتدى الإفريقي الأول لإدارات السجون وإعادة الإدماج، أن هذا الإصلاح كان من بين أهدافه الاستراتيجية الكبرى تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، وبالتالي إرساء سياسة عقابية ناجعة من خلال إقرار بدائل للعقوبات السالبة للحرية، ووضع آليات قانونية لتجنيح الجنايات ذات التأثير البسيط، ومراجعة النصوص القانونية التي تتضمن فوارق شاسعة بين الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة، في اتجاه التقليص من هذه الفوارق، واعتماد ضوابط ومعايير محددة في إعمال السلطة التقديرية التي يتوفر عليها القضاة لتقدير العقوبة.
وأضاف العثماني، أن تدبير الشأن السجني وتطويره ظل في سياق الدينامية التي يشهدها المغرب في جميع المجالات، ولعل أبرزها إصلاح منظومة العدالة الذي عرفته بلادنا. وأشار رئيس الحكومة إلى أن السياسة الجنائية عرفت، في هذا الاتجاه، تعديلات واسعة من خلال تعديل القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية وكذا القانون المتعلق بتدبير وتسيير المؤسسات السجنية، وفق مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الإكراهات المطروحة على المستوى السجني وخاصة منها الاكتظاظ. كما شهدت المملكة المغربية، يضيف العثماني، انخراطا في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان من خلال المصادقة على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وتعزيز آليات الرقابة للتنزيل الأمثل لمقتضياتها، حيث استقبل المغرب في هذا الإطار عدة لجن دولية لتتبع مسار انخراط المغرب في هذه الجهود مع تمكينها من الضمانات اللازمة لتنفيذ مهامها في أحسن الظروف. من جهة أخرى، أبرز رئيس الحكومة أن احترام حقوق السجناء وصون كرامتهم أصبح مقتضى دستوريا، حيث تم التنصيص عليه في دستور المملكة بهدف تكريس ثقافة حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق السجناء بصفة خاصة ومناهضة كل أشكال التعذيب والممارسات الحاطة بالكرامة الإنسانية. وإلى جانب التدابير الكبرى التي تروم خلق البنية المناسبة لتحسين الأوضاع في المؤسسات السجنية وتعكس إرادة سياسية تروم صيانة حقوق النزلاء، أشار ا العثماني إلى تأسيس منظومة مؤسساتية وطنية متكاملة، لعل أبرزها إحداث المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج سنة 2008، التي تسهر على توفير الانضباط والأمن داخل المؤسسات السجنية، والحفاظ على كرامة النزلاء، و النهوض بوضعية المؤسسات السجنية وتأهيلها، واعتماد تدبير احترافي دقيق وصارم للعمل بالمؤسسات السجنية، بما يمكن من توفير الظروف الملائمة لتحقيق إدماج فعلي للنزلاء بعد الإفراج عنهم وفق ما تقتضيه المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية ذات الصلة. كما تم إحداث لجنة مشتركة تضم في عضويتها القطاعات الحكومية المعنية، تتولى تنفيذ اختصاصات المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وهي آلية تنسيقية تهدف إلى تجاوز كل الإكراهات التي تعترض حسن تدبير المؤسسات السجنية، واستشراف الآفاق لتحديثها وتطويرها. وفي نفس السياق، أكد العثماني سهر الحكومة على إدراج النزلاء في جميع البرامج الحكومية والسياسات العمومية، خاصة فيما يتعلق بالحماية الاجتماعية وحماية الحقوق الفئوية والنهوض بها من خلال رعاية المسنين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ومحاربة العنف والتمييز ضد النساء وحماية الأطفال والقاصرين والمهاجرين واللاجئين والأشخاص في وضعية صعبة، حيت تسهر الحكومة على استهداف جميع الفئات داخل المجتمع المغربي من المواطنين والأجانب السجناء. وفي إطار مواكبة النزلاء المفرج عنهم وإدماجهم في المجتمع، أبرز العثماني إحداث مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، حيث تضطلع هذه المؤسسة بمهام عديدة وفق مقاربة تشاركية مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج وقطاعات حكومية وغير حكومية ذات الصلة بالشأن السجني.