في العلاقة مع الآخر نموذجا من مقتضيات الموضوعية والمنطق...ألا ننظر للناس،كل الناس،على اختلاف دياناتهم وأعراقهم وألسنتهم وألوانهم وأممهم...نظرة نمطية فنجعل كل الناس كلهم سواء وفي سلة واحدة.. ومن مقتضيات العدل والإنصاف ألا نآخذ زيدا بجريرة عمرو،كأن نآخذ الأبناء والأحفاد بما فعله الأجداد،من ذلك على سبيل التمثيل: أن نآخذ أبناء وأحفاد شعوب الدول المستعمرة (بكسرالميم) بما فعله أجدادهم في الشعوب والبلدان المستعمرة (بفتح الميم). بناء على ما تقدم،أقدرأنه من الظلم ومن اللاموضوعية أن ننظر للغربين (الرسمي والشعبي) على أنهما وجهان لعملة واحدة،ففي تقديري الغرب غربان: **غرب منخرط في تنفيذ أجندة الصهيونية والأمبريالية العالمية والليبرالية المتوحشة. ** وغرب- وهذا هو السواد الأعظم- باحث عن الحقيقة. وهذا الأخيرهو المعني بما طرحناها من الحاجة الملحة لتأسيس مدرسة جديدة تعنى برفع تحدي القطع مع علم الكلام القديم-الذي كان صالحا في زمانه الغابر- والانفتاح على علم كلام جديد،يستجيب لمتطلبات الحاضر ومنها العلاقة مع الآخر(العلاقة مع الغرب نموذجا). إذ أن ما يؤخرهذا الغرب/غيرالرسمي عن الوصول إلى الحقيقة- في تقديرنا-: هو فعلا ما يقوم به الغرب/الرسمي من تشويه للإسلام وللعرب وللمسلمين،باستعماله ماكينة جهنمية في مقدمتها السينما ووسائل الإعلام السمعي/البصري والمكتوب/المقروء،خصوصا المرئي منه. ولكن أيضا- وللحقيقة والتاريخ- الذي يؤخره عن ذلك هو: تصرفات كثير من المسلمين ومسلكياتهم البعيدة كل البعد عن مقاصد الإسلام ومدنيته وحضارته.... من ذلك مثلا: نوعية لباسهم سواء أولئك الذين يعيشون بينهم هناك أو الذين يحلون ضيوفا بديارهم سياحة أو ما شابه. دون أن يولوا ما تتطلبه شروط ومقتضيات الضيافة..من التزام،إذ أن كل من يدخل بلدا آخرغيربلده الأصلي،سواء بإذن بالدخول "فيزا"أم لا،فهو ضيف على أصحاب الدار. هذه الممارسات،هي السبب الرئيسي في نظرة الغرب/الشعبي،النظرة الدونية والمتقززة...للمسلمين ومن خلالهم للإسلام. فما كان لما يقوم به الغرب/الرسمي أن يكون له من تأثير لو لم تكن له مصاديق في أفعال العرب والمسلمين وتصرفاتهم... كما علينا أن نستحضر كثيرا مما يسمى "فتاوى" و"تنظيرات"،باسم الدين الإسلامي والتي تعود إلى عصور الانحطاط.أو ما قبل الانحطاط باعتبار أن أمتنا لازالت تعيشه إلى اليوم. كالموقف من المرأة،والنظرة الدونية لها واعتبارها غير كفء للرجل في كثير من المهام كتولي رئاسة الدولة مثلا... الإفتاء بأن كل البلدان غير الإسلامية هي دار حرب...مما يستوجب ذلك استباحتها. الموقف من الآخر غير المسلم،بتجريده من المواطنة ومن مقتضياتها...( الأقباط في مصر- اليهود المغاربة(أعني هنا اليهود غير الصهاينة والذين لا يحملون "جنسية إسرائيلية")- المسيحيون في لبنان أو في العراق...). الموقف من الغرب/الشعبي..إذ نجد كثيرا من المحسوبين ظلما على صف العلماء والدعاة...يطلقون توصيفات بعيدة كل البعد عن الدين والإنسانية وحقوق الإنسان... إن مواقف البعض العدائية للغرب ينبغي ألا تنسينا،على سبيل التمثيل فقط،النتائج الرائعة لاستطلاع الرأي في أوربا، حيث كان السؤال: هل إسرئيل دولة عنصرية نعم أم لا؟ فكانت النتيجة 64 في المائة من الأوربيين قالوا(نعم). تم هذا أيام حكومة المقبور سفاح صبرا وشاتيلا (شارون). كما أن هذه النتيجة هي سابقة في تاريخ القضية الفلسطينية. ومباشرة بعد الإعلان عن هذه النتائج وقعت عديد من التفجيرات الإرهابية بلندن،بمدريد،بنيويورك...وظف فيها اسم الإسلام ،وقدمت للغرب على أنها من فعل مسلمين متعصبين. وأي عاقل عند طرحه الأسئلة البديهية التي يطرحها عادة المحققون في الجرائم عامة والجرائم السياسية بشكل خاص: (*من المنفذ؟ *من المخطط؟ *من المستفيد(وهذا هو السؤال الأهم)؟) سيتوصل إلى أن الصهيونية العالمية والكيان الصهيوني بشكل خاص،ينبغي-على الأقل إن لم نقل أو نجزم،أنه هو المتورط الرئيسي في الجريمة- ألا يتم استبعاده في التحليل،بل ينبغي استحضاره بشكل أساسي عند وضع قائمة افتراضية بالمستفيدين من الجريمة. وإلا فبم نفسرغياب أربعة آلاف يهودي عن العمل اليوم الذي فجر فيه البرجان بنيويورك؟؟؟ فالرسالة كانت واضحة وقوية (دماء-جثت –أشلاء متناثرة..)وجهت للشعوب الأوربية،مفادها: هؤلاء هم العرب والمسلمون الذين منحتموهم أصواتكم في استطلاع الرأي. ينبغي ألا تنسينا أيضا قوافل الحرية التي تنطلق من "الغرب" في اتجاه "الشرق" من أجل فك الحصار عن غزة. خلاصات: لامناص لنا من فقه جديد،مما يتطلب ذلك من فقهاء مجتهدين مجددين. العمل على تأسيس مدرسة اجتهادية لعلم كلام جديد،على اعتبارعلم الكلام القديم-الذي اشتغلت عليه الفرق الكلامية لعقود-أصبح متجاوزا،ولا يجيب على التساؤلات الآنية،وبالتالي تبقى المستجدات معلقة... أن تكون هذه المدرسة الاجتهادية لها كل الاستقلالية،بعيدة الوصاية الرسمية،بما في ذلك مصادرتموينها،على اعتبار أن الجرأة في الاجتهاد ت تتطلب حرية بلا قيود...