مركز بودنيب من منطقة مزدهرة في عهد الاحتلال الفرنسي إلى مركز بئيس يحكي أمجاد المقاومة وجيش التحرير كان المنفذ الشرقي للاحتلال الفرنسي، جعلت منه فرنسا مركز أساسي ليقوم بجميع الخدمات الأساسية. مبارك فجر في الوقت الذي كان المغرب يعرف صراع الوجود أمام الزحف الاستعماري الفرنسي مطلع القرن العشرين، كانت بلدة بودنيب القلعة الأولى لمقاومة هذا المستعمر من الجهة الشرقية. بودنيب الواقعة على حوض كير المتاخمة للحدود الجزائرية ، كانت مركز اقتصادي و تجاري مهم ، بحيث كانت تعتبر منطقة عبور استراتيجي للقوافل التجارية القادمة من الشرق نحو سجلماسة و منها إلى باقي المناطق المغربية الأخرى. الدور التجاري الذي لعبته منطقة بودنيب ، سيتعزز مع دخول المستعمر الفرنسي إليها سنة 1908 بعد مقاومة شرسة، خاصة عند معركة "أورير" ببني أزيم ، مني خلالها المحتل بخسائر بشرية كبيرة..لتصبح المدينة مركزا إداريا وعسكريا مهما يتحكم في منطقة حوض كير بأكملها و كذا منطقة قصر السوق (الرشيدية) حاليا. تحت الحماية الفرنسية وصلت بودنيب إلى مستوى من العمران والتحضر، بحكم وجودها في المنطقة الشرقية المتاخمة للحدود الجزائرية، لارتباط المحتل بمستعمرته الكبيرة "الجزائر"، كانت تتوفر على مدرسة كبيرة مركز بريدي شاهق، قاعة للسينما و المسرح مستشفى عسكري كانت تجرى فيه عمليات جراحية حساسة، كانت ملتقى شعبي حاشد يعقد في الأسواق التي كانت مزدهرة بمنتجاتها الفلاحية. أصبحت المدينة تتحكم في منطقة حوض كير بأكمله وكذا منطقة قصر السوق، نظرا لموقعها الاستراتيجي الذي يتوسط "حوض كير" بين منطقة كير العلوي( كرامة والنواحي)، ومنطقة كير السفلي (بوعنان و عين الشواطر). هذا التاريخ شكل منذ بداية الاستقلال ، بداية انحدار المدينة(البلدة)، حتى أنها تعيش اليوم أسوء أيامها، خاصة ، منذ أن انتمى إليها أحد الجنرالات سيئ الذكر، انتماء جعلها تقبع في الصفوف الدنيا للنمو والتطور. يروي أهالي البلدة تاريخ الازدهار الذي عرفته المدينة في عهد المحتل الفرنسي، حيث المدينة تتوفر على جميع مقومات الحياة، لم يعد لبودنيب أي قيمة في نظر البودنيبيين اليوم ، راحت للذبول مثل زهرة أدركها الخريف ، مثل شمعة احترق فتيلها ، لم تعد قيمة المستشفى المحلي بعدما ، حول إلى مركز صحي لا يفي بالواجب لانعدام الأطقم الطبية اللازمة والتجهيزات الضرورية، حتى أن نسبة و فيات الأمهات أثناء الوضع صارت من بين المعدلات المرتفعة. غابت الطائرات من مطار استعملته الدولة المستعمرة لأسفارها تحول اليوم إلى ساحة مهجورة ينعقد فيها السوق الأسبوعي، كل هذا أصبح مجرد ذكرى صدمة نفسية كبرى يلمسها الزائر في دواخل ساكنة المنطقة شيبها و شبابها ، لا يدركها إلا من سمع بتاريخها و تحسس بتفاصيلها في مرويات السكان و خاصة جمعيات المجتمع المدني الذي عقد يوم الأحد 11/03/2012 ندوة صحافية، حضرها مراسلو الجرائد الوطنية و الالكترونية المعتمدة بمدينة الرشيدية. تنسيقية المجتمع المدني التي تضم أكثر من ثلاثين جمعية، أجمعت على أن تقوم بانتفاضة سلمية ضد التهميش و الإقصاء والعزلة التي تخيم على" مدينتهم"، فقرروا استدعاء رجال الإعلام لنقل هموم البلدة التي "قرر" القائمون على الشأن العام محليا جهويا و وطنيا إبقاء البلدة على ما هي عليه مند فترة الاستقلال، لا لشيء ، فقط لأن أحد الجنرالات يدعى أفقير، ينحدر من هنا. من مكان التجمع، دار الشباب ببودنيب، التي قيل عنها أنها لا تحمل إلا الاسم، وأصبحت مسكن وظيفي لا غير، من هنا خرجت مطالب و توصيات المجتمع المدني القاضية بإخراج البلدة من العزلة، وذالك بتوفير جميع المطالب المسطرة في مذكرة مطلبيه أرسلت الى جميع الجهات ذات الصلة، مطالب تجمع على ، تأهيل المدينة الذي انطلق ثم توقف من دون سابق إعلان، ليترك وراءه ضحايا للحفر المنتشرة ، مطلب تأهيل المستشفى و تزويده بالأطقم الطبية، حتى لا يعاد رفع شعار"نريد مستشفى، لا مستودع للأموات" وهي رغبة دفينة لاستعادة مجد مستشفى كبير كان خلال الأربعينات يضم تخصصات و تجرى به العمليات الجراحية المعقدة ليتحول اليوم إلى كوخ تعشعش فيه الطيور. مطالب يقول المجتمع المدني أنها مطالب دنيا لا مناص من تنفيذها إذا أريد للبلدة "المدينة " أن تستفيق من سباتها العميق الذي أغرقها فيه أهل الحل والعقد دون اكتراث لماضيها الحافل بالمقاومة. اتفاق هيآت المجتمع المدني ببودنيب لم يكن اعتباطيا، فقد جاء بعد سلسلة من اللقاءات التشاورية حول وضع التنمية ببودنيب المكلومة،و آفاقه المستقبلية ، حيث وقف الجميع على جملة من المشاكل و الاختلالات منها ما يتطلب تدخلا عاجلا و منها ما يحتاج إلى دراسة ميدانية.