تداول العديد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي صورة تحمل “تيفو” رفعته جماهير فريق الرجاء الرياضي، خلال مباراة جمعت هذا الأخير مساء يوم أمس مع غريمه التقليدي، ضمن دور ثمن نهائي كأس محمد السادس للأندية الأبطال. “التيفو” حَمل تعبير “101 ROOM”، وهو ما اعتُبر إشارة إلى عمل روائي كُتب في منتصف القرن الماضي، ينتقد فيه صاحبهُ الأنظمة السياسية الشمولية التي تُمارس الكذب والتزوير، وتقمع بلا رحمة كل من له فكرة مخالفة لرؤية القيادة السياسية أو “الأخ الكبير”.
و”الأخ الكبير”، بحسب ما جاء في هذا العمل الروائي المُعنون ب”1984″ هو “الذي يُوجد على رأس الحزب او في قمة الهرم السّياسي، وهو معصوم من الخطأ ويتمتع بقدرة مطلقة، وكل نجاح وكل إنجاز وكل انتصار وكل اكتشاف علمي يُنسب إليه، كما أن كل معرفة وكل حكمة وكل سعادة وفضيلة إنما يُعزى الفضل فيها مباشرة إلى قيادته الرّشيدة المُلهمة”(ص245). تعبير الجماهير المذكور، اعتَبرهُ الكثيرون، من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إحالة إلى “الغرفة 101″، وهي غرفة تقع داخل “وزارة الحب”، حسب ما أبدعه “جورج أوريل”، وهي مُخصصة للتّعذيب والتّنكيل بمن تقبض عليهم “شرطة الفكر”، وهي شرطة تابعة للسلطة السياسية (حزب الأخ الكبير) وتحميها من أي نقد، بل حتى من أي معارضة مُحتملة. الجماهير وتهمة اللامسؤولية وفي هذا السياق، قال منصف اليازغي، الباحث المتخصص في السياسة الرياضية: “أنا شخصياً أنظر إلى هذا “التيفو” من منظور آخر، بغض النظر عن مضمون الرواية وما تُحيل إليه من أوضاع معينة.. أنا أرى بأن الجمهور الذي يُبدع في إخراج الكلمة، والتي هي إحالة على عمل روائي، تُرفع عنه تُهمة الضعف الدراسي، وتُهمة اللاوعي واللامسؤولية تُجاه ما يجري من حوله”. وأوضح اليازغي، في تصريح ل”لكم”، بأن الجمهور الذي يُبدع مثل هذه العناوين والإشارات، تقوده نُخبة مثقفة، مما يعني أنه يتوجّب علينا أن نُلغي من حساباتنا الفكرة القائلة إن الجمهور قاصر ولا دراية له بالشأن العام. وتابع: “هذا، تؤكده أيضاً الأناشيد السابقة، التي تُغنى في الملاعب، والتي تُعبر على انسجام الجماهير مع ما يقع في المجتمع على المستوى السياسي والاقتصادي، وتُرسل عبرها بشكل واضح رسائلها إلى من يهمهم الأمر”. ويرى متحدث “لكم” أن رسالة تيفو جماهير الرجاء الرياضي، جاء في إطار متواصل من الرسائل، ولم يكن الأمس هو المنطلق، فالنقاش كان من قبل؛ منذ أغنية “فبلادي ظلموني”، وما تالها من أغاني أخرى لجماهير أخرى مثل جمهور النادي القنيطري أو اتحاد طنجة وغيرها، مبرزاً أن الشباب وفي غياب قنوات لتصريف خطابهم، يلجؤون إلى الملاعب وإرسال إشاراتهم التعبيرية، التي لا تصل إلى التهكم ولا تضرب أي رمز من الرموز الوطنية. وشدد الباحث ذاته على أنه لا يعمم بشأن مستوى كل الجماهير، وإنما يؤكد على أنها تضم نخباً مثقفة ومبدعة، مشيرا إلى أن اللجوء إلى هذه الأشكال التعبيرية يدل على أن الملاعب تتحول إلى وسيط هام في غياب الوسطاء الحقيقيين ك”البرلمان والأحزاب”. وختم منصف اليازغي تصريحه بالقول: فإذا كنّا ننتظر من قبل الإبداع على مستوى البساط الأخضر واللوحات الفنية على مستوى المدرجات، فإننا الآن أصبحنا ننتظر حتى الرسائل السياسية التي توجه من داخل الملاعب. *صحافي متدرب