جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    «كوب-29».. الموافقة على «ما لا يقل» عن 300 مليار دولار سنويا من التمويلات المناخية لفائدة البلدان النامية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الدرهم "شبه مستقر" مقابل الأورو    نظام العالم الآخر بين الصدمة والتكرار الخاطئ.. المغرب اليوم يقف أكثر قوة ووحدة من أي وقت مضى    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    حارس اتحاد طنجة الشاب ريان أزواغ يتلقى دعما نفسيا بعد مباراة الديربي    نهيان بن مبارك يفتتح فعاليات المؤتمر السادس لمستجدات الطب الباطني 2024    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    افتتاح 5 مراكز صحية بجهة الداخلة    إقليم الحوز.. استفادة أزيد من 500 شخص بجماعة أنكال من خدمات قافلة طبية    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الساسي: من يحب ملكه عليه أن يقول له الحقيقة كاملة
نشر في لكم يوم 11 - 08 - 2019

هذا الحوار يعود إلى 20 سنة خلت. صدر في السابع من غشت عام 1999، أي 15 يوما بعد تولي الملك محمد السادس الملك لحظة وفاة والده الملك الراحل الحسن الثاني في 23 يوليوز من نفس العام. وأهمية هذا الحوار هو استشرافه للمستقبل الذي يبدو أن المغرب أخطأ طريقه بعد مرور عقدين من الزمن، ولذلك فإن أفكاره “المستقبلية” مازالت آنية لأنها تحمل مشروعا منفتحا على المستقبل بكل أفاقه الواسعة.
ولهذا الحوار قصة يجب أن تحكى ذات يوم، فقد خلف زلزالا كبيرا داخل الجريدة “الإتحاد الإشتراكي”، وداخل الحزب، “الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية”، وداخل الحكومة، حكومة التناوب بقيادة عبد الرحمن اليوسفي، وداخل مربع السلطة القريب من صناعة القرار.
وعندما يعيد موقع “لكم” إعادة نشره، فإنه يفعل ذلك إيمانا منه بأهمية الأفكار الواردة فيه، وبأهمية إعادة فتح النقاش الذي لم يغلق بابه قط، رغم كل الإكراهات ولظروف، حول مواضيع أساسية مازالت تمثل مفاتيح حقيقية لمغرب المستقبل الذي يحلم به من يحملون نفس القيم التي يدافع عنها هذا الحوار، ويتقاسمون الأسئلة الحارقة التي حاول صاحبه الإجابة عنها.
وتبقى الأفكار الواردة في هذا الحوار، رغم مرور 20 سنة، على صدوره مازالت صلحة ليومنها هذا، لأنها شكلت في حينها “خارطة طريق”، مازالت سالكة للعبور إلى مغرب الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الإجتماعية.
وفيما يلي نص الحوار كما نشر ته يومية (الاتحاد الاشتراكي) في7 غشت 1999 – العدد 5840 – الصفحة 12  
مَنْ سيقوم بتحديث مَنْ؟ هل اليسار المغربي هو الذي سيقوم بتحديث المؤسسة الملكية؟ أم على العكس انقلبت الأدوار وأصبحت الملكية مؤهلة أكثر لتحديث اليسار؟
هذه الفكرة تمثل محور انشغال محمد الساسي الذي التقيناه لمحاورته حول حمولة خطاب العرش الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس، والقضايا المطروحة على النخب ببلادنا في أفق تسريع وتيرة التحديث وإرساء دعائم دولة عصرية يشارك فيها الكل، بالنظر لكونها (أي الدولة) تراثا مشتركا للجميع.
فيما يلي، نص الحوار مع محمد الساسي، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس.
هل يحتمل خطاب العرش الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس قراءة واحدة، أم قراءات مختلفة؟
يستدعي الأمر في نظري تقديم مجموعة من الملاحظات الأولية من جملتها أن خطاب العرش كأي نص يحتمل عدة تأويلات، ولا يمكن أن تكون له قراءة واحدة فالقراءات تتحكم فيها وتغشاها عدة ملابسات مرتبطة بانتظارات القارئ وخلفياته ومصالحه ورهاناته.
وهكذا لاحظنا أن البعض حاول أن يركز على مضامين أو تعابير محددة وردت في هذا الخطاب، بينما حاول البعض الآخر أن يركز على مضامين وتعابير أخرى.
فما نسميه القوى الديمقراطية من الطبيعي أن تركز مثلا على ما جاء في الخطاب بالخصوص من إعطاء الاهتمام للفئات المحرومة وإعلان التشبث بالتعددية الحزبية وبسياسة الجهوية واللامركزية وإقامة دولة الحق والقانون وصيانة حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية. كما أن هذه القوى ركزت على دور الملك بوصفه –كما جاء في الخطاب- حَكَمًا يعلو فوق كل انتماء، وأبرزت بشكل واضح إسناد الملك لحكومة التناوب، وخاصة استعماله للفظ التداول على السلطة، وليس فقط التناوب على الحكومة والتنويه بالسيد عبد الرحمان اليوسفي، والتأكيد على أنه يلقى من المؤسسة الملكية كل سند ودعم. كما تم التركيز طبعا على الإشارة المتعلقة بسير المغرب قدما على طريق التطور والحداثة والانغمار في خضم الألفية الثالثة مسلحا بنظرة تتطلع لآفاق مستقبلية. القوى الديمقراطية، في أغلبها، هي قوى لليسار يهتم بالمسألة الاجتماعية ولذا فإنها سجلت ما ورد بشأن البطالة والنية في العمل على محو آثارها وفتح أبواب الشغل أمام الشباب الناهض، وأيضا الإشارة إلى الاهتمام بقضية الفقر، والعمل على التخفيف من حدته وثقله.
ومن الطبيعي بالنسبة لليسار أن يركز على استعمال كلمة “إقامة” دولة الحق والقانون، وعبارة “صيانة” الحقوق والحريات، فهذا التركيز على هاتين الكلمتين يعني أن دولة الحق والقانون في حاجة إلى بناء، وأن حقوق الإنسان في حاجة إلى حماية وصون. ولكن من جهة أخرى سيكون من الطبيعي تماما أن يشترك الجميع في التأكيد على ورود التشبث بنظام الملكية الدستورية والتعددية السياسية ودولة الحق والقانون، لكن هناك أشياء أخرى يتم إبرازها، وهناك بعض الأشياء التي قد لا تحظى بنفس الاهتمام.
طبعا، بالنسبة لما يمكن أن نسميه باليمين، فإنه ليس من مصلحته أن يبرز كثيرا الاهتمام بتزكية حكومة عبد الرحمان اليوسفي، ومن مصلحته بالمقابل أن يبرز بعض القضايا الأخرى الواردة في الخطاب، كمثل تأكيد الخطاب على أنه سيسعى لصون الأمن وترسيخ الاستقرار، والأكيد أنه سوف يتم إبراز الحديث عن اختيار الليبرالية الاقتصادية، بيد أننا وجدنا تقريبا في هذه المسألة (أي الليبرالية الاقتصادية) عدم التركيز عليها في تأطير وتناول الأحزاب المنتمية لليسار لهذه الفكرة.
وحتى عندما يضطر البعض إلى إيرادها فإنه يوردها بصيغة غامضة، دون إلحاح عليها، في الوقت الذي نلاحظ أن القوى التي يمكن أن نقول إنها محافظة، ستركز على معطى أن الملك أكد في خطاب العرش نيته بأن يقوم بدور الموجه والمرشد والناصح الأمين ومن مصلحة هذه القوى أن تركز على معطى الخصوصية الذي أشار الخطاب إلى ضرورة المحافظة عليه، وأيضا حديثه عن الأصالة المتجددة والتزام المعاصرة باحترام القيم المقدسة. كما يمكن أن يفهم من إشارة الخطاب في مجال قضية البطالة أنه سيتم حث الشباب على الاجتهاد والابتكار للمبادرة في غير توان أو تواكل، قد يفهم من ذلك إعفاء الدولة من واجب التدخل المباشر لتشغيل الشباب. كما يمكن أن نفهم مثلا أن يركز البعض على ما جاء في الخطاب من ضرورة بذل المزيد من الجهود في الحرص على “الوحدة” و”الإجماع” و”التمسك بالمقومات”. وهكذا يظهر تعدد القراءات بتعدد الخلفيات والمصالح والمواقع والمشاريع التي يحملها كل واحد منا.
معنى هذا أن الحمولة تختلف باختلاف متلقي الخطاب؟
الخطاب يتسم بطابع العمومية والاحتراس الشديد الذي يتجلى من خلال تفادي الدخول في التفاصيل كنوع من الاحتراس حتى لا يتم الخوض في المجالات التي هي موضوع اختلافات وتناقضات. والحقل السياسي مخترق بصددها، بصراعات.
طبعا، يجب أن ننتظر الخطوات العملية التي يمكن أن توضح لنا بشكل جلي ما هي الحمولة الدقيقة للتوجهات العامة المعلن عنها والتي لا تختلف كثيرا عن التوجهات المعلنة في كل المناسبات. وفي النهاية فإن كل واحد يحاول أن يقدم التأويل الذي يسمح له بإنجاح وتدبير أحسن لما يعتقد أنه يمثل الخير والحق والمشروعية.
وتتدخل في الواقع موازين القوى لتعطي المصداقية العملية لهذا التأويل أو ذاك في مرحلة أو أخرى من مراحل تطور الصراع في الساحة السياسية.
هناك ملاحظة تتجلى في أن نفحة الحداثة موجودة في خطاب العرش، لكنها لا تسمح لنا بأن نعتقد بأنه وقع الحسم النهائي تجاه اختيار تحديثي لا رجعة فيه، طبعا يتطلب الأمر نوعا من الاحتياط في تقديم الأحكام. ومع ذلك يمكن أن نبرز الجانب المتعلق بالصياغة الواضحة للنص والمكثفة والمركزة والتي تستند إلى معجم سياسي حداثي نسبيا.
هذه الملاحظة على الأقل يمكن أن نستخلصها من المقارنة مع ما أنتجته النخبة السياسية من خطابات في هذه المرحلة التي جاء فيها الخطاب الملكي. فخطاب النخبة السياسية بمختلف تلاوينها استند إلى مقولات ذات حمولة مغرقة في التقليدانية. من هنا يبدو أن نص الخطاب الملكي، على الأقل من هذه الزاوية، يبدو متقدما. فقبل الخطاب الملكي لم يتحدث أحد عن الانتقال المؤسس على الفصل العشرين من الدستور المغربي الذي يتحدث عن انتقال العرش بالوراثة إلى الولد الذكر الأكبر سنا إلخ… فالكل ركز على البيعة، ولكن الخطاب الملكي تحدث عن واقعة التربع على العرش باعتبارها مستندة إلى مقتضيات الدستور في المقام الأول وطبقًا للبيعة في المقام الثاني، فجاء ترتيب البيعة بعد الدستور. وسنلاحظ في ما بعد أن النخبة السياسية تذكرت أخيرا الدستور بعد أن أشار إليه الخطاب الملكي. أما قبل ذلك فتم إنتاج خطابات سياسية كما لو أن الوقائع السياسية في المغرب ليس مفروضا أن يحكمها دستور أو أن هذا الدستور غير موجود أصلا.
هل هذا ما وقفت عنده بخصوص المعجم، أم استوقفتك تعابير أخرى؟
يمكن أن نسجل مثلا حديث البعض عن “المكرمات”، وهذا يذكرنا بمنظور الحقوق باعتبارها هبة من الحاكم إلى المحكومين، وهذا المنظور لا نجده واردا في صياغة خطاب العرش. في نفس الوقت عندما تَحَدَّثَ الخطاب الملكي عن حكومة التناوب أشار إلى عبد الرحمان اليوسفي باسم “السيد عبد الرحمان اليوسفي”، ولم يستعمل عبارة “خديمنا الأرضى عبد الرحمان اليوسفي”؛ بينما مفهوم المخدومية ورد في أحاديث وكتابات النخبة السياسية قبل هذا الخطاب، واستُعمل كمستند لتكييف العلاقة بين الحاكمين والمحكومين باعتبارها أمرا وقع وكان يجب أن يقع.
يمكن أن نفهم أن القوى المحافظة تلجأ إلى جهاز مفاهيمي أو استعمال قاموس تقليدي لأن لها دُربة لاستعمال التقليد لحماية مصالحها المعروفة والتي لا علاقة لها بإيمان حقيقي بهذا التقليد. لكن المفاجئ هو أن يقع اليسار فجأة سجين هذه المفاهيم وهذه المراجع المعجمية، وأن يعتمد أسلوبا خطابيا مستندا إلى مقولات القرون الماضية.. والأخطر من ذلك كيف نفسر تهافت خطاب اليسار على إعادة كتابة التاريخ السياسي للمغرب المستقل، إلى درجة أننا نتساءل هل نسي اليسار فجأة دوره المفترض في تحديث المؤسسة الملكية، والتي كانت المناسبة –في اعتقادي- تفرض التأكيد عليه. فهل تبدلت الأدوار وأصبحت الملكية مؤهلة هي أكثر لتحديث اليسار. فأي يسار هذا الذي يُنتج خطابا بهذه المناسبة لا حديث فيه عن المستقبل ولا عن التغيير ولا عن التجديدات الضرورية التي يجب أن تمس كل مناحي الحياة السياسية ولا إشارة فيه إلى المشاكل الكبرى التي بقيت عالقة ومستعصية.
لاحظنا أن اليسار، قدم قراءة للمشهد الشعبي تحمل على الاعتقاد بأنه يجعل هذا المشهد بمثابة قبول بكل النظام الاجتماعي، وفي كافة تمظهراته، كما لو أنه ليس هناك في العمق ظلم اجتماعي صارخ وعميق.
الملك الراحل رحمه الله، في إحدى مناسبات افتتاحه للبرلمان المغربي روى في خطابه حادثة عارضة وقعت قبل افتتاح الدورة وهو يحيي المواطنين المتجمهرين على جنبات الطريق التي مر منها وسمع امرأة تناديه “آمولاي الحسن : خاصنا كل شي”. فهذه المرأة التي جاءت لتهتف بحياة الملك، لم تجد بأن ذلك يتناقض مع تصريحها للملك بأنها في حاجة لكل شيء. فالجمهور العريض من المواطنين يفتقد مقومات العيش الكريم، وحين يهتف بالملكية فهو يستجير بالملكية من الظلم الاجتماعي الأسود الذي يعاني منه.
فلماذا لم تستحضر قوى اليسار مثل هذه الواقعة المروية على لسان الملك الراحل من أجل تفسير حركة الشعب في تعامله مع المؤسسة الملكية باعتبارها ملاذا؟
الخطاب يوحي بان الهتاف الشعبي هو نفي لوجود ظلم اجتماعي أو ظلم سياسي إلى إشعار آخر. وأعتقد شخصيا بأن هناك حالة من الخوف انتابت هذا اليسار، وهو خوف من احتمال فقدان المواقع. وبهذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أننا من حيث لا ندري قد نسقط في سياسة تحول الوسيلة إلى غاية. وقد أبانت الشهور الماضية عن أن اليسار والقوى الديمقراطية لا تبدي نوعا من القتالية إزاء ما كانت تعتبره في الماضي مطالب جوهرية واستراتيجية، بل إننا نلاحظ أحيانا أنه يتم التخلي عن أكثر المطالب حيوية مقابل البقاء حيث نحن.
وهكذا، لا يمكن أن نفهم الخطابات الملساء التي أُنتجت في الظروف التي عشناها إلا بكونها رسالة تتضمن استعدادا للتكيف مع أسوأ الظروف. وهذا في تقديري، موقف تنقصه النزاهة، إذ لابد من أن تقع في بلادنا تجديدات، ولا بد من أن ينخرط الملك الحالي في مسلسل إقامة صرح هذه التجديدات، والتعاطي الشجاع مع الملفات والقضايا والرهانات والتحديات التي تواجه مغرب اليوم. وهنا فإن الملكية في حاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى قوة سياسية تشغل الميدان وترعى الحاجة الموضوعية إلى هذه التجديدات، عبر حضور وفعل مستمرين في الساحة.
إن الفراغ قاتل ومميت، ولذلك يتعين أن يكون هناك قطب سياسي قوي يؤطر الفعل الشعبي، ويدعم خطط الإصلاح الحقيقية متى وُجِدَتْ وظهرت للعيان، ويَسْتَحِثُّ ظهورها ويخلق الديناميكية الضرورية داخل المجتمع لتحضيرها وحمايتها والدفع بها إلى الأمام.
وهناك ملاحظة تخص خطاب العرش، وهي الحديث عن الليبرالية الاقتصادية باعتبارها أحد الثوابت. فهل يعني ذلك أن الانتخابات، إذا ما أفرزت قوة تَدينُ بالاشتراكية، أن عليها مثلا، أن تتخلى عن اشتراكيتها؟ أو أن يقع العكس، أي التخلي عن الليبرالية؟ أو يتم في الميدان توافق وتصالح على حد أدنى وسط يظهر من خلال برنامج اقتصادي أو اجتماعي.
هل لهذا الإشكال أبعاد دستورية؟
طبعا، هذا الإشكال له أبعاد دستورية، وهو مظهر من مظاهر خصوصية وصعوبة التدبير المؤسساتي في بلادنا. وهنا تُطرح كثير من التساؤلات : هل الإشارة إلى ثابت الليبرالية الاقتصادية يجعل كل الأحزاب السياسية بمختلف إيديولوجياتها، مجبرة على تكييف برامجها مع هذا المعطى؟ أم أن الأمر يتعلق بإمكانية وجود قراءات متعددة لهذه الليبرالية التي يمكن أن يعتبرها الاشتراكي ليبرالية اجتماعية، ويمكن أن يعتبرها الليبرالي المتطرف ليبرالية متوحشة.
وهل ما جاء في الخطاب الملكي بهذا الخصوص هو مجرد تأكيد على التعديل الدستوري الذي تَمَّ في 1996، حيث كان الفصل 15 ينص على أن حق المِلْكِيَّةِ مضمون فأصبحت صياغته تنص على أن حق المِلْكِيَّةِ وأيضا حرية المبادرة الخاصة مضمونان. بمعنى آخر، هل يريد الخطاب الملكي أن يكرس معنى التعديل الذي وقع في الدستور؟ علمًا بأن هذا التعديل بالضبط كان موضوع تجاهل وتناسٍ من طرف المعلقين والأحزاب السياسية عموما، أثناء حملة التصويت على هذا الدستور. وهل ما جاء بخصوص الليبرالية الاقتصادية أملته فقط ضرورة التجاوب مع اتجاه عالمي يجعل بعض المعطيات المتعلقة باقتصاد السوق تترسخ أكثر في منظومة العلاقات الدولية الاقتصادية وفي الاقتصاديات المحلية؟
يمكن دائما الرد على هذا الاتجاه الذي ترعاه أمريكا على وجه الخصوص، بضرورة التجاوب أيضا مع منظومة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، والتي تعرف نموا مضطردا يجعل الاشتراكي اليوم يعثر على هويته في المضامين الحقيقية لهذه الحقوق، والتي تتكرس قانونيا من خلال ترسانة غنية وكثيفة من الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية.
طيب، لو فُتِحَ ورش إصلاح الحقل السياسي ببلادنا، ما هي التغييرات التي تراها ضرورية من الناحية الدستورية؟
بخصوص الحاجة إلى الإصلاح، أعتقد أن هناك أوجها متعددة لهذا الإصلاح الذي يجب أن يدخل حيز التطبيق في بلادنا. وفي صدارة هذا الإصلاح، هناك ضرورة لتغييرات دستورية تمس جوانب متعددة من آليات العمل المؤسساتي. يجب أن ننتقل إلى نظام ملكية برلمانية حقيقية، ببرلمان فاعل وحقيقي، يناقش جميع الميزانيات ويُشَرِّعُ ويراقب العمل الحكومي بكل جدية، ويجب أن يتحرر النواب من الحرج في مناقشة بعض الميزانيات، انطلاقا من أن الملك لن يرى في فعل المناقشة الجادة والوطنية والصادقة، أي مساس بالمؤسسة الملكية، لأن المؤسسة الملكية، محتاجة إلى من يقدم الإسهام الحقيقي في مناقشة القضايا الأساسية.
هناك حاجة ماسة إلى أن يضمن الدستور تكريس المسؤولية كثقافة عامة مؤسساتية، وأن يعمل على ضوء نوع من الوضوح في تحديد دوائر السلطات وعلاقاتها وصلاحياتها، وأن يحرر الوثيقة الدستورية من الخلط بين حقول متعددة، والخلط بين المجاز والحقيقة، والخلط بين المرجعيات المتعددة. ويتعين أن يتم هناك فصل متكافئ وحقيقي للسلطات، وأن يتأسس مبدأ تقييد مفهوم السلطة، وأن يُسمح بتقديم المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان في التطبيق على القانون الداخلي، وأن يتم الاستغناء عن بعض الإضافات التي جاء بها دستور 1970، والتي ترددت في الدساتير الأخرى، وأن يُعترف بالقضاء كسلطة، وأن يُقرر بصفة صريحة سهر الحكومة على السياسة العامة لتدبير البلاد، وأن يُستغنى عن نظام الغرفتين، وأن تُرفع بعض القيود التي تحد من مجال تدخل البرلمان، وأن يتعزز موقعه خاصة من خلال حقه في تكوين لجان المراقبة وفي متابعة عدد من المؤسسات العمومية وأن تُعاد صياغة مفهوم السلطة التنظيمية، وأن يتعزز دور مجلس الحكومة ودور الوزير الأول، وخاصة من خلال تفويضه الحق في ترؤس مجلس الوزراء، وأن يتم التعامل مع فعل السلطة كفعل إنساني قابل للمحاسبة ومقيد بالنصوص المكتوبة، وتمكين المؤسسات المتأتية من الاقتراع العام النزيه، من حق التقرير والإسهام في صوغ التوجه العام حتى لا تبقى مجرد واجهة لنفس المنطق التقليدي والمركزي لاتخاذ القرار، وحتى تعني المشاركة في الحكومة مستقبلا مشاركة في الحكم، كما يتعين إلغاء الفصل 102 من الدستور الذي يقدم صورة عن العمال في العمالات والأقاليم والجهات لا تخدم مفهوم التوازن الضروري بين مجالات وحقول الفعل المؤسساتي. كما يجب أن يوفر النظام الدستوري آلية حقيقية وفعالة للرقابة على دستورية القوانين، وأن تتم مراجعة تأليف المجلس الدستوري حتى تتوفر له الاستقلالية المطلوبة، وحتى يكون هناك نوع من التوازن في تشكيل هذا المجلس، طبعا مع تكوين وإحداث عدد من الهيئات الجديدة، مثل الجهاز الدستوري الخاص بالإشراف على الانتخابات والاستفتاءات والجهاز الخاص باستقبال الشكاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، وتوسيع مجال الفصل الثامن الذي ينص على حقوق المرأة السياسية وجعله شاملا للحقوق الأخرى، وإعطاء مفهوم التعددية معنى يشمل مضامين مختلفة من الحياة المؤسساتية، خاصة الجوانب المتعلقة بالإعلام العمومي السمعي – البصري وبالمؤسسات الحزبية والنقابية وبحقوق المواطنين وبحرياتهم.
وبالإضافة إلى النظام الدستوري، هناك ضرورة إدخال تغيير في النظام الانتخابي، ليس فقط بالمفهوم القانوني، ولكن بالمغزى السياسي للانتخابات والغاية منها. بمعنى انتهاء عهد الانتخابات المزورة وعهد الخرائط المصطنعة والتي يتم وضعها على ضوء التخوف من الاحتمالات المختلفة للانتخابات وعلى ضوء الرغبة في التحكم والتوجيه في مسار الحياة المؤسساتية.
إن السؤال الحقيقي هو المتعلق ب : هل النظام السياسي يستوعب حقيقة القبول بانتخابات مفتوحة على احتمالات متعددة؟ وهل فتحها على هذه الاحتمالات المتعددة يعتبر مسًّا بأسس النظام السياسي، أم أنه تعزيز للمسار التقدمي لهذا النظام السياسي؟
لاحظت أنك ألغيت الأحزاب ك “فاعل” من الخريطة؟
في ما يتعلق بالنظام الحزبي يجب أن ينتهي عهد تفريخ الأحزاب واصطناعها، كجزء من آليات تزوير المشهد السياسي والانتخابي، وكوسيلة لمحاربة نوع معين من الأحزاب عن طريق خلق حزبية مضادة.
وفي نفس الوقت على الدولة أن تتعامل مع الأحزاب السياسية بنوع من الاعتراف الحقيقي والعملي. فليست الأحزاب هي فقط تلك التي تشارك في الانتخابات البرلمانية. هناك أحزاب سياسية لا تشارك في الانتخابات، ولكنها تمثل جزءا من رأي المواطنين ولها الحق في أن تكون مُخَاطَبًا، وفي أن يتم الإنصات إليها وإسماع صوتها؛ فليس النظام الحزبي وقفاً على الأحزاب التي تقبل باللعبة الانتخابية، خاصة وأن جزءا كبيرا من هذه الأحزاب يسائل هذه اللعبة كما تجري ببلادنا ويضعها موضع محاكمة، من الزاوية الأخلاقية والعملية والوظيفية. والأحزاب التي لا تشارك في هذه اللعبة، إنما تستند بالضبط إلى الأسس التي تُعتمد من طرف غيرها من الأحزاب في محاكمة ومساءلة هذه اللعبة.
يجب أن تتغير طريقة تعامل الدولة مع الأحزاب وأن تتكسر أواصر وروابط التبعية والوصاية ليأخذ النظام الحزبي بالمغرب، في شموليته، استقلاله الكامل ويفسح المجال للتباري الرياضي بروح خلاقة، وفي إطار تمثل فيه الدولة تراثا مشتركا للجميع وهيأة اعتبارية فوق الجميع وملتزمة باحترام القانون، وباحترام مبدأ المساواة أمام هذا القانون، فالاستقلالية هي الشرط الوحيد والكفيل بأن يعيد بناء النظام الحزبي المغربي.
في إطار حديثك عن المساواة، لا أحد يجادل في غيابها بخصوص الانتفاع من ثروات البلاد. فهل ما ورد في الخطاب الملكي بخصوص الفقر قد يشكل نقطة انطلاق لتحقيق العدالة في التوزيع ترابيا وبشريا؟
بالنسبة للمسألة الاجتماعية، فقد جاءت في خطاب العرش إشارة إلى مؤسسة التضامن مع الفقراء والمعوقين. لا يمكن أن نعتبر أن وجود مثل هذه المؤسسة يلخص أو يترجم التعاطي المطلوب مع القضية الاجتماعية. فالإشارة إلى هذه المؤسسة، هي إشارة رمزية وكما نعلم، لا يمكن أن نضع قضية الفقراء والمعوقين والمحتاجين كلها في مستوى واحد، ولا يمكن أن نعتبر أن مؤسسة من هذا القبيل يمكن أن تمثل أداة ناجعة لمعالجة المشكل الاجتماعي في عمقه وشموليته.
طبعا، الفقر ليس عاهة، بل هو في حالة المغرب، نتاج سياسة ونتاج نظام اجتماعي معين. وهذا النظام الأخير في حاجة إلى تغييرات. من مظاهر هذه التغييرات هو إلغاء نظم الريع والامتيازات، ومحاربة نظم الهدر والضياع، وفي هذا الإطار مثلا، يتعين علينا أن نبحث عن الوسائل لحماية الموارد الوطنية ولتثمينها وترشيد استغلالها وبناء مستوى جديد في العلاقة مع الخارج ومع الدائنين. ولا بد من تغييرات مؤسساتية عميقة ويجب أن نحمي المال العام ونخلق ميكانيزمات تشتغل ضمن معادلة مركبة. وهناك عدة إجراءات، من جملتها تقليص عدد الوزراء وعدد النواب وعدد المستشارين والجماعات، وتقليص النفقات في مجالات متعددة، خاصة النفقات المتعلقة بأجهزة الإكراه طبعا. هناك من له مصلحة في أن تظهر النفقات المتصلة بالنظام السياسي وبالقصر على شاكلة معينة، ولكن نعتقد أن الترتيبات الجديدة التي يمكن أن يدخلها الملك محمد السادس على النظام السياسي وعلى طريقة التدبير العام ستسمح ولا شك باتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تجعل المؤسسة الملكية تقدم المثال وتقدم الإشارات القوية التي تشجع وتحفز على التقليص في الإنفاق وعلى تدبير سياسة تقشفية حقيقية. وبصورة عامة، فإننا مطمئنون إلى أن الملك مدرك للاختلال الاجتماعي القائم والمتمثل أساسا في وجود مغربين وليس مغربا واحدا، إن المطلوب هو أن يتوحد المغرب، ويتصالح المغرب مع المغرب ويتضامن المغرب مع المغرب. وهذا التضامن والانسجام الاجتماعي هو هدف كل سياسة اجتماعية حقيقية في الحالة المغربية وفي السياق الحالي للأشياء.
ومن جهة ثانية فنحن نعيش الضائقة المالية التي تؤثر على المجال الاجتماعي حيث إن هذا الأخير هو ضحية السعي لتحقيق التوازنات المالية. وفي هذا الإطار، فإن حسن التدبير وتقليص النفقات غير النافعة سوف يقدم صورة جديدة عن المغرب وسوف يساعد على حل أخطر مشكل يؤثر على الموازنة والملف المالي، ألا وهو المديونية؛ فيمكن أن تتحول الديون الواقعة على ذمة المغرب إلى استثمارات أو إلغاؤها من طرف بعض الدائنين نتيجة تفاوض سياسي، إلا أن هذا التفاوض رهين بمصداقية الدولة وسعيها الجاد لتقديم صورة عن نفسها كدولة مسؤولة، لأن الدول الدائنة لها مواطنون مكلفون يؤدون الضرائب ولا يمكن أن يسمحوا بأن تتخلى حكوماتهم عن الديون لبلد لا يحسن إلا إلقاء الأموال من النوافذ.
إن إعطاء مضمون حداثي للملكية المغربية في الوقت الراهن يعتبر مهما وملحا ومستعجلا وضروريا، وعلينا أن ننتقل من علاقة المخدومية التي تربط أشخاص الحاكمين بالمحكومين إلى علاقات جديدة قوامها المواطنة والقانون. وعلينا في نفس الوقت أن نتخلى عن بعض الطقوس وبعض التقاليد التي ليست لها فائدة محققة، وفي نفس الوقت لا نعتقد بأن التحرر منها يمكن أن يمس الشخصية الوطنية ويؤثر على ملامح الهوية المغربية. وأستحضر مثلا تقبيل اليد، وطوابير الانتظار ونظام الحجُب، ونظام الحجابات المبالغ فيه ومفهوم الزمن في المشهد السياسي. يجب أن نحترم ملكيتنا دون أن نُشْعِر الناس وهم يمارسون الطقوس بأي حرج مع أصدقائهم أو أن يعتبروا في لحظة من اللحظات أن ما نطالبهم به مناف للذوق ولاستعداداتهم النفسية. إن المودة تفرض أن يكون هناك صدق في التعامل وأن نقول للملك الصراحة وأن نتوسل في التوجه للملك بخطاب الصراحة. في نفس الوقت فإننا عندما نلاحظ غلوا في المديح، فإننا نطرح تساؤلات واستفهامات حول دوافع وخلفيات هذا الإغراق في المديح. إن من يحب ملكه عليه أن يقول له الحقيقة كاملة.
وإذا كان البعض، في مرحلة من المراحل، لم يتوصل إلى صياغة خطاب معتمد على الحقيقة كاملة، فإن الظرف الحالي يمكن أن يشكل مناسبة لتدارك ذلك. والقطب السياسي الذي يجب أن يكون في الميدان، حاضرا مؤثرا متدخلا وحيًّا وقادرا على التنظيم والتعبئة الشعبية، عليه أن يعتمد على القول السياسي المطبوع بالشفافية وأن يعتمد على انسياب وتواصل بين قنوات الاتصال الأفقية والعمودية، وعلينا أن ندرك أن سياسة الإصلاح من فوق لا تُجدي، ولا بد من أن نتعامل مع الإصلاح بوصفه حركية اجتماعية وبوصفه ثمرة لتعاقد انتخابي. ولذلك فيتعين أن تكون من أولى الأولويات برمجة موعد لانتخابات عامة سابقة لأوانها، وتقليص عدد الوزراء لإعطاء ديناميكية للإجراءات التي يجب أن تتخذ على درب تأثيث الانتقال، وأن نعي أننا نعيش مرحلة عبور في ظرف خاص يَتِمُّ فيه ترسيم توجه نحو تغيير طريقة حل المشاكل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.