تذكير.. هذا موعد الرجوع للساعة القانونية للمملكة استعدادا لشهر رمضان    المغرب التطواني ينهزم أمام ضيفه الدفاع الحسني الجديدي    اختتام رالي "باندا تروفي الصحراء" بعد مغامرة استثنائية في المغرب    منتخب أقل من 17 سنة يهزم زامبيا    فاجعة.. حريق يودي بحياة 5 أطفال بسبب شاحن كهربائي    الملك محمد السادس يهنئ العاهل السعودي    انطلاق مبادرة "الحوت بثمن معقول" لتخفيض أسعار السمك في رمضان    توقيف عميد شرطة متلبس بتسلم رشوة بعد ابتزازه لأحد أطراف قضية زجرية    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    توقعات أحوال الطقس ليوم الاحد    الأمن يوقف فرنسيا من أصل جزائري    أخنوش يتباحث بباريس مع الوزير الأول الفرنسي    تجار سوق بني مكادة يواجهون خسائر كبيرة بعد حريق مدمر    "مهندسو طنجة" ينظمون ندوة علمية حول قوانين البناء الجديدة وأثرها على المشاريع العقارية    المغرب بين تحد التحالفات المعادية و التوازنات الاستراتيجية في إفريقيا    رئيس الحكومة يتباحث مع الوزير الأول الفرنسي    فرنسا.. قتيل وجريحين في حادث طعن بمولهاوس (فيديو)    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    الصويرة تحتضن النسخة الأولى من "يوم إدماج طلبة جنوب الصحراء"    غرق ثلاثة قوارب للصيد التقليدي بميناء الحسيمة    البطلة المغربية نورلين الطيبي تفوز بمباراتها للكايوان بالعاصمة بروكسيل …    الرئيس الفرنسي يعرب عن "بالغ سعادته وفخره" باستضافة المغرب كضيف شرف في معرض الفلاحة بباريس    عجز الميزانية قارب 7 ملايير درهم خلال يناير 2025    نهضة بركان تسير نحو لقب تاريخي    "البيجيدي" مستاء من قرار الباشا بمنع لقاء تواصلي للحزب بالرشيدية    تشبثا بأرضهم داخل فلسطين.. أسرى فلسطينيون يرفضون الإبعاد للخارج ويمكثون في السجون الإسرائلية    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    "الصاكات" تقرر وقف بيع منتجات الشركة المغربية للتبغ لمدة 15 يوما    مشروع قرار أمريكي من 65 كلمة فقط في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء الحرب في أوكرانيا دون الإشارة لوحدة أراضيها    مساءلة رئيس الحكومة أمام البرلمان حول الارتفاع الكبير للأسعار وتدهور الوضع المعيشي    رفض استئناف ريال مدريد ضد عقوبة بيلينغهام    في حضور أخنوش والرئيس الفرنسي.. المغرب ضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي: تعاون المغرب والبرازيل "واعد" لتعزيز الأمن الغذائي    لاعب الرجاء بوكرين يغيب عن "الكلاسيكو" أمام الجيش الملكي بسبب الإصابة    الكوكب المراكشي يبحث عن تعزيز موقعه في الصدارة عبر بوابة خريبكة ورجاء بني ملال يتربص به    بين العربية والأمازيغية: سعيدة شرف تقدم 'الواد الواد' بحلة جديدة    إحباط محاولة تهريب مفرقعات وشهب نارية بميناء طنجة المتوسط    السحب تحبط تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    الصحراء المغربية.. منتدى "الفوبريل" بالهندوراس يؤكد دعمه لحل سلمي ونهائي يحترم سيادة المغرب ووحدته الترابية    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    فيديو عن وصول الملك محمد السادس إلى مدينة المضيق    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلسلة “همي أولاد عمي”.. اجترار لأفكار سطحية حول الإنسان البدوي
نشر في لكم يوم 16 - 05 - 2019

نشرت شركة "ماروك ميتري" لقياس نسب مشاهدات القنوات التلفزيونية المغربية خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، وكانت المرتبة الأولى من نصيب "القناة الثانية" على مستوى القنوات، والكاميرا الخفية “مشيتي فيها” على مستوى البرامج.
وكان من بين أكثر ما شاهده المغاربة سلسلة "همي أولاد عمي" ب4.1 ملايين مشاهد عبر "القناة الأولى". فإلى ماذا تحيل هذه النسبة المرتفعة في مشاهدة هذه السلسلة؟ وما هي أغلب المعالجات التي تحملها؟ ولماذا يتم التركيز على شخصية البدوي في هذه الأعمال الرمضانية؟.

يشير ملخص السلسلة الرمضانية إلى أن ” لمياء تحلم بأن تعيش حياة هادئة رفقة زوجها وابنتها في الفيلا التي اقتنوها بعد سنوات طويلة قضوها في المهجر، إلا أن الأمور تصبح أكثر تعقيدا بعد الزيارة الطويلة و غير المتوقعة لأقربائهم من البادية.
صراعات يومية و مواقف كوميدية ستنشأ بعد محاولة لمياء وسعيد افتعال المقالب للتخلص من ضيوفهم ثقيلي الظل “. السلسلة من بطولة عزيز داداس.. بشرى أهريش.. عدنان موحجة.. فضيلة بنموسى.. سكينة درابيل.. مهيول.. سيمو الكامة.. سميرة هيشيكة.. زهيرة صديق وإخراج هشام العسري.
بعد تسع حلقات يتضح مضمون سلسلة ” همي أولاد عمي ” عن عائلة قادمة من البادية بمشاكلها ترغب في قضاء ثلاثة أيام ليستقر بهم المقام في فيلا سعيد المهندس الشاب الذي أصبح من الأثرياء بعد العودة من فرنسا.
يركز مضمون السلسلة الكوميدية على فكرة البداوة حتى بعد الانتقال إلى المدينة.. وهي موضوعة حاضرة بقوة في الدراما المغربية وحاضرة بكثافة في السلاسل الرمضانية.. عن البدوي.. الأمي.. المنبهر بالمدينة وفضاءاتها وناسها..وهي فكرة لم تعد مغرية تتكرر بشكل كبير وتعكس تصورا تقليديا لا يعكس حقيقة المدينة المغربية في تحولاتها بأن النسبة سكان المغرب أغلبهم الآن من المدن. فكرة البداوة تستحوذ على أكثر من عمل كوميدي في رمضان يتم اللجوء إليها لسهولة وضع القروي كفرجة تلفزية سواء من حيث لغته أومن حركاته أومن خلال تصرفاته أو من خلال وضعه العام حيث يرزح تحت الفقر والقضاء بما تجود بهذه الطبيعة.. ويمارس عليه عنفا في الكتابة الدرامية التلفزية بتصويره كائنا فاقدا للأهلية ومنصاعا في كل التجارب بما فيها التجارب الفنية.
في بناء الشخصيات لهذه السلسلة الدرامية بالإضافة إلى الشخصيات القروية التائهة والمهمشة بلباسها وطقوسها والتي لا تعرف ما ستقدم ولا ماذا ستؤخر.. الحاضرة الغائبة في السلسلة….تنضاف شخصية الخادمة والخادم بأنماطهما الغربية حيث تحمل الخادمة سميرة هشيكة لباسا خاصا وتعاند صاحبة الفيلا بتقليدها في حركاتها ولباسها.. وكذلك الخادم الذي يضع شعرا أشعتا طويلا دون فهم مغزاه ولباسا قصيرا ويعمل مساعدا للمهندس ويفهم أكثر منه في كثير من الأحيان.
تحيل الأصول الإجتماعية لهذه الشخصيات عن دوغمائية قاتلة حيث الانتقال من البادية مزيف وواه وغير مغري وغير جدي بلا منطق وكذا تصرفات كل شخصية حيث يحمل لمقدم أحمد الذي توحي أفعاله أنه سمسار ووسيط ..بندقية فروسية ويحلم بالأحصنة وسباقات الخيل مع لباس تقليدي دون أن يفكر في العمل والتواكل عل الآخرين ويدور في حلقة مفرغة.. شخصية متهلهلة في بنائها الدرامي وفي منطلقاتها وركائزها تمتاز بنظرات قاسية وبالحضور الذي جسده داداس. تم شخصية الفضيل : شاب في الثلاثينيات، يحلم بالعيش في المدينة وأن يصبح شخصية مشهورة. يعبر عن العولمة التي اجتاحت القرية المغربية. هذا الشاب يعري بين الفينة والأخرى خصوصا في الحلقات الأولى من السلسلة إلى الأوضاع المأساوية والمزرية التي تتخبط فيه البادية المغربية ونقل العديد من معاناتها في لايفات مباشرة على موقع يوتوب.
أما حضور الشخصيات النسائية فهو باهت تماما ولا تتعدى أن تكون هنية/ سكينة درابيل الفاقدة للذاكرة كما شخصية فضيلة بنموسى الحاضرة الغائبة و التي تملىء السينايور في حالة الفراغات وهي تقنية يتم اللجوء إليها بالاستعانة بالشخصيات الثانوية والمساعدة كما هو الحال بالنسبة لمي حليمة / زهرة صادق التي لا تعبر عن مواقف صادقة وحقيقية بل فقط مجرد ديكور.
كما أن شخصية الطفلة وشخصية الكلب فقط تبقى مجرد ديكور كما باقي ديكورات الفيلا.. أما دور الذي أدته بشرى أهريش/ لمياء صاحبة الفيلا لم تتوقف فيه ولم تعكس بجد غربتها وتشبعها بسنوات الهجرة التي قضتها وتتكلم مثل البدويين أو ربما هي أكثر بدونة منهم في الدور وتتهجى اللغة الفرنسية في أكثر من موقف.
تبرز لغة السلسة الدرامية وهامشيتها عن جذور الشخصيات القروية دون الرقي بهذه بها رغم التراكم الزمني والتاريخي خلال أكثر من 30 عاما عن خضوعها لعولمة تكنولوجية غزت المدينة والقرية على السواء وأثرت في كل شيء وصنعت الكثير من التحولات الإجتماعية في القرية المغربية وعلى مستوى عقليات البدوي بينما في سلسلة ” همي أولا عمي” الشخصيات البدوية ثابتة غير متحركة لا تغير من جلدها وكل همها أن تنتقل إلى العيش في المدينة.
عكف المخرج هشام العسري الذي يزواج بين الانتقال والاشتغال بالسلاسل الكوميدية الرمضانية والأفلام السينمائية عن التناقض الذي يتخبط فيه عينة كبيرة من المخرجين السينمائيين المغاربة بين البحث عن هوية لسينما وطنية وبين “مضيعات وضيعات” رمضان في الاقدام على الإستفادة من الدعم العمومي الممنوح لهذه الأعمال الرمضانية. ونجد أنفسنا بين مخرجين برؤى مختلفة في السينما هم أنفسهم يقومون بإخراج هذه السلاسل الدرامية في رمضان وبين تصورات مختلفة حيث لا تصلح المقارنة قطعا بين نمطين في الإنتاج الأول موسمي كل رمضان والثاني يندرج في البحث لتأسيس لسينما وطنية.
يبقى السؤال ما الفكرة التي يراد إيصالها للمشاهد؟ مواقف سوريالية من العبث ومن التموضعات الدرامية الظريفة والساخرة ولكنها تفتقد لبناء درامي متماسك وتفتقد إلى جوهر لفكرة عميقة تنطلق منها وتتخبط في عدد من المواقف الهزلية يتضح بجلاء التسرع و ملىء الفراغات والتسابق الإنتاجي لهذه العينيات الانتاجية التي أضحت تغري الكثيرين بالمشاركة في الإنتاج وفي الكتابة الدرامية في أكثر من مسلسل بل والانتقال عند البعض من التمثيل إلى الإخراج أو من التمثيل إلى الإنتاج أو كتابة السيناريو كما هو الحال بالنسبة لبشرى أهريش.
يعيد المخرج هشام العسري نفسه في هذه السلاسل الرمضانية بتناقضاتها الصارخة وبنفس المنطلقات بتصويرها في عمليات البناء الدرامي غير المتماسكة وبشخصيات تفتقد للصدق الفني والإيحاء ولا تستطيع ترجمة مشاكل القروي البسيط الباحث عن العمل والذي لا يستكين العيش في فيلا رحبة والنوم فيها دون التفكير في عمله.
ما يمنح لهذه السلسلة هذه المتابعة الجماهيرية حضور أسماء وازنة على الساحة الوطنية عزيز داداس وسيمو الكامة وسميرة هشيكا وزهرة صادق… وهي التي منحت بتحولاتها وطباعها وتاريخها الفني اقبال الجمهور على مشاهدتها في ظل التسابق والمنافسة الشديدة بين القنوات التلفزية العمومية والخاصة واللجوء إلى منصات التواصل الاجتماعي لتصريف منتجاتها والبحث عن نسب مشاهدة كبيرة كيفما كان الأمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.