صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تترأس حفل العشاء الدبلوماسي الخيري السنوي    مساعدات إنسانية لدواوير في جرسيف    من بينهم إذاعة إلياس العماري.. الهاكا تجدد تراخيص أربع إذاعات خاصة    الملك يعين الأعضاء الجدد باللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي    اثنان بجهة طنجة.. وزارة السياحة تُخصص 188 مليون درهم لتثمين قرى سياحية    ضبط شخص متورط في الذبيحة السرية بطنجة وحجز أكثر من 100 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة    شاب ثلاثيني ينهي حياته في ظروف مأساوية بطنجة    "القسام" تنشر أسماء 4 مجندات إسرائيليات ستفرج عنهن السبت ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    بوتين يقول إنه مستعد للتفاوض مع ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا    السكوري: برنامج "وفيرة" نموذج للإندماج والتنقل المهني الدائري    إعلان نوايا مشترك بين المغرب والبرتغال لتعزيز العدالة في إطار كأس العالم 2030    أرقام فظيعة .. لا تخيف أحدا!    التعاون المغربي الموريتاني يُطلق تهديدات ميليشيات البوليساريو لنواكشوط    ترامب يطلق أكبر عملية طرد جماعي للمهاجرين غير النظاميين    توقيع عقد مع شركة ألمانية لدراسة مشروع النفق القاري بين طنجة وطريفة    كرسي الآداب والفنون الإفريقية يحتفي بسرديات "إفا" في أكاديمية المملكة    بالصدى .. بايتاس .. وزارة الصحة .. والحصبة    الدرك الملكي يحجز طن من الحشيش نواحي اقليم الحسيمة    على خلفية مساعي ترامب لزيادة حجم الإنتاج...تراجع أسعار النفط    دوامة    معرض فني جماعي «متحدون في تنوعنا» بالدار البيضاء    الفنانة المغربية زهراء درير تستعد لإطلاق أغنية « جاني خبر »    رواية "المغاربة".. نفسانيات مُركبة    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    الذكاء الاصطناعي.. (ميتا) تعتزم استثمار 65 مليار دولار خلال 2025    محاكمة بعيوي في قضية "إسكوبار" تكشف جوانب مثيرة من الصراع الأسري لرئيس جهة الشرق السابق    ترامب يرفع السرية عن ملفات اغتيالات كينيدي ولوثر كينغ    مهدي بنسعيد يشيد بحصيلة الحكومة ويدعو لتعزيز التواصل لإبراز المنجزات    الصيد البحري : تسليم 415 محركا لقوارب تقليدية لتحسين الإنتاجية والسلامة البحرية    تركيا..طفلان يتناولان حبوب منع الحمل بالخطأ وهذا ما حدث!    إضراب عام يشل حركة جماعات الناظور ليوم كامل احتجاجا على تغييب الحوار    العطلة المدرسية تبدأ مع طقس مستقر    معهد التكنولوجيا التطبيقية المسيرة والمعهد المتخصص في الفندقة والسياحة بالحوزية يحتفيان بالسنة الأمازيغية    السلطات البلجيكية تحبط محاولة استهداف مسجد في مولنبيك خلال صلاة الجمعة    اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس: خطوة أولى نحو السلام أم محطة مؤقتة في طريق الصراع؟    تراجع التلقيح ضد "بوحمرون" إلى 60%.. وزارة الصحة في مرمى الانتقادات    "الطرق السيارة" تنبه السائقين مع بدء العطلة المدرسية    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى: مشروع قانون الإضراب غير عادل    تعيين الفرنسي رودي غارسيا مدربا جديدا لمنتخب بلجيكا    بورصة البيضاء تفتتح التداول بارتفاع    الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة…انتشار حاد لفيروس الحصبة وفقدان أرواح الأطفال    نادي أحد كورت لكرة السلة يحتج على قرار توزيع الفرق في البطولة الجهوية    تنفيذا لتعهدات ترامب .. أمريكا ترحل مئات المهاجرين    لقجع ينفي ما روجه الإعلام الإسباني بخصوص سعي "فيفا" تقليص ملاعب المغرب خلال مونديال 2030    العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية تعقد اجتماع مكتبها المديري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    مايك وان" يُطلق أغنية "ولاء"بإيقاع حساني    رقم قياسي .. أول ناد في العالم تتخطى عائداته المالية مليار أورو في موسم واحد    سيفعل كل شيء.. سان جيرمان يريد نجم ليفربول بشدة    جوائز "الراتزي": "أوسكار" أسوأ الأفلام    تألق نهضة بركان يقلق الجزائر    الحكومة تحمل "المعلومات المضللة" مسؤولية انتشار "بوحمرون"    عبد الصادق: مواجهة طنجة للنسيان    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دبلوماسي اسرائيلي يكشف تفاصيل العلاقات السرية بين بلاده ومصر
نشر في بوابة قصر السوق يوم 10 - 04 - 2011

مقرّ السفارة الاسرائيلية بالقاهرة
تفاخر بأنه أول من رفع علم تل أبيب في القاهرة ولم يخف استياءه من بيغن
كشف الدبلوماسي الاسرائيلي المخضرم ذو الاصول السورية يوسف هدس كواليس زيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل، وانطباعاته السرية عن قادة الدولة العبرية آنذاك، ورفض بيغن للتسوية أحادية الجانب مع الفلسطينيين. وشدد هدس على الفارق بين نظامي مبارك وبشار الأسد من الناحية الأمنية
القاهرة: قبل أن يعود الدبلوماسي الاسرائيلي يوسف هدس بذاكرته الى الوراء، ليزيح الغبار من فوق اوراق ذكرياته الدبلوماسية، لم يغفل اصوله السورية وعلاقته بالمصريين، إذ كان اول قنصل لبلاده في مصر، ورفع العلم الاسرائيلي للمرة الاولى في القاهرة، وقال حينئذ عبارته الشهيرة: "الان اصبح لنا بيت في القاهرة، وفي الغد القريب سيصبح للمصرين بيتاً لدينا في اسرائيل"، معرباً عن امله آنذاك ان يأتي اليوم الذي يتكرر فيه سيناريو العلاقة بين مصر واسرائيل مع الدول العربية جمعاء.
نظام مبارك ونظيره السوري
واختزل الدبلوماسي الإسرائيلي المخضرم حديثه عن ما يجري في سوريا بعبارة وجيزة، الا انها حملت ابعاداً ربما كانت اكثر مدلولاً من دراسات سياسية، إذ قال في حديث مع صحيفة ماكوريشون العبرية: "ان الاسد لن يتورع عن الافراط في استخدام القوة ضد شعبه، وان المجتمع الدولي سيتيح له تلك الفرصة، لأن سوريا ليست بالنسبة للغرب كالجماهيرية الليبية، إذ لا تحتوي المدن السورية على ثروة كبيرة من الابار النفطية".
وفيما يتعلق بعلاقة رأس النظام السوري بأجهزته الامنية، رأى هدس: "ان الاسد يسيطر جيداً على الجيش، والعلاقة بينه وبين مؤسسته العسكرية يختلف جملة وتفصيلاً عن علاقة الرئيس المصري السابق حسني مبارك بالجيش، إذ اعتمد الاخير في حمايته لنظامه على جهاز الامن الداخلي المصري، الا ان الاسد يضع نفسه في معية الجيش، ولذلك لن يكون من السهل الاطاحة برأس النظام السوري بنفس السهولة التي أطاحت بنظام مبارك".
لم ينس الدبلوماسي الاسرائيلي انه في يوم الاثنين الموافق الثامن عشر من شهر شباط/ فبراير عام 1980، كان الشخصية التي حظيت – على حد قوله – بشرف رفع العلم الاسرائيلي للمرة الاولى في التاريخ على مقر سفارة بلاده في العاصمة المصرية القاهرة، غذ عينه رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق مناحيم بيغن قنصلاً للدولة العبرية في القاهرة، وبعد رفع العلم الذي اعتبره مهمة قومية، وقف في نافذة الطابق الاول بالعقار الذي يحوي مقر السفارة الاسرائيلية بمصر، وملأ صدره بهواء نيل القاهرة العليل، وقال امام الحضور وطاقم السفارة: "من اليوم لنا بيت في مصر، وقريباً سيكون لمصر بيتاً في اسرائيل". معرباً عن ان ينضم باقي زعماء الدول العربية الى عملية السلام.
وبعد 31 عاماً عاد يوسف هداس بذاكرته الى الوراء، بعد ان صدر له مؤخراً كتاباً يتضمن سيرته الذاتية بعنوان "بين حلب والقدس"، ولم يُخف هدس استياؤه وخيبة أمله عندما قال في حديثه للصحيفة العبرية: "لم يثاورني الشك بأن السلام سيخلق مشاعر الحب بين مصر واسرائيل، غير انني كنت اتوقع ايضاً ان يكون هناك تقارباً فيما بينهما أعمق وأكثر من ذلك". وأتبع قائلاً من منزله في "مفريشت صهيون" باسرائيل: "انني مفعم بالأسف على اننا لم نتعاط بمشاعر كافية مع العقلية المصرية، الأمر الذي حال دون ترسيخ سلام أكثر دفئاً".
يوسف هدس من مواليد مدينة حلب السورية، ويعد احد الدبلوماسيين الكلاسيكيين في اسرائيل، إذ خدم مع عشرة وزراء في الخارجية الاسرائيلية، وتولى منصب مدير عام الوزارة ذاتها بداية تسعينيات القرن الماضي. وعلى حد قوله لصحيفة ماكوريشون العبرية، لم يتوقع هدس في يوم من الايام ان يعمل في السلك الدبلوماسي، وانما كان يتطلع ليصبح مهندساً، فبعد ان انهى دراسته في العاصمة الفرنسية باريس عام 1951، عمل بوزارة الخارجية وواصل عمله بها لمدة اثنين واربعين عاماً.
معلومات عن سوريا ولبنان
وبسبب إجادته للغة العربية بدأ ممارسة عمله الدبلوماسي بوظيفة صغيرة، اقتصر نشاطه فيها على جمع المعلومات عن سوريا ولبنان لصالح وحدة الابحاث في الوزارة، وبعد ذلك قرر تغيير اسمه من "عدس" الى هدس، عندما تم تعيينه مساعداً لوزير الخارجية الاسرائيلي الاسبق "موشي شاريت"، الذي كان ضيف شرف في حفل زواج هدس من زوجته "ستلا"، وخلال عمله في وحدة الابحاث، اعاد اكتشاف نفسه، عندما استشعر بعداً سياسياً في وجهات نظره، إذ حذر في احدى دراساته من نشاط وعلاقات الاتحاد السوفياتي السابق مع الدول العربية، غير ان احداً في الوزارة لم ينتبه الى تقديراته، وعن ذلك يقول في حديثه للصحيفة العبرية: "حينئذ حذرت، ولكن لم يكن بوسعي ان اجزم بان هذه العلاقات كانت سبباً في حرب 1948. وفي عام 1960، بعد تسع سنوات قضاها في الخارجية الاسرائيلية، تم ايفاده سكرتيراً ثانياً ونائباً لقنصل اسرائيل في سفارتها لدى السنغال.
قبل الحديث المطول عن ذكرياته في العمل الدبلوماسي بأفريقيا، وضع هدس النقاط على الأحرف في عدد من الاشكاليات، ذات الصلة بمهامه الدبلوماسية ذات الصلة بمصر وعملية السلام، وما رصده خلال عمله من ملاحظات وصفها بانها خاصة جداً عن الرئيس المصري الراحل انور السادات، ففي ايامه الاولى من العمل كأول قنصل لتل ابيب في سفارة اسرائيل بالقاهرة، اوضح هدس في حديث صحافي، ان المهمة الاساسية للسفارة الاسرائيلية ستكون الوصول بالرأي العام المصري الى تفهُم الواقع في اسرائيل، بعد ما وصفه بعشرات السنين من التشويه لصورة الدولة العبرية، وبعد عمله أجاب على سؤال حول مدى نجاح السفارة الاسرائيلية بالقاهرة في تحقيق هذا الهدف، فأجاب: "على مستوى المصريين البسطاء، نعم نجحنا في ذلك، فعندما كانوا يرون اسرائيلياً كانوا يقابلونه بابتسامة عريضة، غير ان جمهور المثقفين المصريين، وذوي المناصب المصرية الرفيعة، الذين نشأوا على الثقافة القديمة المسيئة لاسرائيل، لم يستقبلونا كما كنا نأمل".
رئيس اسرائيلي يجيد العربية
وأضاف هدس: "لكننا استطعنا على الرغم من ذلك ان نعمل بكثافة من خلال الكشف عن تنمية العلاقات بشكل أكبر حيالهم، وتم ترجمة ذلك في الزيارة التي قام بها الرئيس الاسرائيلي الاسبق "يتسحاق نافون" الى القاهرة، وهى الزيارة التي عززت اواصر العلاقات بين الدولتين، فاعرب المصريون عن بالغ سعادتهم من استقبال رئيس اسرائيلي يجيد العربية بطلاقة، واستغل نافون ذلك جيداً، عندما تحادث مع المصريين عن جذور اسرته في المغرب، وتحدث عن هذه الجذور في مقر البرلمان المصري "مجلس الشعب" في القاهرة".
عندما شغل منصب السكرتير الاول للسفير الاسرائيلي في باريس، نظم "هدس"، بعيداً عن الطاقم القضائي جمعية للدفاع عن الجاسوس الاسرائيلي في سوريا "ايلي كوهين"، وعن ذلك يقول: "على الرغم ما بذلناه من جهود مضنية في هذا الصدد، الا اننا لم نتمكن من انقاذ الرجل الذي وصل الى اعلى المناصب في سوريا". ولم يقتصر نشاط هدس في فرنسا على ذلك، وانما كان للتقارير التي امد بها الخارجية الاسرائيلية بالغ الاثر في استصدار قرار سياسي وعسكري يقضي بشن حرب اسرائيلية متعددة الجبهات في حزيران/ يونية عام 1967 على دول عربية، ويقول هدس عن ذلك في حديثه لصحيفة ماكوريشون العبرية: "جزء من المعلومات الداعمة لحرب 67، حصلت عليه من مصادري الدبلوماسية الخاصة في فرنسا، بينما اقتبست الجزء الآخر من الصحف العربية التي اشتريتها من هناك قبل وصولها الى اسرائيل".
وفي عام 1971، ابلغ هدس – وكان في حينه مديراً لوحدة الابحاث في الخارجية الاسرائيلية – ابلغ عن مبادرة السلام التي حملها لاسرائيل الوسيط "غونار يارينغ"، وعلى حد قول هدس: "لم تطرح رئيسة الوزراء في حينه غولدا مائير المبادرة جانباً، غير انه اندلع نقاش وجدل حاد ف اسرائيل حول كيفية صياغة الرد على المبادرة، ووصل الحال الى نسيانها والانشغال بقضايا اخرى".

وفي رد على سؤال، هل كانت موافقة اسرائيل ستحول دون نشوب حرب تشرين الاول/ اكتوبر عام 73، قال هدس في حديثه لصحيفة ماكوريشون: "كل شيئ وارد وغير مستبعد، ولكننا وضعنا في انفسنا اننا دولة عظمى عالمية، وعندئذ لم نقدر السادات جيداً، كما ان العالم اجمع لم يقدر هذا الرجل، إذ ان كافة الانطباعات عنه كانت لا تخرجه من زاوية، انه رجل عسكري عاش في كنف نظام عبد الناصر، واعتقد الجميع انه شخصية شاحبة سياسياً وعسكرياً". عندئذ عاد هدس الى سفارة بلاده في باريس، غير انه اصبح في هذه المرة ممثلاً دبلوماسياً، وعشية حرب "الغفران" السادس من تشرين الاول/ اكتوبر عام 73، استضاف رئيسة الوزراء الاسرائيلية غولدا مائير في سترسبورغ، إذ كانت الأخيرة في طريقها الى فيينا للقاء المستشار النمساوي آنذاك "كرايسكي"، وعن تلك الاستضافة يقول: "لم تكن هذه غولدا التي عرفتها، فكانت تحبني جداً منذ عملي تحت قيادتها عندما كانت تتولى حقيبة الخارجية، فبدت شاردة الفكر منزعجة، كأنما هناك عبئاً ثقيلاً تحمله على اكتافها".
حكم ذاتي للفلسطينيين ورفض بيغن

ويقفز هدس من الحديث عن تلك الواقعة الى عام 1977، عندما طلب منه وزير الخارجية الاسرائيلي الجديد في حينه "موشي ديان" اعداد توصيات بشأن التوصل الى تسوية حكم ذاتي احادية الجانب مع الفلسطينيين، وكان هذا الطلب جيداً على حد قول هدس، وكانت فرصة طيبة للتوصل الى تلك التسوية، الا ان رئيس الوزراء مناحم بيغن عارض هذه التسوية، وكان الرئيس المصري الراحل انور السادات قد طرح الفكرة ذاتها على بيغن، الا ان موقف الاخير كان متشدداً، وربما افضى ذلك الى توقيع المصريين اتفاق سلام منفرد مع اسرائيل.
بالاضافة الى تلك المعطيات كان يوسف هدس في صدارة الصفوف، التي وقفت في مطار بن غوريون لاستقبال الرئيس المصري الراحل انور السادات خلال زيارته لاسرائيل، كما كان هدس ضالعاً في المباحثات التي اجرتها اسرائيل مع المصريين خلال الزيارة.
وفجر هدس قنبلة من العيار الثقيل عندما اشار في حديث للصحيفة العبرية الى انه علم من مصدر مطلع ما كان يهمس به السادات في أذن الوفد المصري المرافق له، حول انطباعاته عن الشخصيات القيادية الاسرائيلية التي التقاها، وعن ذلك يقول: "ابلغني احد الاسرائيليين الذين اقتربوا من السادات خلال الزيارة انطباعات الرئيس المصري، التي قال عنها لمرافقيه المصريين: الرئيس الاسرائيلي قصير القامة، وهو عالم وليس سياسياً، اما رئيس الوزراء مناحم بيغن وعلى العكس من اعتقادنا، فبدا دمس الأخلاق، ولم نر ارهابياً امام اعيننا، وبالنسبة للجنرال موشي ديان فكان لطيفاً وليس مخيفاً، بينما بدا الجنرال فايتسمان متمتعاً بروح الدعابة والمرح، اما الجنرال اريئيل شارون فلاحظنا انه رجل يحب الأكل والشراب بشراهة، وبالنسبة لغولدا مائير فلم تبدو مثل "ساحرة" كما وصفوها دائماً، وانما بدت كجدة مبتسمة".
وفي رده على سؤال، هل كان المصريون يحرصون على السلام، ام انهم كانوا يسعون الى استرداد سيناء فقط؟، فأجاب هدس في حديثه لصحيفة ماكوريشون: "السادات كان حريصاً جداً على التوصل الى سلام، غير اننا لاحظنا ان الوفد المرافق له خلال الزيارة التاريخية لم يكن يثق بنا مطلقاً". وكان هدس مسؤولاً عن تطبيق اتفاق السلام بين بلاده ومصر في مجالات مختلفة، الا انه لم يصدق ما شاهدته عيناه، إذ يقول: "خلال الفترة التي استغرقت ما يقرب من سبعة اشهر، حتى افتتاح سفارتنا في القاهرة، قام 35 الف اسرائيلي بزيارة مصر، وفي المقابل لم يزورا اسرائيل بنفس الكم، فلم يهرولوا الى زيارتنا كما هرولنا نحن اليهم، وعندما سألت رجل اعمال مصري عن اسباب عدم زيارته لنا في اسرائيل قال: ما الذي يفيدني من زيارة اسرائيل، وما الذي سأبحث عنه هناك، هل ازورها لمجرد القيام برحلة؟

بعد توقيع اتفاق السلام بين مصر واسرائيل، اصيب هدس بخيبة أمل على المستوى الشخصي، ففي اعقاب المهام الجسام التي قام بها على هذا الصعيد، توقع انه سيكون اول سفير يتم تعيينه في القاهرة، ولكنه تم تعيينه قنصلاً فقط، بينما تولى المنصب الذي كان يتطلع اليه "إلياهو بن اليشر"، وامام هذه الخطوة حاول هدس الابتعاد عن الصورة، غير انه في اعقاب زيارة قام بها بيغن للقاهرة دعاه الاخير الى الجلوس بجواره في الطائرة، التي كانت تقله في طريق العودة الى اسرائيلن وطلب منه الاكتفاء بمنصب القنصل، وعن هذا الموقف يقول هدس: "لم يكن من اللائق رفض طلب رئيس الوزراء بيغن"، ولكنه انهى عمله في القاهرة بعد اربعة اشهر فقط.
غولدا مائير والدول الافريقية
ويعود يوسف هدس للحديث عن مهامه الدبلوماسية في افريقيا، ويقول ان اسرائيل دخلت القارة السوداء بطريقة صحيحة بشكل عام، فكانت الدول الافريقية في حاجة لمن يقودها سياسياً واقتصاديا وربما عسكرياً، ويقتبس هدس فقرة من كتابه "من حلب للقدس" جاء فيها: "عندما سألت رئيسة احدى المنظمات النسائية في السنغال رئيسة الوزراء غولدا مائير، ما الذي ينبغي على السنغال عمله خلال السنوات الاولى من استقلالها، ففكرت غولدا لدقيقة وقالت: انكم اليوم كمن يقف على سُلم، فلا تصعدوا درجات السُلم وتطلبوا من الشعب الصعود للوصول اليكم، ولكن اهبطوا انتم وخذوا باياديهم ليصعدوا معكم".
وحول انطباعاته عن السنغال عندما عمل لديها دبلوماسياً في سفارة اسرائيل بدكار، يقول هدس في حديثه للصحيفة العبرية: "وصلت الى السنغال وبدت امام عيني دولة تنموية نسبياً، وكانت مدينة دكار جميلة ويقطنها ما يقرب من 50 الف من البيض، غير انني دُهشت عندما رأيت يوم الجمعة اعداداً غفيرة من الناس يوقفون سياراتهم وينزلون منها ليؤدون الصلاة في الشوارع، بعدها تخيلت انني في دولة عربية اسلامية ولست في افريقيا".

وامام تجاوب بعض الدول الافريقية لاقامة ممثليات اسرائيلية على اراضيها، رفضت دولاً اخرى طلب من وصفوها ب "الامبريالية الاسرائيلية"، وزاد الرفض بعد تكوين كتلة دول عدم الانحياز، حتى ان الدولتين اللتان كانتا تقيمان علاقات دبلوماسية مع تل ابيب وهما النيغر ومالي، لم تستانفا علاقتهما الدبلوماسية، بعد انقطاعها إبان حرب "الغفران"، في السادس من تشرين الاول/ اكتوبر عام 1973، وعن ذلك التحول يقول هدس: "شعرت بخيبة أمل بالغة، خاصة انني عملت في السنغال كممثل دبلوماسي لاسرائيل، وفي مالي عملت مدرساً للجغرافيا والرياضيات الى جانب عملي، وعندما تم ايفادي الى ملاوي وهى احدى المناطق في زائير، التي كانت في حينه معروفة ب "الكونغو البلجيكية"، دعاني قائد اركان الجيش "موبوتو" الذي تولى رئاسة البلاد لفترة، وطلب مني تدريب عدد من عدد من الجنود المظليين في اسرائيل، كما طلب الجنرال عينه الحصول على دورة تدريب خاصة به في اسرائيل شريطة الا تستغرق اسبوعاً فقط، ولم اتردد في تنفيذ طلبه دون مقابل، وامام مقاطعة الافارقة لم اعتبره موقفاً شخصياً، خاصة عندما بت على قناعة بأن هناك ظروف معينة حالت دون استمرار تلك العلاقات".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.