قال الزمزمي، في تصريح عبر الهاتف لهسبريس، إن الرد عن من وصف فتاويه بالشاذة وغير اللائقة يكون أساسا على أهل العلم إذا ما أنكروا هذه الفتاوى، مضيفا أن الجهلة لا يُرد عليهم، فمن جهل شيئا عاداه"، وفق تعبير الزمزمي. معذرة إليك أيها العالم الجليل، والفقيه المبجّل، لجسارتي على مقامكم العالي، ولتجرئي على مخاطبتكم أنا العبد الجاهل، الذي لا حظّ له من العلوم الشرعية، لكن يشفع لي أنني أنتمي إلى أمة الإسلام، والواجب الكفائي يفرض علي أن أقوم بالنصح لكم كما جاء في الحديث (الدين النصيحة)، بعد أن صمت علماؤنا وفقهاؤنا عن بيان موقف الشرع مما تصدرون من آراء تسميها الصحافة خطأ "فتوى". سيدي، إنك في كل مرة تطلع علينا بآراء "فقهية" تثير الجدل والبلبلة داخل المجتمع، لغرابتها وخروجها عن المعلوم من الدين بالضرورة، فإذا كان عوام الناس مثلي لا يستسيغون هذه الآراء الشاذة، فكيف بالعلماء؟ لكن للأسف علماؤنا تخلّوا عن واجب النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأخص بالذكر المجلس العلمي الأعلى الذي التزم الصمت عن الآراء المثيرة التي تخرج علينا بها؟ وجوابا على قولك: "من لديه شيء من المنطق واعتبر الفتوى غير صحيحة وشاذة، فليبطلها بالحجة والدليل، وليس بمجرد الآراء والكلام..."، فإني أؤكد لكم أن آراؤكم لا تحتاج لدحضها إلى حجة ودليل، لأن زللها بيّن، فهي في الأصل آراء لا تستند إلى دليل، فكيف يمكن تفنيدها بدليل، وهي مجرد آراء شخصية ألبستها لبوسا شرعيا، وأعانك على ذلك بعض الصحف التي تقتات من أخطائك، وتتصيّدها لتسيء إلى الإسلام، وتجعله محط سخرية وازدراء من طرف خصوم الإسلام. وهنا أتساءل، لماذا لم ينتفض بعض العلمانيون كما هي عادتهم، للرد على إباحة استعمال الأدوات الجنسية وغيرها مما ذكرته من جزر وقنينات... كما فعلوا مع فتوى المغراوي بجواز تزويج القاصر، فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها؟ أكيد أن الجواب واضح... سيدي، إن قولكم بأن : " من الناحية الشرعية يُنظر إليها (الأدوات الجنسية) بكونها لا تعدو كونها وسيلة من الوسائل لتحقيق اللذة الجنسية بدون امرأة، وهي تدخل ضمن حكم الاستمناء"، ألم تنتبه إلى خطورة التأويلات التي ستعطى لكلامك، فعوض أن تنصح الشباب بالعفاف كما جاء في قوله تعالى : (ولْيسْتعفِف الّذين لاَ يَجِدون نكاحا حتّى يُغنيهم الله من فضله)، أبحت بدون دليل من كتاب أو سنة أو إجماع، أمرا محرما، ألا تدري أن الذي يستعمل تلك الوسائل غير الشرعية، لا علاقة له بالعفاف، فمعظمهم من الشواذ والسحاقيات، وإن ما ذهبت إليه هو تحريض على الشذوذ من حيث لا تدري. هناك وسائل شرعية أقرها العلماء للتخفيف من وطأة الشهوة، ولا أظن أنها تخفى عليكم، لكن أذكر بها لعلّ الذكرى تنفع المؤمنين، ومن جملتها الصوم، وممارسة الرياضة، وملأ أوقات الفراغ بالأعمال التي تقرب إلى الله، وغض البصر عن النساء، لأن إثارة الشهوة غالبا ما يكون مصدره النظر، وما إلى ذلك من الوسائل الشرعية التي تساعد المسلم والمسلمة على التحصن والعفاف من الوقوع في الزنا. وكما تعلم سيدي أن إشباع اللذة في الشرع لا تتحقق إلا بالزواج، ومن قال بجواز الاستمناء من الفقهاء المتأخرين، فهو رأي فقهي مرجوح يخالف جهور العلماء، وبالتالي لا يعتد به، لوجود آيات صريحة في القرآن تحدد وسائل إشباع الرغبة الجنسية، قال تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانكم فإنهم غير ملومين)، ولو كان الاستمناء مباح لأباحه الشرع بنص صريح، وحتى بعض العلماء الذين أجازوا الاسمتناء - رغم ضعف هذا الرأي- قيدوه بالضرورة القصوى التي يخشى فيها المرء على نفسه من الوقوع الوشيك في الزنا، وليس على إطلاقه، وكما يقول الفقهاء (الضرورة تقدر بقدرها) وإذن لا يجب التوسع في ذلك، لما فيه من مفاسد جمة لا يعلمها إلا الله. سيدي، إن الحوار الذي أجريته مع إحدى الجرائد الأسبوعي وصرحت فيه أن: " هذه الأدوات لا يلجأ إليها إلا العفيف..." وقولك : " ما تقبل عليه هؤلاء الفتيات ليس بزنا وإنما يدخل ضمن الاستمناء، الدافع إليه هو التعفف عن الزنا، فالفتاة تلجأ إلى هذه الوسائل لتصون عضها وكرامتها حتى لا تقع في الحرام..."، بالله عليك، واعذرني إذا خانتني العبارة، أو أسأت الأدب معك، فإن الأمر جلل، والمصيبة عظمى، لأن من يقرأ هذا الكلام سيصاب بالدوار، ما هذا الخلط والخبط يا شيخ؟ لم نسمع بمثل هذا الكلام من قبل لا عند العلماء المتقدين ولا المتأخرين، كلامك فيه إساءة واتهام إلى الشباب العفيف من الجنسين، لأنهم لا يلجؤون إلى مثل هذه الوسائل المحرمة، بل إن فيه من تحريض لبعض النفوس الضعيفة لكي تستغني بتلك الوسائل عن الزواج، ما دام الشيخ المبجّل قد أفتى بشرعيتها لتصريف الشهوة الجنسية !!! ألم تقرأ يا شيخ، حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بيّن فيه أن العين تزني وزناها النظر واليد تزني وزناها البطش ...، فكيف بالاستمناء الذي هو إشباع الرغبة الجنسية بوسيلة محرمة لم يقرّها أحد في الأوّلين ولا في الآخرين من العلماء ؟؟ !!! سيدي، تعلم أن الإفتاء في الدين من أجلّ وأخطر المهمّات، وليس كل من اكتسب علما يمكنه الاجتهاد والإفتاء، فهذا الميدان له رجاله، ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الفتوى بغير علم فقال:(أجْرؤُكم على الفتوى أجرؤكم على النار)، ولهذا السبب كان علماؤنا القدامى الأجلاء يمتنعون عن الإفتاء في المسائل والنوازل التي أشكل عليهم فيها الحكم الشرعي أو قد يغلب على ظنهم بأن الفتوى ستؤدي إلى مفاسد، عملا بالقاعدة الشرعية "سد الذرائع"، ولا أدلّ على ذلك من سير الأئمة الأعلام في هذا المجال، وفي مقدمتهم الإمام مالك رضي الله عنه، حيث كان يُستفتى في كثير من القضايا والنوازل، ولم يكن يجب على معظمها ويكتفي بالقول: لا أعلم.