ليست اللغة العربية هي أفضل اللغات، لكون بعض الناس يربطون عملية التفضيل بإنزال الله تعالى للقرآن بهذه اللغة والهدف هو فهم العرب لكلامه تعالى الذي أنزله على رسوله الذي أسندت إليه مهمة التبليغ. والحقيقة أن الحق تعالى لم يرسل رسولا إلا بلسان قومه، "فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون" (الدخان،58) . وقوله أيضاً: "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم" (إبراهيم،4). "وقد أنزل سبحانه التوراة والإنجيل والزبور، وكلم موسى عليه السلام بالعبرانية، وأنزل الصحف على إبراهيم عليه السلام بالسريانية، فتساوت اللغات في هذا تساويا واحدا." ( أنظر: ابن حزم، الإحكام، المجلد1،ص:34 وعلى هذا الأساس فإنه لا وجود لمبررات موضوعية أو منطقية تجعل من لغة ما أفضل من أخرى لكونها وليدة للتنشئة والبيئة الإجتماعية، وكذلك هو شأن عملية تعقيدها أو سهولتها. وبالمثل أيضاً يصعب الحديث عن لغة بدائية وأخرى حية أو ميتة إلا من خلال عدد المتكلمين بها داخل العالم وفي علاقتهم بالآخرين الناطقين بنفس اللغة. والنتيجة أن قول بعضهم بأن لغة أفضل من أخرى بمرجعية عملية التواصل والكلام المرتبط بعدد المتكلمين هو كلام ذو أساس إجتماعي وإيديولوجي، بل إن مسألة كمال اللغة وعدم كمال أخرى أو قوة لغة وضعف أخرى، هو مجرد حكم ذاتي يرتبط بلباس اللغة وجماليتها وليس حكما ماديا واقعيا يرتبط بالمكون العلمي للغة وهذا ما بينته الدراسات اللسانية المعاصرة.