اعتبرت مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن النظام الضريبي الحالي غير عادل وتشوبه الكثير من النواقص. وأضافت بنصالح، في تدخلها خلال المناظرة الوطنية الثانية للإصلاح الجبائي، التي انطلقت أول أمس الإثنين بالصخيرات، أن نفس الأشخاص دائما هم الذين يؤدون الضرائب، مذكرة بأن 80 في المائة من الضريبة على الشركات مصدرها 2 في المائة فقط من الشركات، وأن 73 في المائة من الضريبة العامة على الدخل مصدرها فقط الاقتطاعات من الأجور في المنبع، في حين أن ثلثي الشركات تصرح بعجز مزمن. وأرجعت بنصالح الطبيعة غير العادلة للنظام الضريبي إلى الاقتصاد غير المهيكل، الذي يغذي ظاهرة المنافسة غير الشريفة، ويضر بتنافسية المقاولات وبالشركات التي تعتمد الشفافية في أعمالها، داعية إلى ضرورة أداء الجميع لواجباتهم تجاه المجتمع. وقالت بنصالح: «يتعين على الدولة التحلي بمسؤولياتها في هذا الإطار بالتصدي للاقتصاد غير المهيكل الذي أصبح ذا طبيعة مؤسسية ويهدد أسس النسيج الاقتصادي والسياسي». وطالبت رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب بضرورة أن يستند النظام الضريبي الجديد على الرؤية والتنافسية والنزاهة، بما أن المتدخلين الاقتصاديين والمستثمرين «بحاجة للاستقرار ولبيئة سليمة»، ملاحظة أن تطور النسيج المقاولاتي يتطلب فرض ضريبة تدريجية على الشركات ملائمة لقدرات المساهمة لكل شركة، وللتنافسية الشريفة، علاوة على استرداد مساهماتها من الضريبة على القيمة المضافة لمواصلة تطورها. وأكدت أن النظام الضريبي أصبح تدريجيا أداة لخدمة السياسة الاقتصادية، مشيرة في هذا الاتجاه إلى التخفيضات في الضريبة على الدخل الهادفة إلى دعم القوة الشرائية للأسر. وستمكن هذه المناظرة، التي تنظمها وزارة الاقتصاد والمالية تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، عبر التوصيات التي ستخرج بها، من تفعيل نظام ضريبي يتأسس على معايير النجاعة والإنصاف. وستتمحور أشغال هذه المناظرة، التي يشارك فيها ممثلون عن الحكومة والإدارة وفاعلون اقتصاديون واجتماعيون، وممثلو مختلف الهيئات الوطنية والدولية وخبراء جامعيون مغاربة وأجانب، حول ثلاثة مواضيع كبرى، هي: «الجبايات والإنصاف»، و»الجبايات والتنافسية»، و»الإدارة الضريبية وانتظارات المتعاملين». من جانبه، دعا نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، إلى التفكير في ابتكار مسالك وآليات جديدة للارتقاء بالنظام الجبائي، خاصة فيما يرتبط بتوطيد ثقافة «المواطنة الجبائية» لدى الملزمين بأداء الضريبة، مؤكدا أنه يتعين الوقوف على النواقص والاختلالات التي يجب معالجتها بغرض، إقامة إدارة ضريبية عادلة ومنصفة، لتصحيح وتجاوز المنطق المغلوط والعدمي الذي ما زال يعتبر الضريبة عبئا انتقائيا أو عقوبة أو يضعها في باب المظالم. وأشار بركة إلى أنه وفق هذه الرؤية سيتم التركيز خلال هذه المناظرة على تعميق النقاش حول أربعة محاور أساسية تتعلق بإقرار نظام جبائي عادل يساهم فيه الملزمون كل حسب قدرته الإسهامية، في إطار تصور شمولي يحقق الإنصاف، ويراعي خصوصية المقاولات الصغرى والمقاولات الصغيرة جدا، ويستهدف الطبقة الوسطى ويقوي آليات التضامن القمينة بتوفير أسباب الارتقاء الاجتماعي. وأبرز أن المحور الثاني يهدف إلى وضع نظام جبائي إرادي ومستدام يتماشى مع أولويات السياسة الاقتصادية المعتمدة، ويكون بمثابة محرك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودعم لتنافسية المقاولة، ولخلق فرص الشغل وتشجيع التشغيل الذاتي، ولضمان قواعد المنافسة الشريفة. أما المحور الثالث فيروم، حسب رأي بركة، إرساء نظام جبائي يعزز الثقة والشراكة بين الإدارة والملزمين من خلال وضع ميثاق جبائي يقوم على وضوح الرؤية واستقرار السياسة الضريبية وتبسيط المساطر التي تمكن من تسهيل مقروئية المدونة العامة للضرائب، وتحسين مساطر المراقبة ومحاربة الغش والتهرب الضريبي، وتقوية الشفافية من خلال التواصل حول كيفية استعمال الموارد الضريبية في جهود التنمية. وأشار بركة إلى أن المحور الرابع الذي سيتم الاشتغال عليه يهدف إلى إرساء نظام جبائي ينسجم مع الرهانات المطروحة على الجهوية المتقدمة ويساهم في تمويل النمو الجهوي في إطار التوازن والتضامن المجالي.