اوضاع المهاجرين المنحدرين من جنوب الصحراء في المغرب على هامش تكوين إعلامي حول الصحافة المسؤولة، تحث إشراف معهد التنوع البريطاني، تم انجاز روبورطاج عن أوضاع المهاجرين المنحدرين من جنوب الصحراء، من زاوية المضايقات التي قد يتعرضون لها أحيانا بالأحياء التي يقطنها إلى جانب جيرانهم المغاربة، وهي مضايقات قد تصل أحيانا إلى حدود إزهاق الروح، مما يطرح لدينا سؤالا جوهريا حول مدى تقبل المغربي لجار إفريقي يعيش على بعد أمتار منه فقط. مادو مهاجر مالي، كان في طريقه لشراء إفطاره من دكان الحي، لكنه لم يعد أبدا، مجرد شجار بينه وبين شاب مغربي انتهى بطعنه من طرف هذا الاخير، القصة لم تنته عند هذا الحد، عندما علم أصدقائه بما حدث تجمعوا للدفاع عنه، وتحول حي التقدم بالرباط إلى مسرح للمواجهة بين المهاجرين وشباب الحي، ليتم طعن مهاجر أخر من جنسية غينية . تدخل الشرطة كان حاسما لفك النزاع، لكنها اختارت تجميع المهاجرين بإصاباتهم وتكديسهم في حافلة وترحيلهم إلى كوميسارية حي النهظة وبعدها إلى الحدود. يقول مارسيل ميتو الناطق الرسمي بإسم مجلس مهاجري أفارقة جنوب الصحراء" ما زالت جثة المهاجر المالي في المشرحة وتنتظرالتشريح الطبي لمعرفة أسباب الوفاة، اما الغيني فقد فضل والداه إعادته الى موطنه ولدينا صور للاعتداء الذي تعرض له . جثة هذا المهاجر المالي ليست الوحيدة المتواجدة في مشرحة الأمن بالرباط، ونحن بصدد التحقيق في أسباب وفاته دعينا إلى حضور جنازة مهاجر اخر كنغولي يدعى نغوما الذي توفي بنزيف دماغي بعدما رفضت إحدى المستشفيات بالعاصمة الراباط ابقاؤه تحت العناية الطبية، قد يبدو الخبر عاديا ببلد مثل المغرب لكن الراحل كان يعمل في شركة بناء مغربية منذ خمس سنوات، ولم تتم أبدا تسوية وضعه القانوني بما في ذلك التغطية الصحية. إذا كانت هذه الحالات قد فارقت الحياة ولم تتمكن من الإدلاء بشهادتها، فهناك حالات نجت ويمكنها ذلك، فحسب بيير دولاكرونج"رئيس تنسيقية جاليات أفارقة جنوب الصحراء بالمغرب" لقد تلقينا العديد من الشهادات من طرف مهاجرين كانوا ضحايا اعتداءات جسدية وهي موثقة لدينا بالصوت والصورة، وأغلب هذه الاعتداءات وقعت بأحياء شعبية على مرأى من الجميع كالتقدم ،دوار الكورة، وكمال الصباح، حيث يتعرض المهاجرون للتعنيف أمام محلات تجارية أو مساكنهم، وحتى داخلها، ويتم استعمال السلاح الأبيض في غالب الأحيان، ويطالب المعتدون بالمال أحيانا". المهاجرات الإفريقيات لا يسلمن من الإعتداءات الجسدية، فحسب بيير: لدى الإئتلاف الكثير من الشهادات،عن فتيات مهاجرات تعرضن إلى الاغتصاب، منهن طالبات في عدة مدن مغربية كوجدة والقنيطرة". تتنوع الاعتداءات الجسدية لكن حين لا تكون عنيفة فإنها تحمل إذلالا للمهاجر، تقول فتاة من جنوب الصحراء "تعرضت إلى الرشق بأشياء مثل الحصى من طرف اطفال رفقة أبائهم"، أما "أموس" طالب بمدينة فاس فيقول"تعرضت إلى الضرب ولسرقة حاسوبي المحمول وهاتفي، من طرف جار يقطن معي في نفس العمارة، لكن الشرطة لم تفعل شيئا حيال ذلك". اغلب الاعتداءات وقعت في حيز زمني تركز في شهر ماي، يقول مارسيل " تضاعفت الاعتداءات على الأفارقة المنحدرين من جنوب الصحراء، خاصة بعد تصريحات بعض السياسيين الذين اتهمونا بتهديد أمن المغرب، على خلفية الحرب بليبيا وما يحدث بمالي، رغم أننا موجودون هنا قبل كل هذه الحروب وهذا تحريض ضدنا، ويضيف سعيد الطبل ،ممثل الجمعية المغربية لحقوق الانسان بالرباط" كانت هذه السنة استثنائية بالنسبة لمطاردة المهاجرين وقد تدخلت السلطة في الناضور وفاس، ورحلت 150 شخصا منذ أسبوعين فقط، بل إن الشرطة توغلت داخل " أحياء هامشية لم تصلها من قبل، ونسجل في جمعية حقوق الانسان ان الاعتداءات تتزايد داخل الأحياء الشعبية". يعتبر زكرياء اكديد باحث في علم الإجتماع" أن المجتمع المغربي ينظر إلى الغريب الأجنبي خصوصا القادم من جنوب الصحراء بإعتباره الأنا الآخر، الذي يهدد وحدته، حيث يلوك حوله أساطير مرعبة تجعل هذا الغريب في وضع صعب إن أراد الإندماج في المجتمع، كما أن تواجد العديد من هؤلاء المهاجرين، في أماكن سكنية مشتركة شعبية، يخلق نوعا من التوتربين ثقافتين مما يسبب احتكاكا قد يتحول إلى عنصرية وعنف اتجاه هؤلاء الأجانب" ويضيف مارسيل " هناك في بعض الأحيان غيرة من نجاح الأفارقة في حياتهم، وهذا شيئء يؤثر أثناء الازمة الاقتصادية بالعالم والمغرب هذه الرؤية النمطية تتأكد لنا من خلال شهادة سعيد وهو مغربي في الخمسينات من عمره، يقول"هناك حالات اغتصاب نساء مغربيات من طرف افارقة، كما أنهم يعيشون بالمغرب بطريقة غيرقانونية، يزورون العملة، لا يتحرمون القانون، يتاجرون في المخدرات بالإضافة إلى النصب والإحتيال" لكن هذا الرأي لا يتقاسمه كل المغاربة، يعلق شاب آخر جالس في الجهة المقابلة من الحافلة " منذ زمن طويل ونحن نهاجر إلى أروبا، وجاليتنا موجودة في أروبا، ولكننا لم نطق صبرا على هؤلاء المهاجرين القادمين إلى بلدنا حديثا: من جانبه يرى "بيير" أن من يساهم في تذكية الاعتداءات على المهاجرين الأفارقة عدم تمتعهم بأية حقوق على التراب المغربي، كما أن السلطات المغربية لا توفر لهم الحماية اللازمة إضافة إلى الوضعية الغير القانونية للبعض التي تمنعهم من اللجوء للشرطة حين تعرضهم للإعتداء مخافة ترحيلهم وهذا يجلعهم فئة مستهدفة للاعتداء, وبالفعل تصبح المسطرة القانونية للحصول على أوراق الإقامة جحيما بالنسبة لبعض المهاجرين واللاجئين المنحدرين من جنوب الصحراء، يقول سعيد الطبل " ليس طبيعيا ان يقطن شخص لعشر سنوات بالمغرب دون أن يحصل على أوراق إقامته، هناك عائلات وأطفال تعيش نفس الوضع ولم تسوى أوضاعهم، رغم اننا لا نملك سوى عشرة أو خمسة عشر إفريقيا لا غير ويبدو المستقبل غامضا للناطق بإسم مجلس مهاجري أفارقة جنوب الصحراء، الذي يقول" كنت متفائلا "بخصوص وصول بعض السياسيين إلى السلطة، حين وعدونا بتسوية أوضاعنا لكن بمجرد جلوسهم على الكراسي تم نسيان قضيتنا، وأقفلت الأبواب للتواصل معهم" يبدو من خلال هذا التحقيق أن أغلبية المغاربة يجهلون وجود عنف يمارس ضد المهاجرين الجنوب صحراويين، فمحمد خبير في المحاسبة، يقول "المغرب كان دائما يعيش على إيقاع التعايش والتمازج، أما العنف فغير موجود، فالمغربي بطبعه يحترم الأجانب" في نفس الوقت يطرح بعض المهاجرين أمثلة عن إمكانية التعايش بين الثقافتين، كإعداد برامج موجهة لتكريس ثقافة التنوع والمساواة. كما تطرح دور الشباب كوسيط لتعليم الشباب كيفية التعايش في المجتمع، وأيضا تنظيم رحلات مختلطة، لفائدة الأطفال المغاربة والجنوب صحراويين. اتفق جميع من قابلاناهم أثناء تحقيقنا على نقطة واحدة، وهي أن وضعية المهاجرين الجنوب الصحراويين متشابهة جدا لوضعية المهاجرين المغاربة الذي يتعدى عددهم ثلاثة ملايين مهاجر، وفئة لا يستهان بها منهم تقطن ببلدان جنوب الصحراء كالسينغال والكونغو والمالي. --- تعليق الصورة: مهاجرون من جنوب الصحراء بالمغرب