أكد رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي، أن قضية التعذيب” ليس مجرد جريمة عادية، إنه عمل وحشي يجرد الإنسان من آدميته، ولذلك فإن الانتماء إلى الإنسانية يرفضه، لما يمثله من مهانة واستباحة لكرامة البشر”. وشدد عبد الناوي في كلمة له بمناسبة إعلان النيابة العامة صباح اليوم الثلاثاء 10 دجنبر الجاري، عن دليل استرشادي لقضاة النيابة العامة في مجال مناهضة التعذيب، على أن “المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تحظره وتدعو إلى محاسبة مرتكبيه”.
وتابع المسؤول القضائي، “ان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، نص في مادته الخامسة على منع “إخضاع الإنسان للتعذيب ولا المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، بالإضافة إلى أن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية منع إخضاع أي فرد للتعذيب في المادة 7″، مضيفا”قبل أن يتوصل المجتمع الدولي إلى التوافق على الاتفاقية الدولية لمكافحة التعذيب في 10 دجنبر 1984، (أي في مثل هذا اليوم منذ 35 سنة). والتي تولت تعريف التعذيب وحددت التزامات الدول الأطراف في مكافحته ومحاسبة مرتكبيه. وفي سياق متصل، قال عبد النباوي إنه”تفعيلا للالتزامات المملكة المغربية بموجب الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، تعمل بلادنا على تقديم تقاريرها الوطنية أمام لجان الرصد المحدثة بموجب هذه المعاهدات، وتتفاعل مع التوصيات الصادرة عنها. كما تقوم بالتفاعل مع آليات المساطر الخاصة التابعة للأمم المتحدة، من خلال استقبال العديد من الإجراءات الخاصة. مذكرا منها (المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وفريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي)، بالإضافة إلى “استقبال اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب وإنشاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إطار مهامه الحمائية، وذلك تفعيلا للالتزامات التي يفرضها البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب”. وأبرز المسؤول القضائي أن رئاسة النيابة العامة وجهت بمناسبة تعين أعضاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، الدورية عدد 44 بتاريخ 16 أكتوبر 2019، إلى المسؤولين القضائيين عن النيابات العامة، لحثهم على التفاعل الإيجابي مع الآلية المذكورة، مؤكدا حرصها على “التنفيذ الصارم للمقتضيات القانونية المتعلقة بمكافحة التعذيب والوقاية منه، من خلال الزيارات التفقدية لأماكن الاعتقال المختلفة. وكذلك من خلال التشدد في تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بإخضاع الأشخاص المقدمين إليها بعد الحراسة النظرية لفحص طبي، كلما تم طلب ذلك، أو إذا لوحظ على الشخص ما يستوجبه، بالإضافة إلى القيام بأبحاث في جميع الشكايات المقدمة إليها من أجل التعذيب، تفعيلا للمادة 12 من اتفاقية منع التعذيب”. من جهة أخرى، أوضح رئيس النيابة العامة، أن هذا الدليل ينقسم إلى خمسة محاور، حيث يتضمن أوجه الإلزام الوطني بحظر التعذيب، كما يتضمن مختلف الصكوك الدولية المتعلقة بمناهضة التعذيب، والمقتضيات الدستورية والقانونية المغربية ذات الصلة، إلى جانب توضيح الإجراءات المسطرية التي يتم اتباعها للبحث في ادعاءات التعذيب”، مبرزا أن”هذا الدليل سيكون ضمن التعليمات القانونية الكتابية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل 110 من الدستور، التي تلزم قضاة النيابة العامة باتباعها”. وتابع المسؤول القضائي، ان المحاور المذكور ستسلط الضوء على الدور الوقائي للنيابة العامة، من خلال مراقبة أماكن الاعتقال، والحرص على توفر الضمانات الأساسية خلال مراحل البحث والتحري ، بالإضافة إلى معالجة كيفيات تدبير الشكايات وادعاءات التعذيب والمتابعات المقامة من أجل ذلك، حتى يتجند الجميع لمناهضة التعذيب والتصدي لكل أشكاله، ولكل المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو الحاطة بالكرامة الإنسانية.