يكتسحني مشهد النور، ويرتعش قرار نفسي. هذا عاشق الطبيعة، أمير الجنان بأبهى ملبس يتهادى في خيلاء، وفي هذب الجفون يُرسي، مستحليا عذوبة الحقول… أشرق في الظلماء كالبدر رائقا عسجديا، يلف خاصرة العذراء. فوق الأديم السنيِّ البراء، يسري في البطاح شجي الغناء، يدغدغ بواكر أفكاري ويجس نبض ارتباكي، وضر سهادي الجاثم. يسألني عن حال أمسي، وعن نشوة فارقت مجلسي، بنبرة من كلمات تهنئني، تشاركني سمر الآهات، وتذروني في ساحة أُنسي، مع الزهر عطرًا يفوح يمسح الأفق والعتمات، ويفرغ أقداح أساي، ويعيد إليّ البسمات. فقلت له في دجى الليل يا رسولا من غير وعد كيف جئت تطرق كياني، وتكسو بزهرك العذب بستاني؟ كيف غدوت حلما وأميرًا للورد، تستظل بفيئك نسمةُ العطر؟ كيف صرت للروح بلسمًا، ونفحة يغار منها طيب الزهر؟