كانت طواحن الماء في مناطق الشلالات ومصبات المياه في المغرب من التقنيات القديمة التي استخدمت لطحن الحبوب الزراعية بغرض بيعها فقامت بذلك بدورين اجتماعي واقتصادي كبيرين. وأوضح استاذ التعليم العالي في مجال التاريخ القديم والآثار في جامعة محمد الخامس في الرباط الدكتور مصطفى اوعشي في لقاء أجرته معه وكالة الابناء الكويتية (كونا) ان هذه الطواحن تشتهر بها المناطق الجبلية وبخاصة في جبالي الاطلس والريف التي تضم العديد من الشلالات والمنابع. وذكر أن هذه الطواحن كانت تشكل في التاريخ القديم قيمة اجتماعية مهمة لأنها كانت تستغل في طحن المنتجات الزراعية المحلية بغرض بيعها ولا سيما حبوب القمح والشعير والذرة وغيرها. واعتبر الباحث هذه الطواحن القديمة رموزا تاريخية للحياة القديمة في المغرب تعاقب على تعميرها العديد من الشعوب منذ فترة ما قبل الميلاد موضحا ان هذا المعطى يبرز الاهمية التاريخية والحضارية المغربية فضلا عن الانشطة الزراعية التي مارسها سكان المغرب منذ مئات السنين. ولفت اوعشي الى ان اشهر تلك الطواحن توجد في شلالات (اوزود) في محافظة (ازيلال) التي تبعد عن الرباط بمسافة 400 كيلومتر جنوبا فضلا عن طواحن اخرى توجد في جبال الريف شمالا وبخاصة في محافظات (طنجة) و(تطوان) وغيرها. واكد استاذ التاريخ القديم والآثار ان العديد من الاسر الريفية التي تقطن قرية (اوزود) في منطقة (تانات) ذات الجذور الامازيغية القديمة ما تزال تستعمل هذه التقنية القديمة في طحن منتجاتها الزراعية لأنها طريقة غير مكلفة وفي متناول اليد. وقال ان طواحن الماء في المغرب بدأت في الاختفاء مع ظهور الطواحن الحديثة التي توفر كميات ضخمة من الدقيق والطحين وبسرعة كبيرة. وقال اوعشي "ان تشبث العديد من الاسر بطحن محاصيلها الزراعية في هذه الطواحن القديمة انما يرتبط في العمق باحياء عادات قديمة جدا وتكريم موسم الحصاد وصيانة هذا الموروث الثقافي والاجتماعي للقبائل الامازيغية والريفية وهي عادات تمجد قوة الطبيعة وفيض الماء بالبركة والخير العميم". وتعمل طواحن الماء بتقينة بسيطة للغاية اذ توجد مروحيات قوية اسفل الصخرة المستديرة وبفعل قوة الماء تدور الصخرة فتحطن معها حبات القمح لتتحول الى دقيق. من جهته اعتبر احد سكان منطقة (تانت) عبد الجبار قماز في تصريح ل(كونا) ان الكثير من اهالي منطقة (اوزود) يفضلون طحن قمحهم بهذه الطريقة كونها اكثر صحة وامانا من المطحنة العصرية التي يعتقدون انها تفرز شحنات كهربائية تختلط بالدقيق فيكون اثرها سلبيا في صحة من يتناولها. وأشار الى ان طواحن منطقة (اوزود) تعمل خلال العام الحالي بشكل جيد وبخاصة ان المحاصيل الزراعية في المنطقة كانت وافرة للغاية بسبب كميات الامطار التي هطلت هذا العام على مختلف انحاء المغرب. واكد ان هذه الطواحن التي تؤدي دورا اجتماعيا واقتصاديا تسهم بشكل كبير في انعاش القطاع السياحي في المنطقة بسبب حرص السائحين على زيارة شلالات (اوزود) بغرض التعرف الى وسائل العيش القديمة اضافة الى ان العديد من الباحثين والمتخصصين في دراسة أساليب الحياة القديمة للشعوب يزورون طواحن الماء في المغرب. ودعا قماز الى الاهتمام بهذه الطواحن الطبيعية بهدف المحافظة على العادات الاجتماعية فضلا عن تنشيط الحركة السياحية في المغرب.(النهاية) ص ف / ن ب ش كونا071856 جمت يون 09
جانب من مطاحن الماء بشلالات(اوزود) بالمغرب جانب من مطاحن الماء بشلالات(اوزود) بالمغرب شلالات (اوزود) التي تشغل بها مطاحن الماء