وصف يوسف القرضاوي، مفتي قطر، إطاحة الشعب التونسي بالرئيس السابق زين العابدين بن علي ب"سقوط الصنم الأكبر هبل"، مؤكدا أنه يجب أن "تسقط بقية الأصنام المحيطة به من اللات والعزى، وبقية الخدام الذين ينتمون للنظام الذي عانى منه التونسيون سنوات طويلة". ويتعلق الأمر بأسماء لأصنام كان يعبدها كفار قريش قبل الإسلام، حسب ما ورد في القرآن الكريم. تصريحات القرضاوي، أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين المصرية التي تورطت في أعمال إرهابية وخرجت منها مجموعات "جهادية" التحق بعضها بتنظيم القاعة الإرهابي، تتناقض مطلقا مع ما نقله عنه موقعه الرسمي على الأنترنت خلال زيارته الرسمية لتونس سنة 2009، حين "أدلى بتصريح لفضائية الزيتونة للقرآن الكريم وفضائية "تونس 7" الرسمية، ركز فيه على أهمية المدينة كعاصمة للثقافة الإسلامية، وعلى الأدوار التاريخية التي لعبتها منذ تأسيسها على يد عقبة بن نافع". وحين صمت عما ورد في أغلب كلمات المشاركين في الاحتفال باختيار مدينة القيروانالتونسية عاصمة للثقافة الإسلامية الذين تحدثوا عن "دور الحكومة التونسية في رعاية الإسلام وأهله". وهي نفس الحكومة التي كان يقودها من يصفه القرضاوي اليوم ب"الصنم" "الطاغية" و"هبل". كما طالب القرضاوي، في خطبة الجمعة التي سبقت رحيل بن علي بساعات قليلة الدول الغربية إلى أن "تكف عن التدخل في شؤون الشعوب المسلمة"، متوجها إلى فرنسا بالقول " كفوا أيديكم عن شعوبنا، لقد أبدت فرنسا استعدادها لحماية الأمن ومقاومة الشغب.. شكرا يا فرنسا لا نريد خبرتك، تونس تستطيع أن تعالج أمرها بنفسها. ففرنسا أصبحت تعادي المسلمين علنا وتقوم بمخطط للتطهير الديني، نريد للغربيين أن يكفوا عنا، فما رأيناكم ساندتمونا في قضية عادلة مثل قضية القدس، وما استطاعت أمريكا أن تقول لإسرائيل كفي يدك عن الاستيطان!". ويأتي تدخل القرضاوي في شؤون الشعب التونسي باعتباره "شعبا مسلما"، في وقت لم يسبق له فيه أن تفوه بكلمة حول وجود قواعد عسكرية أمريكية على الأراضي القطرية غير بعيد عن مقر قناة الجزيرة التي تملكها قطر ويحضر القرضاوي بشكل شبه دائم في برامجها الدينية، وهي نفس القواعد التي زودت الطيران الإسرائيلي بقنابل قصفت غزة خلال عدوان 2008. كما لم يسبق لهذا الداعية أن كلف نفسه عناء تبليغ مشغله أمير قطر بموقف الإسلام من إقامة علاقات مع إسرائيل من خلال مكتب الاتصال الإسرائيلي في الدوحة، ولا علق أبدا عن الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الإسرائيليين والقطريين، بمن فيهم تسيبي ليفني، التي تطالب جمعيات حقوقية بمتابعتها قضائيا لمسؤوليتها في العدوان على غزة. أما قناة الجزيرة القطرية، والمعروفة بدعمها لمن تسميه "الشيخ" أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الإرهابي فركزت في نقلها لتصريحات المواطنين التونسيين بعد الثورة، وخاصة برنامج "المنبر الحر"، يوم السبت الماضي، على كون النظام السابق "كان يحارب الإسلام". يشار إلى أن مشيخة قطر تنهج منذ سنوات سياسة غريبة تقوم على دعم الإسلاميين وترفض نشرات قناتها الجزيرة تسمية الإرهاب الإسلامي إرهابا، مع ربط علاقات رسمية مع إسرائيل في نفس الوقت، علما أن الحركات الإسلامية التي تدعمها قطر إعلاميا، تناهض إسرائيل! كما يشار إلى أن التجربة التونسية تعد رائدة في العالم الإسلامي على مستوى إصلاح التعليم الديني وقوانين الأحوال الشخصية منذ عهد الحبيب بورقيبة، كما أن المدرسة التونسية أنجبت علماء دين متنورين كبار أمثال الطاهر بن عاشور والطاهر حداد طبعت آراؤهم الثورية مسارات الإصلاح الديني في الإسلامي منذ أوائل القرن الماضي. كما أنجبت الجامعات التونسية أجيالا أخرى من المثقفين المتنورين أمثال محمد الطالبي، محمد الشرفي، هشام جعيط، عبد المجيد الشرفي، احميدة النيفر، وغيرهم ممن أسسوا وساهموا في الدراسات الإسلامية المعاصرة ودافعوا عن قيم الحرية والعقلانية والتسامح.