مقارنة بسيطة بين تطور الحفلات والأعراس في المغرب و تطور الإبداع الفني والأدبي في البلد تبرز الهوة السحيقة بين الإثنين حتى لا نقول القطيعة لصالح الأعراس طبعا ؛ فتطور الأعراس في المغرب وليد تطور رأسمالية المناسبات والتي انتعشت بفضل الرغبة الدفينة والمعلنة في التباهي بالمال والجاه في المناسبات سواء تعلق الأمر بالأفراح أو بالأتراح والتصريح بالممتلكات ولم لا تبييض الأموال لأن تكلفة الأعراس في بعض الحالات تفوق تكلفة شراء عقار محترم. الخوض في موضوع كهذا يتطلب دراسات سوسيولوجية معمقة لتفسير الظاهرة والمقام لا يسمح لأن أسباب النزول مختلفة فالمسألة لا تتعلق بعرس بالمفهوم الكلاسيكي للكلمة وإنما ببرنامج وهنا لا أقصد برنامج لالة العروسة الذي يتكلف بإقامة حفل زفاف أسطوري للأزواج الحديثين الذين يجتازون محطات معينة هم وعائلاتهم من أجل التتويج..والأمر لا يتعلق بحفلات الزفاف الجماعية التي تنظمها بعض الجمعيات في المغرب لفائدة الشباب العاجزين عن آداء تكاليف الزواج..هذة المرة تفتقت قريحة إذاعة عن برنامج يحتفي بالأزواج الذين لم تسمح لهم الظروف بإقامة العرس واكتفوا بلمة عائلة .إشهار البرنامج يسيطر على الإذاعة طيلة النهار أغاني الزفاف وأزواج يقدمون أنفسهم بطريقة مثيرة للشفقة مستغلين أطفالهم الذين تم الزج بهم في الحكاية من أجل تحفيز المستمعين على التصويت لعائلاتهم، بحيت تسمع متمنيات بفوز العائلة بالعربية والفرنسية وقصص سريالية عن الزواج وظروف عدم إقامة الحفل الأسطوري .تسمع حكايات من قبيل موت ام الزوجة او الزوج وأشياء من قبيل "أنا عمرني ما مديت يدي الحنة وبقى في الحال ومن ديك الساعة وانا ما كنقدرش نحضر لشي عرس ساعدوني باش نحقق هاد الحلم" وزوج يصرح أنه شارك فالبرنامج ويريد أن يفوز باش يحضرو ليه أولادو الأربع العرس ويفرحو كاملين معاه . وزوج يقول "ديرو بحساب دموع مراتي وصوتو لينا.. كل هذا مفهوم في مجتمع تمت برمجته على المظاهر الفارغة وثقافة الاستجداء البئيسة لكن ما ليس مفهوما هو أن تعد إذاعة برنامجا فارغا والأكيد أن له مدعمين كبار لتضع الحناء على يد امراة تزوجت قبل عشرين سنة وتدور بها فالعمارية خارج الزمن.وأنا أتابع أطوار هذا البرنامج طرحت السؤال الحارق الذي أطرحه كل يوم لماذا نعاني كل هذا القصور في الإبداع كمغاربة ؟ هل المغاربة عاجزون عن خلق برامج بتصورات أصيلة خارج الدقايقية والعمارية والأواني الفاخرة التي يتفنن في جديدها ممولو الحفلات؟ ماذا لو كلفت الإذاعة نفسها ابتداع برنامج أصيل يستفيد فيه أبناء هذا الوطن الذين تمنعهم ظروفهم المادية من الدراسة وكلنا نعلم أن أبناء الطبقة الكادحة النبغاء يتعثرون في غالب الأحيان حين يتعلق الأمر باجتياز مباراة خارج الوطن لاعتبار مادي محض، فيتم إقصائهم من مسارات لامعة بسبب الفقر ماذا لو خصصت هذه الإذاعات برنامجا يرعى هاته الفئات ونصوت لها كي تفوز وتفوز معها شركات الاتصال التي ترعى هذه البرامج ويفوز معها وطن بأكمله وهو يساند جزء من طاقاته ونردد معهم ألف هنية وهنية فازت شابة من أنركي بالجائزة أو شاب من أوسرد أو تيفلت أو من أي منطقة في هذا الوطن المفتون بالأعراس حد الهوس والذي يطور وسائل التباهي بسرعة فائقة أكثر من أي شيء آخر فيه الفايدة وليس لدينا مشكل أن يأتي الدقايقية والنكافات والطريطورات والنقاشات لإحياء حفل النبوغ لأننا عاجزون عن الفرح دون ضجيج..على فكرة يمكنك سيدتي أن تبدين في حلة عروس رائعة فوق العمارية فقط بالفوطو شوب .كبّري الصورة وضعيها بغرفة النوم أو في الصالون واذهبي لأي ساحة في مدينتك وستجدين النقاشات بالجملة ومدي يديك للحناء والله المعين.