يعدّ كتاب «سبتة الإسلامية: دراسات في تاريخها الاقتصادي والاجتماعي، عصر الموحدين و المرينيين» للدكتور محمد الشريف، من الكتابات التاريخية المعاصرة التي تراهن على صياغة رؤية جديدة للمواضيع المطروحة من زواياها المختلفة1، خاصة منها ما يستند إلى المنهج الاقتصادي أو الاجتماعي، أو الانفتاح على علوم وأساليب وتقنيات بحثية أخرى، مثل عرض الحادثة التاريخية السياسية أو ما يتعلق بأمور الحرب والجيش أو غيرهما... فتوجهُ الباحثين إلى التأريخ من هذا المنطلق الجديد، جاء عن اقتناع جسيم بجدوى الاهتمام بالموضوعات المونوغرافية، لما تمتاز به من دقة في تناول القضايا الراهنة كمنطلق شمولي للتاريخ العام. فكتاب «سبتة الإسلامية» للأستاذ محمد الشريف، بمنهجه التاريخي الاقتصادي والاجتماعي، يعد دراسة تتميز بالتجديد المنهجي2، إذ جعلت من مدينة سبتة الاسلامية فضاء جغرافيا، ومن عصري الموحدين والمرينيين مدة زمنية مؤطرة لهذا الفضاء . وبهذا، فلا شك بأن الكتاب يعد من التجارب المغربية المعاصرة التي راهنت بمضمونها وأسلوبها ومنهجها، على تطوير الكتابة التاريخية المغربية بعد سبعينيات القرن الماضي و بعد تخرج الباحثين المغاربة من الجامعات الفرنسية والبريطانية، وتأثرهم بالنهضة التحديثية الجديدة التي شملت جل الجامعات هناك3. إذن، فالكتاب بمنهجه التاريخي والاقتصادي والاجتماعي، يدخل في جنس الكتابة المونوغرافية الجديدة، فما هي القضايا التي حملها بين دفتيه؟ في البداية، أشار الباحث بوعي واضح إلى الإشكالية الناطقة لموضوع كتابه، وقلة المحاولات في البحث والدراسة المعمقة بالمدن المغربية عامة في العصر الوسيط، والتي اقتصرت في الغالب على الاهتمام بتاريخ المدن العواصم (فاسمراكش). فلا شك أن المؤلف أدرك خطر التنقيب والبحث في مكان صعب الخروج منه، نظرا لندرة المادة المصدرية والمرجعية التي يمكن الاعتماد عليها في إنجاز موضوع في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي. وهكذا، فقد حاول المؤلف جاهدا أن يبين الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية لمدينة سبتة في تاريخ العلاقات المغربية الإيبيرية، وتاريخ الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط. ففي إطار المعالجة العلمية للنتاج التاريخي الذي يتمحور حول موضوع سبتة وتوجهاته وآفاقه، خلص المؤلف إلى إشكالية الكتابة العامة حول سبتة، وحضور البحث الإسباني للمدينة قبل الإسلام، بإيديولوجيته الاستعمارية وغياب نظيره المغربي؛ فحتى إذا نظرنا إلى الأبحاث الإسبانية المتيسرة للقارئ بغض النظر عن تباينها الإيديولوجي، نجدها تركز على القضايا والمواضيع الثقافية على حساب الجانب التاريخي. وبخصوص المبحث الأول من الكتاب، والمتعلق ب»القاعدة الاقتصادية لسبتة في العصر الوسيط»، فقد استهله الباحث بالفلاحة والصيد البحري، فأشار إلى ندرة النصوص التاريخية حول الملكية العقارية بسبتة، بسبب قلة أهمية النشاط الفلاحي في اقتصاد المدينة. إلا أنه بين كيف سادت بالمدينة الملكية الخاصة، وملكية الأحباس. كما أوضح الارتباط الشائك بين الاستقلال الفلاحي الذي يرجعه بصفة نهائية الى المزارعة والمغارسة والمساقاة. وبيّن أيضا كيف كان يوزع السبتيون الماء والمشاكل المترتبة عن ذلك. وفيما يخص الإنتاج الفلاحي، فقد بين المؤلف كيف كانت المدينة تفتقر للحبوب بسبب ضيق مساحتها الزراعية، إلى أن أصبحت أكبر مخزن للقمح المغربي الموجه لأسواق البحر الأبيض المتوسط4. من دون أن يغفل الحديث عن الإنتاجات الأخرى للمدينة في هذا النطاق، كالخضر، والفواكه، والماشية... أما في سياق حديثه عن الصيد البحري، فقد أشار المؤلف إلى غياب الموضوع في الإستوغرافية المغربية الحديثة، على الرغم من الدور الكبير الذي أداه البحر والوديان في تاريخ المغرب. فبين الغنى الذي شهدته مياه سبتة بالأسماك، وأهميتها في اقتصاد المدينة. وبخصوص «النشاط الصناعي و الحرفي للمدينة»، فقد بين المؤلف كيف ساهم التوسع العمراني للمدينة في زيادة عدد سكانها و تسريع إنتاجها الحرفي الذي أصبح أحد العناصر الأساسية في علاقات المدينة التجارية بباقي مناطق المغرب، وبدول حوض البحر الأبيض المتوسط5. فرغم بنية التوزيع للحرف بالمدينة، فصناعة السفن جعلت ميناء المدينة يتطور بموازاة دار الإنشاء. أما صناعة القسي فأهميتها الاقتصادية والعسكرية جعلت منها وسيلة حيوية في الصراع من أجل السيطرة على مياه الزقاق6. فيما عرفت صناعة النسيج كذلك من جانبها تطورا كبيرا على الرغم من منافسة المنتجات المسيحية لها. أما صناعة دبغ الجلود، فعرفت ازدهارا ملحوظا لأهمية الجلود في التجارة الخارجية لمدينة الزقاق. فمهارة الصناع والعمال السبتيين عملت من جانب على نمو صناعة المواد المعدنية، والخزف ، والزجاج..... وفي سياق بحثه في الإطار العام للتجارة الداخلية للمدينة، ساق لنا المؤلف إطار الأنشطة التجارية التي تميزت بالتخصص في نوعية السلع المعروضة، وفي الأسواق التجارية والقيسريات، و الرحبات والفنادق، والديوانة..فقد وضح المؤلف تقنيات التبادل التجاري في هذه الأخيرة، والتي غالبا ما كانت تتم نقدا، (أي بنقود ذهبية وفضية أساسا)7. وفي حالات أخرى بالاقتراض الذي يصحبه تحرير عقود، وأحيانا أخرى بالرهن. أما أنظمة الوزن التي تعامل بها السبتيون، فهي وحدات حددها العرف، واختلفت من مكان لآخر. وفي إطار معالجته لسيرورة التجارة الخارجية بالمدينة، عالج المؤلف تجليات الاقتصاد المغربي خلال العصر الوسيط، عبر التركيز على التجارة البحرية التي تتميز بقلة المادة المصدرية والمرجعية لها. كما أبرز أهمية التجارة الصحراوية. فلاشك بأن مدينة سبتة هي المنفذ الرئيسي على الواجهة البحرية المتوسطية للمغرب، ودورها الطلائعي واضح في التجارة المتوسطية، حينما كانت تحتكر نسبة كبيرة من التجارة المغربية طيلة العصر الوسيط8. ولعل أهم مؤشر على حيوية المعاملات التجارية التي كانت تطبع الحياة الاقتصادية ، يبرز المؤلف تواجد تقنيات التبادل التجاري المنتشرة في الموانئ، و حواضر البحر الابيض المتوسط. فهناك القراض الذي استعمل على نطاق واسع في سبتة خلال القرن السادس الهجري، كما تم تداول الشركة وكراء السفن. وبذلك خلص المؤلف في الأخير الى مدى تشابه هذه التقنيات التجارية السبتية مع نظيرتها الإيطالية في كثير من مظاهرها التجارية والبحرية. انتقل بعد ذلك المؤلف إلى الحديث عن التجار السبتيين في العالم، فخلص الى إشكالية التواجد المغربي في البلاد المسيحية، والتواجد المسيحي ومؤسساته ببلاد المغرب. وكذا الأخطار الدينية التي فرضت على التجارة البحرية الإسلامية المسيحية. ومع ذلك، فقد أصبحت مدينة سبتة إحدى المحطات الرئيسية الأكثر ارتيادا من طرف الأروبيين، خاصة الإيطاليين منهم. وقد أبرز المؤلف جملة من المعاملات التجارية السبتية والعالم الخارجي. ولعل أولها مع المدن الايطالية، وكذلك مع مدينة سنفونة كما تظهر الوثائق العدلية الايطالية. كما لعبت مدينة جنوة دور الوسيط في التجارة مع المغرب، كما بين المؤلف كيف طمحت جمهورية البندقية إلى مزاحمة منافستها جنوة بكل الفضاءات التجارات المتوسطية، بما في ذلك سبتة. وبخصوص العلاقة التجارية بين سبتة والساحل الفرنسي، مرسيليا ، أشار المؤلف إلى العلاقات المغربية الفرنسية منذ القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي . فبين كيف انتظمت العلاقات بين الميناءين من خلال وثائق «منويل» و سجلات العدل «أملريك». أما فيما يخص شبه الجزيرة الإيبيرية، بمملكة أراكون، فقد أشار المؤلف إلى هذه العلاقة منذ القديم، إلى القرنين 13 و 14 م. وقد توطدت العلاقة السبتية القطلانية بعد توقيع اتفاقية «السلم والهدنة» سنة 1269م/667ه. حيث حررت التجارة بين الطرفين أكثر من السابق. ثم تطرق المؤلف إلى الصادرات والواردات الخاصة بسبتة آنذاك، فبين كيف أن الصادرات الآتية من الإنتاج المحلي كانت تنحصر في المواد القليلة والمتواضعة: فواكه، ورق، أدوات الطبخ... وكيف أن السلع المستوردة لم تكن موجهة للاستهلاك المحلي إلا بنسبة ضعيفة، لأن أغلبها كان موجها للمراكز الحضرية داخل البلاد. وقد لعب محور سبتةفاس، مرورا بطنجة وأصيلة والبصرة وكرت، أهم محور اتبعه التجار للاتصال بالداخل. كما لعبت مدينة سبتة دورا أساسيا كمنفذ رئيسي على الواجهة المتوسطية لتسويق الإنتاج الداخلي للمغرب، وكنقطة نهاية وبداية طريق تجارية وملاحية متوسطية. وهو ما يخلص له المؤلف من استنتاجات حول أهمية المدينة في علاقاتها التجارية مع العالم المتوسطي. أما في سياق موضوع ضرائب التجارة البحرية المترتبة على ذلك، فقد تناولها المؤلف مقسما إياها إلى قسمين أساسيين: الأول مرتبط بالضمانات المعطاة للتجار المسيحيين، والثاني متعلق بالواجبات الملقاة على عاتقهم، مقابل تلك الضمانات. فالواجبات الرئيسة تجبى على الصادرات والواردات. والواجبات الإضافية تخص الضرائب الإضافية أو الثانوية، والتي كانت تخضع للعرف. وفي آخر المبحث الأول، خلص المؤلف إلى إشكالية التجارة الخارجية والاستقلال الذاتي والعلاقة بينهما، خاصة بعد الازدهار التجاري للمدينة الذي يمتد طول القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي. والذي تزامن مع انفلات قبضة السلطة المركزية عن سبتة، مما أدى الى ظهور زعامات مستقلة. وأثناء معالجته لعناصر السكان بسبتة، استخلص المؤلف أن البربر كانوا أول من وفد إلى المدينة، ثم أفراد قبيلة غمارة ثم الموجات العربية الأولى إليها. ثم قبيلة قلشانة من منطقة شريس بالأندلس الذين توجهوا لسبتة بعد المجاعة التي أجبرتهم على المغادرة، أما اليهود فلم يكن لهم حضور كبير، لأسباب مجهولة9. وفيما يخص الجالية النصرانية بسبتة، فقد تحدث عنها المؤلف بشقيها التجاري والتبشيري، فالتجار المسيحيون كانوا يشكلون الجاليات التجارية، ووضعهم القانوني كان ينبني على أساس تعاقدي محدد باتفاقيات لمدة زمينة معينة10. كان قد عقدها التجار المسيحون مع أمراء سبتة، ووجود التجار بالمدينة مكن دون شك من تدخل البعثات الدينية والإرساليات التبشيرية، فظهر الرهبان، والعديد من الجماعات التبشيرية المسيحية، إلى أن بدأت سلسلة الإعدامات في هذه الفئة وسط المدينة، بداية من 609 ه/ 1212م . حين أعدم 15 مبشرا مسيحيا، وآخرون في يناير 1120، بمراكش. و سلسة أخرى بعد ذلك .... وفي سياق عرضه للتراتبية الاجتماعية السبتية، أشار المؤلف إلى أربع طبقات مختلفة داخل البنية الاجتماعية المحلية. فضلا عن فئات كانت مكانتها لا تحدد بالمعايير المادية الصرفة، كفئة الشرفاء والعلماء والمتصوفة. و لعل أولى هذه الطبقات أو الفئات أورد المؤلف كبار التجار والحرفيين، الذين لهم حظهم الوافر في المكانة الاجتماعية والتأثير السياسي العالي، أما العبيد فنجدهم في أسفل السلم الاجتماعي. ولم تلعب هذه الفئة سوى دورا ثانويا في الاقتصاد السبتي، فاليد العاملة المستعبدة لم تكن ضرورية في مجالات الإنتاج التي ينبني عليها الاقتصاد. أما العامة الذين كانوا يشكلون خليطا غير متجانس مع الأفراد والأحرار، فالكتابات تتحدث عنهم باقتضاب. ينتقل المؤلف بعد ذلك إلى الحديث عن الشرفاء الذين تمتعوا بامتيازات عامة بالمدينة حتى القرن 8/14م. خاصة منهم الحسنيين. وقد بدأت مكانة هؤلاء بالاشعاع بعد إقامة العزفيين الاحتفال بعيد المولد النبوي. فشغلوا بعد ذلك مناصب إدارية وتعليمية، ولعبوا أدوارا سياسية أحيانا. أما العلماء والمتصوفة فقد كانوا الوسطاء الطبيعيين داخل المجتمع، وبين العامة والسلطات. وفيما يخص المستوى المعيشي، فقد أبرز المؤلف طبيعة الفروق بين شرائح المجتمع، في أنماط الحياة الخاصة بمختلف الفئات الاجتماعية بالمدينة. فرغم فقر المدينة من الحبوب ، فالمؤلف يشير إلى أن البحر كان يعوض الخصاص الذي يطأ في حالة الحرب و الحصارات. و مع ذلك فقد حتم على مدينة الزقاق ربط علاقات تجارية مع الخارج لضمان تموينها بمادة الحبوب والخضروات ، لسد حاجات السكان. كما لا ننسى إلى جانب هذه التبعية الغذائية للخارج، نضيف الأوبئة والمجاعات التي لم تكن نادرة. والتي انعكست على سلوك أهل سبتة وطريقة أكلهم. وتوضح بعض الكتابات في العصر الموحدي، أنواع اللحوم التي كانت تستهلكها الفئات العليا من المجتمع السبتي، كما يشير المؤلف إلى أن السبتيين تناولوا أيضا الأسماك والحلويات، والمحرمات... أما فيما يخص سكن السبتيين، فقد بين المؤلف بدقة سكنهم الذي لم يختلف كثيرا عن منازل الجنوب الإيبيري، أو عن بعض منازل المغرب والفاسي خصوصا. فعلى مساحة مربعة أو مستطيلة الشكل، كانت قاعات المنزل تتوزع على الصحن، أو المجلس الذي كان الداخل يمر عبره بعد الاجتياز لعتبة المنزل، واختراقه للبهو. وكانت تسمى القاعة العليا ب»المصرية». أما التنميق الداخلي للمنزل السبتي ، فلم يختلف عن مثيله الأندلسي، فيما كانت الأدوات المنزلية السبتية في مجملها في غاية البساطة، فبجانب الأدوات الضرورية والمصنوعة من الخزف، أو من الخشب لتحضير الأطعمة والاحتفاظ بها، فإن أهم الأثاث المنزلي هو الصندوق المسمى ب»المنشار»، والذي كان يستعمل لحفظ الأموال والحلي والملابس الثمينة، أما الزرابي المزخرفة فاقتصرت على الاغنياء، ومثل عنصر اللباس أيضا أحد الفروق في الشرائح الاجتماعية، فالزي يحمل من الدلالات والعلامات ما يفصح عن الاختلافات العميقة في المجتمع السبتي. ويبرز الشريف كيف أن اللباس العادي كان يتمثل في قميص من قطن أو من صوف وسروال11. و يصيف كذلك أن السبتيين تجملوا ب»الحنة « رجالا ونساء، فلبست المرأة الخمار، بينما كانت الجواري سافرات. وبخصوص الماء في سبتة، فيصف لنا الكاتب أنه شكل أهم قضية من المشاكل التي شغلت السبتي في حاته اليومية، في ظل ضعف الموارد المائية الطيعية، و تعدد السقايات. وتتضارب الكتابات التاريخية والجغرافية في كيفية نقل هذه المياه بمدينة سبتة، إلا أن جلها يتلاقى في استعمال «السواني» أو «الظهر». وتظل طرق النقل هذه غامضة في غيبة سياق مفسر وموضح لها12. كما استعمل السبتيون أساليب أخرى لاستخراج المياه وجلبها، خاصة ماء البحر المستعمل في الحمامات، كما يستشف في شهادات البكري والعمري والقلقشندي. وقد أشار المؤلف إلى نظام الناعورات الرافعة للماء والتي تحركها الدواب. فحمل الماء بواسطة المراكب، وكذلك السقائين الذين يحملون الماء على أكتافهم، فيما كان يخزن هذا الماء في الأحواض والصهاريج. إن قلة الماء في سبتة في المدة المعالجة، دفع السبتيين دون شك حسب المؤلف إلى الاستفادة من جميع أنواع المياه الموجودة، وإلى استغلالها حسب نوعيتها، بفضل العديد من التقنيات التي استعملها السبتيون، كالسقايات والطاحونات، والمقاصر، والدباغة. مما جعل سكان سبتة يتغلبون قليلا على مشكة قلة المياه. وفي الأخير، تناول المؤلف بدقة الجانب الديني بمدينة سبتة، خاصة أعيادها، فأبرز كيف احتفل السبتيون إضافة إلى العيدين الدينيين، بعاشوراء والأعياد الفارسية مثل «النيروز» والمهرجان. كما تم الاحتفال بالعيد النبوي رسميا بالمغرب المريني في عهد السلطان أبي يعقوب يوسف سنة 691ه/1292م. وفي خاتمة الكتاب، بين لنا المؤلف مدى انعكاسات فقدان المغرب لمدينته السليبة على الصعيد المتوسطي، والوطني، والمحلي. ونخلص إلى القول، إن كتاب «سبتة الإسلامية، دراسات في تاريخها الاقتصادي و الاجتماعي ، عصر الموحدين و المرينيين» للدكتور محمد الشريف، دراسة تتميز بقوة الأسلوب، والصرامة المنهجية في تناول القضايا التي يطرحها الموضوع من جهته الاقتصادية والاجتماعية، من دون الوقوع في التنظير والأحكام المسبقة، مما جعله يحلل ويشير إلى كتابات وأحكام سابقة، تاركا للقارئ حرية الأخذ بما يرتئيه من الفرضيات. وتأتى له ذلك باعتماده كما هو واضح في الدراسة على مصادر أصلية ومراجع أكاديمية كثيرة، وبذلك شكل الكتاب مرجعا مشتملا على أبرز القضايا المتصلة بمدينة سبتة الإسلامية في تاريخها الاقتصادي والاجتماعي خلال عصري الموحدين و المرينيين. 1 الكتاب في الأصل هو فصل من دراسة شاملة لمدينة سبتة على عهد الموحدين و المرينيين، نال بها صاحبها دكتوراة السلك الثالث سنة 1987، بجامعة تولوز لوميراي الفرنسية . 2 من تقديم الدكتور امحمد بن عبود لكتاب «سبتة الاسلامية..» موضوع هذه القراءة ص 10. 3 منهم على سبيل المثال الاستاذ محمد أمين البزاز، وأطروحته «تاريخ الأوبئة و المجاعات». 4 محمد الشريف، سبتة ااسلامية، ص31. 5 نفسه، ص 46. 6 أنظر مادة «رماة سبتة» التي أشار لها المؤلف، ضمن معلمة المغرب، ص4431-4432. 7 محمد الشريف، سبتة ااسلامية، ص 61. 8 نفسه، ص 68. 9 يشير المؤلف في كتابه الى احتمال احتلال البيزنطيين لسبتة سنة 636م فقضي بعدها على اليهودية، اذا كان لها أي وجود بسبتة . 10 Cv .brunschving , la berbérie orientale....op . cit I .432 11 يشير المؤلف في الكتاب هنا، الى القاضي عياض، ترتيب المدارك، 87، 175، الذي يذكر في ترجمة الفقيه السبتي ابن عبد الرحيم الكتامي، الذي ولاه يوسف بن تاشفين قضاء فاس، أنه أجبر سكانها على «لباس السراويلات نساء و رجالا و لم يكونوا يلبسونها قبل» . 12 يشير المؤلف الى ابن حوقل، صورة الأرض، ص 79. ويقارن قوله بما يذهب اليه البكري وابن عذاري والقلقشندي.