بعث معتقلو مايسمى ب "السلفية الجهادية"، برسالة من داخل سجنهم "تولال 2" (قرب مكناس)، يصفون فيها أوضاعهم المأساوية التي قالوا إنها عبارة عن "قسوة" و"عذاب". وتضمنت الرسالة التي تم تسريبها من داخل السجن، وتوصل موقع "لكم" بنسخة منها عبر "اللجنة المشتركة لتنسيقية المعتقلين الإسلاميين السابقين وتنسيقية الحقيقة للدفاع عن معتقلي الرأي والعقيدة". وتصف الرسالة سجن "تولال 2"، بسجن "تزمامارت العهد الجديد"، في إشارة إلى المعتقل السري السيء الذكر الذي اعتقل فيه الملك الراحل الحسن الثاني معارضيه نحو 20 سنة إلى أن قضى نصفهم في ظروف لا إنسانية. وقال أصحاب الرسالة إنهم يوجهون ندائهم من "مقعر الجب العميق.. نرسلها علّها تصل القلوب قبل الأسماع، نرسلها بعد خمسة أشهر من العتمة والعذاب والنفي القسري..". وجاء في الرسالة التي كتبت على ورق مخصص للمرحاض وبمداد عبارة عن مرق وقهوة، وصف لألوان العذاب الذي يتعرض له المعتقلون من قبيل "التجريد الكامل من الثياب والجلد و"الفلقة"التي تساقطت بسببها الأظافر وتكسرت أصابع الأقدام"، و"هتك الأعراض في يوم من أيام رمضان بوضع العصي في الأدبار". و"التقييد بالطريقة الثلاثية إلى درجة تعفن معاصم الأيدي والأقدام حالة "حاجب" كمثال". وفيما يلي نص الرسالة كاملة: بسم الله الرحمان الرحيم بيان من داخل تزمامارت العهد الجديد تولال 2 بمكناس سلام الله عليكم من المنفيين في وطنهم إلى من يصله من الناس، إلى كل من ألقى السمع وهو شهيد ، إلى من لا يزال يحمل بين جناحيه شيئا من إنسانية الإنسان . هذه صرختنا وهذا نداؤنا من قعر الجب العميق نرسلها علّها تصل القلوب قبل الأسماع ، نرسلها بعد خمسة أشهر من العتمة والعذاب والنفي القسري الذي هندسوه من كانوا يظنون أننا سنسكت للأبد وأن ليل ظلمهم لن ينجلي وأن ضحاياهم مجرد حثالة لا تستطيع إيصال صوتها ومظلوميتها لأمتها لكن هيهات هيهات. من أين نبدأ؟ وهل تكفي ورقة المرحاض هذه التي نخط عليها رسالتنا هذه والتي تدبرناها بشق الأنفس؟ أم هل تفي خلطة المداد "التزمامارتية " هذه والمكونة من مرق وقهوة من رسْم ولو جزء يسير من معاناتنا؟ هذا طبعا إن كتب لها النجاة والوصول إلى من يهمهم الأمر . أنبدأ من بداية حبْك مؤامرة تعنيف معتقلي سجن سلا؟ ولمصلحة من؟ وبإشراف من؟ ولماذا كل هذه القسوة والبشاعة في الانتقام؟ أم نحكي عن التجريد الكامل من الثياب والجلد و"الفلقة "التي تساقطت بسببها الأظافر وتكسرت أصابع الأقدام؟ أم هل نحكي مأساة هتك الأعراض في يوم من أيام رمضان بوضع العصي في الأدبار؟ أم نجْرُد لائحة الممنوعات التي تبدأ بالمصاحف ولا تنتهي عند الورقة والقلم والكتاب والتلفاز؟ أم نحكي عن دموع أطفالنا وأمهاتنا التي لا تنحبس طيلة خمسة عشر دقيقة المخصصة للزيارة من خلف شباكين؟ حيث يخيل إليك وأنت تدخل إلى قاعة الزيارة وكأنك تدخل إلى حديقة للحيوانات أو كأنك أمام أقفاص غوانتانامو. أم نقص حكاية العزل الانفرادي الذي دخل شهره السادس والتقييد بالطريقة الثلاتية إلى درجة تعفن معاصم الأيدي والأقدام حالة "حاجب" كمثال؟ أم نحكي قصة نهب كل أغراضنا من كتب وملابس وأغطية وطعام وأموال . من أين نبدأ؟ وعن ماذا نحكي؟ والمأساة هذه تحتاج عشرات الأسفار والملفات لتصوير ولو جزء يسير مما لازال يجري في مغرب الحريات ،مغرب الدستور الجديد ، مغرب المجلس الوطني لحقوق الإنسان هذا الأخير الذي خذلنا أمينه العام الصبار المرة تلو الأخرى فلم يكلف نفسه حتى عناء زيارة سجني سلا 2 وتولال 2 للتحقق مما يجري خلف أسوارهما العالية من إهانة كرامة الإنسان مع العلم أنه حضر جلسات الحوار وما تمخض عنها قبل نكثها والانقلاب عليها بسيناريو أحداث 16 و 17 ماي 2011، وإن نسينا فلن ننسى رده الصادم حين اشتكى إليه أحد المعتقلين ودماؤه تنزف من رأسه إنهم ضربونا بالرصاص فأجاب الأستاذ الصبار بالحرف :"واش بغَيْتوهم يضُربوكم بالشُّكْلاط، انْتُوما خاصْكُم تحاكموا" وهكذا طعننا أيضا من كنا ننتظر منه الكثير في ملفنا لاطلاعه على خروقاته بصفته المحامي المناضل والحقوقي السابق الذي ردد كثيرا ومرارا أن أولى أولوياته هي العمل على إحداث انفراج سياسي شامل... وعليه فهذا نداؤنا لكل الأحرار والشرفاء، ممن بلغه نداؤنا هذا بنصرة الأبرياء من أبنائكم في الدين والوطن والإنسانية،ونخص بالذكر المهتمون بحقوق الإنسان فإن السيل قد بلغ الزبى ... وإلى حين تدبير ورقة أخرى ، نقول إلى كل من ساندنا في محنتنا المتتالية ألف ألف ألف شكر... آخر فصول المحنة: الحرمان من التسجيل الدراسي للموسم الحالي. --- تعليق الصورة: نسخة من الرسالة المهربية من داخل السجن