قال الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي إن المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات تأتي بعد مناظرات سبقتها، آخرها كانت في 2013 وقدمت عدة توصيات فيها من أجل الإصلاح الضريبي لكن لا شيء تحقق. وأضاف أقصبي في تصريح ل “لكم” أن المناظرة الوطنية الثانية للجبايات خرجت ب 60 توصية لم تطبق منها سوى توصيات “اتحاد مقاولات المغرب” فيما أهملت توصيات الخبراء والمجتمع المدني.
وتساءل أقصبي لماذا لم تقدم حصيلة المناظرة الوطنية الثانية للجبايات حتى نمر للثالثة ونعرف حصيلة ما تحقق؟، ولماذا لم تطبق توصيات المجتمع المدني والخبراء والجامعيين الذين يعرفون حقيقة المشاكل الضريبية؟. وأكد أقصبي أن هذه المناظرة هي مجرد بهرجة، وهذا ليس حكم قيمة من قبله فبإطلالة سريعة على برنامجها يتأكد لنا ذلك، فأغلب المتدخلين هم أرباب المقاولات وأصحاب المصالح التي يتداخل فيها ما هو اقتصادي مع ما هو سياسي، فهل يعقل أن من أوصل النظام الضريبي لما هو عليه أن يجد لنا الحلول”. وأبرز أقصبي أنه صحيح تمت المناداة على بعض السياسيين ورؤساء الجهات، لكن هؤلاء السياسيين هم أنفسهم من أشرفوا على هذه الاختيارات والتوجهات الضريبية. وشدد أقصبي على أن عنوان المناظرة الذي يتحدث عن العدالة والإنصاف، ما هو إلا عنوان خادع وبراق، لأن المضمون عكس ذلك، والدليل هم الحاضرون في الندوة، وهم التكنوقراط، مدراء المؤسسات العمومية، وأصحاب المقاولات، فأين هي منظمات المجتمع المدني مثل “أوكسفام” و”ترانسبرانسي” التي قدمت عدة دراسات وتوصيات حول الموضوع؟. وأوضح نفس المتحدث أن الجميع يعلم بأن النظام الضريبي غير عادل وغير ناجع، لكن حتى يكون النقاش شفاف ومن الناحية الأخلاقية لا يمكن لمن أوصلنا لهذا الوضع أن يقدم لنا الحلول ويضع التوجهات العامة للقانون الإطار الذي سينتج عن هذه المناظرة؟، هذه “لعبة مغشوشة ومكشوفة”، على حد وصفه. وأشار أقصبي أن النظام الضريبي المغربي لا يقوم بوظيفته الأساسية وهي تزويد خزينة الدولة بالإمكانيات الكافية، ولا يضمن الحد الأدنى من الاكتفاء بالنسبة للخزينة لذلك نلجأ في كل مرة للديون. وأشار ان السبب هو أن العبء الضريبي يقع على كاهل الطبقة المتوسطة والمأجورين، فالضرائب لا يؤديها لا الأغنياء ولا الفقراء، بل الطبقة المتوسطة، ولا تشارك فيها بعض القطاعات مثل الفلاحة والعقار . ويضيف أقصبي أن 60 في المائة من المداخيل الضريبية تأتي من الضرائب غير المباشرة، مثل الضريبية على الاستهلاك، وهي ضريبة عمياء وغير عادلة لأنها تؤدى من الأغنياء والطبقة الوسطى ومن جيوش الفقراء على حد سواء. وختم أقصبي حديثه قائلا: ” هل الاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي أوصلنا إلى هذه الكارثة هو من سيقدم لنا الحل؟، هل السياسيون الذين أشرفوا على اختيارات سياسية وصلت بنا إلى هذه النتيجة هم من سيحلون المشاكل؟، طبعا لا لذلك فإن نفس الأسباب ستؤدي إلى نفس النتائج”.