خلصت نتائج دراسة ميدانية في موضوع “العنف ضد الهيأة التعليمية في الوسط المدرسي” إلى أرقام مثيرة بخصوص العنف الجسدي أو اللفظي أو التحرش الجنسي أو الالكتروني ضد نساء التعليم ورجالاته داخل منظومة التربية والتكوين بالمغرب، والتي نشرت تفاصليها منظمة “التضامن الجامعي” ضمن عدد جديد من نشرتها السنوية “المرشد التضامني”، الذي يتوفر موقع “لكم” على نظير منه. مبررات الدراسة استندت على أن تنامي العنف في الوسط المدرسي خلال الآونة الأخيرة من خلال الملفات المعروضة على القضاء، فضلا عن أن الحديث الجاري عن “ظاهرة العنف في الوسط المدرسي دون القيام بدراسات وأبحاث علمية دقيقة ومضبوطة حول الحوادث داخل المؤسسات التعليمية أهداف الدراسة تهدف الدراسة إلى تشخيص موضوعي للعنف الموجه ضد الهيأة التعليمية في الوسط المدرسي، وإعادة بناء المفاهيم والتصورات النمطية حول العنف في الوسط المدرسي، مع وضع خطط عمل مبنية على معطيات علمية دقيقة وتوجي الفعل التربوي في اتجاه خلق قيم جديدة للعمل من أجل فضاء تعليمي سليم، يعيد الاعتبار للمدرسة العمومية ولمهنة التدريس، ويبوأ المدرس المكانة الاعتبارية التي تليق به. أداة الدراسة لبلوغ الأهداف المسطرة، اعتمدت الدراسة على استبيان استمارة أداة للبحث موجهة للهيأة التعليمية بالسلكين الابتدائي والثانوي (إعدادي وتأهيلي)، بمختلف فئاتها، مع اعتماد منهجية علمية، تحدد التقنيات الأساس والمعايير والمتغيرات بهدف التوصل إلى معطيات ترتبط بالمشارك والبيئة التعليمية وطبيعة العنف والإجراءات المتخذة إثر وقوع الحادث، إلى جانب المقترحات التي يمكن تبنيها للحد من العنف الممارس ضد الهيأة التعليمية. نتائج الدراسة شملت الدراسة 9038 مشاركا(ة) من الهيأة التعليمية على الصعيد الوطني، توزعت عينة البحث على 61 إقليما، يمثل الذكور ما يقارب لثلتين من المشاركين، وبنسبة 62.4 في المائة من العينة، بينما تمثل الاناث أكثر من الثلث وبنسبة 37.5 في المائة. وفي ما يخص المعطيات المتعلقة بالمؤسسات التعليمية، توصلت الدراسة إلى أن 52.5 في المائة من المؤسسات التعليمية لا تتوفر على قاعة للأنشطة و 63 في المائة من المؤسسات التعليمية تتوفر على قاعة للأنشطة مفعلة، وأن 46.5 في المائة من المؤسسات التعليمية محيطها غير مؤمن. أما ما يتعلق بالاكتظاظ، فتشكل الأقسام التي عدد متعلميها 40 فأكثر، نسبة 50.7 في المائة في الابتدائي و 70 في المائة بالثانوي التأهيلي و 78.3 في المائة في الثانوي الاعدادي. كما بينت نتائج الدراسة أن العلاقة بين المدرسين في المدرسين جيدة بنسبة 60 في المائة، في حين العلاقة بين المدرسين والمتعلمين في الوسط المدرسي حيدة فقط بنسبة 37 في المائة فقط. أما العلاقة بين المدرسين والاداريين في الوسط المدرسي فجيدة بنسبة 64.2 في المائة. وعند البحث عن الارتباط بين هذه العلاقات وتأمين المحيط، توصلت الدراسة إلى أنه كلمنا عملنا على تأمين محيط المؤسسة، إلا وتطورت العلاقات بين مختلف الفاعلين داخل المؤسسة التعليمية. حالات العنف…بين الجسدي واللفظي والتحرش رصدت الدراسة الميدانية ثلاثة أنواع من العنف، أولها جسدي وثانيها لفظي وثالثها تحرش بنوعيه الجنسي والالكتروني. وفي ما يخص حالات العنف الجسدي، فقد سجلت الدراسة أن 7.5 في المائة من المشاركين كانوا ضحية عنف جسدي بمؤسساتهم أو بمحيطها مرة واحدة على الأقل خلال مسارهم المهني، وأن 78 في المائة من حالات العنف الجسدي سجلت داخل المؤسسات التعليمية، فيما 7.5 في المائة وقعت بمحيطها، و 4.5 في المائة منها بعيدا عنها. كما أن 33 في المائة ممن تعرضوا للعنف الجسدي كانت لهم حاجة في مساعدة طبية أو دعم نفسي. وبينما تصدر مرتكبو العنف الجسدي في السلك الابتدائي بنسبة 58.8 من قبل الآباء والأمهات والأولياء، اقترح 88.4 في المائة من المشاركين في الدراسة وضع كاميرات للمراقبة لتفادي هذا النوع من العنف. وبخصوص حالات العنف اللفظي، فقد خصلت الدراسة إلى أن 40.4 في المائة من المشاركين كانوا ضحية عنف لفظي بمؤسساتهم التعليمية مرة واحدة على الأقل خلال مسارهم المهني، وأن 82 في المائة من حالات العنف اللفظي تمت داخل المؤسسات التعليمية، فكلما تعرض المشاركون للعنف الجسدي، إلا وكانوا ضحية للعنف اللفظي بنسبة 80.3 في المائة. كما ان أغلب حالات العنف اللفظي، كان مصدرها التلاميذ بنسبة 40.7 في المائة، ثم الموظفون بالمؤسسة التعليمية بنسبة 31.3 في المائة، يليهم الأجانب عن المؤسسة بنسبة 16 في المائة. أما حالات التحرش الجنسي، فقد أتبتث الدراسة أن 13 في المائة من المشاركين من الجنسين، تعرضوا للتحرش الجنسي مرة واحدة على الأقل خلال مسارهم المهني، وأن 53 في المائة ن مرتكبي التحرش الج، يليهم المتعلمون بنسبة 33 في المائة، ثم الآباء والأولياء بنسبة 14 في المائة. وأشارت الدراسة إلى أن ضحايا التحرش الجنسي من المدرسات أكبر من المدرسين بنسبة 16 في المائة للإناث، مقابل 12.4 في المائة للذكور. وأثارت الدراسة أيضا قضية “التحرش الإلكتروني”، إذ أن 6.2 من المشاركين تعرضوا للتحرش الالكتروني مرة واحدة على الأقل خلال مسارهم المهني، ويعد المتعلمون الأكثر ارتكابا للتحرش الإلكتروني، بنسبة 49 في المائة، يليهم الأشخاص الأجانب عن المؤسسة بنسبة 41.5 في المائة. ويتعرض المدرسون للتحرش الالكتروني الذي مصدره المتعلمون بنسبة 60.6 في المائة أكثر من المدرسات بنسبة 32.4 في المائة. مقترحات شكلت الإجراءات ذات الطابع القانوني المتمثلة في صياغة قوانين لحماية الهيأة التعليمية معظم اقتراحات المشاركين في الدراسة بنسبة 89 في المائة، واتجهت 59 في المائة من الاقتراحات صوب المجال التربوي، كتطوير الأنشطة الموازية بالمؤسسة، وتشجيع التواصل الداخلي والخارجي ومراجعة المضامين. وخلصت الدراسة لعدد من الاقتراحات والتوصيات القابلة للتنفيذ من أجل التخفيف من العنف في الوسط المدرسي، من قبيل صياغة مواثيق وقوانين لحماية نساء التعليم ورجالاته من العنف بمختلف أشكاله، وإحداث مناصب للمرشدين النفسيين والاجتماعيين بالمؤسسات التعليمية لضمان تأطير وقائي استباقي تفاديا للعنف في الوسط المدرسي، وكذا تفعيل أنشطة الحياة المدرسية وفرض إلزاميتها وفق حصص ومواد دراسية، مع التخفيف من عدد المتعلمين في القسم في حدود ثلاثين (30) متعلما على الأكثر، فضلا عن وضع أنموذج لتصميم بناية المؤسسات التعليمية، وفق معايير تراعي الموقع الآمن، والتوفر على المرافق الضرورية، ومنها قاعة الأنشطة. كما أوصت الدراسة بإحداث هيأة للوساطة وفض النزاعات بين الفاعلين التربويين في الوسط المدرسي، وتعزيز أمن المحيط المدرسي، إضافة إلى استثمار وسائل الاتصال الحديثة لتشجيع التواصل مع الآباء والأمهات والأولياء، وكذا بين مختلف الجهات الفاعلة بالمؤسسات التعليمية، مع الحرص على التأطير المستمر لجمعيات الآباء لتكون شريكا فعالا في التخفيف من العنف بالوسط المدرسي إلى جانب المدرسين والمنظمات والهيئات المختصة تخطيطا وتنفيذا وتتبعا وتقييما.